السينما العربية فاشلة كتاب السينماـ دليل سينمائي مصور ـ محمد رضا
حوار: وارد بدر سالم |
بين الإخراج والنقد الفني السينمائي تتطلع تجربة الناقد المعروف " محمد رضا " إلى أن تكون محايثة لتجربة السينما العربية بكامل تاريخها ، وتتطلع إلى أن تستلهم رؤاها الجديدة من السينما العالمية الآخذة بالتقدم من كل المفاصل ، التقنية منها والفكرية ، والناقد محمد رضا ، بما له من باع طويل في النقد السينمائي ، يظل تشخيصه للسينما فنياً وجمالياً بالدرجة الأولى .في هذا الحوار يبدأ رضا من محطة الطفولة وصورتها العالقة به حتى اللحظة ، وينتهي بتشخيص التطور الحاصل في سينما العالم ، لاسيما الآسيوية منها ، مروراً بتجربته الإخراجية ورأيه في النقد السينمائي العربي والسينما المصرية وتطلعاته الى أفق النقد العربي عموماً · كيف بدأت علاقتك بالسينما ؟ ما هي الإرهاصات الأولى التي جعلتك تتجه الى الفن السابع دون غيره ؟ بدأت مع الصورة الأولى التي أحفظها عن ظهر قلبي ، وهي تٌظهرني وأنا ابن أربع سنوات مع والدي خارجين من صالة السينما وخلفنا بوستر لفيلم مصري قديم ، وكلما تحضرني الآن تلك الصورة أرى القدر نفسه يتكرر، لكن بصورة أخرى، تلك اللقطة القديمة كانت بدايتي للمشاهدة والتطلع والفضول والتعرف على الأشياء ، لأنني كنت وحيداً دائماً ولا أزال في مراحل مختلفة من حياتي ؛ ولعل تلك الوحدة قد خلقت في رغبة التعرف على الشكل الآخر من السينما.. كنت أرى البطل والشرير والبلاد والسهوب والتاريخ ، كل ذلك خلق في المزيد من البحث ومحاولة الاقتراب من الأشياء والتعرف عليها · لكنك اخترت النقد السينمائي في نهاية المطاف مع أنك بدأت مخرجاً ؟ علاقتي بالنقد بدأت وعمري ستة عشر عاماً عندما قرأت أول مقال في النقد السينمائي ، وقد تكون علاقتي قد بدأت من هنا ، وبتطور أدواتي النقدية خلال مراحل متقدمة من تجربتي السردية في النقد تولد لدي منهج في الكتابة ، وهو منهج جعلني أؤمن أن النقد وسيط بين المشاهد والفلم ، فمهمة النقد بأن يتوسط المساحة بين الشاشة والجمهور تعريفه بماهية الفلم ، وعليه أن يحبّب لذلك الجمهور المادة الفلمية ويغذّيه بالمعلومات ، فالناقد الذي لا يمتلك معلومات لا يتواصل مع الجمهور ولابد من أن يكون له رأي في نهاية الأمر ، والناقد يبرر رأيه ويعطيه مساحته الفنية كأن يتساءل : لماذا التصوير هكذا ولماذا السيناريو بهذه الطريقة ! لأنه نظرياً يحل محل المخرج ، ومن هذا أرى أن على الناقد أن يتسلح بالمعلومات الفنية الكثيرة التي يستطيع من خلالها أن يمرر منها ما يريده الى الجمهور · النقد السينمائي العربي يعاني قلّة كتّابهِ.. الذين يكتبون النقد السينمائي لا يتجاوزون أصابع اليدين ..كيف تبرر ذلك ؟ - إذا اعتبرنا أن هنالك كتّاباً جيدين وآخرين غير جيدين فالعدد أكثر مما ذكرتَ ، وإذا أردنا أن نحدد الموضوع في النقاد الحقيقيين فالسبب يتعلق بناحيتين : الأولى طغيان الكتابة السينمائية غير المتخصصة ، وهذه تُبعد المسافة بين الناقد الحقيقي والجمهور ، لأنها تنشر نوعاً من المغالطات تخدع الجمهور غير المثقف ، مما يوقع الناقد الجاد في ورطة التواصل مع الجمهور ، أما الناحية الثانية فهي المؤثرة وهي أن المادة السينمائية سهلة الكتابة عندما تكون خطابية وصعبة عندما تكون متعمقة ، فثمة نقاد قليلون يحللون الصورة ، لذا فمجالات الكتابة محدودة أمامهم ، فالصحف تريد الكتابة السريعة ولا يهمها كيف تمت صناعة الفلم وما هي تقنياته الجديدة ، فالهاجس الأكبر هو كيف تفسر وتحلل الفلم كما هو وليس كما أريده أنا كناقد حتى إذا كان يحمل أو لا يحمل قضية ، فقضيتي أنا فنية · كيف تنظر الى واقع السينما العربية الآن في ظل التحولات الفنية الكبيرة في الصناعة السينمائية ؟ كانت السينما العربية والى حين قريب هماً مشتركاً للمثقفين العرب وكانت السينما حتى منتصف السبعينيات صوت الشارع العربي هي والصحيفة اليومية ؛ وهما أهم واجهتين إعلاميتين في العالم العربي في ذلك الوقت ؛ وعندما انتشر التلفاز ودخل الفيديو الحياة اليومية ؛ وعندما مات النقاد العرب وماتت بيروت وبغداد وانتقلت القضية الفلسطينية من الشارع الى المكاتب ، صار السينمائيون ممتطي جياد وكل حصان يركض باتجاه مختلف؛ بعض الجياد يكبو وبعضها يستمر ومعظم الأفلام المنتجة وقتها كانت من إنتاج فرنسي بإخراج عربي وموضوعها إما غربي وإما عربي ، حتى مخرجون أمثال يوسف شاهين كانوا يلجؤون الى فرنسا للتمويل فأي واقع ذاك ؟ ترى هنا في أبو ظبي نشاط المجمع الثقافي لإقامة ندوات وملتقيات ومسابقات ومهرجانات كبيرة للسينما ، وفي دبي محاولة أخرى لإقامة مهرجان سينمائي كبير ، لذلك أقول بشكل عام أن السينما الحقيقية غير موجودة حتى في مصر . لا توجد الآن صناعة سينمائية قائمة عما كانت عليه فيما مضى رغم أنهم يؤكدون أن الواقع السينمائي بخير..اعتقد أن السينما العربية ليست بخير.*كيف يمكن علاج هذه الأزمة وبأي بديل؟- يجب على هذا العالم العربي أن يعرف رأسه من قدميه! هل نحن عرب أم عُربان ؟ هل نحن مسيحيون أم مسلمون نعيش على أرض واحدة ونتعاطى ثقافة واحدة ؟ هل نحن قوميون أم نريد أن نكون أمريكيين وفرنسيين؟ مثل هذه الأسئلة تجعلنا نبحث عن هويتنا لنصوغ ثقافتنا المشتركة، والآن لا أرى أملاً، فالحاجة ملحة لمعرفة من نحن! أعرف أنْ ليست هناك مجتمعات متكاملة الحسنات، لكن بتلك الحسنات المتوفرة نستطيع أن نبدع ونتقدم، لذا فالبديل أن نتعرف على أنفسنا وثقافتنا أولاً، لأن كل شيء منهار · ألا ترى أن السينما السياسية قد أسهمت الى حد ما في بلورة رؤية سينمائية عربية بديلاً عن الفلم التجاري؟ افضل مدة سينمائية كانت في الستينيات والسبعينيات: من فرنسا الى أمريكا الى إيطاليا، وكانت الأفلام المنتجة ذات هوية محلية وقومية ؛ فهناك أفلام عن الحرب الفيتنامية وأخرى عن مقاومة التمييز العنصري وثورة الشباب؛ لكن في مصر غابت القضايا الأساسية فغابت الطروحات السياسية، وربما كان "كمال الشيخ" وحده يطرح موضوعات سياسية بأسلوب بوليسي مشوق · ماذا يحدث الآن في سينما العالم! ما هي الثورة السينمائية الجديدة؟ - يحدث أن هناك عشرة ملايين شخص يذهبون كل يوم الى صالات السينما ليبحثوا عما وراء الفيلم وما هو المستتر منه ! الذي يحدث هو نشوء سينمات جديدة في كوريا واليابان وإيران .. الذي يحدث هو محاولة فك اللغز في التصوير السينمائي بين "الديجيتال" و "الفيلم الخام" ولو أنني من مناصري الفيلم الخام، لكن المبتدئين يستهويهم القفز في الهواء! وإذا ربطنا السينما العربية بما يحدث الآن في العالم فلا أظن أن لها مستقبلاً ولو الى السنوات العشر القادمة؟!*هناك مفاهيم جديدة في السينما ومنها "السينما الشعرية" ما هو مفهوم هذا النوع السينمائي؟- يمكن إطلاق سينما شعرية على السينما التي تحاول محاكاة النص الشعري بالصورة السينمائية وهذا يتوقف على رؤية المخرج لهذا النوع من الأفلام ، والفلم الذي يقال عنه أنه "شعري" هو ذاك الذي يكشف عن جماليات الصورة بشكل شعري؛ لكن العديد من الأفلام الجيدة يمكن أن يحس بها المرء حساً شعرياً ، فالشعرية في السينما تتأتى من استخدام الكاميرا على نحو تأملي وما نشاهده من أفلام هو اجتهاد شعري لا غير. المدى موقع "الفيل" في 8 يونيو 2005 |
مشاهد ثقافة الصورة والسينما العراقية والدستور طاهر عبد مسلم I في عالم اليوم , تزحف الصورة قدما مبتسرة ما عداها , الصورة اليوم لها ابجديتها وطريقة قراءتها , فاعليتها امتداد لفاعلية انسان ومجتمع مابعد الحداثة , ثقافة الصورة تبلورت اليوم في مختصر قوامه ال ( BIT) , وتاليا الأصفار والآحاد في لغة الحواسيب , الصورة الرقمية غير مكترثة كثيرا بلغة شفاهية او مكتوبة , ولا بنثر او شعر عمودي او غيره , ولا بصور شعرية من كلاسيكيات الخطاب , الصورة الرقمية التي تنتج علي مستوي مذهل من التكامل ودقة الخواص والمكونات , هذه الصورة هي محرك من محركات ( الميديا ) في اعلام اليوم دون شك , محرك لعشرات آلاف المحطات والتوابع الأرضية والفضائية , ومحرك لمئات آلاف الصحف المقروءة حول العالم , حتي صارت المعرفة الكونية مقترنة اقترانا حتميا بسيل الصور المتنوعة غزيرة التعبير , فاقمت الصورة قوتها من خلال المد الأعلاني الذي صار مكونا اساسيا من مكونات المجتمع المعاصر , وصار المألوف هو تتبع الأعلان والأستجابة له والأذعان للمنتج الأعلاني عبر ثقافة الأستهلاك , هذه الثقافة تستهلك الصور كما تستهلك الأعلان , الأعلان بطابعه اليومي يؤكد اخلاقيات مهنية واستهلاكية رأسمالية لم تألفها كثير من مجتمعات الجنوب ومنها مجتمعنا . ثقافة الصورة ووجهها المقابل ثقافة الأعلان هما مكونان فاعلان في الأشغال اليومي للفرد العجول الملاحق بسرعة الآلة وحركية الزمن وتسارع ثمرات المصانع من مستهلكات تكنولوجية .لم يكن مألوفا هذا الولع الفكري والحسي بالصور , يدرسه هابرماس وفيركلوج في قراءات منفصلة وطريفة فيما يتفقان علي تسميته بالقبائل الصورية التي لها مواصفاتها وابجديتها اولا وآخرا .II سنمضي وسط هذا ولكن من اجل التأشير باتجاه الأجابة عن تساؤل : من نحن وما موقعنا علي هذه الخريطة الكونية التي تدجج الصورة وتسلحها وتوظفها للأعلام والدعاية؟ , سنتذكر ماذا فعلت صور مثل ؛ (تدمير البرجين التوأمين في 11 ايلول , صور من سجن ابو غريب , صور للطاغية في سجنه , صور زعماء سياسيين في خلواتهم باتجاه كسرهم اجتماعيا , صور المراقبة اليومية ...)ثم تمضي القصة مع محمول فكري تحمله صورتنا النمطية سواء في العراق ام فلسطين خاصة .الصورة تمضي لتندمج اجتماعيا معنا , عبر الفيلم بأنواعه واتجاهاته , هذا الذي يواكب حياة المجتمعات شرقا وغربا .. وما هو الا جزء من المنظومة السمعية البصرية التي تشرع لها الأمم المتحضرة التشريعات والقوانين وتوضع لها مواضع خاصة في تلك التشريعات والقوانين المنظمة للحركة الأقتصادية والتجارية في العالم ومنه اتفاقات الشراكة واتفاقية الكات والأتفاقيات المنظمة لعلاقات الأمم الأوريبة فيما بينها ...وها نحن امام استحقاق .. ان كان في نيتنا حقا وصدقا الأندماج بحركة التاريخ والحضارة الكونية , استحقاق يتمثل في التشريع للصورة , وخاصة في حقل التداول والأنتاج السينمائي والسمعي البصري.. وذلك في اطار دستور الدولة والتشريعات المرتبطة به ....التشريع المفترض هو الذي ينطلق من ادراك واع وعملي للكيفية التي بموجبها تتم رعاية هذا القطاع , وكيفية التأسيس له , الأجابة عن تساؤلات مهمة واساسية : هل نترك الأنتاج للشركات الخاصة , مادور رأسمال الدولة , مااشكال الدعم وحدوده , بموجب اية خطط ستسير برامج الثقافة في هذا القطاع , بموجب اية تجربة عالمية او غيرها سيرسي التشريع المأمول ؟ اسئلة واسئلة اخري كثيرة غيرها امام المسؤولين عن قطاع الثقافة الموكل اليهم الأستشارة او تقديم مسودات مشاريع التشريعات ... وعلي هذا هنالك عمل دؤوب ومكثف يفترض ان ينجز في هذا الباب في هذا الوقت المتسارع ... لكننا حتي اللحظة لم نشهد اي تحرك جدي يذكر في هذا الأتجاه .. بل يمكننا القول ان هنالك تجاهلا وتناسيا وربما تكاسلا واهمالا لهذه الأستحقاقات الخطيرة ...وهنالك قصور فاضح في التأسيس لهذا المحور الحيوي في حياتنا وحياة اجيالنا المقبلة . . هنالك ندوات سقيمة وحكي لايغني ولا يسمن ومناورات ادارية دون بروز حد ادني من التصور المشترك و الواعي للمستقبل .. نعم نحن بحاجة الي مثقفين ومديرين للثقافة ميزتهم انهم ( مستقبليون ) لم نعد بحاجة لمن يجتر مفاهيم افرزها النسيج الأجتماعي السالب بكل مايحمله من تخلف ... وسلبية ..III حتي الآن ظلت ثقافة الصورة هي الهامش .. واما ما هو اساس فهو اي شيء آخر .. وتراجعت السينما ومشروعها كأداة للتثقيف والوعي الي ما هي عليه : مجرد مؤسسة هامشية مبتلاة بآفة التمويل الذاتي , بلا انتاج ولا ميزانية للأنتاج , مؤسسة مثقلة بالترهل والتخلف والبطالة المقنعة وانحسار الكفاءات فيها ... فيما امم اليوم تزدهر فيها المؤسسات الفاعلة في تشكيل الوعي .. يرافق هذا غياب الفلسفة والرؤية للقطاع السمعي البصري انتاجا ودعما ورعاية ووظائف..في المؤتمر الأخير لورشة السينما تجلت الصورة واضحة حول هذا كله وغيره كثير , والمسألة هنا لن ترتبط بالنوايا الطيبة وكلام الجرائد , بل في الأجراءات والخطط والخبرات التي ترتقي بحقل مهم من حقول الثقافة في هذا البلد وهو حقل السينما وثقافة الصورة..دستور العراق .. الجديد ... لاينبغي للقائمين علي كتابته ان يتجاهلوا ما هو قادم ... فثقافة الصورة ستؤثر ان لم اقل ستشكل فعلا وعي الفرد ورؤيته وتطلعه وتؤثر في فكره وسلوكه ... لم نعد امة شفاهية او امة معلقات فحسب ولم نعد امة مطولات شعرية وموروث طويل فحسب ، بفضل تصاعد مستويات الأمية الي درجة مخيفة فضلا علي امية المثققفين , لذا سيزداد ( ضحايا ) الصورة والمدمنون عليها كونها حلا ميسرا للتواصل مع العالم .. والا... قل لي كم عدد الكتب التي يقرؤها هذا الفرد المجرد ؟ كم ساعة ينفق للقراءة وكم ينفقه لأي شيء آخر ؟علي هذا ستفرض الجدارة استحقاقاتها ومفاهيمها في الخلاص من كابوس وطامة التخلف التي تلاحق الثقافة العراقية , وتحشرها في اضيق الدوائر علي الأطلاق , الأنغلاق عن العصر وصور العصر وحداثاته بتلك المماحكات التي ان مضت فيما هي عليه فستمضي الأحوال متراجعة عن العصر ولغته , لغة الصورة ...وعندها ستطالنا خسارات جديدة .. وهو ما ننبه له ولا نتمناه طاهر عبد مسلم/ الزمان http://www.tahirabms.blogspot.com// موقع "الفيل" في 8 يونيو 2005 |