كان دمه سكر.. ومات بمرض سكري الدم إسماعيل يس.. مطربًا ياسمين فراج |
* نجيب السلحدار عميد شارع محمد علي أقنعه أن يتجه للغناء الساخر.. فلما نجح فيه اختطفته السينما * صوته كان سليم النغمات.. ويمتلك قدرة هائلة علي التعبير عن معاني الكلمات بالتلوين الصوتي والحركات الجسدية عشق الغناء منذ نعومة أظافره وحفظ جميع أغنيات محمد عبدالوهاب التي غناها في أفلامه، ولكن شاء القدر أن تحيل ملامح وجهه الكوميدية وخفة ظله بين ما طمح إليه وبين سطوع نجمه في عالم السينما والمسرح والأغنية الانتقادية الساخرة، هو أول من استخدم ملامح وجهه والتريقة عليها لاستثارة الضحك هذا إلي جانب استخدامه لكوميديا الموقف، ولذلك أصبح فتي السويس الكوميدي هو الأول في عصره، ولذلك كان من نصيبه سلسلة أفلام تحمل اسمه، وهذا ما لم يحققه نجم كوميدي آخر حتي الآن. هو إسماعيل يس ولد في السويس 1912 في أسرة تعمل في تجارة المصوغات، بدأت هوايته للغناء وهو طالب بالمدرسة الابتدائية إلي جانب محاكاته لبعض الفنانين، ولأن إسماعيل كان الابن الوحيد لوالديه، فكانوا يخافون عليه من الخوض في المجال الفني، وما أن بلغ إسماعيل سن الرشد حتي هرب من والديه إلي القاهرة ليشق طريقه في مجال الغناء، وكانت أولي خطواته من شارع محمد علي ليجرب حظه كمطرب، ولكن نصحه نجيب السلحدار عميد شاع محمد علي في ذلك الوقت بأنه يصلح للأغنيات الانتقاية الخفيفة (وهو ما يطلق عليه العامة مونولوجست) فترك شارع محمد علي ليغني في بعض ملاهي الإسكندرية، وعاد بعدها إلي القاهرة مرة أخري ليعمل في كازينو بديعة مصابني وسافر معها إلي دمشق واللاذقية وحلب وكلنه لم يحظ صوته بقبول الجماهير. شهرة وتألق عاد إسماعيل يس من هذه الرحلة بعد أن اقتنع بتغيير مساره من مطرب جاد إلي مغن انتقادي ساهم صوته مع شكله في تكوين حالة خاصة جدا، وقدم أول أعماله في الإذاعة (ليه بيعايبو الناس علي) ونجحت هذه الأغنية ثم توالت أعماله بعد ذلك في صالة بديعة مصابني، حيث أصبحت فقرة إسماعيل يس أساسية في صالة بديعة وعلي أثر هذا النجاح اختاره بعض المخرجين للعمل في السينما كممثل كوميدي، وكانت بداياته السينمائية في أفلام علي الكسار. يس والسينما هيأت الظروف لإسماعيل يس أن ينفرد ببطولة الأفلام الكوميدية في بداية الخمسينيات بعد رحيل الرعيل الأول من نجوم الفكاهة، فقد قام إسماعيل يس ببطولة ثمانين فيلما تقريبا منهم سبعة عشر فيلما تحمل اسمه بدأت بفيلم «مغامرات إسماعيل يس» إخراج يوسف معلوف عام 1954، ثم «عفريت إسماعيل يس» من إخراج حسن الصيفي الذي كان من أكثر المخرجين تعاونا معه، فقد أخرج له ستة عشر فيلما، منهم آخر أفلامه التي كانت تحمل اسمه، وهو «الترجمان إسماعيل يس» الذي عُرض في 27 أغسطس 1961، وبعدها لم يظهر إسماعيل يس في السينما المصرية، إلا في أربعة أفلام آخرها علي الإطلاق فيلم «العقل والمال» الذي عُرض في 1 فبراير 1965، ويذكر أن إسماعيل يس كان يقوم بتمثيل عدد كبير من الأفلام في الموسم الواحد، فمثلا في موسم 53/1954، وكانت هذه مرحلة البداية مثل عشرين فيلما تقريبا، وهذا يدل علي الإقبال الجماهيري الكبير الذي كان علي أفلام إسماعيل يس، والتي من خلالها ظهر نجوم لامعون نذكر منهم شادية، إلياس مؤدب، شكوكو، كيتي.. وغيرهم، ومن أهم المخرجين الذين ساهموا في تألق إسماعيل يس، نذكر منهم فطين عبدالوهاب في سلسلة أفلام (إسماعيل يس في... الجيش، البوليس، الطيران، بوليس حربي، بوليس سري)، حمادة عبدالوهاب في فيلمي (ريا وسكينة، وعيسي كرامة)، وسيف الدين شوكت في فيلمي (جنينة الحيوانات، ومستشفي المجانين)، وحلمي رفلة، ونيازي مصطفي. إسماعيل يس والمسرح بدأت رحلة إسماعيل يس مع المسرح في النصف الثاني من الخمسينيات، حيث كون فرقة مسرحية تحمل اسمه بمشاركة المؤلف أبو السعود الإبياري الذي كثيرا ما كتب له نصوص وأشعار أغنياته الانتقادية، وقد قدم إسماعيل يس من خلال هذه الفرقة إحدي وخمسين مسرحية، فقد كانت الفرقة تنتج أكثر من ثلاثة عروض مسرحية في الموسم الواحد خاصة في فترة الستينيات عندما بدأت أعمال يس السينمائية تقل نسبيا ونذكر من عروض هذه الفترة (عازب إلي الأبد، حماتي في التليفزيون، الجيب المضروب، كناس في جاردن سيتي، المجانين في نعيم، عشان خاطر الستات، اتجوزت حرامي، بنت ملك السجق).. وغيرهم، وجميع العروض السابقة كانت من إخراج محمد توفيق. إسماعيل يس الإنسان لم يكمل إسماعيل يس رحلته التعليمية لتعلقه الشديد بالفن وعندما نزح إلي القاهرة والإسكندرية كان يريد من تشاركه حياته الإنسانية، فقد تزوج إسماعيل يس ثلاث مرات أولهما المنولوجست ثريا حلمي التي لم يستمر معها سوي بضعة أيام فقط، والزوجة الثانية لا يعلمها أحد، أما زوجته الأخيرة فهي السيدة فوزية التي أكملت معه مشواره وأنجبت له ابنه الوحيد المخرج يس إسماعيل يس، ويبدو أن المثل القائل «الثالثة ثابتة» صحيح. عايز أروَّح في نهاية الستينيات انحلت فرقة إسماعيل يس المسرحية وانحصرت عنه الأضواء نوعا عما سبق، ولأن الفنان كالسمكة لا يعيش من دون فن، فقد توفي إسماعيل يس في 24 مايو 1972 بعد أن لازمه مرض سكري الدم عدة سنوات. من أعماله اعتمدت أغنيات إسماعيل يس علي الفرقة ذات التكوين الغربي في معظم الأحيان التي تتكون من آلات النفخ النحاسي مطعمة ببعض آلات النفخ الخشبي والدرامز والبيانو، معتمدا علي الإيقاعات الغربية مثل السامبا والرومبا والجيرك وغيرها، ويعتمد اللحن علي تيمة لحنية ثابتة في مقام واحد، وأحيانا يتخلل اللحن تحويلة مقامية واحدة لا تزيد علي ذلك، ومن هذه الأغنيات لحن «ياللي تملي بتحسد» تأليف ابن الليل، ومن ألحان إسماعيل يس بدأ اللحن بعزف من آلة البيانو في مقام الحجاز المقام الأساسي للأغنية علي إيقاع السامبا، ثم دخلت آلات النفخ كل يعزف تيمة لحنية واحدة، يبدأ إسماعيل يس بالغناء في نفس المقام مع تحويل إلي جنس الكرد في جزء من الكوبليهات، ثم يعود مرة أخري إلي مقام الحجاز، الكوبليهات في لحن واحد، ويختتم اللحن بقفلة تامة، هذا وقد غني إسماعيل يس علي فرقة حسب الله، كما في أغنية «نبوية»، وغني علي التخت الشرقي عدة أغنيات قليلة منها «خيرات رمضان»، ومما لا شك فيه أن إسماعيل يس كان لديه صوت متميز سليم النغمات، وأذن موسيقية يضاهي بها المطربين، وتمكن في تصوير أداء الكلمة بالصوت والحركة، وقد أسهمت أغنياته الانتقادية بشكل كبير في تحسين بعض سلبيات المجتمع وإضفاء البهجة والسعادة علينا جميعا. جريدة القاهرة في 10 مايو 2005 |