جديد الموقع

كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما

 

 

التالي
السابق

كتبوا في السينما

سينما المقاومة في فلسطين

«الحس» للإيطالي فيسكونتي

يسري نصر الله: أفلامي بسيطة وشديدة الخصوصية

غودار: نحن أقرب إلى نقطة النهاية لأننا عاجزون عن الكلام

الواد محروس.. سينما النجم الأسطورة وسمات الفقر الفكري

محمود الغيطاني *

يبدو أن المخرج "نادر جلال" حين رغب الخروج من إطاره العام الذي رسمه لنفسه منذ تخرجه في معهد السينما عام 1964 وإخراجه لفيلمه الروائي الأول "غدا يعود الحب" 1972 عن قصة لوالده المخرج الراحل أحمد جلال- لاقي فشلا ذريعا نتيجة خروجه عن هذا الإطار.

فبالرغم من كونه من عائلة فنية أصيلة- فهو ابن المخرج أحمد جلال ووالدته الفنانة العملاقة ماري كوين بل وخالته هي المنتجة آسيا- إلا أن هذا لا يعد مبررا لكونه مخرجا ناجحا طوال الوقت، وليس معني ذلك أننا نحاول هضم حقه في كونه مخرجا محترفا تأثر كثيرا بتقنيات السينما العالمية- خاصة ليلوش- وكان هذا واضحا جليا في عمله الأول، بل هو مخرج متملك تماما لأدواته الإبداعية في معظم أعماله لاسيما سينما "الأكشن" والإثارة، ولعل هذا كان واضحا في أعماله التالية فيما بعد مثل "ولدي" 1972، "عادت الحياة" 1976، "امرأة من زجاج" 1977، "سلام يا صاحبي" 1986، بل وأعماله الأحدث مثل "بطل من ورق" 1988، "جحيم تحت الماء" 1989 الذي قدم فيه تجربة جديدة تماما علي السينما المصرية- يستحق عليها الكثير من الشكر و التقدير أيا كان نوعها- بالتعاون مع المصور العالمي "سعيد شيمي" ليردفها ب"جزيرة الشيطان" 1990 و غيرها من الأعمال الناجحة تجاريا و تقنيا.

إلا أنه بالرغم من كل هذا التاريخ وقع وقعة مدوية ظل صداها يتردد في أسماعنا حينما حاول تفصيل فيلم خاص علي مقاس الفنان "عادل إمام" فانفلت زمام الأمور من بين يديه وصار الأمر كالريشة في مهب الريح تتحرك كيفما اتفق.

ولعل السبب الرئيس في ذلك هو محاولة العديد من المخرجين وكتاب السيناريو بل والمنتجين حرق أنفسهم و تاريخهم الطويل تحت أقدام الشخصية الأسطورية التي ينسجونها حول النجم مما يؤدي إلى إصابة النجم إما بالجمود أو البلاهة الفنية ومن ثم إصابة القائمون علي العمل بالتالي- كصناع سينما- بالشلل الرباعي إزاء النجم فلا يستطيعون توجيهه أو السيطرة عليه.

ولعل هذا ما حدث تماما للفنان "عادل إمام"- علي الرغم من كونه فنانا قديرا له تاريخه المشرف الطويل- إلا أن أسطورة النجم التي نسجت حوله- بمهارة- كخيوط عنكبوتية مع بعض العوامل المساعدة- منها إيرادات الشباك وبعض الغرور الناتج عن تضخم الذات- قد أدت به مجتمعة إلى المصير المحتوم وهو التجمد تماما سواء في الملامح أو الأداء.

بل وأكثر ما نخشاه جميعا أنه يتجه بخطوات سريعة واسعة لملاقاة ذات المصير الذي لاقاه من قبل الفنان "إسماعيل ياسين"؛ فبعد فترة مجد و نشاط كبيرين بدأ الجمهور يعرض عن مشاهدة أفلامه- رغم كونه الورقة الرابحة والنجم الأوحد في ذلك الوقت- نتيجة جموده في شخصية واحدة- معتمدا علي فمه الضخم وحركاته المميزة- تلك الشخصية التي لا تتسم إلا بالبلاهة والتخلف العقلي كما يحب أن يطلق عليها أستاذنا الراحل "سامي السلاموني".

نقول أن جمود "عادل إمام" في ملامحه- فهو إما ترتسم علي وجهه علامات الازدراء و القرف مع قلب شفتيه- ربما امتعاضا منا نحن المشاهدين أو النقاد- ورفع حاجبيه أو ترتسم علي وجهه علامات البلاهة والطيبة الساذجة- كما أن جمود أدائه- فهو يجمد أي شخصية مرسومة له بحيث لا يمكن استخراج مكنونات تلك الشخصية فتصبح ذات بعد واحد محبوسة في شخصية عادل إمام ذاته بالإضافة إلى اعتماده علي المبالغة الشديدة في الأداء، كما أنه كف منذ فترة عن تقمص الشخصية بحيث أن كل من يشاهده لا يمكنه أبدا أن ينسي كونه أمام عادل إمام الممثل و ليس أمام الشخصية المؤداة- كل هذا أدي إلى السقوط الذريع "لعادل إمام"- النجم الأسطورة- الذي ظن في نفسه نجما لا يمكن تطويعه أو توجيهه أي وجهة غير تلك التي يريدها.

ولعل مثل هذه الأسباب وغيرها هي التي أدت- بل وكانت عاملا قويا- في السقوط التالي للمخرج "نادر جلال" حينما أراد التعاون مع "عادل إمام" في عمل فكاهي هزلي- لا نستطيع القول بأنه كوميدي- به الكثير من البلاهة- فهو علي مقاس النجم- وليس معني كلامنا هذا أن النقص قد شاب عمل "نادر جلال"- فهو مخرج محترف- بل إن الخشية من توجيه النجم الأسطورة كانت هي السبب الرئيس في الفشل ومن ثم تركه المخرج "نادر جلال" يؤدي بأسلوبه هو لا بأسلوب الشخصية التي تم تفصيلها علي مقاسه.

ولعلنا لا نستطيع نسيان ذلك التعاون الفني الجميل بينهما في فيلم "واحدة بواحدة" 1984 ،بل و"جزيرة الشيطان" 1990 حيث كان "عادل إمام" ما زال بعد فنانا حقيقيا يستطيع فهم الشخصية جيدا ويجيد أداء دوره ومن ثم استخراج مكنوناتها- أي الشخصية- بل وتطويع كل خلجات وجهه وحركات جسده في خدمة تلك الشخصية، إلا أن تضخم الذات فيما بعد هو الذي أدي إلى فشل المخرج و الفنان حينما عادا للتعاون مرة أخري.

وإذا كان هذان السببان- خروج المخرج عن إطاره الذي رسمه لنفسه، وجمود وتضخم ذات الفنان عادل إمام- أساسيان في هذا الفشل إلا أن هناك العديد من العوامل المساعدة التي أجهضت المشروع بأكمله وهي القصة التي لا نجد لها معني للكاتب "محمد الزهار" ثم المعالجة السينمائية الشبيهة "بالاسكتشات" وعمليات القص واللصق للسيناريست "يوسف معاطي".

نقول أن كل هذه العوامل متضافرة قد أدت إلى تقديم فيلم مهلهل مثل "الواد محروس بتاع الوزير"، وكما أن الجواب يقرأ من عنوانه فكذلك الفيلم يقرأ من عنوانه، وها نحن نجد أنفسنا أمام فيلم بلا معني سواء في عنوانه أو قصته التي تروي لنا حكاية "محروس" (عادل إمام) المجند في الجيش والذي يحاول في ذات الوقت الحصول علي شهادة الابتدائية، فيسافر إلى بلدته "كفر تعلب"- ولست أدري من أين أتي صناع الفيلم بهذا الاسم- محاولا استذكار دروسه في القطار مرددا دائما- حتى نهاية الفيلم- (و تينة غضة الأفنان باسقة، قالت لأترابها والصيف يحتضر) بصوت عال- كأنه في مسيرة شعبية- حتى أن ركاب عربة القطار جميعا يرددونها خلفه ببلاهة مقصودة و مبالغة كريهة.

ثم نراه لاحقا وقد ترك الخدمة في الجيش لأن وزيرا ما لا ندر عنه أي شئ علي الإطلاق سوي أنه من بلدته "مدكور" (كمال الشناوي) قد أوصي عليه فنقله الوزارة كي يعمل لديه ويصبح هو رئيسه المباشر- في تأكيد قوي علي انتشار معاني الشللية والمحسوبية في حكومتنا الرشيدة- ولعلنا نلاحظ أن صناع الفيلم يؤكدون بشكل ملح- ربما لمغازلة الجمهور- علي معاني الفساد وانتشاره في مجتمعنا حتى وصل إلى القيادات الحكومية نفسها، وبالرغم من عدم قدرتنا علي إنكار الفساد المستشري في حكومتنا- حتى أننا نصنف عالميا من دول الفساد العظمي في العالم- إلا أننا نري صناع الفيلم هنا قد صوروا الفساد بشكل لا يمكن أن نراه سوي عندنا فقط وكأننا نحن من ابتدع الفساد للعالم.

فها هو الوزير "مدكور" (كمال الشناوي) يرفض مقابلة أي من المسئولين ومنهم رئيس مجلس محلي علي الرغم من انتظاره أكثر من ثلاث ساعات لأنه- كمال الشناوي- في انتظار شيخا من المعتوهين الذين يمارسون الشعوذة، وها نحن نري "عصمت" (أسامة عباس) مدير مكتب الوزير يأتي له بشخص ضخم الجثة عظيم الكرش- ربما لامتلائه بأموال الفقراء- فيقدمه للوزير علي أنه رجل أعمال- تلك الصفة التي صارت تطلق علي النصابين والمفسدين- ومن ثم يقدم "لمعي بك" رجل الأعمال الذي يعمل في بناء العقارات عرضا مغريا للوزير وهو عبارة عن شقة فخمة في الزمالك مساحتها ثلاثمائة متر وتطل علي النيل، وحينما يحاول الوزير (كمال الشناوي) ادعاء الشرف رافضا الرشوة التي يقدمها له الرجل يقنعه "لمعي بك" بشكل شديد البلاهة والسطحية أن المنطقة أسعارها في انخفاض وارتفاع مستمر- وكأنها في بورصة- وأن الأسعار هذه الأيام منخفضة ولذلك فسوف يبيعه الشقة لقاء عشرة آلاف جنيه فقط، فيقبل الوزير وكأنه "أهطل" لا يعرف شيئا عن الدنيا وليس وزيرا، بل ويطلب منه حجز شقتين له، وكأن السيناريست هنا يحاول تلقيننا درسا عن كيفية تقنين الرشاوى فتصبح عملا مشروعا لا غبار عليه.

ولعلنا نلحظ هنا المفارقة المدهشة، ففي الوقت الذي يأخذ فيه الوزير شقتين رشوة تأتي امرأة معدمة فقيرة انهار بيتها إلى مكتب الوزير- لسنا ندري كيف سمحوا لها بالدخول، فلعلنا في أمريكا- لتطلب من مديره (أسامة عباس) مساكنا للإيواء إلا أنه يطردها متخلصا منها، حتى لكأن الوطن قد صار ملكا لذوي المناصب والوزراء دون عامة الشعب المشرد أغلبه في الشوارع، بل والذي تسكن نسبة كبيرة منه المقابر مشاركة للموتي موتهم.

بل ولا يتوقف بنا الأمر عند هذا الحد، فنجد صناع الفيلم يركزون علي نقطة فساد أخري- ربما للتأكيد علي مغازلة الجمهور الفقير الذي اقتطع ثمن تذكرة السينما من قوته اليومي لرؤية هراءات- وهي الفساد الحكومي الإعلامي المضلل والذي يحاول تغييب الوعي وتلفيق الحقائق ليحيا الشعب كله في حالة تغييب تامة، فيحاول (أسامة عباس) تبرير سلوكه بطرد المرأة الفقيرة- لعادل إمام- بأنها تمتلك برجين علي النيل بالإضافة إلى رصيد مالي يصل إلى خمسة عشر مليونا من الجنيهات فيقتنع "محروس" (عادل إمام) ببلاهة ساذجة، الأمر الذي يجعله يسب رجلا يطلب منه المساعدة؛ فهو- أي الفقير- لا بد أنه يأخذ النقود لدفع فاتورة تليفونه المحمول، علي حد قول عادل إمام.

ولعل الفساد هنا ليس فسادا إعلاميا ورشويا فقط، بل هو فساد أخلاقي أيضا، فبمجرد رؤية الوزير (كمال الشناوي) لمصممة الديكور "ماهيتاب" في حفل السفارة الصينية حتى نجده يقف مشدوها وكأنه لم ير اللحم في حياته؛ فيسيل لعابه راغبا فيها بل ونراه يتشمم شعرها شبقا تحت دعوى التأكد من كونه ليس باروكة.

وها هو "محروس" (عادل إمام) وقد صار "دلدولا" للسيد الوزير- علي حد قول (عايدة عبد العزيز) زوجة الوزير- فهو يلازمه في كل حركاته وسكناته، فنراه يلبسه الحذاء أثناء خروجه من المسجد، ويمشط شعر الوزير قبل أي لقاء، بل انه يخلي الطريق من أمام الوزير بصفع وركل كل من يتواجد أمامه- بشكل مثير للامتعاض- وليس الإضحاك كما أراد صناع الفيلم ولكننا إذا حاولنا أن نكون حسني النية، فربما يكون ذلك إسقاطا علي استغلال ذوي المناصب لسلطتهم في إهانة الناس والتنكيل بهم.

وربما من باب المبالغات العظمي والأشياء الخارقة للعادة- التي لا تحدث سوي مع النجم عادل إمام فقط؛ لأنه يهدف من وراء هذا إضحاك الجمهور وإيجاد مبرر لاستمرارية أحداث الفيلم- ذلك المشهد الفذ الذي تعرض فيه الوزير للاغتيال، فنري شخصا ما ممسكا بمدفع ضخم محاولا اغتيال الوزير لتأتي الرصاصة- ويا للعجب- في "سبابة" محروس، فينجو الوزير- هكذا بقدرة قادر- حتى لكأن "محروس" "هركليز" المنطقة الذي لا يصاب بشيء اللهم إلا خدش بسيط في مشهد شديد السوء، شديد المبالغة لا يمكن أن يثير سوي سخرية الجمهور نتيجة الاستخفاف بعقولهم، وها هم حرس الوزير ينفضون من حوله في محاولة جادة لحماية حياتهم وحياة ذلك المنقذ الفذ والذي يتحول فيما بعد إلى بطل قومي؛ فهو بطل "موقعة الزرايب"- اسم المكان الذي أطلقت فيه النار علي الوزير- الذي يضمد إصبعه بضمادة ضخمة تكاد أن تصل إلى حجم الخيارة الكبيرة.

ولعل من أشد المشاهد سوءا كان ذلك المشهد الذي جلس فيه "محروس" (عادل إمام) في مسجد بلدته وربما هو بيته وأمامه أهل البلدة جميعا يستمعون له في شغف وبلاهة عما حدث في عملية اغتيال الوزير وكيف أنقذه "محروس" في حكاية ملفقة وأداء سيئ للغاية حاول فيه (عادل إمام) تقليد فضيلة الإمام "محمد متولي الشعراوي" بشكل فيه الكثير من السماجة أثبتت خطأ وجهة نظر صناع الفيلم و(عادل إمام) نفسه في أن ذلك سيثير عاصفة من الضحك بين صفوف المتفرجين، فلم يعدو الأمر أكثر من إثارة امتعاضهم واستيائهم البالغ بدلا من ذلك الضحك المنتظر.

بل إن مسلسل المبالغات "المحروسية" لا ينتهي عند هذا الحد، فنراه قد تم تصويره في الفيلم وكأنه هو الرجل الأوحد و الفحل الأوحد في هذا الكون، ذلك الذي تنجذب إليه النساء وتترامي في أحضانه- ربما لبلاهته- بمجرد رؤيته- لعل تأثيره الجنسي لا يقاوم- وتلك سقطة عظمي "لعادل إمام" في معظم أفلامه، فهو يعد إمبراطور المفسدين للذوق العام و الحط من قدر المرأة والنزول بالعلاقة بين الرجل والمرأة إلى مستوي شديد الانحطاط من خلال التحرش الجنسي الفج بالممثلات اللاتي يشاركنه العمل من ضرب علي المؤخرات الممتلئة، وإمساك بالصدور الباذخة، والتقبيل لشفاهن الممتلئة- بداع فني و بلا داع؛ فالمهم هو عرض فاصل كبير من التقبيل، ولعل ذلك يتضح في مشهد اقتحامه للحمام في بيت الوزير حيث كانت زوجته (عايدة عبد العزيز) في "البانيو" فنراه يخلع ملابسه داخلا معها بل وتدخل معهم في الماء الخادمة "هيام" (وفاء عامر)- والتي كانت في أوج حيويتها وأدائها السينمائي- بل ها نحن نشاهده في أكثر من مشهد يضرب (وفاء عامر) علي مؤخرتها تارة، وممسكا بصدرها تارة أخري، بل مستلقيا علي جسدها في مشهد فج تارة ثالثة- كل هذه المشاهد تمت من خلال مجانية جنسية ليس لها أي داع علي الإطلاق داخل لفيلم.

والغريب أن الفيلم يتحول إلى مجموعة من المشاهد الهزلية حينما يتزوج الوزير من "ماهيتاب" مصممة الديكور ليخرج الوزير كل يوم في منتصف الليل للقاء زوجته الثانية وفي ذات الوقت بالتبادل يدخل (عادل إمام) بيت الوزير للقاء "هيام" (وفاء عامر) التي تزوجها هو الآخر ليقضي كل منهم الليل بطوله- حتى مطلع الفجر- علي حد قول (عادل إمام) في ممارسات جنسية فجة ثم يذهبان صباحا للوزارة وهم في حالة من الإعياء التام.

لعل كل هذه الهراءات وعمليات القص واللصق التي تمت في سياق الفيلم قد أدت إلى تدنيه فنيا؛ فنحن لم نستطع القبض علي قصة محددة حتى أن العمل كان أشبه بالسراب الذي كلما حاولنا الإمساك به انفلت منا، أو هو حكاية كالماء تنسرب من بين أصابعنا إذا ما حاولنا القبض عليها، ولعل صناع الفيلم- المخرج والسيناريست والفنان- كانوا في حالة من حالات الخواء النفسي الشديد الذي انعكس علي العمل مما أدي إلى انعكاسه بدوره علينا فخرجنا من العمل بخواء روحي عميق.

وأقصي ما نتمناه أن يتأمل الفنان (عادل إمام) موقفه بصدق- فنحن نحبه- وليقف وقفة متمهلة مع نفسه لإعادة ترتيب أوراقه. 

* ناقد وقاص مصري

موقع "التجديد العربي" في 29 أكتوبر 2005

شباب 14 مارس في "رمال بيروت"

مي المصري:الأميركيون ضحية الحروب على الأخرين

بيروت ـ فيوليت غبرو: 

لم يحصل أن أوقفت المخرجة الفلسطينية اللبنانية مي المصري دوران كاميراتها السينمائية الوثائقية والتسجيلية، قبل أن تكتب النهاية ليصبح شريطها ملك المشاهدين أينما كانوا.

مي كسرت القاعدة في فيلمها الأخير "رمال بيروت" وهو أيضا عنوان غير نهائي، ما يضعنا أمام لغز قد يكشف عن زوايا مخفية من مواهب مي المتعددة.

خصوصا أنها وفي جميع أعمالها المنفردة أو الثنائية مع زوجها المخرج جان شمعون، تصر على تصوير الواقع بكاميرا حنونة وشفافة تضيء على الأحلام ولا تخفي الحقيقة. حول السينما:

·         هل زحمة العمل تتركك مترددة؟

ـ في كل أفلامي كنت أكتشف نقصا ما أو زيادة ما فأبادر إلى الإضافة أو إلى التشطيب. كنت وما زلت أبحث عن الحقيقة من خلال صورة رشيقة ومعبّرة إنما اختيار العناوين مهمة شاقة وليست سهلة أبدا.

أما النهايات فلم تكن تعوزني لأن بعضها جزء من فلسطينيتي، وبعضها الآخر من لبنانيتي والاثنان معا يحملان ذاتي الإنسانية والسينمائية.الاثنان صنعا أفلامي ومن دونهما كان يحوجني الكثير لأكتشف مي الإنسان ومي السينما. صحيح أنني اعتمدت تغيير النهايات في بعض أفلامي وفقا لتطور الأحداث، لكن الخواتم كانت جاهزة عندي أو تصبح جاهزة بانتهاء الحدث المفاجئ.

·         لكن نهاية »رمال بيروت« أو العنوان الجديد الذي تختارينه ما زال مفتوحا على المفاجآت؟

ـ لأن الحدث نفسه مفتوح على مفاجآت, في عملي الجديد أصوّر شباب وشابات 14 (مارس) بعد عملية اغتيال الرئيس رفيق الحريري. التقى مئات الألوف من كل المناطق التقوا في ساحة الحرية يطالبون بصوت واحد:

"سيادة حرية استقلال". كثيرون من هؤلاء جعلوا الساحة مقرهم الدائم ثم أخذت الأحلام تتداعى وبدأت الانقسامات . وطالما الأحداث والصراعات مستمرة، فان النهاية التي أتطلع إليها تحمل الكثير من المفاجآت. باختصار ما زلت انتظر نهاية الأزمة اللبنانية حتى أضع نهاية لما عنونته مؤقتا "رمال بيروت".

·     أنجزت حتى الآن ثلاثة أفلام ونصف فيلم (بانتظار نهاية »رمال بيروت«) وأربعة بالاشتراك مع زوجك المخرج جان شمعون طوال سبعة عشر عاما. كيف تقيمين هذه الرحلة المشتركة؟

ـ دعيني أقول إن هواجس جان هي هواجسي وبذلك لم يتناقض الهم الفردي مع تطلعات الآخر، على الأقل في العناوين للعمل الثقافي والفني، ولمعنى السينما في مواكبتها حركة المجتمع والناس نحن معا نصنع سينما للناس التي تهتم بالموضوع دون إلغاء لموقع اللغة السينمائية في النتاج البصري.

ففي التجربة المشتركة بيننا كان الهم الرئيس لدينا أن نعيش الواقع أي الهم الإنساني للمهمشين. أن نكون على علاقة مباشرة بأحاسيس الناس سواء كانوا فلسطينيين أو لبنانيين.

·     بعد سلسلة أفلام سينمائية بدأت في عام 1982 وخلال حصار بيروت "تحت الأنقاض" "زهرة القندول" "بيروت جيل الحرب" و"أحلام معلقة" وعدد من الأفلام التسجيلية القصيرة، عدت إلى السينما منفردة. كيف حدث ذلك ولماذا؟

ـ بعد هذه التجربة الغنية، توصلنا إلى قناعة بضرورة تطوير عملنا باتجاه احترام الخصوصية الإبداعية لكل منا. اليوم تستمر الشراكة بالطريقة التالية:

ننتج ونوزع أفلام بعضنا من دون تدخلات في الرؤية التقنية والإخراجية. عموما لم يتغير شيء على صعيد الرؤية المشتركة أو التقارب الثقافي الفني سوى قناعتنا بأن يكون ثمة مخرج واحد للفيلم.

·         لو نتحدث قليلا عن مسيرتك في الحياة؟

ـ رحلتي بدأت من عمان حيث الولادة وصولا إلى بيروت حيث الإقامة الدائمة والمكان الأساسي للحياة اليومية، مرورا بنابلس والجزائر والولايات المتحدة للدراسة وبدايات الوعي الفردي والانخراط في الهم الجماعي.

أنا ابنة الفلسطيني منيب المصري والأميركية أنجيلا كجلر وزوجة اللبناني جان شمعون. أحببت الصورة دائما أكثر من الكلمة لأنني وجدت فيها الحقيقة المطلقة فقد تتحول الكلمة إلى معان كثيرة وربما تفقد معناها الحقيقي ولا يحدث هذا في الصورة.

·         تأثرت بالثقافة العربية ودرست السينما في جامعة سان فرانسيسكو الأميركية؟

ـ عندما ذهبت إلى أميركا أدركت أن الكثير من انطباعاتي كانت مبنية على أفكار مسبقة.

ونمطية لذلك أردت الوصول إلى الآخر لكي افهم نفسي وافهم التحولات التي تعصف بالعالم اكتشفت بعد عودتي مؤخرا إلى الولايات المتحدة كيف يتم استغلال طيبة الشعب الأميركي وبساطته لتوريطه في حروب.

وصراعات لا مصلحة له بهما ما جعلني أتفاءل بإمكان وجود شريحة متزايدة من الأميركيين العاديين الذين يعارضون هذه السياسات وأهمية مخاطبتهم بطرق جديدة ومبدعة عبر الكلمة والصورة والسخرية السوداء.

·         وهل أنت في طور الاستعداد لهذا الخطاب الجديد إلى الأميركيين من خلال السينما؟

ـ لا شيء يحول دون ذلك لدي أفكار كثيرة اشتغل عليها، متى تجد طريقها إلى التنفيذ؟

هذا ما اجهله حتى الآن على اعتبار ان السينما ليست مجرد فكرة وموضوع وسيناريو وكاميرا... هي إنتاج وتوزيع وصناعة كبرى تتطلب رساميل ضخمة إذا أردنا القيام بأعمال ضخمة.

·         افهم أن السينما العربية في كل أشكالها في مأزق؟

ـ الكل يؤكد ذلك بمن فيهم أقطاب السينما الروائية وفي مصر تحديدا التي تعتبر أم السينمات العربية. طبعا لا أحد ينكر وجود أفلام عربية مميزة وبعضها في المغرب العربي، لكن التميز لا يعني وصولها إلى الجمهور العريض.

·         وأفلامك تعاني من الأزمة نفسها؟

- أظنني بعيدا هذه الأزمة على اعتبار أن أفلامي المنفردة وتلك الثنائية مع جان شمعون تعرض على كل الشاشات الدولية، في حين أن محطات التلفزة العربية لا تزال غائبة عن غالبية الأفلام الروائية والوثائقية العربية المتمايزة عن المألوف الجماهيري.

·         وبعيدا عن السينما التسجيلية الوثائقية، هل تطمحين إلى السينما الروائية؟

ـ هناك مشروع قيد الدرس. نعم اطمح إلى ذلك طالما امتلك اللغة السينمائية وتقنياتها وأحلامها وطالما الموضوعات تضج في رأسي. بقي على شركات الإنتاج أن تتقدم لأن الساحة العربية تضج هي الأخرى بالأحداث التي يجب التطرق إليها.

البيان الإماراتية في 29 أكتوبر 2005

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

التالي
السابق
أعلى