جديد الموقع

كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما

 

 

التالي
السابق

كتبوا في السينما

سينما المقاومة في فلسطين

«الحس» للإيطالي فيسكونتي

يسري نصر الله: أفلامي بسيطة وشديدة الخصوصية

غودار: نحن أقرب إلى نقطة النهاية لأننا عاجزون عن الكلام

"نايت شيامالان" يبحث عن عصر البراءة

فيلمه الأخير "القرية" ينتقد وحشية المدن

بقلم / إبراهيم الملا

 

بالنسبة للمخرج الأميركي (من أصل هندي) نايت شيامالان فإن أي فيلم جديد ينفذه لن يخرج عن نطاق منهجيته الخاصة في التعامل مع فكرة الخوف كغريزة بدائية يمكن استنطاقها وتحليلها، وذلك من منظور فلسفي ونفسي وجمالي يحول الخوف نفسه إلى محرك وصانع للأحداث الغريبة والعجائبية التي يمكن أن نصادفها في الحياة وفي أي مكان أو زمن، بحيث يصبح هناك نوع من التمازج بين الخرافة والبداهة وبين ما هو خارق واستثنائي وما هو طبيعي وبشري، بل الأكثر من ذلك: تصديق هذه الخوارق وتقبلها والتعايش معها أيضا!.

من هذه المنهجية بالذات، والتي لا تميل لصيغة الرعب النمطية والمجانية، انطلقت الأفلام الثلاثة الأخيرة لهذا المخرج المثير للجدل، فبداية من فيلم: (الحاسة السادسة) مع بروس ويليس رأيناه وهو يتعامل مع فكرة الأرواح التائهة وسط ذكرياتها القديمة على الأرض، وفي فيلمه الثاني (لا يُقهر) ــ مع ويليس أيضا وصامويل إل جاكسون ــ خاض تجربة التعامل مع شخصيات الكوميكس الخيالية وحوّلها لشخصيات حقيقية يمكن لها أن تعيش بيننا، أما في فيلمه (إشارات) مع ميل جيبسون وجواكين فينيكس فقد اتجه إلى فكرة وجود مخلوقات فضائية تزور الأرض بين فترة وأخرى، وذلك من دون أن يستعين بالمؤثرات الخاصة وبرامج الجرافيك الحديثة كي يحقق ويجسد هذه الفكرة، لأنه يعتمد أسلوبا خاصا في إثارة الحوافز النفسية الدفينة لدى المُشاهد من خلال الإيحاءات العميقة للصورة السينمائية ذاتها و ما تملكه هذه الصورة من إمكانات هائلة فيما يتعلق بزوايا التصوير وحركة الكاميرا ودرجات اللون وقوة التعبير الأدائي عند الممثل، مع الإمكانات الإضافية الأخرى للإضاءة والموسيقا التصويرية المصاحبة.         

ويعتبر نايت شيامالان بالنسبة للمشتغلين في حقل الأفلام الهوليوودية ظاهرة مستقلة بذاتها ومختبر أفكار وخيالات، وقد استفاد في ذلك من مرجعيته الشرقية المرتبطة بالديانات القديمة والميثولوجيا الشعبية والأساطير و التراث القصصي العريق الممتزج بالروحانيات وبعوالم التصوف والبواطن السحرية وما يكتنفها من غوامض وأسرار، وهو المهجوس دائما بفكرة تحويل القصص والسيناريوهات ذات النسق الاعتيادي إلى سيناريوهات تحمل انساقا ودلالات وتأويلات متعددة، كما أنه شغوف بالانعطافات غير المتوقعة في السرد ويملك موهبة خاصة في توليد الصدمة المفاجئة لدى المتفرج في المشاهد الختامية للفيلم، ورغم أن السلبية الكبيرة لهذه النوعية من الأفلام والتي تصدم المشاهد بهذا القطع القاسي والحاد والفجائي في خيوط السرد تتمثل في كون الفيلم صالحا للمشاهدة لمرة واحدة فقط، ورغم أن الحصول على أية معلومة مسبقة حول الخاتمة سوف تفسد على المشاهد متعة التفاعل مع الفيلم منذ البداية، إلا أن شيامالان ما زال مصرا على انتهاج الخط المعروف عنه بغض النظر عن الانتقادات التي توجه له فيما يخص هذه النقطة بالذات، ولعل التناول الإخراجي لفيلمه الأخير (القرية) استفاد بشكل أو بآخر من هذا النقد ولكن من دون تنازلات كبيرة، فمن حسنات هذا التغيير أن الأسلوب الإخراجي للحدث الرئيسي في الفيلم ظل متماسكا ولم يخضع كثيرا لإغراءات المفاجأة الختامية التي بات المشاهد ينتظرها اعتمادا على خبرته السابقة مع أفلام شيامالان.

يحكي فيلم (القرية) قصة مجموعة منعزلة من البشر تعيش في القرن التاسع عشر حياة مغلقة ومكتفية بذاتها في مكان محدد ومحصور وسط غابة غامضة ومليئة بالأسرار، وتبدو هذه المجموعة محكومة بمجموعة قوانين وأعراف خاصة بها، كما أنها خاضعة لمنظومة أفكار وتقاليد تشبه ما تقوم به العائلة الكبيرة والممتدة خصوصا في الأرياف، حيث تصبح الأرض أُمّاً للجميع ومكانا يجسد فكرة الحماية الذاتية بعيدا عن وحشية المدن وسكانها المأهولين بالدم والجريمة وعشق النقود.

ومن هنا فإن مهمة هذه القرية ومهمة القائمين عليها ستكون الحفاظ على البراءة البشرية المفقودة وإعادة إحياء المسحة الطهرانية لجوهر الإنسان الذي لوثته المدن من خلال صفات دخيلة وضارية وشيطانية كالجشع والحسد والكراهية والشر والحروب، وستكون مهمة الأهالي تنفيذ أهم بند في هذه القوانين وهو عدم مغادرة القرية لأي سبب كان، لأن مغامرة الخروج تعني عبور الغابة وخرق المعاهدة الملزمة بين سكان القرية وسكان الغابة (الغامضين والمخيفين، الذين لا يجب ذكرهم) و التي تنص على احترام الحدود المرسومة بين الطرفين بعلامات واضحة مثل الحبال والرايات البيضاء وعدم تجاوز هذه الحدود بأي شكل وفي أي ظرف.

تنشأ الحبكة الأولى في الفيلم من خلال مبادرة شخصية يقوم بها الفتى الغامض والكتوم (لوشيوس)، يقوم بدوره جواكين فينيكس، عندما يقترح على أعضاء مجلس القرية وعلى رئيسها (إدوارد والكر)، وليم هيرت، الذهاب للمدينة وإحضار دواء لعلاج الحالات المرضية القاتلة التي أصبحت تصيب أطفال القرية، يصاب الجميع بالحيرة في اتخاذ القرار خوفا على المعاهدة ولعدم إثارة سكان الغابة (الذين لا يجب التحدث عنهم)، عندما يتأخر القرار يقوم (لوشيوس) وبجرأة غامرة في اختراق الغابة ولكنه يعود أدراجه سريعا دون أن يكمل المهمة ومن جانب آخر فإن الفتى المعتوه (نوح) - أدريان برودي، صاحب أوسكار أفضل تمثيل عن فيلم عازف البيانو - يقوم بإحضار الورود الحمراء من عمق الغابة، واللون الأحمر هو اللون المحرم في القرية وكل من يجد زهرة حمراء عليه أن يدفنها حالا، وذلك حتى لا ترتبط ذاكرة الأهالي بلون الدم ودلالات القتل والجريمة، يعتقد الأهالي أن سكان الغابة المخيفين لم يؤذوا نوح بسبب حالته العقلية وبراءته وسذاجة تصرفاته، ولكن من سيغفر للوشيوس، ومن هنا تظهر أولى علامات الغضب والتهديد التي يبديها سكان الغابة عندما تظهر الخراف   

المقتولة والمسلوخة وهي مرمية في المزارع وقرب البيوت، وتقرع أجراس الإنذار في أطراف القرية بسبب ظهور أحد الوحوش والذي يفاجأ الأهالي عند خروجهم من مخابئهم في الصباح أنه قام بوضع علامات حمراء مريبة على أبوابهم، يقتنع الأهالي بالصمت وعدم إثارة موضوع الخروج مرة أخرى.

وفي خط آخر وموازٍ للأحداث تنشأ علاقة حب بين لوشيوس والفتاة العمياء (إيفي) - أدت دورها بإتقان الممثلة الجديدة برايس دالاس هوارد -وعندما يشاع خبر هذه العلاقة وقرب موعد الزواج، يصاب نوح بلوثة إضافية من أحاسيس الغيرة، وفي واحدة من أجمل مشاهد الفيلم المكثفة والمُعبّر عنها بحرفية عالية يقوم (نوح) بطعن (لوشيوس) ثم يغادر المكان وهو سعيد وفرح باللون الأحمر الذي يلطخ يديه، - هل تلوث الفردوس الطاهر والمرتجى الذي أسسه الأهالي منذ عقود!؟ - يقوم طبيب القرية بمعالجة لوشيوس ولكنه يحتاج لأدوية أخرى لا تتوفر سوى في المدينة وعلى أحد سكان القرية أخذ المبادرة للذهاب ومجابهة كل الأخطار المحتملة في الغابة وإلا فإن لوشيوس قد يفقد حياته، تقوم إيفي رغم إعاقتها البصرية بأخذ المبادرة وتذهب وحيدة لإحضار الوصفة، وذلك بعد وصف مسهب لطريق الخروج من خلال تعليمات والدها ورئيس مجلس القرية (والكر)، وكي لا نفسد على المشاهد الذي لم ير الفيلم متعة التواصل مع مفاجآت وانعطافات السيناريو فإننا سنكتفي هنا بالتوقف عن سرد باقي الأحداث.

فيلم القرية عموما هو بحث بصري وجمالي وفلسفي عن (اليوتوبيا) أو المدينة الأفلاطونية الفاضلة حتى لو كانت هذه المدينة محاطة بظلال الخوف وصوت التكسرات المريبة والغامضة لغابة الآخرين والمسكونة بالدم والغلظة والروح الفاسدة، واستعان المخرج بمدير التصوير المعروف (روجر ديكنز) لإبراز هذه المناخات البصرية المتفاوتة بين الهدوء الداخلي للشخصيات وبين الرعب المنسل بين ظلمات الطبيعة، كما أن مؤلف الموسيقا التصويرية (جيمس نيوتن هوارد) كان بارعا في توصيل حالات التوحد مع الطبيعة الهادئة والرومانسية للمناخ الريفي في القرية، تماما كما استطاع أن ينقل مشاعر الفزع الداخلي من المجهول وأن يتبع صوت الأوهام الصادرة من الكائنات اللامرئية في الغابة، بالإضافة إلى ذلك فإن المخرج استطاع أن ينقلنا من الخوف الشخصي الذي عالجه في أفلامه السابقة إلى الخوف العام في هذا الفيلم وكأنه أراد الإشارة إلى أن كوكبنا أصبح مهددا من سكانه أنفسهم وليس من قوى الطبيعة أو الكواكب الأخرى، لقد انطفأت البراءة وحان الوقت لاستعادة طفولة الأرض ووهج المحبة الطاهرة التي ربطت الإنسان بأخيه الإنسان قبل ولادة الأذى والشر وعنف الاختلاف.

الإتحاد الإماراتية في  يوليو 2005

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

التالي
السابق
أعلى