أرض الحلم يكشف أوضـاع الجنـود الأمـــريكيين فـي العـراق هوليوود ـ محمد رضا |
يستمد مهرجان نيويورك لحقوق الإنسان أهميته من ازدياد القضايا السياسية والاجتماعية والأمنية التي علي العالم التعامل معها. أي سوء إدارة من قبل الحاكم تخلق أوضاعا تسجلها منظمة حقوق الإنسان وتتابعها. أي سجن متعسف, أي حرب جائرة, أي ضحية بريئة. الأصبع يرتفع بالاتهام علي الجهات المعنية التي عادة لا تعبأ إلا بتنفيذ أجندتها الخاصة. لكن هذا ليس كل ما تقوم به المنظمة. إنها تلتقط أفلاما يقوم بها سينمائيون استرعت انتباههم ذات الحالات وأرادوا التعبير عنها. من مجازر الصرب إلي مجازر دارفور ومن الوضع في إيرلندا الشمالية إلي الوضع في العراق ومن ظلم دكتاتوريي أمريكا اللاتينية إلي جور الاحتلال الإسرائيلي ومنهج التفكير الصهيوني, هناك العديد مما يتجمع تحت مظلة المنظمة ويزداد. ومهرجانها السنوي في نيويورك يجمع أفضل هذه الأفلام ويعرضها بصورها الصافعة لمن يريد. معظم الأفلام تسجيلية وكلها قادمة من شتي أنحاء العالم لتسجل مواقف قد تتباين أساليب ومنابع اهتمام ومصادر إنتاج, لكنها جميعا تريد أن تقدم وجه الحقيقة فيما يحدث وبعض ما يحدث, بل معظمه, نشاهده علي التلفزيون. لكن ـ أيها القاريء المفكر ـ التلفزيون للتدجين. السينما للثورة. والثورة, تقول لك تلك الأفلام دون فوضي أو صراخ, باتت مطلوبة. العراق في فيلمين خذ ليبرايس بغداد لشون مكليستر. فيلم بريطاني مصور فيديو حول ضحية من ضحايا الوضع في العراق. ليبرايس الأصلي كان مخنثا أمريكيا ولد رجلا وعاش كامرأة عمل في عالم الاستعراضات الفنية. الفيلم لا يقول لماذا يسمون سمير ليبرايس خصوصا وإنه ليس نسخة من ليبرايس الآخر, بل إذا ما كان شيئا فهو تجسيد لضحية. فنان عاش حلمه الذي لم يتحقق والذي اكتشف لاحقا إنه طريق منزلقة لسلسلة من المشاكل المعيشية. سمير يسمي نفسه الآن سمير بيتر عازف بيانو كان محط تقدير الجميع كأفضل عازف بيانو في بغداد.. ذلك خلال حكم صدام حسين. الآن: يعيش في فندق صغير ويعزف في صالته الفارغة لقاء مبيته. علي عكس ليبرايس لم يكن لواطيا بل تمتع بعدد وفير من العشيقات وحياة عاطفية غير مستقرة دفعت بزوجته ومعظم أولاده للرحيل إلي أمريكا. وهو لا يمانع في الانتقال إلي أمريكا لعله يصيب حظا أفضل في عالم الموسيقي, لولا أن الحرب خلقت, فيما خلقت, وضعا عائليا ممزقا: فإحدي بناته ترفض المغادرة كونها تكره الولايات المتحدة وتعتبرها مسئولة عما حدث لوطنها من مآسي. لكن إذا ما كان موضوع ليبرايس بغداد, الذي كان قد خطف جائزة أفضل فيلم تسجيلي من مهرجان سندانس في مطلع هذا العام, لا يخلو من الخصوصية فإن احتلال أرض الحلم للمخرج الأمريكي غارت سكوت يفتح بؤرته لتصوير وضع الجنود الأمريكيين في العراق. الفيلم يختار وحدة من الجنود الأمريكيين ليسجل يومياتهم في أرض القتال وليعرض للمشاهد أن الحرب التي أعلن جورج بوش انتهاءها بعد عام من بدايتها مازالت دائرة. ما يجعل الفيلم جيدا ليس إنه ينتقل إلي شوارع بغداد والفالوجا مصورا أوضاع الحالة الأمنية وخطر الموت المخيم فقط, بل ـ ربما الأهم ـ إنه عبر تصويره يوميات هؤلاء الجنود, وعبر مقابلاته معهم ينقل للأمريكيين مشاعر جنود لم تعد لديهم أي أوهام بخصوص مهامهم. وذلك كله يعكس حالة من الأخلاقيات المتهاوية تحت وطأة حياة لا تطاق. في نهاية الأمر, وفي حين لا تخلو السينما من الكثير من الأفلام التي تتحدث عن وطأة الوضع الحالي في العراق علي أبنائه, هذا الفيلم يركز علي وطأة الوضع علي الجندي الأمريكي الذي هو ضحية أخري في عمق دورها الحالي. فلسطين.. فلسطين لجانب فيلم قصير15 دقيقة عن آلام هدم إسرائيل للمنازل الفلسطينية وتشريد أصحابها حققته الأمريكية سينثيا مادانسكي وصورته بكاميرا53 مم أمر أصبح نادرا نسبة لتفضيل مخرجي الأفلام التسجيلية العمل بكاميرات فيديو, هناك فيلم الجدار الذي تم إنتاجه في العام الماضي من إخراج سيمون بيتون وإنتاج فرنسي ـ إسرائيلي تحمل المخرجة جنسيتين, سيمون ليست غريبة علي أفلام تقف إلي جانب الضحية إذ سبق وقدمت المواطن بشارة قبل ثلاثة أعوام الذي استرعي الانتباه كونه حالة عربي في وضع ما بعد الحادي عشر من أيلول/ سبتمبر. الجدار هو كما يشي العنوان عن الجدار الذي بنته إسرائيل والذي كان موضوع فيلم إسرائيلي جيد للمخرج آفي مغربي عرض في كان بعنوان انتقم لواحدة من عيني والذي هضم المزيد من حق الفلسطينيين في أرضه. حين تصور سيمون الجدار لا عليها سوي أن تترك لكاميرتها التعبير عما تعنيه الكلمة. الجدار الأسمنتي المسلح المكهرب الجاثم علي الأرض هو أضخم حاجز بشري بين الناس علي الأرض حاليا. بعد سقوط جدار برلين ربما كان الوحيد من نوعه في العالم. لكن معارضة الفيلم للسياسة الإسرائيلية ليست كلها مستمدة من هذا الجدار, بل من مقابلاتها مع فلسطينيين يتحدثون عن الأسباب التي تدعوهم لحمل السلاح وتفجير أنفسهم متبنيا خلال ذلك الظروف القاهرة التي ولد فيها ذلك النحو من التعبير العنيف عن الرفض. لا عجب أن الولايات المتحدة هي محور الأفلام المذكورة كما أخري عديدة. ما يتبدي لمن يراقب هذه الأفلام وحيدا إلا من بعض النقاد والصحافيين الآخرين, تصفعه حقيقة أن مجريات الأحداث ما بعد11/9 جعلت أمريكا محور كل شيء. الوضع الذي يمكن تفسيره لدي مؤيدي السياسة الأمريكية إنه دفاع عن النفس هو الوضع ذاته الذي يفسره المعارضون علي أنه السبب وراء المآسي البشرية الواقعة. وهذا يتبدي في عدد آخر من الأفلام لا تتعامل مع الأوضاع العربية في العراق أو في فلسطين بل يمتد إلي مناطق أخري من العالم بما فيها القارة الأمريكية نفسها. وضع واحد في حالة خوف لباميلا ياتس وباكو دي أونيس وبيتر كينوي القابع في95 دقيقة حول الوضع في بيرو وانتهاك حقوق الإنسان المستمر فيها بحجة الحرب ضد الإرهاب. منهج الفيلم هو مقابلات مع مسئولين وأناس عاديين يكشفون في الحالتين وطنا صغيرا ممزقا انتهكت فيه الحقوق تحت تبرير الدفاع عن الديمقراطية وقتل فيه70 ألف مواطن علي أيدي الجيش النظامي والمليشيات. وفيلم آخر عن دولة البيرو عنوانه رفيق قدمه المخرج السويدي مايكل وستروم الذي صنع فيلما عن حادثة أدت إلي صداقة أدت بدورها إلي هذا الفيلم. ففي العام1974 سافر وستروم, الذي كان مصورا صحافيا آنذاك, إلي البيرو وصدمته حالة الفقر الشديدة السائدة لكنه خرج من رحلته بالتعرف علي شاب في مثل عمره اسمه دانيال وهذا التعرف قاد إلي صداقة بالمراسلة عمرها30 سنة. الآن يقوم وستروم بزيارة صديقه مرة أخري الذي مايزال فقيرا معدما بعد كل هذه السنين من دون أي أمل بانفراج الوضع. في الوضع اللاتيني نفسه ينتقل المخرج ألييو إرنان توبي في فيلمه أول الاثنين إلي الأرجنتين حيث يحيط بالوضع الاقتصادي الذي دفع الناس للتظاهر احتجاجا. إنه واحد من أعمال روائية قليلة معروضة لكنه مأخوذ عن الواقع في حديثه حول شاب يعيش مميزا عن ذويه محاولا نسيان الوضع الاقتصادي البائس الذي يعيش فيه كل من حوله.
ومن الأرجنتين إلي البرازيل حيث تدخل ماريا
راموس بكاميرتها إلي المحاكم ناقلة الوقائع اليومية لحياة
المحاكم والتجاوزات التي
تقع فيها وكيف أشيد صرح اجتماعي قائم علي السيادة والتسلط تشترك فيه
المحكمة عاكسة
مفهوم السلطة العليا التي ليست دائما عادلة. هذا الفيلم لا يتطلب تعليقا
ولا
المخرجة تقوم بذلك, بل هي أيضا لا تنتهج منهج المقابلات التي
كثيرا ما تحتل الجزء
الأكبر في مثل هذه الأعمال. عوض ذلك تكتفي بكاميرا لاقطة وبسيطة قادرة
علي إظهار
العلاقة الخفية بين المحكمة وبين حياة الناس من حيث تأثيرها علي الوضع
الإجتماعي
برمته. السعي للحرية وإفريقيا بدورها موجودة في بضعة أفلام. هناك مثلا فتيان بركة, وبركة اسم مدرسة في كينيا وهو واحد من أفلام قليلة لا تتحدث عن مشاكل بل عن حلول. المخرجتان الأمريكيتان هايدي أوينغ وراتشل غرادي تكتشفان أربعة أولاد من تلك المدرسة نجحوا في المجيء إلي أمريكا وكيف وجدوها وبم عادوا وكيف قرروا أن يسهموا في بناء مجتمع جيد علي الرغم من البيئة الفقيرة والمحملة بالمشاكل المعتادة. وينظر رحلة في إفريقيا لجيسون باركر إلي وضع القارة الإفريقية ككل, أو علي الأقل في خمس بلدان إفريقية غير عربية بعضها يعاني الحروب الأهلية وبعضها الآخر يعاني انتشار المرض لكنها جميعا تعاني فقرا مدقعا في ظل أنظمة لم تعد قادرة علي تحقيق ما وعدت به مواطنيها. وهناك أمل آخر في الهروب من سجن الحياة الكبير إلي الحرية الموعودة تكمن في فيلم بعنوان قطار ساوول للمخرجين جيم باتروورث, آرون لوبارسكي وليزا سليث. هذا فيلم يكشف موضوعا لا يعرفه إلا قليلون جدا حول العالم: هناك خط قطار تحت الأرض في مدينة ساوول, كوريا الجنوبية, مخصص لمساعدة أولئك الراغبين في الهرب من كوريا الشمالية. عبر سنوات وفر هذا القطار هروب العديد من الكوريين الشماليين إلي حيث في مقدورهم التعرف علي الحياة الرغيدة ذات المنوال الغربي الذي تعيشه كوريا الجنوبية. لكن حين يصل الأمر إلي تحديد تواريخ وأرقام فإن الفيلم لا يوفر الكثير في هذا الشأن فحين يذكر أن رقم من استخدموا النفق في الهرب يتراوح بين30 ألف و300 ألف فإن المساحة شاسعة بين الرقمين ما لا يساعد حجته علي الإطلاق. لكن الرسالة تصل: في ظل أعتي دكتاتوريات العالم حاليا, يلعب الفيلم دوره في الدعوة إلي التحرر عبر فيلم يحمل رسالة سياسية واضحة. أخيرا لابد من ذكر أنه علي هامش المهرجان ينطلق طوال ثلاثة أسابيع معرض صور التقطها مصور أسمه باولو دليغرين حول المأساة الإنسانية التي تعيشها منطقة دارفور في السودان. المأساة متجيلة. الوضع الإنساني في الحضيض. الباقون منا يعيشون إما غير مكترثين أو غير جاهزين لفعل شيء لتغيير هذا العالم الذي نعيش فيه ونقله خطوة, ولو صغيرة إلي الأمام. الصور لا تكذب والدلائل واضحة: نعيش عالما فيه القليل من الإيمان والكثير من التمسك بمظاهر التدين* الأهرام العربي في 25 يونيو 2005 |
سينما الصيف.. ظاهرة أمريكية انتشرت عربياً وعالمياً بدأها ستيفن سبيلبرج عام 1975 ب"الفك المفترس" هوليوود - محمد رضا: من المشاريع المعروضة على بعض المنتجين العاملين حالياً في إطار السينما المصرية واحد ملطوش من فيلم “باتش أدامز” الذي قام روبين ويليامز فيه بلعب دور طبيب يؤمن بالضحك كخير سبيل للشفاء وكيف أن منهاجه ذاك لاقى الصعوبات التي تحول ضد اعتماده حلاً طبياً. ثم كيف أن المرأة التي آمنت به تعرّضت لاعتداء رجل كان باتش أدامز يعالجه حسب مفهومه ما جعله يرتاب في مشروعه ومنهاج عمله. هذا الخط وكل التفاصيل الأخرى موجودة في ذلك السيناريو من دون الإشارة الى مصدره وموقع بقلم كاتب حديث تناقل المنتجون بعض أعماله في السنوات الأخيرة. ليست المرة الأولى ولن تكون الأخيرة بل هو منوال عمل قائم وإذا بحثت في أفلام الصيف هذا العام ستجد أن بعضاً منها لابد أخذ خطاً من هذا الفيلم وسطرين من ذاك وربع كيلو من فيلم ثالث. ستجد أن الأمر أكثر من مجرد توارد خواطر. بل إن اختراع موسم اسمه “موسم الصيف” أمر ملطوش بأسره من التقليد الامريكي الذي امتد أوروبياً ثم شرق أوسطي في عداد ما امتد متجاوزاً المحيطات والأجواء ناسبنا ذلك أو لم يناسبنا. لكن لم لا يُناسبنا! حتى العام 1975 كانت السينما الامريكية تمشي مع تقليد سائد مفاده أن الصيف للراحة للابتعاد عن الصالات المغلقة وقضاء الوقت في الاستجمام وعلى الشواطئ وفي الفنادق. ليس أن صالات السينما كانت تخلو من مكيّفات الهواء، لكن من ذا الذي يريد حبس نفسه في الصالات المعتمة صيفاً أيضاً؟ تبعاً لذلك، كانت الصالات الامريكية إما تعرض أفلاماً مُعادة (ورد معي مؤخراً خلال قراءاتي أن ثلاثية سيرجيو ليوني- كلينت ايستوود “حفنة من الدولارات” و”من أجل حفنة أكثر من الدولارات” و”الحسن، السيئ والبشع” التي أنتجت في نهاية الستينات ومع مطلع السبعينات كان يُعاد عرضها الامريكي حتى سنوات لاحقة شأنها في ذلك أفلام أخرى كثيرة وذلك في غياب الفيديو آنذاك) أو تختار الأفلام ذات التكلفة الرخيصة التي لا يهم ما تجمعه فعلى رخصها مهما جمعت ستخرج رابحة. لكن ستيفن سبيلبرج غيّر هذا المنوال من التفكير والبرمجة عندما عرض سنة 1975 فيلماً له علاقة بالصيف والبحر. “فكّان” (سُمي في عروضه العربية “الفك المفترس”) كان يدور حول منتجع بحري يهرع إليه الحالمون بأوقات ساطعة والمبتعدون، بطبيعة الحال، عن صالات السينما. فجأة يهب على هذا المنتجع الصيفي الساحر الذي يؤمه الشباب الباحث عن الحب واللهو كما العائلات اللاجئة من العمل والمدينة رعب متمثّل بسمكة قرش كبيرة. وحدها تقلب الهناء الى بؤس وتنشر الموت عوض الحياة. إنه ثابت في التاريخ أن الفيلم أثار الذعر من أسماك القرش ومن الشواطئ. كان مؤثراً ومشوّقاً ومخيفاً الى حد أنه فعل ذلك. لكنه أيضاً فعل شيئا أكثر: لقد عُرض على حين غرّة في الصيف فإذا به يحقق نجاحاً تجارياَ طاغياً وأصبح الفيلم الناجح الكبير الأول في تاريخ مخرجه. الفارق نجاح “فكّان” دفع الاستديوهات لتحضير أفلام كبيرة أخرى في مواسم الصيف اللاحقة، وما لبث أن انتبهت الى حقيقة جديدة وهي أن الجمهور الذي يؤم صالات السينما في الربيع وفي الخريف وفي الشتاء سيؤم صالات السينما في الصيف إذا- وإذا مهمة- توفر الفيلم الكبير. من حينها والأفلام الكبيرة- من وزن “سبايدر مان” و”رجال أكس” و”ماتريكس” و”باتمان” تؤمنا صيفاً فوقها أفلام كوارثية مثل “يوم الاستقلال” وأفلام خيال علمي مثل “إي تي” و”ستار وورز”. حين عادت دورة الحياة الى صالات بيروت بعد حرب الست عشرة سنة (من شاهد صالات السينما المهدّمة في بيروت له حق الاعتقاد أن الحرب قامت للانتقام منها) انخرطت في الدارج الذي كان بدأ يعم أيضاً صالات لندن وباريس والمدن الأوروبية الرئيسية. بعد ذلك انسحب كاملاً على صالات العواصم العربية. مع فارق أفلام الصيف الامريكية المخصصة للصيف لا تخلو مما هو جيّد. “سبايدر مان 2” كان عملاً رائعاً في أكثر من اتجاه. “باتمان يبدأ” فيلم ممتاز. وهناك أفلام لا علاقة لها بالإنجازات التجارية الكبيرة وحدها ففيلم “مملكة السماء” بالإضافة الى كونه إنتاجاً كبيراً فهو ذو رسالة. وكثيراً ما تطالعنا أفلام صغيرة تطرح نفسها في سوق المنافسة وتكشف عن حسنات مهمة كما الحال في “صدام” الذي يتعامل والموضوع العنصري في حياة اليوم في امريكا. على نحو أكثر تحديداً، نصف الأفلام المعروضة صيفاً في الولايات المتحدة هي أفلام فيها ما يحتمل المشاهدة أو ما يحمل إجادة ما على نحو أو آخر إن لم يكن على أكثر من نحو ونصفها الآخر أبله، سخيف، مثير للغثيان كما لو أن الواحد منا أكل لحماً فاسداً ولم يستطع هضمه. الفارق هو أن الصيف السينمائي المصري والمنسحب على صالات عربية عدّة ينتمي الى ذلك النصف الآخر. هذا تمّت برهنته عاماً بعد عام. وصيفاً بعد صيف وهذا الصيف لا يختلف. نعم لابد أن هناك تفاوتاً بين فيلم وآخر لكن الخط العريض لها هو واحد. إثارة من طرف آخر أحد هذه الأفلام وعنوانه “سيد العاطفي”، يوفّر الأرض الخصبة للموضوع الجاهز للإستهلاك السريع من قبل جمهور يحب السينما لأنها تضحكه (أسوأ سبب لحضور السينما). موضوعه: شاب اسمه سيّد يدرس في الجامعة لكن مستقبله لا يبدو في الدراسة بل في تحصيل إرث استولى عليه عمّه وذلك بتحريض من أمه. يقوم ببطولة هذا الفيلم المغني تامر حسني ويخرجه علي رجب والأول إذ يقترح نفسه ممثّلاً (ولا علم لي كيف يمثّل من ينطلق مغنياً سواء أكان اسمه تامر أم هيفاء أم ألفيس برسلي) سيسمع جمهور الصالة ثلاث أغنيات في عادة درجت عليها أفلام الصيف منذ سنوات. الإثارة موجودة ربما خارج الفيلم: الرقابة المصرية رفضت مشهدين في الفيلم واحد يصوّر حرق العلم “الإسرائيلي” (أي أن ما كان متاحاً قبل سنوات عندما حرق محمد هنيدي العلم “الإسرائيلي” -او هل كان الامريكي؟- في “الإسكندرية رايح جاي” بات محرّماً الآن) والآخر يصوّر ضابطاً يشجع المتظاهرين على التظاهر أمام السفارة “الإسرائيلية”. هذا مثير لأن على قمة الهيكل الرقابي رجلا متفتحا اسمه علي أبو شادي. ومثير للغرابة أكثر لأن فيلم عادل إمام الجديد، والذي هو أحد أفلام الصيف الحاضر أيضاً، وعنوانه “السفارة في العمارة” لعمرو عرفة يدور بأسره حول موضوع السفارة “الإسرائيلية” في القاهرة وسمح به والى حد ما نعلم من دون حذف. الخليج الإماراتية في 26 يونيو 2005 |