جديد الموقع

كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما

 

 

التالي
السابق

كتبوا في السينما

سينما المقاومة في فلسطين

«الحس» للإيطالي فيسكونتي

يسري نصر الله: أفلامي بسيطة وشديدة الخصوصية

غودار: نحن أقرب إلى نقطة النهاية لأننا عاجزون عن الكلام

سبعةٌ وخمسون فيلماً من واحد وثلاثين بلداً في <<مهرجان بيروت الدولي للأفلام الوثائقية>>

محمد هاشم: هناك جمهورٌ واحدٌ للنشاطات الثقافية كلّها في لبنان

نديم جرجورة

تُفتتح الدورة السابعة ل<<مهرجان بيروت الدولي للأفلام الوثائقية>> الثامنة مساء الأحد المقبل في السادس من تشرين الثاني الجاري في <<قصر الأونيسكو>>، بعرض فيلم <<آشاق، قصص من الصحراء>> للمخرجة السويسرية أولريكي كوش (لها فيلم أول بعنوان <<رجال الملح في التيبت>>)، التي لم يتمّ تأكيد مشاركتها في حفلة الافتتاح هذه بعد، إذ إنها تصوّر فيلماً جديداً لها. علماً أن <<ارتجال>> للمخرج الفلسطيني رائد أنضوني يُعرض في حفلة الختام، التي تُقام الثامنة والنصف مساء السبت في الثاني عشر من الشهر نفسه في <<مسرح المدينة>>، حيث تُعرض الأفلام المشاركة كلّها.

اختارت إدارة المهرجان سبعة وخمسين فيلماً من واحد وثلاثين بلداً لدورتها الجديدة هذه، إلى جانب نشاطات متنوّعة لعلّ أبرزها البحث في شؤون صناعة الفيلم وشجونه، وفي سبل تطويرها في العالم العربي تحديداً. إلى جانب المحطّتين التلفزيونيتين الأساسيتين (العربية <<الجزيرة>> والفرنسية <<تي في 5>>) اللتين تُعتبران <<شريكين استراتيجين للمهرجان>>، انضمّت الصحيفة اللبنانية اليومية <<السفير>> في الدورة السابعة ك<<شريك استراتيجي ثالث>>، بحسب ما جاء في <<رسالة المهرجان>> المنشورة في مقدّمة الكتيّب الخاصّ بالدورة الجديدة.

يُذكر أن لجنة التحكيم الرسمية تألّفت من اللبنانية المصرية عرب لطفي والدانماركي تو ستين مولّر والإيطالي لوكا ماتشيوكّا والعراقي المقيم في ألمانيا قيس الزبيدي والبرازيلية آنّا غلوغوفسكي.

قبل أيام قليلة على افتتاح الدورة المذكورة، أجرت <<السفير>> حواراً مع محمد هاشم، مؤسّس المهرجان ومديره العام، هنا نصّه:

·         ماذا بعد سبعة أعوام على ولادة المهرجان؟

يتطوّر المهرجان عاماً إثر آخر. أعتقد أن هناك عنصرين مهمّين فيه: أولاً، الأفلام المختارة لبرنامج الدورة الجديدة هذه هي نفسها الأفلام التي شاركت في عدد مهمّ من المهرجانات الدولية. ثانياً، هناك النشاطات الموازية للمسابقة الرسمية ولعروض الأفلام: في الأعوام الفائتة، أقيمت ندوات متفرّقة، في حين أننا جمعناها كلّها في هذه الدورة تحت عنوان واحد هو: <<ملتقى بيروت للأفلام الوثائقية>>. فنحن اكتشفنا، في الدورات الفائتة، العوامل كلّها التي يحتاجها تنظيم ملتقى ما بالشكل الصحيح.

أودّ هنا أن أتوقّف قليلاً عند أبرز ما يتضمّنه هذا الملتقى: يعرف العاملون في المجال السينمائي أن هناك أزمة بين المنتج والمخرج، ليس بمعنى أنهما يكرهان بعضهما بعضاً، بل يبدو الأمر أصعب من ذلك، إذ إنهما لايعرفان بعضهما البعض. أي، لا وجود للغة مشتركة بينهما، ولا وجود، أصلاً، لمساحة مشتركة تسمح بأن يلتقيا معاً. لهذا، حاولنا العثور على حلّ، يكمن في إيجاد مساحة للّقاء بين طرفي عملية الإنتاج: الطرف الأول هو المختص بالرؤية الإبداعية (أي المخرج)، والطرف الثاني يتمثّل في ثلاثة أنواع: المنتج والموزّع والمحطّة التلفزيونية، أي الرأسمال ومالك وسيلة البثّ والنشر.

في خلال اللقاءات المتنوّعة التي يتيحها تنظيم هذا الملتقى، يتعرّف المشاركون فيه على تجارب دولية عدّة في هذا المجال، من حيث ديناميكية الصناعة، وكيفية عملها في أوروبا، وسيبحثون في مسألة المقاييس وتوحيدها، وفي تقييم المال الخاصّ بالعمل الإبداعي (مثلاً: كيف يتمّ تحديد <<الثمن>> المالي لهذا الفيلم أو ذاك)، والنقابات ومعاهد التدريب والتدريس والقوانين والرقابة وتشجيع الدولة على الاستثمار بهذه الصناعة. كما سيبحث المشاركون في موضوع الصحافة ودورها النقدي والإعلامي. هناك أيضاً، في داخل الملتقى، منتدى للإنتاج، حيث يستعرض عدد من المخرجين العرب والأجانب مشاكلهم أمام المنتجين العرب والأجانب، بهدف تأمين المال اللازم لإنتاج الأفلام، وآلية تمويلها.

تطوّر المهرجان طبيعيٌ

·     إذاً، هذه صورة عامّة للدورة الجديدة، يُمكن اعتبارها بمثابة خلاصة ما لعدد من التجارب المتتالية. لكن، هل هناك مآخذ معينة على الدورات السابقة تمّ تلافيها في هذا العام؟

أعتقد أن مشاكلنا نتيجة موضوعية للبيئة التي نشتغل فيها، أي بيروت. إضافة إلى هذا، فإننا نتطوّر ونتعلّم شيئاً فشيئاً، وبشكل طبيعي. لا أقول إننا أخطأنا، بقدر ما أرى أن تطوّرنا طبيعيٌ، يسمح لنا بأن نتعلّم من هذه التجارب التي نمرّ بها.

·     هل ترى أن المهرجان توصّل إلى تثبيت العلاقة المطلوبة بينه وبين الجمهور اللبناني؟ بمعنى آخر، هل تعتقد أن الجمهور اللبناني المهتمّ بالسينما يهتمّ أيضاً بالفيلم الوثائقي؟

هناك جمهور واحد للنشاطات الثقافية كلّها في لبنان. لا نستطيع القول إن هناك جمهوراً للمسرح وآخر للأدب وثالث للسينما. إنه هو نفسه مهتمّ ومعنيّ بالنشاطات كلّها التي تقام في بيروت. نحن جزءٌ من هذه النشاطات التي يتابعها الجمهور.

الهدف أن نصل إلى جمهور أوسع، أن نستقطب جمهوراً إضافياً وفئات أخرى متنوّعة. لكن هذا الأمر يتطلّب البحث عن أجوبة لأسئلة عدّة: كم هو عدد الصالات التي تستضيف نشاطات كهذه، وما هو توزّعها الجغرافي على مساحة هذه المدينة؟ هذه نقطة أولى أراها أساسية، لأني لا أزال مصرّاً على إحياء المهرحان في بيروت، وتحديداً في شارع الحمراء. النقطة الثانية: الدعاية والإعلان اللذان يسمحان للناس بالتعرّف على نشاطك، ليس فقط بالنسبة إلى هذا المهرجان. النقطة الثالثة تُكمل السابقة عليها: فنحن نتناول أيضاً مسألة الترويج لهذا النوع من النشاطات الثقافية والفنية، من خلال السؤال عن دور المحطّات التلفزيونية، التي لا تزال تعتبر الريبورتاجات والمقابلات التي تعرضها على شاشاتها المتنوّعة <<أفلاماً وثائقية>>.

جغرافية أوسع

·     إذا أردت استقطاب جمهور أوسع، من فئات أخرى، أفلا يجدر بك التفكير بالخروج قليلاً إلى مناطق جغرافية غير بيروت والحمراء، مثلاً؟

أجل، لكن هذا مرتبط بتوفر الصالات. أعتقد أن مشروع <<دوّار الشمس>> متميّز من هذه الناحية لأنه موجود في مكان جغرافي مفتوح على تنوّع اجتماعي وثقافي. هناك جغرافية نخبوية للنشاطات الثقافية: حين تقوم بنشاط ما، فإنك مضطرّ للتعامل مع مكان واحد يضمّ صالات وأمكنة خاصّة بهذا النشاط. لكن، حين يؤسَّس مكان في حيّز جغرافي يقع عند مداخل الضاحية الجنوبية وفرن الشباك وعين الرمانة وبدارو، بتنويعاتها الاجتماعية والاقتصادية المختلفة، فهذا أمر حسن يُفترض به أن يحثّك ليس على نقل نشاطك إلى هذه البقعة الجغرافية فقط، بل على أن تمتدَّ بنشاطك إلى هذه المناطق.

بهذا المعنى، يُمكن القول إن جمعية <<شمس>> أسّست البنية التحتية لهذا النوع من الانتشار الجغرافي للنشاطات الثقافية والفنية.

·         هل هناك أفكار مطروحة للمستقبل من خلال الإعداد لهذه الدورة؟

في مرحلة تحضير كل دورة، تطرأ أفكار يُمكن تنفيذها في دورات لاحقة. هذا ما حصل في فترة التحضير لدورة هذا العام، إذ طرأت أفكارٌ ستجد طريقها إلى التنفيذ في الدورات اللاحقة: أولاً، وصلتُ إلى قرار يقضي بإلغاء مسابقة أفلام الطلاب الجامعيين. ثانياً، هناك مشروع يقضي بالإضاءة على تجربة بلد معين في كل دورة، بأن نعرض أفلاماً قديمة وجديدة تلخّص تجربة هذا البلد في مجال الفيلم الوثائقي. ثالثاً، إصدار مطبوعات متخصّصة بالفيلم الوثائقي، بجوانبه الإبداعية والصناعية والتقنية المختلفة، علماً أن تنفيذ هذا القرار مرتبط ببلورة الإمكانيات (المالية وغير المالية) المطلوبة في هذا المجال.

·         ما الذي دفعك إلى التفكير بإلغاء مسابقة أفلام الطلاب؟

هناك نوعان من أفلام الطلاب التي نحصل عليها في كل دورة: يُمكن للأول أن يشارك، بكل سهولة، في مسابقة المحترفين، والثاني مجرّد مشاريع جامعية أفضّل أن تبقى في داخل الجامعة. سيكون هناك مسابقة واحدة، بصرف النظر عن كيف أُنتج هذا المشروع وأين.

ما يحدث حالياً هو أن الطلاب ينجزون أفلام التخرّج وسرعان ما يطرحون أنفسهم <<مخرجين>>، ويبدأون بمراسلة مهرجانات سينمائية متنوّعة للمُشاركة فيها، بدل أن ينصرفوا إلى تطوير وسائل تعبيرهم وبلورة ثقافتهم العامة في مجالات المعرفة المختلفة.

أحاول، بإلغاء مسابقة أفلام الطلاب، أن أخطو خطوة ولو صغيرة باتجاه غربلة جدّية لما تنتجه الجامعات من أفلام طالبية. أحاول أن أفسح مجالاً حقيقياً أمام أفلام طالبية متميّزة وواعدة وجادّة، وإن ظلّ عددها قليلاً.

معاندة المألوف

·         ماذا اخترت كفيلمي الافتتاح والختام؟

بالنسبة إلى افتتاح الدورة السابعة، اخترت فيلم <<آشاق، قصص من الصحراء>> للمخرجة السويسرية أولريكي كوش، الذي يتحدّث عن الطوارق في الصحراء الكبرى في أفريقيا. أُنتج في العام 2004، وسيُعرض في بيروت (قصر الأونيسكو) بنسخة 35 ملم في السادس من تشرين الثاني الجاري. أما سبب اختياري له فيكمن في أن إيقاعه هادىء يتناقض مع واقعنا البصري ومع كل ما نشاهده. إن المَشَاهد التي نراها يومياً سريعة تُسبّب ضغطاً على المرء. هذا الفيلم يكسر هاتين الحدّة والسرعة، ويفتح نافذة لتنشّق هواء تجربة شعب يجمع بساطة العيش بحكمة الحياة.

أما فيلم الختام، فهو <<ارتجال>> للمخرج الفلسطيني رائد أنضوني، الذي يروي فيه حكاية ثلاثة أخوة (سمير ووسام وعدنان جبران) من مدينة الناصرة يجمعهم العزف على العود، وتفرّقهم أطباعهم وطموحاتهم. أحببتُ الفيلم، لأنه يُقدّم مشهداً حقيقياً بعيداً عن الشعارات والبروباغندا. إنه فيلم فلسطيني من دون أن يتناول الكليشيهات الفلسطينية المعتادة في أفلام فلسطينية كثيرة. واخترته، لأنني أؤمن بأن الشعب الفلسطيني لا تصنعه النكبة، فهي ليست إلاّ مرحلة يُمكن أن يمرّ بها أي شعب. حتى عندما يحكي هذا الفيلم عن الوطن، لا يسقط في متاهة الخطابية المعتادة والبكائيات المتداولة.

أودّ التوقّف هنا عند الملصق الخاصّ بالدورة السابعة، فهو عبارة عن نافذة يُطلّ منها شخص تحوّل رأسه إلى شاشة تلفزيون مشوّشة، تعبيراً عن السأم من المواد البصرية كلّها التي تُبثّ يومياً بكثافة مزعجة ومقلِقة. أعتقد أن فيلمي الافتتاح والختام يناقضان هذا الواقع، ويؤكّدان المعنى المطلوب في الملصق، الذي يقول: هناك شاشة تدّعي ما هو غير موجود في الواقع الذي ليس كما تدّعيه الشاشة. الواقع فيه حميمية أكثر وإنسانية أكبر، بينما الشاشة لا تلتقط هذا الواقع، بل ما يُسهّل عملية البيع والشراء فقط.

السفير اللبنانية في 3 نوفمبر 2005

إعلان موت

نديم جرجوره  

لا يُمكن اعتبار البيان الذي أصدرته <<نقابة الفنيين السينمائيين في لبنان>> مؤخّراً بمثابة إطلاق عملية إصلاح جذري مطلوب منذ سنين طويلة، لأنه لم يُقدّم مشروعاً تجديدياً، بقدر ما بدا استمراراً للخلل الحاصل في بنية النقابة وآلية عملها. ذلك أن مسؤولي النقابة وجدوا في إقرار مشروع قانون تنظيم المهنة قريباً حجّة لإعلان وجودهم على رأس نقابة آيلة إلى الأفول، فاستغلّوا <<الفرصة الذهبيّة>> هذه كي يُطلقوا صرخة احتجاج على الفوضى والاهتراء اللذين يتحكّمان في جسد المهنة وروحها، بتوجّههم إلى القطاعات المختلفة العاملة في مجالي السينما والتلفزيون (!)، مطالبين مسؤوليها بضرورة التنسيق مع النقابة في تنفيذ المشاريع الفنية المتنوّعة، بدل أن تبقى الساحة <<سائبة>>، وبدل أن يبقى تقنيون وفنيون لبنانيون عاطلين عن العمل (!)، في حين أن <<عمّالاً>> أجانب يستفيدون من الفراغ اللبناني.

فجأة، تنبّهت النقابة إلى الكارثة الموجودة في السوق المحلية منذ أعوام عدّة، فأصدرت بياناً أوهم قارئه بأنه إعلان جدّي ل<<حالة طوارىء>> مستعجلة، تهدف إلى إنقاذ النقابة، فإذا به لا يتطرّق إلى آلية حقيقية ل<<مكافحة>> حالة الفوضى المستشرية في العملين الفني والنقابي، ولا يُطلق برنامجاً إصلاحياً يعيد للنقابة حضورها الفني والثقافي والنقابي الجدّي، ولا يناقش الأزمات المتنوّعة التي أصابتها بشلل خطر.

بدا البيان خارج الزمن، على الرغم من طرحه مسألة يُفترض بالنقابيين (!) معالجتها، بدل أن يدعو المعنيين بالهمّ السينمائي البحت إلى مناقشة سبل إخراج النقابة من موتها السريري، وإلى التكاتف معاً لتنفيذ عملية إصلاح حقيقي يضع النقابة في واجهة الحدث الإبداعي والاجتماعي والثقافي، ويسمح للفنانين بالانضواء الفعلي في صفوفها، ويتيح للنقابة نفسها أن تفرض وجودها في قلب المشهد الفني والمجتمعي اللبناني.

هناك خللٌ فاضحٌ في نصّ البيان: فهو يصوّر واقعاً أليماً بقوله إن النقابة <<لم تشهد حالة فوضى في الوسط الفني كما يحصل اليوم>>، ثم يدعو مسؤولي الشركات الإنتاجية والمحطات التلفزيونية (!) والاستديوهات العاملة في لبنان إلى التنسيق مع النقابة في منح اللبنانيين، وليس الأجانب، فرصة العمل. إنه، بهذا، يختصر <<حالة الفوضى>> بالبُعد المهني فقط، ويتجاهل المآزق الأخرى (إرث الحرب الأهلية ونتاجها الطائفي، عدم المبادرة في التواصل الجدّي مع الفنانين جميعهم، الغياب القاتل عن التحوّلات اللبنانية المختلفة، من دون تناسي جهود البعض في مسألتي <<صندوق دعم السينما>> وقوانين اجتماعية وحياتية، تحديداً) التي ساهمت في تعطيل النقابة، وإبعادها عن الفنانين، وانعزالها في محيط ضيّق.

إن الخطوة الأولى في طريق الإصلاح تكمن في إعلان <<موت>> هذه النقابة نفسها، وفي مطالبة الفنانين المهتمّين بالعمل النقابي بتأسيس نقابة جديدة وعصرية، تستلهم التطوّرات المختلفة في كتابة نظامها الداخلي، وتستعين بالفعل الديمقراطي الجاد في وضع برنامج عمل متكامل يؤدّي بها إلى احتلال مكانة مرموقة في المجتمع اللبناني.

السفير اللبنانية في 3 نوفمبر 2005

 

الحرب الأهلية اللبنانية والطفولة في فيلم حقق نجاحا في مهرجان لندن السينمائي:

زوزو لجوزف فارس يربط بشاعة الحرب بقساوة العنصرية

سمير ناصيف 

لندن ـ القدس العربي عرض مهرجان لندن السينمائي فيلماً بعنوان زوزو يحكي قصة صبي امضي سني مراهقته في بيروت خلال الحرب الأهلية اللبنانية في خضم عائلة تنتمي الي الطبقة المتوسطة وتعيش في المنطقة الشرقية من بيروت استعدادا للهجرة الي السويد للالتحاق بجد الصبي وجدته هربا من قساوة الحرب وبشاعتها.

ولكن القدر شاء الا تتحقق هذه الأمنية، اذ تصيب قذيفة مدمرة منزل عائلة زوزو وتقتل والده ووالدته وشقيقته، وتجعله يتيماً.

اخرج الفيلم جوزف فارس، وهو مخرج لبناني ـ سويدي في أواخر عشريناته، عاش النصف الثاني من حياته في السويد بعد قضائه الجزء الاول في لبنان. اي ان الفيلم استوحي الي درجة كبيرة من اختباره الشخصي، وهنا تكمن وقوته. وعلي الرغم من ان الفيلم هو الثالث لفارس، فقد وضع الكثير من روحه وقلبه فيه، كونه كتب السيناريو، وبالاضافة الي ذلك اظهر المخرج مقدرة تقنية سينمائية كبيرة في اخراج المشاهد التي تتطلب وقعاً مؤثرا في الصورة والصوت وخصوصا سقوط المتفجرات في بيروت، بالاضافة الي تصويره مناظر طبيعية خلابة في الجبل اللبناني حيث كان زوزو يتنزه مع صديقته ويتمتعان بطبيعة لبنان الرائعة في محاولة لتجاوز الألم واستعادة طفولتهما المسلوبة التي انقضت عليها الحرب الضروس ولكنها لم تنجح في الغائها كليا.

ويعيش زوزو في كثير من مراحل الفيلم في عالم خيالي يخلقه هو لنفسه كوسيلة للتكيف مع المعاناة الكبيرة التي يمر بها. وتتخلل هذا العالم احاديث يجريها مع صوص صغير يفصح اليه بكل ما يجول في خلده من مخاوف وآلام واحلام.

والفيلم محزن الي درجة كبيرة وخصوصاً المشهد الذي يسأل فيه زوزو والدته قائلا: هل تعديني بانك لن تتركيني وحيدا في يوم من الايام؟ . وكأنه كان يشعر بأن هذا الواقع الأليم آت لا محالة، وكم من اطفال لبنانيين وفلسطينيين وعراقيين وعرب آخرين مروا في هذا الاختبار الصعب؟

ولكن، قوة هذا الفيلم لا تكمن فقط في خيال وابتكار مخرجه وكاتبه وقدرته السينمائية الفذة ولكن في انسانيته وفي روح الفكاهة التي تخيم عليه وعلي شخصياته. والفيلم يغوص غوصا عميقا في نفسية طفل يسعي الي الأمل في حياته الجديدة في السويد مع جده وجدته، ولكنه لا يستطيع التخلص كليا من ماضيه المؤلم الذي يهيمن علي حياته والذي يسلخه باستمرار من واقعه الجديد في السويد ويعيده الي حضن عائلته ويضعه تحت مظلة وطنه.

وعلي الرغم من الصعوبات الكبيرة والاختبارات التراجيدية التي يواجهها زوزو فانه لا يفقد الأمل كلياً، ويحاول ان يخلق ايجابية في كل موقف سلبي يجد نفسه فيه. ولعل قدرة براءة الطفولة علي التكيف مع الصعوبات ووحشية الدهر تشكل لبّ هذا الفيلم فلسفيا. وفي هذا توجه نيتشي (نسبة الي الفيلسوف فردريك نيتشه).

ولدي وصول زوزو الي السويد يجد ان عليه ان يتكيف مع قساوة الاولاد السويديين وتعاملهم العنصري معه كغريب وكولد غير قادر علي الاندماج والتكيف. ويدمج المخرج مشاهد الاعتداءات من الاولاد السويديين علي زوزو بمشاهد القصف في بيروت علي عائلته مظهرا وحشية البشر، ولكنه في الوقت عينه يظهر زوزو في مواقف فكاهية حيث يحاول شراء الاولاد السويديين الآخرين عبر تقديم الاقلام والمحايات و البرايات اليهم لشراء محبتهم وقبولهم له في مجموعتهم.

وينجح المخرج فارس في ربط وقع الحرب اللبنانية علي نفسية زوزو بوقع العنصرية من جانب الأولاد السويديين ضده نجاحا كبيرا، ويظهر العذاب النفسي الذي كان زوزو يمر فيه في السويد والذي يعانيه معظم المهاجرين (أطفالاً وغير أطفال) خارج بلدانهم وكيف يتحول الانسان في المهجر الي الآخر المكروه ويسعي الي الخروج من هذه الدوامة القاسية.

كما يحلق فارس فنيا وانسانيا عندما يربط ما يدور في خلد زوزو عندما يضربه الاولاد السويديون القساة بذكريات محبة وعطف والدته وكيف كانت تمسك يديه وتشجعه لدي سقوط القذائف علي منطقة سكنهم في بيروت، وبالتالي فان زوزو يقرر عدم المجابهة ويختار نبذ العنف للرد علي العنف لانه يقرر بأن العنف لن يحقق بالنسبة اليه سوي المزيد من العنف.

وكأن المخرج فارس يدعو الي خيار آخر غير العنف والمواجهة والحرب من أجل انسانية افضل للاجيال القادمة، فيما كان جد زوزو يشجعه علي مواجهة الأولاد السويديين ويذهب معه الي المدرسة لتأنيب مديرها علي عدم اعتماد القساوة مع الاولاد المعتدين علي حفيده، كما يشعر الجد بخجل لان زوزو لا يقاوم الاولاد الذين يمارسون العنف ضده.

لا شك في أن هذا الفيلم الذي نجح في السينما السويدية نجاحا كبيرا، ونال اعجاب النقاد في مهرجان لندن السينمائي بإمكانه ان يحقق نجاحا جماهيريا كبيرا ليس لأنه يصف الحروب ووقعها المؤلم علي الاطفال فقط بل لارتفاع مستواه التقني ولتمكنه من دمج الدراما مع الكوميديا في قالب جذاب ومؤثر.

القدس العربي في 3 نوفمبر 2005

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

التالي
السابق
أعلى