كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما

 جديد الموقع

 

 

 

التالي
السابق

 

 

كتبوا في السينما

سينما المقاومة في فلسطين

«الحس» للإيطالي فيسكونتي

يسري نصر الله: أفلامي بسيطة وشديدة الخصوصية

غودار: نحن أقرب إلى نقطة النهاية لأننا عاجزون عن الكلام

 

 

صرخة ألم من القلب الى القلب «عن الشعور بالبرودة» ووحشة الوحدة

هاشم النحاس

إشكالية العلاقة الجسدية - العاطفية بين الرجل والمرأة إشكالية أبدية، هي إشكالية لأنها مصدر لمشكلات عدة، وهي أبدية لأنها تتـلون مع تغير الزمان - المكان، متحركة متجـددة دائماً، وما يصلح علاجاً لبعض جوانبها في زمان - مكان معين لا يصلح بالضرورة في زمان - مكان آخر، ولما كانت مجتمعاتنا العربية تتعرض لتغيرات حادة مفروضة عليها من الداخل وأخرى من الخارج في عالم أصبح بلا حدود، فقد أدى ذلك بالضرورة الى تفاقم هذه الاشكالية ومضاعفة الآلام الناتجة منها. ومن ثم لا بد من البحث عن العلاج لهذه الظاهرة - الأزمة التي أصبحت تهدد الاستقرار النفسي والاجتماعي معاً·

التشخيص أولاً

ولكن قبل البحث عن العلاج، علينا بداية تشخيص - توصيف هذه الظاهرة - الأزمة وتحديد أبعادها في مجتمعاتنا في اللحظة الراهنة· وليس هناك أفضل من الفن في توصيف مثل هذه الأزمات، لما يتمتع به من منهج خاص ينفرد به ويسمح له بسبر أغوار النفس البشرية ورصد نبضات آلامها الداخلية·

وتقترب هالة لطفي من تحقيق هذا الهدف بفيلمها التسجيلي الجريء، الى حد الصدمة، بداية من عنوانه «عن الشعور بالبرودة» ثم عناوينه الفرعية التي تأتي تباعاً خلال السرد وهي: عن الرجال الذين لم تنلهم، أريد عريساً، علامات لليأس، والاستسلام أفضل من المقاومة· تحدد العناوين الموضوع القادم، وتعبر في الوقت نفسه عن رأي لم يخلُ من سخرية لها مذاق مُر· إضافة الى أنها تؤكد مواصفات الإشكالية، وتضعها في إطار لا تنقصه الصراحة·

السرد والبناء

مجموعة من تسع بنات، فاتهن قطار الزواج في مجتمعنا، بينهن من تجاوزن الثلاثين أو الاربعين وتختلف نماذج شخصياتهن، منهن المحجبة، والسافرة خريجة الجامعة الاميركية، ومنهن من تتمتع بحرية نسبية في الحركة والسلوك نتيجة لتفتح ذهن والدها، واخرى عانت من التضييق عليها والتعليمات الكثيرة، وتسأل في سخرية: ما معنى أن «كل حاجة عيب»·

الفيلم يستعرض آراءهن، تدور الكاميرا عليهن واحدة بعد الأخرى دورات عدة، في كل دورة تُبدي كل منهن رأيها أو تحكي عن حياتها في المرحلة نفسها، بحيث تمثل كل دورة بانوراما متعددة الألوان لآرائهن عن الموضوع نفسه، ولا تكون الدورة عليهن كاملة في كل مرة، حتى لا يصاب السرد بالآلية، كما أن تفاوت الاجابات لجهة أهمية الدلالة فرض على المخرجة إسقاط ما هو أقل أهمية·

تكشف الشهادات عن معاناتهن بداية، وهن أطفال، بسبب جهل الآباء والأمهات· وعدم الحصول على معلومات صحيحة من الكبار عن الجنس الآخر أو حتى عن جنسهن، «انتم جبتونا إزاي؟»، أو «البيبي بينزل منين؟»، سؤال أرّقهن في طفولتهن، ولم يعثرن له على جواب·

وتميزت شهادات البنات بالصراحة عندما تحكي كل منهن عن أول حب وأول قُبلة وكيف تمت· يتذكرن هذه الأحداث بتفاصيلها· هي أجمل اللحظات التي عشنها· وفي ما عداها من علاقة مع الجنس الآخر وما يتعلق بها من مفاهيم وسلوكيات، يبدو مؤلماً·

ولا تنقص شهادتهن الجرأة في الاعتراف بمشاعرهن المؤلمة· جرأة غير معهودة في ثقافتنا العربية التي تميل الى التستر والاخفاء، وترى في الاعتراف عاراً· تعترف إحداهن بأنها تحب تلفونه وتنتظره، على رغم أنه غدر بها وتخلّى عنها·

وعندما طلب الحبيب الزواج عرفيًا من إحداهن رفضت ووضعت شروطها· ولما انسحب أمام شروطها الصعبة، تعترف بأنها شعرت بالغيظ، ويبدو على ملامحها الشعور بالخيبة، وتعترف إحداهن بأنها اصبحت تكره كل الرجال، بينما تعترف اخرى بشوقها الى مَنْ يضمها الى صدره والى مَنْ «يحسس» على جسدها، وأنها تعاني من الشعور بآلام الوحدة خصوصًا أول الليل وعند النوم·

ويبلغ الشعور بالألم أقصاه لدى إحداهن عندما تتذكر حفلة زفاف واحدة من معارفها تصغرها سناً· وكانت تراها طفلة· وتسأل في مرارة لماذا تتزوج الطفلة وتظل هي محرومة من الزواج؟! ويصل بها الألم بسبب تذكر هذه الواقعة إلى حد ان اغرورقت عيناها بالدموع·

وتستكمل الشهادات بعضها بعضاً. تعلن صاحبة احدى الشهادات مقاطعتها لحفلات أفراح الزفاف· ترفض قبول الدعوة اصلاً، أو لا تلبيها، والسبب أنها لم تعد تطيق كلمة «عقبالك» التي يتوجه بها الآخرون اليها في مثل هذه المناسبة، وفي شهادة أخرى تعلن صاحبتها عن تقلص علاقتها الاجتماعية لأن صديقاتها تزوجن، وكل منهن تخرج مع زوجها، وليس لها مكان بين المتزوجين·

وتعبّر بعضهن عن آلامهن من نظرات المجتمع اليهن، المريبة أحياناً والمغلّفة بالشفقة أحياناً أخرى، واحدة تقول إنها بعد أن استطاعت تقبل الواقع والعيش في سلام مع نفسها من دون زواج، وجدت أن إصرار الآخرين على النظر إليها بشفقة، ومعاملتها كأنها مريضة يفترضون فيها الشعور بالحزن والإحساس بالفشل، جعل الحزن يتسرب إلى مشاعرها بالفعل، ويشوبه الإحساس بمرارة الفشل·

الصورة والصوت

يتخلل الفيلم (بصرياً) إلى جانب صاحبات الشهادة، مشاهد بكاميرا خفية تصور بعض اللحظات الغرامية بين أزواج على شاطئ النيل أو تحت الكوبري، أو جلسة عائلية، أو مشهد لإحداهن في عمل منزلي بينما تواصل شهادتها·

كما يتخلل الفيلم (صوتياً) مقاطع من بعض الأغاني، لا تقتصر مهمتها على مصاحبة الصورة وإنما ترتفع بشحنتها العاطفية، بينما تجسد الصورة/ الشهادة ما في الأغنية من معنى· ويؤدي هذا التجسيد إلى إعادة قراءة / اكتشاف الأغنية، وتمثل هذه القراءة/ الاكتشاف ترجمة جديدة للأغنية، ينطبق ذلك على وجه الخصوص في استخدام اغنية حليم وأغنية فيروز·

في الأغنية الأولى نسمع حليم بصوته المشحون بالأسى يغني: يا شارع الحنين ضيعنا الهوى· فاتتنا السنين أنا وانت سوى·

وفي الثانية نسمع فيروز بصوتها الملائكي الممتلئ بالشجن وبلهجتها اللبنانية المحببة، تغني: صباح ومسا شي ما ينتسى· تركنا الحب وأخذنا الأسى·

ويبدو الترابط بين الاغنيتين وما تطرحه الصورة مع كل منهما على قدر كبير من التلاحم، حتى لتبدو كل أغنية منهما، كما لو كانت مؤلَّفة خصيصاً للموقف المصاحب لها·

استغاثة

لقد وصل الفيلم في كشفه عن بعض جوانب هذه الاشكالية المعقدة للعلاقة بين الرجل والمرأة، إلى مناطق غير مسبوقة، ظلت ضمن ما هو مسكوت عنه بدعوى الحشمة والتزام الأدب، أو الخجل، ويكفي للفيلم أن يقوم بهذا الكشف في إطار فني متماسك مثير للاهتمام، ويبقى على المفكرين والمصلحين والمؤسسات المجتمعية المعنية بالأمر، البحث عن علاج لهذه الأزمة، وهل يمكن الاخذ بالزواج العرفي أو الإفادة بتجارب مجتمعات اخرى مثلاً، أم «الاستسلام أفضل من المقاومة»، كما يشير عنوان الفقرة الاخيرة من الفيلم· لكنها اشارة أقرب إلى صرخة ألم من القلب تستجدي الاغاثة·

الحياة اللبنانية في 13 مايو 2005

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

التالي
السابق
أعلى