كتب درويش برجاوي |
ربما يكون من اسهل الاشياء على الناقد، ان يشاهد فيلما سينمائيا، ثم يخرج من دار العرض ليكتب عنه. لكن من الصعوبة، ان يكتب عن حالة سينمائية عامة ومناخ عام يحيط بها اوصلها الى ما هي عليه الان، في ظل غياب معايير واسس وقواعد تقوم عليها صناعة السينما. ما من ناقد او متابع لواقع السينما العربية، بل وما من سينمائي حقيقي، الا ويبدي استياءه ورفضه للسينما السائدة حاليا امتدادا لسنوات سابقة، بدأت معها مرحلة الوصول الى وضعها الراهن. ما يجري تسطيره هنا، ليس بحثا، بقدر ما هو قراءة سريعة ترصد كيف تغيرت حال السينما. فمن البداهة القول، ان ذلك يعود الى تغير الزمن، وايقاع الحياة، واذواق ومشارب الجمهور السينمائي الذي يريد افلاما تعبر عنه، وعن اهتماماته وثقافته التي نشأ عليها في مجتمع يموج بالمتغيرات على كل شكل ولون، غزت التكنولوجيا بيوته وافكاره من خلال فضاء مفتوح يكشف له كيف هي الدنيا من حوله. احتياجات الواقع والانقلاب عليه اذا كانت السينما السائدة لا تروق للكثير من فنانيها ونجومها من الجيل السابق، وكذلك تلقى اعتراضا من المثقفين، فان ابسط رد على ذلك هو ان الواقع ينتج احتياجاته وادواته، وكيفية التعامل معه، فيصعب التملص من المناخ العام المسبب له. فها نحن امام جمهور سينمائي جديد، وسينمائيين التقطوا الفرصة (الثغرة) التي باعدت بين الاجيال، ليقفزوا منها الى الواجهة التي كانت حكرا على الجيل السابق لهم. إلى درجة ظهر معها الجيل السينمائي الحالي، كأنه ينتقم ممن وقف في طريقه، فامعن في الانقلاب عليه والقضاء على نجوميته. مستغلا التغير في الواقع والاختلاف في المفاهيم، ساعدته في ذلك ادوات لم تكن قائمة في زمن من سبقه، فنحن على سبيل المثال، عندما نتكلم عن سينما الزمن الجميل، لم تكن هناك فضائيات، ولا مولات تجارية وترفيهية تضم عددا من دور العرض. ولم تكن هناك مبتكرات سينمائية تكنولوجية تقوم على كاميرا الديجيتال والكمبيوتر والغرافيك والبلاي ستيشن، وصولا الى السي دي، والدي. في. دي، والموبايل المصور... إلخ. وكلها ادوات ترتبط بالسينما الحالية كصناعة، استبدلت بكاميرا التصوير السينمائي المعروفة، كاميرا الكترونية ألغت آلة المونتاج التقليدية (المافيولا)، وصار مخرج الفيلم ينظر الى المشهد الذي صوره، مباشرة على شاشة المونيتور امامه، من دون انتظار لتحميض الفيلم الخام وطبعه. وفي اميركا صار الفيلم يعرض على شاشات مئات دور العرض، بنسخة واحدة تبث عبر الاقمار الصناعية، مباشرة الى الصالات في وقت واحد، من دون الحاجة الى طبع مئات النسخ من الفيلم الخام وتركيبها على البوبينات المعدنية وتوزيعها على الصالات، الى غير ذلك من الانجازات العلمية. هذا بالنسبة إلى التطور والتقدم العلمي في صناعة الفيلم، اما الجمهور السينمائي فقد اختلف كليا عمن سبقه من اجيال ارتبطت بالسياسات التي كانت قائمة، وبتوجهات قومية واشتراكية وشعارات مثل: بناء الانسان اصعب من بناء مصنع، وحتمية المواجهة مع العدو، ولا للصلح.. لا للتفاوض، لا للاعتراف باسرائيل، وصولا الى شعار لا شيء يعلو فوق صوت المعركة.. وغيرها من الشعارات المعبرة عن القيم والمبادئ التي سادت المجتمع وجمهوره مع سنوات الثورة المصرية عام 1952، وتحقيقها لانجازات وطنية وقومية انعكست على الواقع العربي كله، فأسست لجيل كانت السينما وبقية الفنون فيه، تعكس مبادئ وتوجهات الزمن الذي عاشه باحتياجات بسيطة، مثل اجرة الشقة السكنية 4 جنيهات شهريا، وكيلو اللحمة بـ ثلاثة جنيهات، و20 ليمونه بقرش... إلخ. فكانت سينما ذاك الزمن مرتبطة بمناخه العام، وكان هناك قطاع عام سينمائي ينتج الافلام الملبية لاحتياجات المرحلة الموجهة، الى جانب انتاج خاص غزير، ما بين افلام قوية ومرموقة وجادة، واخرى للتسلية والترفيه والاضحاك. ولكل صنف من هذه الأفلام نجومه. وكان الجمهور هو هو مهما كان نوع الفيلم: سياسي، وطني، اجتماعي ميلودرامي، غنائي استعراضي، او ترفيهي وكوميدي، لان السينما كادت تكون الوحيدة المتاحة لكل الناس للخروج من بيوتهم وتمضية الوقت للاستمتاع والترفيه، ويمكن القول انها كانت سينما تلعب دورا اجتماعيا، فقد كان جمهورها من العائلات والاسر التي تقصدها لمشاهدة افلامها الجديدة على مدار السنة، وليس كما هو حاصل حاليا في موسم الصيف فقط! ومن ناتج ما سبق ذكره، يمكن لنا التيقن من الاختلاف الكبير، والفارق الشاسع بين ما كانت عليه السينما في الماضي، وبين وضعها الحالي. سينما المتغيرات المتلاحقة هكذا كانت السينما، الى ان جاء زمن المتغيرات التي بدأت بهزيمة 1967 فامتلأت الشاشات بموجة افلام هدفت الى امتصاص الآثار النفسية والاجتماعية للهزيمة، تعكس مشاعر الهروب من الصدمة والاحباط، والتمزق الذي اصاب الفكر الذي كان سائدا بتوجهاته الاقتصادية والاجتماعية في اطار منظومته السياسية الموجهة. فكان لتلك الاونة افلامها وفنونها التي انعكست على البنيان الاجتماعي ومفاهيمه، فلم يعد المرء يذهب الى السينما ليجد فيها ما يجسد فكره وطموحاته واماله، بل لينسى واقعه المستجد هربا من قسوة الزلزال الذي اصاب الجميع، وفي وسط هذا الضياع، كانت هناك ايضا سينما تحمل قيمة تزرع الامل وتعمل على ايجاد حالة من التوازن في النفس والفكر، لكن الكفة كانت تزداد ثقلا في الاتجاه نحو افلام السذاجة والسطحية واللامبالاة التي وجدت رواجا مبررا ومنطقيا، استمر في تصاعده مع بدء مرحلة ضبابية اتسمت بها سنوات قليلة سبقت قيام حرب اكتوبر عام 1973، تلتها مرحلة الانفتاح التي اوجدت افلام ما عرف بسينما المقاولات التي مهما قيل عنها، فانها كانت انعكاسا لواقع سياسي واجتماعي جديد، نشأ بعد مرحلة الصلح مع العدو واعلان السلام، فكان لكل ذلك تأثير مباشر في سن تكوين فكر جديد واهتمامات جديدة اتجهت نحو الامور الاستهلاكية والحصول على الاحتياجات الترفيهية والكمالية، مع الابتعاد خطوة وراء اخرى عن كل ما كان يشكل فكر الجمهور ووجدانه واهتماماته في مرحلة ما قبل السلام مع اسرائيل، فكان هناك تغذية الاحساس بان عبئا وهمّا كبيرين ازيلا عن كاهل الناس بنهاية الصراع مع العدو، وتأكيد ان حرب اكتوبر هي اخر الحروب معه. ومنذ تلك الحقبة الزمنية، نشأت اجيال في احضان هذاالمفهوم. وكان من الطبيعي، خاصة في ظل اعادة البناء والتنمية بالمشروعات الضخمة التي شملت مرافق الحياة كافة، واحساس الناس بانهم جزء من العالم الذي حولهم في قرية صغيرة، وان عدة مجالات فتحت امامهم للانخراط في ديناميكية جديدة، ومفاهيم وفكر تتيح للناس وتشجعهم على الاستمتاع بحياتهم، والابتعاد عن الهم والغم. كل هذه العوامل التي باعدت بين ما كان قائما من سياسات واهتمامات قبل الحرب وبعدها عبر ما يزيد على ثلاثين سنة، اوجدت ثلاثة اجيال جديدة انقطعت الصلة بينها وبين الماضي، بما فيه السينما ونجومها، فكان لابد لهذه الاجيال بمفاهيمها الجديدة واحتياجاتها المتلاحقة، من ان توجد ما يلبي هذه الاحتياجات. فهذا من حقها، بحكم الزمن وادواته وامكاناته وطبيعة الاشياء فيه. اننا امام جيل سينمائي مختلف تماما، من صناع سينما ومن جمهور، ولا غرابة في ذلك، فهل السياسة والاقتصاد والتعليم والعلاج والثقافة والفنون والآداب وغيرها، هي هي لم تتغير، وقد تغيرت بالفعل بحكم التطور الزمني، وافرزت الاجيال التي نتحدث عنها، فلماذا نصادر حق الجمهور السينمائي في ان يعيش حياته كما هي امامه؟ انه انتاج طبيعي لنشأته، وانعكاس لمناخ عام تسير به الحياة مع كل جيل يطل على الحياة، ومع كل مرحلة من مراحلها واحتياجاتها. واذا كان على كاتب هذه السطور ان يقول رأيه، بعد ان قرأ ما ادى الى وصول السينما الى وضعها الراهن، فانه يكتفي بالاشارة الى ان افضل مائة فيلم في تاريخ السينما المصرية، من ناحية القيمة الفنية والفكرية والانسانية، شكلا وموضوعا، هي التي ينتمي اصحابها الى الاجيال السابقة للاجيال الحالية، وعلى رأسهم يوسف شاهين، وصلاح ابوسيف، وبركات، وحسين كمال، وكمال الشيخ، وتوفيق صالح وسعيد مرزوق، وخيري بشائر ومحمد خان وعاطف الطيب، وعلي بدرخان، وعلي عبدالخالق، ورأفت الميهي، وغيرهم. وهو ما اجمع عليه النقاد والباحثون والمؤرخون والاكاديميون.. وآه يا زمن. القبس الكويتية في 12 يوليو 2005 |
الإعلامي الذي استغل برنامجه لتصفية حساباته! الممثل الشرعي الوحيد لأحمد زكي الذي لم يفوضه أحد! * جعل نفسه وكيلا للنجم الأسمر وافترض سوء النية في كل من يحاول أن يقيم دوره تقييما موضوعيا كم سعدت كثيرا بالتصحيح الذي كتبه الصديق العزيز الناقد الفني طارق الشناوي لواقعة اعتداء أحمد زكي عليه بالضرب، فقد ضرب مثلا يحتذي به للغوغائيين من المتشنجين الذين لا يجدون ما يقولونه وإذا قالوا فإنه يخرج غثاء أحوي، ولكن ما لفت نظري بشدة العصبية والتشنج اللذان أبداهما مسئول عن تحرير مجلة فنية اشتهرت بتفاهتها.. فقد نصب من نفسه متحدثا رسميا باسم النجم الراحل أحمد زكي ووكيلا قضائيا وفنيا عنه ويقف بالمرصاد لكل من يجرؤ بالكتابة عنه وينهال عليه بالسباب لأنه لم يحصل منه علي الإذن بالكلام عن صديقه الراحل، وكنت بالطبع ممن نالهم بعض قاذوراته التي يلقي بها علي المتجاسرين من أمثالي، وقد علمت بأنه تشاجر مع طارق الشناوي مشاجرة كبيرة لأنه تجاسر وكتب عن أحمد زكي ولا أعلم حتي الآن تفاصيل ما قيل في هذه المشاجرة وفي الحقيقة فلست أعبأ أو أهتم بمثل هذا المدعي. ويبدو أن ما حظي به من شهرة متأخرة بعد أن جاوز الخمسين من عمره، بسنوات جعلته يفقد صوابه ويعتقد أنه أصبح ذا قيمة حقيقية ويبدو أنه عندما قدم أوراق اعتماده لأجهزة إعلام النظام الحالي ليصبح بوقا ممجوجا له اعتقد أنه أصبح ذا قيمة. ماذا تقول أيها القارئ عن هذا المدعي الصغير عندما يقدم برامج تليفزيونية لا تخرج عن إطار هذه الأسئلة العميقة: · صديقتك الممثلة الدلوعة فلانة زعلانة منك..عارفة ليه؟ علشان أكلتي من وراها فسيخ ورنجة في شم النسيم وماعزمتيهاش.. دافعي عن نفسك بقي! · مش عيب تقولي علي صاحبتك اللي بتحبك إنها دمها تقيل ولبسها كان فظيع في فيلمها الأخير؟ · بما أنك فنان كبير أنا عاوز بقي تقولي بصراحة إنت بتنام علي جنبك اليمين ولا علي جنبك الشمال؟ اوعي تكدب يا فنان وإلا جهاز كشف الكدب حايكشفك. وعشرات من هذه الأسئلة السخيفة مع ضيوف أكثر سخافة لأنهم وافقوا علي المشاركة في مثل هذه البرامج التي تشهد علي عبقرية وجاذبية شخص مدعي تسول نفسه الأمارة بالسوء بأن يكون ناقدا فنيا ولم لا وقد أصبح النقد الفني مهنة من لا مهنة له كما قال الصديق العزيز والناقد والسيناريست الكبير رؤوف توفيق. وبالطبع لا يكتب هذا المدعي نقدا فنيا وإنما يقوم بالدعاية الفجة لأصدقائه وأصحاب مصالحه ثم يقوم بالطبع أيضا بافتراس من يتفوقون عليهم، وبالطبع وجد فيه بعض المسئولين السابقين عن الإعلام الرسمي خامة صالحة ليكون بوقا من الأبواق التي تملؤنا نفورا وأسفا عما وصل إليه حالنا المتردي، فنهض بحماس للقيام بمهمة إلهاء الناس عن قضية التغيير والإصلاح الحقيقي من خلال الاهتمام المبالغ فيه. بمرض الفنان أحمد زكي الذي شاءت الظروف أن يتواكب مع هذه الفترة العصيبة ففرض نفسه كمتحدث رسمي وحيد عن تطور الحالة الصحية للفنان الكبير.. واغتصب لنفسه حتي الحديث عنه، وافتراض سوء النية في كل من يحاول أن يقدم تقييما موضوعيا لدور أحمد زكي في حياتنا الفنية.. فخصص افتتاحية المجلة التي يرأس تحريرها، واستغل البرنامج الذي يقدمه علي شاشة التليفزيون، لكي يشن هجوما غير أخلاقي علي ما اكتبه عن الفنان أحمد زكي، من دون أن يصحح واقعة، أو يرد بما ينفيها. جريدة القاهرة في 12 يوليو 2005 |