المخرج سعودي يعيش في الكويت ومدير التصوير مصري طرب فاشون.. أول فيلم تنتجه الإمارات تقرير ـ علا الشافعي دبي ـ «البيان» والوكالات |
ضوء ... تداخل الأجناس الفنية عدنان مدانات في السينما المعاصرة كما في الأدب المعاصر ثمة ميل متزايد عند المبدعين باتجاه نوع جديد من النصوص الإبداعية يقوم على التداخل بين كافة مجالات الإبداع وذوبان كل واحد منها في الآخر، ينطبق هذا على الأجناس الأدبية والفنية كما على تقسيمات الأنواع التي يتضمنها كل جنس أدبي أو فني على حدة. وفي ما يتعلق بالتداخل بين النصوص الأدبية تحديدا تتضارب الآراء بين من يرى في هذا الأمر تطورا إيجابيا متوافقا مع تطور المجتمعات الحديثة، وبين من يرى فيه بدعة مؤقتة لا تملك من أسباب الديمومة والخلود التي ملكتها العديد من روائع الأعمال الأدبية السابقة شيئا. وترتبط الإيجابيات بمدى انسجام هذا التداخل مع طبيعة وجوهر الأجناس الأدبية أو الفنية المتداخلة، وتنشأ السلبيات نتيجة الاستخدام العشوائي الذي يؤدي إلى عدم التوافق بين العناصر المتداخلة وطغيان عنصر على حساب آخر، كأن يكتب مبدع ما قصة قصيرة أو رواية وهو مسكون بهاجس الصور الشعرية فيطغى التعبير الشعري مقابل ضعف البناء السردي والنقص في بناء شخصيات القصة أو الرواية، فلا يدري القارئ أهو إزاء قصيدة طويلة ضلت طريقها فاتجهت نحو الرواية أو القصة أم العكس. يستخدم المبدعون والنقاد المناصرون لهذا النوع من التداخل أو المزج بين الأجناس الأدبية وهم في العادة من المنادين بالحداثة والتجديد والتجريب مصطلحا جديدا بهدف إضفاء الشرعية على هذا النحو من الكتابة الإبداعية وبهدف تبرير البنية المشوشة للأعمال الإبداعية التي تضيع فيها معالم الجنس الأدبي، هو “النص المفتوح” أو النص الحر، والذي يروج له بأنه البديل الذي أفرزته الحياة المعاصرة ليحل محل أجناس الكتابة التقليدية التي يعتبر الحداثيون أنها لم تعد ملائمة لكي تعبر عن روح العصر، في حين أن النص المفتوح كثيرا ما يكون نصاً هجيناً خاصة عندما يتولاه كتاب غير مبدعين وغير موهوبين. ويختلف الوضع، من حيث المبدأ، بالنسبة للسينما، حيث هناك جنسان رئيسيان، هما الفيلم التسجيلي والفيلم الروائي، ولدا معا منذ ولادة فن السينما، تجاورا أحيانا وتلاحما أحيانا أخرى في وحدة متجانسة ومتكاملة تعكس الجوهر الأصلي لفن السينما المنبثق من خاصية العكس المباشر لصور الواقع بالطريقة التي تتمتع بها السينما دون سواها وتميزها عن بقية الفنون والآداب. وليس غريبا في مثل هذه الحال أن يعمد الفيلم الروائي إلى الاستفادة من المنهج التسجيلي، وأن يستفيد الفيلم التسجيلي من وسائل تعبير الفيلم الروائي وأن ينبثق من هذا التلاحم مصطلح جديد هو “الدراما التسجيلية”. من ناحية ثانية، يطلق على السينما تسمية “الفن السابع” وتوصف السينما عادة بأنها فن تركيبي، أي أنها فن مركب من مزيج من الآداب والفنون السابقة عليها، كما أن فن السينما يستوعب ويعكس المكان والزمان معا. وهذا يعني أن ينصهر الشعر والنثر والرسم والموسيقا والمسرح في كلية واحدة داخل فن الفيلم في شكل جديد من دون أن يعني ذلك التخلي عن القيمة الخاصة بكل عنصر من العناصر المتفاعلة داخل هذا التركيب. وهكذا، في حين قد يؤدي التركيز على استخدام اللغة الشعرية في الأدب النثري إلى ضعف عناية الكاتب بالمكونات الأخرى للمنجز النثري السردي، فإن الإحساس والتمتع بشعرية الفيلم السينمائي لا يكونان في العادة على حساب بقية مكونات الفيلم، والأمر نفسه ينطبق على التمتع بالجماليات المرتبطة بالتشكيل البصري أو الموسيقي أو أداء الممثلين أو لغة الحوار الأدبية. ولا يقتصر هذا الانصهار بين العناصر الأدبية والفنية داخل الفيلم الواحد على السينما الروائية، بل يشمل حتى السينما التسجيلية التي شهدت عبر تاريخها العديد من الإنجازات المرتبطة بتحقيق أفلام تسجيلية فيها الكثير من الجماليات البصرية والشعرية التي تتجاوز إلى حد كبير الفهم التقليدي القاصر للفيلم التسجيلي الذي يعتبر أن وظيفته هي التوثيق والإعلام، وهي إنجازات بدأت في عشرينات القرن العشرين مع تجارب المخرج الروسي دزيغا فيرتوف ومن اشهرها فيلم بعنوان “الرجل والكاميرا” هو بمثابة بيان سينمائي عياني ملموس على السينما التي يريد. أطلق دزيغا فيرتوف على السينما التي يدعو إليها صفة “الحقيقة السينمائية” التي يتم الوصول إليها بواسطة العين السينمائية، وكذلك فيلم “الحماس” (أو سيمفونية الدنباس”) الذي قال عنه الفنان شارلي شابلين: “لم يكن بوسعي أن أتصور يوما أنه يمكن تنظيم الأصوات الصناعية بحيث تبدو رائعة. إنني اعتبر فيلم “الحماس” من اكثر السيمفونيات التي سمعتها فعالية وتأثيرا. وبالتوازي مع تجارب فيرتوف برزت تجربة المخرج الأمريكي روبرت فلاهرتي القائمة على عكس الواقع من خلال الملاحظة الطويلة له وبأقل قدر من التدخل ، بمعنى أن الواقع يفصح عن نفسه من خلال المواد المصورة التي تملك بذاتها قوة تعبيرية وليس بواسطة التدخل المونتاجي. من أشهر تجارب روبرت فلاهرتي فيلمه “نانوك من الشمال” الذي صوره على مدى عام كامل بدءا من عام 1922 فعايش وتابع فيه التفاصيل اليومية لحياة صياد من منطقة الإسكيمو فكان اول فيلم تسجيلي طويل في العالم ذي أساس روائي حقيقي لأنه يسرد حكاية شخصية ويصور من خلالها صراع الإنسان من أجل الوجود في منطقة قطبية نائية. الخليج الإماراتية في 10 مايو 2005 |
خالد الصديق مخرج كويتي قدم العديد من التجارب السينمائية الكويتية في الستينيات والسبعينيات, وهو صاحب أفلام بس يا بحر, وشاهين, وعرس الزين, والعديد من الأفلام التسجيلية والروائية القصيرة, في حوار صحفي أجريته معه, ذكر أنه عاني الأمرين لكي يقنع الجهات المسئولة في الكويت بضرورة دعم السينما والعمل علي تأسيس سينما خليجية, وللأسف لم يجد من يدعمه وقتها, لذلك اعتمد علي نفسه, وأنتج فيلمه, وبدأ بلفت انتباه الجهات الحكومية في بلده بعد حصوله علي العديد من الجوائز الدولية من محافل متعددة. في البحرين قدم بسام الذوادي تجربته الأولي الحاجز, وعمان شهدت تجربة وليدة. واتفق جميع المخرجين الدارسين للسينما بالخليج علي أن أزماتهم تتعلق بعدم وجود كثافة سكنية, والسوق السينمائية صغيرة في الخليج كله, ناهيك عن زيادة الفرصة, والأهم المشاكل الرقابية, تلك ما كانت عليه الصورة في العقود الثلاثة الماضية, لكن الآن الصورة أصبحت مليئة بالتفاصيل التي تكرس لولادة حركة سينمائية خليجية جديدة, والمجمعات السينمائية أصبحت تملأ الدول الخليجية والكويت وباقي الدول: الإمارات والبحرين وعمان تشهد نهضة مسرحية حقيقية ساعدت علي تشكيل مواهب تمثيلية من النساء والرجال, وهناك فتيات وشباب يدرسون السينما بالقاهرة وأمريكا ولندن, والهند, وأصبحوا يوجدون بتجاربهم القصيرة في المهرجانات العربية, وبالتوازي أقيم مهرجان دبي السينمائي الذي أخذ في دورته الأولي الشكل الاحتفالي بعيدا عن كونه مسابقة. الإمارات.. وأول تجربة كل هذه التفاصيل المبشرة شجعت دولة الإمارات علي إنتاج فيلمها السينمائي الأول الذي شارك في إنجازه مدير التصوير الفنان سعيد شيمي, بعد أن اتصل به المنتج محمد عبدالعزيز, يخبره بأن هناك تجربة سينمائية وليدة في دولة الإمارات, وأصحابها يرغبون في التعاون معه, وبالفعل سافر شيمي, لمعرفة تفاصيل العمل, وبعدها قضي هناك4 أسابيع عمل فيها علي إنجاز فيلم وطرب فاشون, من إخراج محمد دحام, وهو سعودي الجنسية, ويعيش في دولة الكويت, وقدم في العام الماضي فيلما روائيا بعنوان شباب كوول, وعرض منه لقطات علي الحضور الذين شاركوا في فعاليات مهرجان دبي السينمائي. أما الطاقم الفني للعمل فضم العديد من الجنسيات العربية, فإذا كان الإنتاج إماراتيا, والمخرج سعودي- كويتي خريج معهد الفنون المسرحية الكويتي, فالممثلون من الكويت والبحرين والإمارات والمطرب سعود بو سلطان, والتصوير سعيد شيمي من مصر, وكذلك مهندس الصوت, أما مساعد المخرج فمن سوريا منير الزغبي. والفيلم كما علق شيمي هو معالجة حديثة لسندريلا بشكل يتوافق مع تقاليد وقيم المجتمع الخليجي, أما تصوير الفيلم فتم بكامله في دولة الإمارات ما بين دبي ورأس الخيمة, والعين لمدة4 أسابيع, والفيلم معالجة كوميدية خفيفة, وقد يتم عمل المونتاج والماكساج له بمصر لكي يتمكن المخرج من عرضه في الصيف القادم في الإمارات, والدول الخليجية. وعن أن الفيلم قد يشكل نواة حقيقة لسينما خليجية, أكد شيمي أن جميع من عملوا معه في الفيلم كانوا علي مستوي متميز, خاصة الممثلين, وهناك بالفعل نهضة حقيقية ورغبة في عمل شئ جديد, خاصة بعد توافر دور العرض, المليئة بالأفلام الأمريكية والمصرية, والأهم أنه أصبح هناك وعي بضرورة وأهمية السينما تماما مثل المسرح, والذي يشهد نهضة حقيقية في الكثير من الدول الخليجية. ويشير شيمي إلي أن طاقم العمل معه كانوا أصحاب روح جميلة وخفيفة, وإذا كان قد وجد صعوبة في بداية فهم اللغة والنكات الخليجية, إلا أنه صار يتذوقها مع نهاية التصوير* الأهرام العربي في 7 مايو 2005 |