جديد الموقع

كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما

 

 

التالي
السابق

كتبوا في السينما

سينما المقاومة في فلسطين

«الحس» للإيطالي فيسكونتي

يسري نصر الله: أفلامي بسيطة وشديدة الخصوصية

غودار: نحن أقرب إلى نقطة النهاية لأننا عاجزون عن الكلام

يبدأ في مالطا تصوير عمله الجديد المنطلق من عملية أيلول الأسود في ميونيخ ... ستيفن سبيلبرغ:

الثأر الذي دمّر الشرق الاوسط ... والفيلم الذي لن يفرح اسرائيل

إبراهيم العريس

 

إذا صدقنا بعض وكالات الأنباء، وبعض الصحافة (العربية خصوصاً) المستعجلة دائماً لنشر الأخبار «المثيرة» من دون تفحص هادئ، كان على المخرج الأميركي ستيفن سبيلبرغ أن يبدأ في هذه الأيام بالذات، تصوير فيلمه «المنتظر» حول الأحداث التي دارت العام 1972 في مدينة ميونيخ الألمانية خلال انعقاد الدورة الأولمبية. ونعرف ان ما حدث يومها هو ان مجموعة من «أيلول الأسود» الفلسطينية هاجمت مقرات الرياضيين الاسرائيليين في عمل إرهابي منظم أدى الى مقتل 11 رياضياً اسرائيلياً اضافة الى فلسطينيين. والحقيقة ان كثراً من المخرجين فكروا، دائماً، بتحقيق فيلم عن ذلك الحدث الضخم، الذي كان الفلسطينيون، بعد كل شيء، هم الخاسرون فيه على صعيد تعاطي الرأي العام العالمي مع قضيتهم. لكن أياً من المشاريع الضخمة حول الحدث لم يتحقق، باستثناء شريط أو شريطين تسجيليين لم يكن أي منهما موضوعياً أو على قياس الحدث نفسه.

ومن هنا حين تسربت قبل فترة أخبار تقول ان ستيفن سبيلبرغ في صدد تحقيق فيلم عن «ميونيخ»، ساد ضجيج كبير من هنا وهناك، وراح كل فريق يفسر المشروع – على هواه السياسي – حتى من قبل أن يقول سبيلبرغ نفسه ولو كلمة واحدة حول الموضوع. وأخيراً حين تكلم صاحب «انقاذ الجندي رايان» و»لائحة شندلر»، اكتفى بأن يقول أمرين مختصرين فقط، أولهما ان المشروع كله مؤجل، لأن لديه مشاريع عدة أخرى في جدول أعماله... وثانيهما – وهذا هو الأهم – انه في الحقيقة لن يحقق فيلماً عن عملية ميونيخ.

كثر مالوا يومها الى الاعتقاد بأن سبيلبرغ إنما تراجع عن مشروع كان موجوداً بالفعل لديه، وان الرجل خشي على نفسه مغبة الدنو من قضية شائكة لا بد من أن كل من يقترب منها سيطلع «لا مع ستي بخير ولا مع سيدي بخير» حتى وإن كنا نعرف ان كثراً من الفلسطينيين والعرب دانوا العملية في حينه، محذرين مما كان سيحدث بالفعل: أي من أن الفلسطينيين هم الذين سيدفعون كلفتها في نهاية الأمر. بيد أن الذين يعرفون سبيلبرغ جيداً، ويعرفون كيف يقرأون سينماه وكيف يحافظ هو على فكره وعلى مكانته السينمائية كانوا متنبهين الى ان سبيلبرغ لم يتراجع وان في الأمر «لغزاً» ما.

مع مرور بعض الزمن تبين، من ناحية أولى ان سبيلبرغ «أجّل» المشروع بالفعل، ذلك انه، منذ أول مرة ساد فيها همس حول المشروع، وحتى اليوم، حقق الرجل ما لا يقل عن ثلاثة أفلام. وهكذا، إذا كان صدق في إعلانه الأول... ماذا عن إعلانه الثاني؟

ولكن... أي مشروع

حسناً... كان على المستعجلين أن ينتظروا بعض الوقت ليعرفوا أخيراً، وفقط بعد أن كان سبيلبرغ بدأ بالفعل في تصوير لقطات أولى من فيلمه الجديد (في مالطا)، انه لم يكن يكذب – الى حد كبير – بالنسبة الى إعلانه الثاني. فبالفعل، حتى وإن كان فيلمه الجديد (وعنوانه حتى الآن «الانتقام») يدنو من حكاية ميونيخ، وربما أكثر من ذلك، من الصراع العربي – الاسرائيلي ومن العمل «الإرهابي» بصورة عامة، فإنه – أي الفيلم – سيكون شيئاً آخر تماماً، غير ما تحدثت عنه الصحافة... وغير ما تكهن به أصحاب أقلامها.

وهنا نوضح هذا الأمر، قبل أن يتحول الى «مؤامرة» والى «لغز جديد»... ونوضحه على ضوء آخر المستجدات من حوله... كما على مدى التزام ستيفن، البادي اليوم مؤكداً، ازاء مشروعه كما كان فكر فيه وصاغه، منذ اللحظات الأولى... علماً أن هذا كله يوصلنا الى ما كان هو نفسه، أكده قبل عام وأكثر – ونقلناه نحن بدورنا على هذه الصفحات! -، من أن فيلمه العتيد ليس عن عملية ميونيخ، ومن أن همه الأساس يتجه وجهة أخرى تماماً. بل وجهة يمكن الافتراض منذ الآن ان سلطة اسرائيلية يمينية، مثل سلطة شارون، لن يمكنها أن تكون راضية عنها.

بالفعل سيبدأ الفيلم بعملية «ميونيخ» التي تقدم في شكل يمزج بين شرائط وثائقية ولقطات استكمالية مصورة تمثيلاً. ومن المفترض أن تستغرق العملية «كلها» على شاشة سبيلبرغ، دقائق عدة تنتهي بعدها العملية لتنزل على الفور عناوين الفيلم، ممهدة للجزء الأساس من العمل. فما هو هذا الجزء؟

تبعاً لما أكده المقربون من سبيلبرغ وتبعاً لنتف نشرتها صحيفة «نيويورك تايمز»، ينتمي القسم الباقي من الفيلم – أي قسمه الأساس – الى سيناريو مقتبس عن كتاب عنوانه «الانتقام» ويتناول، ليس عملية ميونيخ، بالتحديد، بل رد اسرائيل عليها. ذلك ان الحكومة الاسرائيلية برئاسة غولدا مائير، قررت بعد العملية مباشرة ان ترسل فرق كوماندوس، تحت ادارة اجهزة الاستخبارات الاسرائيلية، للانتقام من كل الذين – في نظرها – خططوا، وقرروا ونفذوا العملية... وبالفعل ما إن مر زمن على عملية ميونيخ، حتى كانت الفرق الاسرائيلية تصفي وتقتل الكثير من الفلسطينيين في غالبية العواصم الأوروبية، ثم خصوصاً في بيروت (عملية فردان التي راح ضحيتها كمال ناصر ويوسف النجار وكمال عدوان). ولسوف يقال لاحقاً ان جزءاً كبيراً من تلك العمليات كان عشوائياً، وانه بين الحين والآخر كان يثير ثائرة مسؤولين اسرائيليين رأوا عبثية ذلك الانتقام وقدرته على تجدير أعداد كبيرة من الفلسطينيين والعرب. بل ان بعض الكتاب الاسرائيليين افترض يومها ان جماعة أيلول الأسود ما قامت بتلك العملية إلا لكي تجتذب مثل ذلك الرد من جانب الاسرائيليين، ما يعني – تقريباً – ان العملية كانت فخاً نصب للسلطة الاسرائيلية فوقعت فيه!

جوهر الانتقام

طبعاً هذا كله ظل لمدة طويلة من قبيل التكهن والمسائل المثيرة للسجال... كما شكل لاحقاً جوهر كتاب «الانتقام» لجورج جوناس، وهو كتاب صدر في العام 1984 مستنداً الى رواية عضو مفترض في واحدة من الفرق التي بعثتها السلطات والاستخبارات الاسرائيلية للانتقام من الفلسطينيين. ونحن نعرف ان الرواية – التي أعلنت اسرائيل دائماً انها مختلقة وان لا وجود للشخص الذي نسبت اليه – انما تثير قلقاً وشكوكاً، على لسان صاحبها، ازاء جدوى ذلك الانتقام – ثم الانتقام المسبق الاحترازي الذي قننته اسرائيل وجعلته واحداً من مبادئ عملها ولا يزال حتى اليوم يشكل جزءاً أساسياً من استراتيجيتها ضد التنظيمات الراديكالية، بما فيها قيادات حماس والجهاد الاسلامي. في جوهره يطرح الكتاب هذه المسألة – المسلّم بها لدى اليمين الاسرائيلي – على بساط البحث معلناً عبثيتها وانها في حالات عدة أشد سوءاً من «الأعمال الإرهابية» نفسها. طبعاً لن نقول هنا ان الكتاب يصل الى حد إدانة تلك السياسة، بل يقف عند حد طرح الأسئلة، معبراً في الوقت نفسه عن أزمة شديدة الذاتية تتعلق بتنفيذ عميل ما عملية تطلبها منه السلطات السياسية والاستخباراتية في بلاده. ولا يكون هو، اخلاقياً، مقتنعاً بصوابها أو بجدواها.

فهل يمكننا أن نقول هنا ان هذا هو بالذات جوهر مشروع ستيفن سبيلبرغ؟

طبعاً لا نحن ولا أحد غيرنا من غير المقربين من مشروع سبيلبرغ قرأ السيناريو... بل ان الكتاب نفسه غير موجود... اختفى باكراً من الأسواق بقدرة قادر وطواه النسيان. لكن من المؤكد، بحسب اصدقاء سبيلبرغ، كما بحسب «نيويورك تايمز» (وأخيراً بحسب رسالة تقول الصحيفة الأميركية ان سبيلبرغ بعث بها اليها، قبل فترة يسيرة، كما بعث بنسخة منها الى كل من تلفزيون «العربية» وصحيفة «معاريف» الاسرائيلية)، من المؤكد ان سبيلبرغ يدنو من موضوعه من هذه الزاوية، خصوصاً أنه هو نفسه، في الرسالة، يصف عملية أيلول الأسود، ورد اسرائيل الثأري عليها بالمنعطف في تاريخ الشرق الأوسط الحديث.

ولا شك في ان المرء يميل، في شكل عام، وقبل عام من انجاز الفيلم وعرضه (بل يقال انه سيعرض في عيد الميلاد لهذا العام حتى يلحق نفسه لترشيحات الأوسكار... وإن كان كثر يشكون في الأمر الآن)، الى ان يرى مشروع سبيلبرغ على ضوء كل هذه التوضيحات. فإذا كان هذا منطقياً (ونفترض انه منطقي) لا نعود أمام فيلم عن عملية ميونيخ، بل أمام فيلم عن الرد الاسرائيلي على ميونيخ.

والفارق كبير ان نحن نظرنا الآن الى الأمر من منظور آخر تماماً: من منظور ان سبيلبرغ، الى جانب كونه يهودياً كرس وقته وأمواله لبعث ذاكرة الهولوكوست – المذابح اليهودية على يد هتلر والنازيين -، هو أميركي وأميركي ليبيرالي لم يحدث له يوماً أن أعلن موقفاً مؤيداً لليمين الاسرائيلي، أو مناهضاً للحق العربي في دولة فلسطينية. وأميركية سبيلبرغ الليبيرالية – هو مقرب من كلينتون ومعاد كلياً لجورج دبليو بوش ووقف بوضوح ضد التدخل الأميركي في العراق – دفعته دائماً الى التحذير من السياسة الانتقامية الاحترازية التي تتبعها القوى العسكريتارية الأميركية في مجال ردها على الإرهاب الذي ضرب نيويورك والبنتاغون في أيلول (سبتمبر) 2001. سبيلبرغ قال هذا بكل وضوح وأثار ثائرة البيت الأبيض... ليجد في الصحافة الاسرائيلية من ينتقده مذكراً بأنه، على أية حال، حين حدث له أن حقق فيلماً عن الهولوكوست («لائحة شندلر») جعل البطولة والانقاذ يتمّان على يد الماني غير بعيد من الفكر النازي، في الوقت نفسه الذي «تعمّد في فيلمه ان ينزع هالة الاستثنائية عن الهولوكوست نفسه». ومن الواضح الآن، وعلى ضوء بعض ردود الفعل التي بدأت تظهر حول مشروعه الجديد إذ بدأت تتضح ملامحه، وبحسب ما تقول «نيويورك تايمز»، فإن منتقدي سبيلبرغ أنفسهم في إسرائيل كما في الولايات المتحدة، لن يفوتهم ان يروا في الفيلم حملة ما على السياسة الاسرائيلية. ولا شك في أن هؤلاء قرأوا كتاب جورج جوناس، ويعرفون الكثير عن علاقة الفيلم بالكتاب.

لاعب ماهر!

وإذا كان من السابق لأوانه، منذ الآن، «المجازفة» بأي دفاع عن مشروع سبيلبرغ، أو بأي هجوم عليه، فإن في وسعنا أن ننقل هذه العبارات من بيانه الموزع، إذ يقول: «إن النظر الى رد اسرائيل على عملية ميونيخ، عبر نظرة الأشخاص الذين أرسلوا للثأر من تلك الفاجعة، أمر من شأنه أن يحمل بعداً انسانياً الى تلك الحلقة الرهيبة من حلقات التاريخ. في العادة لا يجري الحديث عن تلك الحلقة إلا من زاوية سياسية أو عسكرية... ومع هذا، فإن أولئك الأشخاص، خلال تنفيذهم للمهمة التي أنيطت بهم، حدث لهم أن تحولوا بالتدريج من الحزم الضاري، الى أعمق درجات الشك واللايقين. وأنا، إذ أدركت هذا، بت أعتقد ان في وسعنا الآن ان نتعلم أموراً بالغة الأهمية حول المأزق المأسوي الذي نجد أنفسنا فيه اليوم...».

حسناً... مهما كان من شأن مشروع سبيلبرغ، واضح ان مثل هذا الكلام ليس من شأنه أبداً أن يفرح السلطات الاسرائيلية. ولكن، من ناحية أخرى، هل سيكون في وسعه يا ترى أن يفرح السلطات الأميركية؟ هل في وسعه ان يمنع، مثلاً، جنوداً أميركيين حاربوا في أفغانستان أو العراق، أو أن يمنع أهالي زملاء لهم قتلوا هناك، من طرح المسألة على هذه الشاكلة والنظر الى فيلم سبيلبرغ حين يعرض على انه يتحدث عنهم أيضاً... وعن المأزق الذي يوصلهم «الانتقام» اليه؟

في انتظار انجاز هذا الفيلم الذي سيدور كلام كثير عليه قبل انجازه وبعده، نعتقد ان سبيلبرغ سيثير، كعادته، من خلال هذا العمل الواقف على حبل مشدود، اشكالات عدة، لعل الاشكالية الأخيرة هي الجوهرية بالنسبة اليه. ولعل البعد الأميركي فيها يكون الأهم بالنسبة إليه.

أما في ما عدا ذلك، فلا عزاء للذين لا يزالون ينظرون الى عمليات مثل ميونيخ على انها عمليات بطولية، ناسين انها – وهذه لن يقولها سبيلبرغ على أية حال – كلفت فلسطين كثيراً... وربما وجودها أيضاً.

الحياة اللبنانية في 22 يوليو 2005

كلينتون ودنيس روس مستشاران

سبيلبرج‏..‏ يحقق في عملية ميونخ

هوليوود ـ محمد رضا 

المخرج أنطوني مانغيلا‏(‏ المريض الإنجليزي‏,‏ الأميركي الهاديء‏)‏ كان يحضر لأولي لقطات اليوم عندما سمع‏,‏ كغيره صوت انفجار الحافلة‏.‏ كانت أخبار الإنفجارات التي وقعت في أنفاق المترو قد أخذت تتسرب لكنها كانت لا تزال مبتسرة‏.‏ بالكاد أكثر من يقال إن‏...‏ وهل صحيح أن انفجارا‏....‏ حين انتشرت الأخبار نظر الجميع إلي المخرج والمنتج مانغيلا بإنتظار القرار‏:‏ هل يوقف التصوير في هذا اليوم الذي بدأ بمأساة أو يستمر؟ بدوره تطلع إلي فريق عمل مؤلف من مسلمين ومسيحيين ويهود‏,‏ سمر وبيض وسود‏,‏ بريطانيين ومهاجرين وقال‏:‏ سنصور‏.‏

بعيدا صوب شمال غرب لندن كان وودي ألن يصور فيلمه الجديد‏(‏ الذي لايزال بلا عنوان‏)‏ والذي يقوم ببطولته مع هيو جاكمان وسكارلت جوهانسن‏.‏ الأخبار التي وردت جعلت الجميع يشعر بعدم الراحة ويتساءل عما إذا كان العنف يستطيع أن يجلب سوي العنف المضاد‏.‏ لكن الجميع حافظ علي أعصابه واستمر في التحضير للعمل‏.‏ وفي الساعة العاشرة والنصف كانت اللقطة الأولي لذلك النهار قد أصبحت في العلب‏.‏

أبعد من ذلك‏,‏ في منطقة هادئة من جزيرة مالطا كان ستيفن سبيلبرج قد بدأ التصوير لتوه علي فيلم هو أيضا لايزال بلا عنوان‏.‏ بين الأفلام الثلاث هذا الفيلم الوحيد الذي له صلة بما يقع في عالمنا ولو أنها صلة ذات امتداد تاريخي‏.‏ فسبيلبرج باشر في الأسبوع الماضي‏,‏ قبل خمسة أيام من الاعتداء الهمجي علي الآمنين‏,‏ تصوير فيلم تقع أحداثه حول العملية التي وقعت في ميونخ سنة‏1973‏ أيام كانت الأهداف مازالت إسرائيلية ومحدودة قياسا بما هي عليه اليوم‏.‏ إنها العملية التي قامت بها فصائل فلسطينية وذهب ضحيتها أحد عشر رياضيا إسرائيليا كانوا وصلوا إلي المدينة للاشتراك في الأولميبياد الذي استضافته‏.‏ حسب مصدر في هوليوود‏,‏ سبيلبرج لم يتوقف عن التصوير أيضا لكنه تابع علي محطات التليفزيون أحداث ذلك اليوم‏.‏

بين الثلاثة‏,‏ سبيلبرج كان دوما الأكثر اتصالا بالوضع السياسي الماثل في المنطقة‏.‏ طبعا وودي ألن كان نشر‏,‏ خلال الانتفاضة الفلسطينية الأولي‏,‏ صفحة إعلان في جريدة نيويورك تايمز ينتقد فيها إسرائيل‏,‏ ووقع علي عريضة نشرت أيضا كإعلان في ذات الجريدة بعد أشهر قليلة تناويء الحكومة الإسرائيلية وتنتقدها علي اعتداءاتها‏,‏ لكنه لا يملك فيلما سياسيا واحدا تحت إبطه‏.‏

كلينتون أدلي برأيه

سبيلبرج‏,‏ في المقابل‏,‏ لديه مواقف سياسية من خلال أعماله‏.‏ هو الذي أنشأ معهد شوا للأبحاث الخاصة بالهولوكوست‏.‏ هو الذي أخرج وأنتج قائمة شندلر وهو الذي وضع هذا الفيلم علي قائمة أعماله منذ بضع سنوات‏.‏ في الحقيقة‏,‏ كان من المفترض أن يبدأ تصوير فيلمه عن عملية ميونخ قبل عام من اليوم‏.‏ حينها تردد أن سبيلبرج ألغي الفكرة لأنه وجدها صعبة التنفيذ في ظل الظروف الحالية كما قيل آنذاك‏.‏ والحقيقة هو إنه لم يلغ الفكرة بل أجلها ولسبب مهم‏.‏ كاتب السيناريو الأول هو إريك روث الذي سبق له وكتب فورست غمب و هامس الحصان وشارك في كتابة علي‏(‏ عن محمد علي كلاي‏)‏ والدخيل وكلاهما من أعمال المخرج مايكل مان‏.‏ وهو اقتبس من عدة مراجع بينها كتاب وضعه جورج جوناس سنة‏1984‏ بعنوان انتقام‏.‏ وصلب ذلك الكتاب ليس العملية من طرفها الفلسطيني ومنفذيها‏(‏ منظمة سبتمبر الأسود‏)‏ بل العمليات التي قامت بها أجهزة الموساد من خلال عملاء لها أمروا بأن يبحثوا عن الفاعلين ويصفونهم واحدا تلو الآخر‏.‏ علي ذلك‏,‏ نسخة إريك روث‏,‏ تحتوي علي نحو ربع ساعة تصور ما حدث في ميونخ قبل أن تنتقل‏,‏ دراميا‏,‏ الي إسرائيل والأوامر المعطاة إلي الموساد‏,‏ ومنها إلي عملائها‏,‏ بضرورة الانتقام‏.‏

حسب مصدر من مكتب ستيفن سبيلبرج في هوليوود‏,‏ فإن السيناريو كان جيدا لكن سبيلبرج لاحظ إنه يفتقد حسا إنسانيا‏.‏ في تعريف المصدر لذلك الحس ما يعكس رغبة سبيلبرج في أن يمنح الفلسطينيين قدرا من الموقف السياسي والإنساني وأن يتعامل معهم خارج إطار الشخصيات المؤطرة كرتونيا‏.‏

هنا تم جلب توني كوشنر‏,‏ وهو كاتب مسرحي في الأساس‏,‏ وطلب منه أن يعيد صياغة العمل علي نحو يضمن ذلك البعد الإنساني‏.‏ بعد ذلك قام سبيبلبرج بإرسال السيناريو إلي عدد من المسئولين وعلي رأسهم بل كلينتون‏.‏ والمعلومات تفيد إن الرئيس الأميركي السابق أدلي برأيه في العمل كذلك فعل المبعوث الأمريكي للشرق الأوسط السابق دنيس روس الذي استلم نسخة من السيناريو وكتب ملاحظاته حول المشروع ومحاذير التعامل معه في هذه الفترة بالتحديد‏.‏

ولا يوجد أي كلام موثوق عن وجهة الفيلم السياسية‏.‏ هل هو مع الفلسطينيين ضمنا أو ضدهم؟ هل هو مع الإسرائيليين وحقهم في الدفاع عن النفس أو ضدهم؟ أو هو مع مفهوم ثالث ينجم عنه لوم الطرفين معا؟ أم أن المسألة هي أنه سيمنح الفلسطينيين بعض التفهم لما يقومون به وسيمنح الإسرائيليين التأييد المطلق لردات أفعالهم علي أي حال؟

لا أحد يعلم‏,‏ لكن الواصل إلينا يتبني احتمالا آخر لا يقل أهمية عن تلك المذكورة‏:‏ حسب المعلومات فإن الفيلم يريد أن يقدم عملاء الموساد الذين قاموا بعمليات التصفية في صورة منفصلة عن الأرضية السياسية ذاتها‏.‏ بكلمات أخري فيلم سبيلبرج يتحدث عن عذاب ضمير لدي العملاء من خلال سؤال بعضهم عما إذا كان ضحاياهم فعلا من الضالعين في العملية‏,‏ وسؤال بعضهم الآخر عن جدوي مثل هذا الرد وإذا ما كان سيحل معضلة العلاقة بين الطرفين‏.‏ علي أن الثابت هو أن البعض ينظر إلي الفيلم كأول بادرة سياسية يقوم بها ستيفن سبيلبرج سينمائيا‏.‏ الخطوة الأولي صوب بركة من الرمال التي يمكن لها أن تتحرك في كل اتجاه‏.‏ من يقول ذلك ربما يصدق أن الفيلم السياسي هو الذي يتحدث عن واقعة ذات منطلق سياسي‏.‏ لكن الواقع هو أن السياسة‏,‏ أو سياسة ما‏,‏ كانت موجودة في أفلام سبيلبرج السابقة‏.‏ ليس تلك التي تبعت أحداث الحادي عشر من سبتمبر فقط‏,‏ بل في بعض تلك التي سبقتها‏.‏

مصريون بخناجر

ماذا نقول مثلا في فيلم إنديانا جونز وتابوت العهد المفقود ؟ إنه أحد الأفلام الفانتازية الأولي التي حققها سبيلبرج إلي جانب الفك المفترس ولقاءات قريبة من النوع الثالث و إي تي‏.‏ تلك المرحلة التي يصفها بعض النقاد الي اليوم بأنها مرحلة البراءة والأعمال ذات الهدف الترفيهي المحض‏.‏ هذا صحيح‏,‏ لكن إنديانا جونز‏...‏ من تلك التي لا تزال تحمل علي كاهلها‏,‏ وإلي اليوم‏,‏ هدفا غير ترفيهي‏:‏ المصريون يبدون في أسوأ حال‏,‏ ليس فقط فقرا واندثارا تحت عبء الفاقة‏,‏ بل كأخلاق عامة أيضا‏.‏ من ناحية‏,‏ هم مقاتلون فاشلون ومخادعون وقاذفوا خناجر يطعنون بها من الخلف‏,‏ ومن ناحية أخري هم بلهاء بالفطرة ومن ناحية ثالثة‏,‏ لا فشلهم في القتال ولا بلاهتهم بالفطرة يحول دون تأييدهم النازيين والعمل معهم‏.‏

مصر كانت أيضا محط إهتمام فيلم آخر لسبيلبرج ولو عبر الاستديو الذي أنشأه مع شريكين دريمووركس هو أمير مصر حيث حمل الفيلم هدفا بات يتكرر مرة من هنا ومرة من هناك‏,‏ وهو أن من بني مصر لم يكن المصريون بل اليهود‏!!.‏ وإذا كان ذلك ليس كافيا‏,‏ فإن لائحة شندلر جاء ليمنح المترددين بوضوح الموقف السياسي الخاص‏.‏ لا نتحدث عن اختيار موضوع الهولوكوست بل عن اختتام الفيلم بحق الدولة الإسرائيلية في الوجود تبعا لما وضع لليهود من غبن واضطهاد في أوروبا‏,‏ وتحقيقا لحلم الدولة اليهودية‏.‏ هذا الفيلم وحده فتح الباب أمام سينمائيين آخرين لديهم مشاريع هولوكوست مماثلة لكي يتوجهوا بها إلي سبيلبرج راغبين في أن يساعدهم في إنجازها‏.‏ أحد هذه الأفلام الأيام الأخيرة بحث خصيصا في محنة اليهود المجريين‏.‏ وكلها كانت من قبل الحادي عشر من سبتمبر‏.‏

بعده كان هناك اختلاف جذري كبير‏,‏ لكن علي عكس السائد‏,‏ ليس تغييرا عما كان الوضع عليه بل ارتقاء فيه وبلورة له‏.‏ سبيلبرج بدا قلقا من مستقبل عالم بلا حنان في ذكاء اصطناعي‏.‏ ومحذرا من سلطة ديمقراطية تنقلب ديكتاتورية في تقرير الأقلية‏,‏ ثم باحثا في مطارات أمريكا بعد العدوان في ترمينال‏.‏ لكن إذا أردنا معاينة فيلم يعبر عن سبيلبرج الجديد بعد العدوان علي نيويورك‏,‏ فإن فيلمه الحالي حرب العالمين هو العمل المثالي‏.‏

معالجة مختلفة

حرب العالمين الذي باشر عروضه التجارية في الولايات المتحدة في ذات الوقت الذي باشر فيه سبيلبرج تصوير فيلمه الجديد‏,‏ يدور حول نهاية الأرض علي أيدي مخلوقات المريخ وذلك تبعا للقصة الأساسية التي وضعها الكاتب البريطاني هـ‏.‏ ج‏.‏ ويلز في العام‏1981‏ والتي كانت‏,‏ حسب مؤرخين‏,‏ أول رواية بالإنجليزية تتحدث عن دمار الأرض بسبب عدوان ما عليها‏.‏ لكن السيناريو يمنح هذا الهجوم معالجة خاصة فإذا بالهجوم علي أمريكا‏(‏ والعالم‏)‏ يبدأ من تحت الأرض وليس من خارجها‏.‏ وحسب الفيلم فإن الأعداء القاصدين الفتك بالأبرياء كانوا اختبأوا تحت الأرض منذ سنوات طويلة مثل تلك الخلايا الإرهابية التي تم كشفها‏.‏ وباعتراف سبيلبرج نفسه‏:‏ هذا الفيلم هو أكثر اتصالا بأمريكا بعد العدوان عليها من كل فيلم آخر حققه‏.‏ بل في طروحه ومضامينه‏,‏ هو الفيلم الأكثر تعبيرا عن البارانويا التي أمسكت بلباب الأمريكيين بعد مأساة‏9/.11‏ بسهولة يمكن النظر إلي المخلوقات التي تسعي لتدمير الحياة البشرية علي الأرض كمواز للإرهابيين الذين يقومون بكل تلك الجرائم البشعة سواء في العراق أو في أوروبا والغرب عموما‏.‏ وسبيلبرج لا يحاول إخفاء هذه المقارنة‏,‏ بل يدعو إليها حين يتحدث عن‏11/9‏ وكيف حركته لمنح هذا الفيلم معالجة كانت ستختلف كثيرا لو لم يقع‏11/9‏ كما يقول‏.‏

كل هذا في البال ونحن نرتقب فيلم سبيلبرج المقبل عن حادثة الأولمبياد سنة‏1973‏ ملاحظين أن كتابا يهود بدأوا الهجوم علي الفيلم لأنه ينتقد الموساد ما يذكرنا بالهجوم علي مل جيبسون علي أساس أن فيلمه العشاء الأخير كان عنصريا ضد اليهود ليتبين أنه لم يكن كذلك‏.‏ وملاحظين أيضا أن المخرج بعث بمعلومات عن الفيلم لثلاث جهات في كل هذا العالم الذي نعيش فيه‏:‏ محطة العربية السعودية‏,‏ صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية وصحيفة معاريف في إسرائيل‏.‏ كل ذلك وسواه مما ورد إشارات لصورة كبيرة وبالغة الأهمية سيطلقها الفيلم الذي يحاول سبيلبرج إنجازه لعرضه في نهاية العام الحالي ليدخل به سباق الأوسكار‏*

الأهرام العربي في 23 يوليو 2005

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

التالي
السابق
أعلى