جديد الموقع

كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما

 

التالي

 

السابق

 

كتبوا في السينما

سينما المقاومة في فلسطين

«الحس» للإيطالي فيسكونتي

يسري نصر الله: أفلامي بسيطة وشديدة الخصوصية

غودار: نحن أقرب إلى نقطة النهاية لأننا عاجزون عن الكلام

 

 

«أميركا... أميركا» لايليا كازان:

رد ذاتي على الخيانة

ابراهيم العريس

 

 

 

 

حين رحل ايليا كازان، المخرج الاميركي الكبير، عن عالمنا قبل فترة من الزمن، ركز معظم الذين تحدثوا عنه على فصل من فصول حياته، لم يكن اكثرها اشراقاً: فصل لعب فيه كازان، في الحياة الطبيعية لا على الشاشة دور الواشي. وكان ذلك ايام استثراء الماكارثية ومطاردة «السحرة الحمر» في عالمي السياسة والاستعراض في الولايات المتحدة كتمهيد للحرب الباردة. كانت الماكارثية، كما نعرف، سلسلة من الحملات التأديبية والتطهيرية التي اندلعت تحت رعاية اليمين الاميركي الحربجي، تحت غطاء فضح اليساريين والشيوعيين، للتنكيل، في حقيقة الامر بكل بقايا نظام الرئيس السابق روزفلت، الذي كان سعى الى تعايش في العالم بين الاعداء الايديولوجيين، ما كان من شأنه ان حدد صناعة السلاح وتطلعات العسكريين. وهكذا اندفعوا واليمين المتحالف معهم الى تطهير وزارة الخارجية والجيش بخاصة، من الروزفلتيين، مغطين ذلك «بسحق» الشيوعيين الذين كانوا هم واليساريون الديموقراطيون، كثراً في هوليوود. في ذلك الحين كان ايليا كازان واحداً من هؤلاء. وهكذا حين استدعي لـ «يشهد» امام اللجنة الماكارثية (لجنة النشاطات المعادية لأميركا) خاض واندفع حتى وشى بالعديد من رفاقه السابقين، مؤكداً شيوعيتهم، ما اضر بمسار بعضهم المهني. وجعل كثراً يلومونه على ما فعل، وفي مقدمهم الكاتب الكبير آرثر ميلر، الذي بعد صداقة وتعاون طويلين مع كازان، لامه بقسوة وقطع علاقته معه.

# طبعاً لم يأبه كازان في ذلك الحين للمواقف التي عاتبته أو لامته أو خاصمته. كان حسبه أن نفد بجلده، وهو الاجنبي الذي لو لم يشي لدفع الثمن غالياً. لكنه بعد ذلك، وحين بدأ يستعيد وعيه ويدرك خطورة ما فعل وقذارته، راح يحمّل افلامه تبريراته وندمه في محاولة منه لشراء نفسه واستعادة مكانته. ومن هنا حمل كل فيلم من افلامه التالية اشارة ما، مبطنة او واضحة... حتى وان كان في واحد من اول افلامه التي حققها بعد «الخيانة» تبريراً واضحاً بدا لكثير مثيراً للاشمئزاز. اما ذروة الندم والتبرير فستكون العام 1971 في فيلم «الزائران». ومع هذا يظل فيلمه الذي حققه في العام 1964 في عنوان «اميركا.. اميركا» ذروة في موضوعة الاعتذار، وذلك لسبب في غاية البساطة، وهو ان الاعتذار جاء هنا مبطنا، من خلال رصد لشبابه كمهاجر اتى الى اميركا وهو يحلم... ليصطدم بالحلم وقد اضحى كابوساً. في هذا الفيلم، اذاً، القى كازان اللوم كله على الظروف، وعلى الضربة التي جعلت منه انساناً هشاً خائفاً. والخائف يفعل أي شيء عادة.

# هذا كله لا يحمله الفيلم بوضوح، بل ان من لا يعرف شيئاً عن ظروف ايليا كازان الخاصة، لا يمكنه ان يتنبه الى هذا الجانب من مضمون الفيلم. ومع هذا حمل «اميركا.. اميركا» قيمته المطلقة وجماله بصفته فيلماً عرف فيه كازان كيف يدخل السينما الاميركية عالم «سينما – المؤلف» التي كانت ولدت في اوروبا قبل ذلك بفترة لتدخل جديداً – لم يكن كلي الجدة على أية حال اذ سبقته محاولات غير منظمة في بلدان اوروبية عدة، بل حتى في هوليوود نفسها -. ولكن، لأن سينما المؤلف كانت تحولت الى ظاهرة، عرف «اميركا.. اميركا» كيف يقدم نفسه جزءاً من هذه الظاهرة. فكانت من هنا قيمته الاكبر.

# غير ان الاهم من هذا وذاك، هو ان ايليا كازان صور الفيلم الذي اقتبسه من رواية كان هو نفسه اصدرها قبل فترة، من دون ممثلين محترفين... كما صور معظم مشاهد الفيلم في آسيا الصغرى، أي بين تركيا واليونان، علماً أن ايليا كازان نفسه يوناني الاصل من تركيا. ولقد بدا هذا واضحاً في الفيلم. فالحكاية هنا تبدأ في منطقة الاناضول التركية عند بدايات القرن العشرين. وفي تلك المنطقة كانت تعيش جاليتان كبيرتان احداهما ارمنية والثانية يونانية. كانت هاتان الجاليتان تعيشان صراعاً في ما بينهما، لكنهما كانتا تتعرضان معاً، في الوقت نفسه، الى قمع السلطات التركية. وهذا الوضع ما كان من شأنه ان يريح الفتى ستافروس، الذي كان لا يحلم إلا بالهجرة الى اميركا التي كانت، في نظره «ارض الحرية والأمل.. وملجأ المضطهدين». واذ استجاب أهله لرغبته جمعوا له ما يستطيعون من مال قليل وباركوه. غير انه ما ان وصل الى الميناء ليبحر منه، حتى صادفه نصاب تركي لا ضمير له، وسلبه ما معه من مال، فاضطر الفتى الى ان يعمل حمالاً في الميناء لكي يتمكن من جمع مال يكفيه للسفر. وفي تلك الاثناء نراه ينضم الى حركة ثورية ويفكر بالزواج... لكن الامور تنتهي به الى ان يجد نفسه على سفينة مبحرة الى اميركا، مع رهط من مهاجرين آخرين، بمن فيهم سيدة هي زوجة تاجر سجاد تتواطأ معه. وفي النهاية تلوح نيويورك للمهاجرين من بعيد. وترسي السفينة في مرفأ نيويورك، ليصل صاحبنا اخيراً الى حلمه وقد آل على نفسه ان يصبح اميركاً تماماً. وهو يرمز الى هذا بخلع طربوشه ما ان يصل وابداله بقبعة اميركية. واذ يستقر عاملاً في مسح الاحذية يبعث الى اهله رسالة يستحثهم فيها على اللحاق به.

# كان من الواضح ان ما صوره ايليا كازان في «اميركا.. اميركا» انما هو سيرته الذاتية. قد تكون هناك بعض التبديلات والتعديلات... لكنها سيرته بالتأكيد. ومن هنا يبدو واضحاً ان ما دفعه حقاً الى كتابة هذه السيرة في نص روائي، ثم تحويلها الى فيلم سينمائي، لم يكن سوى رغبته في ان يحدّث نفسه قبل ان يحدّث أي شخص آخر. كان يريد ان يقول ان ما دفعه الى الخوف والوشاية، انما هو ذلك العذاب الذي ناله قبل ان يحقق حلمه الاميركي. وان هذا الحلم الذي كلفه غالياً لم يخيب آماله حقاً. ومن هنا يحق له ان يتساءل: اذا كانت اميركا بالنسبة الى الحالمين بها والذين حققوا حلمهم هذا، هي هذا الوطن الذي تعيش فيه. فلماذا ترانا نسعى الى «خيانته».

فبالنسبة الى ايليا كازان، كما بالنسبة الى اللجنة الماكارثية، كان أي نزوع ديموقراطي او يساري في ذلك الحين، يعني خيانة اميركا وتعريضها الى الدمار. ولعل هذا هو اللب الاساس لهذا الفيلم، حتى وان كان يحمل الكثير من الموضوعات الاخرى، مثل رغبة المخرج وقد اضحى في الخمسين حينها، في العودة الى الجذور. وفي استحضار شيء من ماضيه. او حتى الرغبة في تحقيق فيلم شاعري انساني جميل (وهو ما نجح فيه حقاً عبر «اميركا.. اميركا» الذي سيظل دائماً اجمل افلامه واكثرها عذوبة، بل ربما ايضاً، واحداً من اجمل افلام السيرة الذاتية في تاريخ السينما الاميركية. مهما يكن فإن كازان كان راغباً، أصلاً في ان يكون «اميركا.. اميركا» الجزء الاول من ثلاثية تابعها لاحقاً في رائعته «التدبير» وكان يود استكمالها في فيلم «الاناضولي» الذي لم يحققه ابداً، فاكتفى باصداره كرواية في آخر حياته، وبعدما اصدر كتاب مذكراته الشهير «حياتي».

# ايليا كازان، الذي رحل قبل عامين، ولد في اسطنبول في العام 1909، وعاش في بداية حياته حياة بؤس وخوف... لكن هنا ثمة اختلافاً بينه وبين ستافروس اذ انه، هو، هاجر الى اميركا حين كان في الرابعة، اذ كان أبوه سبق العائلة الى هناك... لكنه تقلب في القارة الجديدة في مهن عدة قبل ان يشغف بالمسرح فيمثل ويخرج، في العديد من الفرق اليسارية التي كانت منتشرة في ذلك الحين. اما مساره السينمائي فقد بدأه بعد ان كان اشتهر من خلال تأسيس «ستديو الممثل» مع لي ستراسبرغ، محققاً على التوالي افلاماً جعلت اسمه يبرز كواحد من اهم المخرجين الاميركيين ومنها «غد الميناء»، «فيفا زاباتا»، «عربة اسمها الرغبة» و»العملاق الاخير» وغيرها من اعمال معظمها يشكل علامات في تاريخ السينما العالمية.

الحياة اللبنانية في 23 يونيو 2005

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

التالي
السابق
أعلى