رؤية ناقدين للسينما المغربية والمصرية حوار مع الناقدين السينمائيين: صلاح هاشم ومصطفى المسناوي حاورهما عبد الرحمن الماجدي في روتردام |
فرضت السينما المغربية حضورها في السنوات العشر الاخيرة بشكل لافت. وشكلت صداعا ومحرضا للسينما المصرية (الرائدة عربيا) خاصة في المهرجانات العربية والدولية. اذ امتازت هذه السينما بتجريبيتها اللافتة. وقد خص مهرجان كان في دورته الاخيرة السينما المغربية بتسليط لقطة موسعة عليها بعرض عدد من الافلام المغربية التي نالت اعجاب الحاضرين. ونال جائزة الصقر الذهبي في الدورة الخامسة لمهرجان روتردام للفيلم العربي مؤخرا فيلم (ذاكرة معتقلة) للمغربي جيلالي فرحاتي مع جوائز اخرى كان الفيلم نالها. بالاضافة الى افلام مغربية اخرى حظيت باحترام مشاهديها في اكثر من مكان في العالم. لكن ذلك لم يمنع من بروز مخرجين مصريين يحاولون كسر النظرة التقليدية للسينما المصرية التي تأطرت بها في السنوات الاخيرة بعد ان اضحى الاضحاك معيارا للفيلم الناجح مصريا او أفلام الخطاب السياسي القومي التي تدعو للضحك هي الاخرى.. ومن هؤلاء المخرجين كان الراحلان عاطف الطيب ورضوان الكاشف قدما عددا من الافلام المهمة. بالاضافة الى معظم افلام المخرج المتميز محمد خان. مع مايسعى لتقديمة كل من المخرجين اسامة فوزي ومجدي احمد علي. مع ماواجه ويواجه هؤلاء المخرجين من معوقات جمة يسعى لتعميمها مايسمى بالفيلم التجاري.. ايلاف سألت ناقدين سينمائيين من مصر والمغرب حضرا الدورة الخامسة لمهرجان الفيلم العربي في روتردام عن السينما المغربية والمصرية وابرز مقومات نجاحهما وفشلهما حسب مايرى هذان الناقدان اللذان يشتركان في انهما صحافيان ويكتبان القصة القصيرة وللنقد الادبي بالاضافة الى السينمائي. صلاح هاشم: التجريب سيصنع سينما المغرب مستقبلا الناقد صلاح هاشم المقيم في باريس والمتتبع لجديد السينما العربية والعالمية كان درس الادب الانكليزي في مصر وكتب القصة القصيرة وله مجموعة قصصية بعنوان "الحصان الابيض" وكتاب في ادب الرحلات.. رأس تحرير مجلة "الفيديو العربي".. ويستعد لاصدار مجلة "كراسات الفيديو"..كما قام باخراج فيلم "لغة العيون".. شارك كعضو لجنة تحكيم في مهرجان الامارات السينمائي..وتمتاز كتاباته النقدية بجرأة واضحة خاصة تلك التي دأب على نشرها في باب (الفن السابع) في ثقافات ايلاف. يقول بأن البعد التاريخي الجغرافي للسينما المغربية جعل هذه السينما دائما قريبة للتعبير عن مشاكل مجتمعها من زاوية مختلفة عن زاوية السينما المصرية وهي تتناول الواقع المصري. لديه عدد من الملاحظات حول السينما المغربية؛ اولا مسألة الحضور .. اذ ان وعي السينما المغربية من خلال افلامها مستفيدة من العامل الجغرافي الذي يمكن المخرجين المغاربة من الاستفادة والمشاركة في المهرجانات العالمية وقربهم من مركز الثقافة السينمائية العالمية في باريس واوربا بشكل عام. بالاضافة الى عدم وجود معاهد للسينما في المغرب الامر الذي جعل المخرجين المغاربة يدرسون فن السينما في فرنسا او دول اوربية اخرى فكان تأثير تلك السينما واضحا في افلامهم بشكل. وهو مايقودنا الى الحديث عن مشكلة المخرج المغربي في كيفية الخروج من معطف اساليب التعبير السينمائية الاوربية بشكل عام الى اسلوب عربي يتقبله المتفرج المغربي والعربي. اعتقد ان السينما المغربية قدمت خلال السنوات العشر الاخيرة مخرجين لهم مستقبل كبير. ومن أهمم برأيي داود اولاد أسياد الذي عمل حتى الان ثلاثة افلام وقد اعجبني فيلمه الاخير جدا. ويبدو الحس التشكيلي عال جدا في افلام المخرجين المغاربة الجدد. لديهم فهم لطبيعة السينما. في حين ان المخرجين المصريين مازالوا أسرى تقاليد الفيلم التجاري المصري. وهو محسوب بتفاصيل السوق التجاري. فيما المخرجون المغاربة متحررون من قيد السوق. فهم المخرج لتوجهات السينما الملاحظة الثانية في فهم المخرجين المغاربة لتوجهات السينما وطبيعتها والحوار الذي تعمله مع جمهورها هو اكثر حميمية من السينما المصرية التي تعمل قوالب سينمائية وتحاول طوال الوقت الخروج على نمطية هذه الاساليب التقليدية.. انما هناك مجموعة من المخرجين المصريين الذين يحاولون الخروج منهذه النمطية بشكل جاد مثل اسامة فوزي ومجدي احمد علي. والامل معلق على هؤلاء المخرجين في ان تصبح السينما المصرية أكثر تعبيرا عن مشاكل الواقع المصري بشكل عام. اللهجة الملاحظة الثالثة هي عدم وقوف المخرج المغربي كثيرا امام عائق اللهجة التي ينطق بها الفيلم وهو مايحيلنا للتساؤل عن ضرورتها ومدى اهميتها لروح الفيلم. فهل هي هامشية لطبيعة الفيلم؟ اذا كانت كذلك فالترجمة كفيلة بحل ذلك. التجريب الملاحظة الرابعة تكمن في التجريب اذ لاتوجد صناعة سينمائية مغربية. والتجريب هو الذي سيصنع سينما المغرب مستقبلا من خلال هذه المحاولات التجريبية لخلق أساليب وتجمعات سينمائية من خلال مجموعة من المخرجين الجدد مثل نبيل عيوش وعلي زاوي وداود اولاد سيد وفوزي بن سعيدي... وهم لديهم فهم عميق للسينما. مصطفى المسناوي: السينما المصرية في تراجع كماً وكيفاً الناقد المغربي مصطفى المسناوي له اهتمامات عدة فهو قاص، وناقد سينمائي، ومترجم، وصحافي، فضلاً عن كونه أستاذاً في كلية الآداب بالدار البيضاء. أصدر عددا من الكتب منها مجموعة قصصية عام 1979 و( مقالات نقدية ساخرة ) 1982 و ( أبحاث في السينما المغربية ) 2001 . كما ترجم كتاب ( علم الاجتماع الأدبي ) وكتاب ( البنيوية والتاريخ ). وهو أحد مؤسسي مجلة ( الثقافة المغربية الجديدة ) ورئيس تحرير مجلة ( بيت الحكمة ) ورئيس تحرير ملحق جريدة ( الاتحاد الاشتراكي ) الخاص بالإذاعة والتلفزيون. يرى الى السينما المصرية بانها قد فرضت نفسها في العالم العربي كله وليس في مصر وحدها. والسبب في ذلك بسيط جدا اذ كانت اول سينما عربية. وبالتالي بحكم رياديتها اكتسحت البلدان العربية التي بدأت السينما فيها فيما بعد. وحتى حين اخذت بقية البلدان العربية تمارس السينما الخاصة بها ظلت السينما المصرية تمارس حضورها ومازال هذا الحضور متواصلا حتى الان.. ليس فقط في قاعات العرض انما على شاشات التلفزة المختلفة ايضا.. وهي استنادا لذلك حاضرة بشكل لانقاش فيه. وكل طموح السينمات الاخرى هو ان تقتطع لها مساحة خاصة بها من المشاهدة العربية الى جانب السينما المصرية.. بعبارة اخرى ليست هناك محاولة من طرف اية سينما مهما كانت هذه السينما لالغاء السينما المصرية لان ذلك من قبيل المستحيل. السينما المصرية ربطت علاقة مع المشاهد العربي لمدة طويلة جدا لايمكن اقصاؤها. وتحولت هذه السينما الى صناعة وهو مالم يحصل في البلدان العربية الاخرى. وبتعبير ادق انها لم تتحول الى صناعة مربحة في البلدان العربية الاخرى ومنها المغرب وهو ام يجب الاعتراف به. تراجع مانلاحظه الان في السنوات الاخيرة هو ان السينما المصرية في تراجع سواء على مستوى الكم حيث ان الانتاج هبط الى معدل مخيف يبعث على القلق.. وعلى مستوى الكيف فان الافلام ضعيفة جدا واحيانا كثيرة دون المستوى.. تتوجه الى مواطن عربي متخلف من اجل ادامة هذا التخلف بدغدغة عواطفه بأفلام كوميديا سخيفة جدا وهابطة لاتليق بهذا التأريخ الكبير الذي تحدثنا عنه للسينما المصرية. لكن هناك افلام نادرا مانشاهد مثلها مقارنة بالمستوى الحالي مثل سهر الليالي لهاني خليفة وبحب السيما لاسامة فوزي واحلى الاوقات لهالة خليل.. اذ تبدو تحفا فنية في ظل هذا الانحطاط السينمائي الكبير. في الوقت نفسه نلاحظ ظهور بعض السينمات التي فرضت حضورا في هذا الوقت مستفيدة من تدني مستوى السينما المصرية لان تظهر.. فلو كانت هناك سينما مصرية قوية فلنعترف انه من الصعوبة على اي سينما عربية الظهور بشكل لافت ازاءها بالشكل الذي يمكنها من فرض نفسها. فمعظم الافلام تسجيلية وهناك كم وكيف مثلا بالنسبة للسينما المغربية وهذا رأيي الشخصي ان هناك عشرة افلام تنتج كل عام يمكن ان نطلق على فيلم او اثنين منها اسم سينما على اكثر تقدير يستطيعان تجاوز الحدود وفرض نفسيهما خارج الحدود. فمن كل الافلام التي انجزت في السنتين او الثلاث سنوات الاخيرة وهي كم ضخم يصل الى 30 فيلما لايمكننا ان نحتفظ بأكثر من ثلاثة افلام او اربعة منها (الف شهر وشهر) لفوزي بن سعيدي ومنها الى حد ما (الرحلة الكبرى) لاسماعيل فروخي ومنها فيلم (خيط الروح) لحكيم بن عباس.. فليس هناك افلام كثيرة يمكن ان تثير الاهتمام بها خارج حدود المغرب. الدعم الرسمي لولا وجود الدعم الرسمي لما وجدت هذه السينما في المغرب. وهذا شيء جميل وينبغي الدفاع عنه وتطويره وتعميمه. لكن المشكلة في رأيي ان ذلك له دور سلبي لان المخرج الذي يعتمد على دعم الدولة له سيظل مخرجا كسولا. لايفكر في المساعدة في نشوء صناعة سينمائية. اذ لابد من وجود شركات انتاج خاصة لقيام صناعة سينمائية. اذ لابد من وجود شباك تذاكر لان الاموال التي تصرف على فيلم ما ينبغي ان تأتي بارباح. وهذا هو أساس الصناعة السينمائية. اذا كنت انت في مواجهة شباك التذاكر سوف تحرص على ان يكون فيلمك مربحا وبالتالي ان ينجح هذا الفيلم في صالات العرض. لكن المشكلة انك تعتمد باستمرار على دعم الدولة وبالتالي لايهمك شباك التذاكرز ويمكنك ان تقدم منتوجا ضعيفا دون ان تعبأ بالامر او تهتم للنتائج او تعرض نفسك لخسائر. افلام تسجيلية الافلام المصرية التسجيلية متميزة جدا مقارنة بالروائية. وهناك على الخصوص انتاج متميز جدا. وهناك أسماء كثيرة شابة تفاجؤني على مستوى السينما التسجيلية المصرية. وهناك تراكم عبر التاريخ لمجموعة من الانتاجات السينمائية المهمة على متوى الفيلم التسجيلي الذي اعطانا عددا من الاسماء البارزة. ومايحصل الان هو في الحقيقة استمرار لهذا الميراث الضخم من الفيلم التسجيلي. مع بعض القطائع. لدينا في السينما التسجيلية المصرية مخرجون شباب ينجزون افلاما مهمة تستطيع المنافسة مع المنتجات الدولية في هذا المجال. موقع "إيلاف" في 4 يوليو 2005 |