أسامة أنور عكاشة:
|
قبل الحوار صارحته بأنني اشعر بصعوبة مهمتي ـ الحوار معه ـ فبعض زملائي القُدامى جعلوني اتوجس، كيف لا وقد افهموني انني مُهدد بـ"بوكس" موجه الى انفي مباشرة كرد فعل على سؤال جريء قد اطرحه ببراءة! ضحك الكاتب الكبير بشدة، لأسلوبي الطريف، وضحكت ـ انا ـ اكثر بعد الحوار "المدهش" معه، ضحكت ساخراً من زملائي الذين نسوا ان المبدع الحقيقي كلما ازداد نجاحاً وزادت شهرته ومكانته، كلما ازداد تواضعاً وبساطة وذوقاً. عرفه الجمهور جيداً من خلال عدد وافر من افضل وانجح المسلسلات التلفزيونية في مصر والعالم العربي، نذكر منها "ليالي الحلمية"، "ارابيسك"، "زيزينيا"، "الراية البيضا"، "ضمير أبله حكمت"، "ابو العلا البشري"، "الشهد والدموع"، "اميرة في عابدين" و"كناريا وشركاه". تعرفون انه الكاتب الكبير "أسامة أنور عكاشة". · ماذا يشغلك الآن ـ ككاتب ـ ويدعوك لتجسيده على الورق؟ ـ انا مشغول دائماً بما نعانيه، وارى ان حياتنا مليئة بالمعاناة، وحينما انظر الى شعبنا الطيب اجده مغلوباً على امره، وأراني مهموماً بالتفكير في ملايين العاطلين الذين لا يجدون لُقمة عيش كريمة، كما انني دائم التأمُّل في الامراض الاجتماعية والاقتصادية التي نعاني منها. · المرور بالتجربة الحياتية يجعل الكاتب اكثر انفعالاً بها، واكثر قدرة على التعبير عنها، هل مررت ـ شخصياً ـ بتجارب صعبة، ام تلتقط قصص الكفاح من بين الناس؟ ـ انا لا اكتب عن شيء لا اعرفه وانفعل به، ولا اقول ـ لك ـ انني عشت في الاحياء الشعبية فقط بل "صعت". · "صعت"؟! ـ نعم "صعت"، وانا اقصد المعنى الفني للكلمة، فأنا تجولت وعشت في القاهرة طولاً وعرضاً، او "بالطول والعرض" كما يقولون، و"تنقلت"، بقدر ما امكنني، في القرى والمدن المصرية وليس في بلدي "كفر الشيخ" فقط، او الاسكندرية، وما زلتُ احرص على ذلك حتى الآن، فأنا لا انفصل عن الناس البُسطاء، لأنني احصل على زادي الادبي والفني منهم. · ألديك مانع في ان نسترجع ـ معك ـ بعض المشاهد المؤثرة في سيناريو كفاحك؟ ـ لا، واقول لك ـ مثلاً ـ انني بعدما حصلت على الثانوية العامة من احدى مدارس "كفر الشيخ" جئت الى القاهرة للدراسة في كلية الاداب جامعة "عين شمس"، ولأنني من اسرة بسيطة، كنت اعيش في افقر احياء القاهرة، وكنت اشارك تسعة من زملائي في مسكن لا اقول انه شقة بل "حُجرة"! · وكنت تركب "الاوتوبيس"؟ ـ بل كنت في أحيان كثيرة، اضطر الى ان "آخذها كعّابي" وامشي مسافات طويلة، حتى اوفر ثمن تذكرة "الترومواي" او "الأوتوبيس" والاكثر من ذلك اننا كنا نهرب ـ احياناً ـ من المسكن في منتصف الليل، لعجزنا عن دفع الايجار! والآن حينما استرجع هذه الذكريات، احمد الله وابتسم لتلك الايام التي عشناها طولاً وعرضاً، واقول لنفسي: "انا اتبهدلت كتير"! · هل صحيح انك سافرت للعمل في الخليج؟ ـ نعم، ولكني عدت بسرعة الى مصر، لأنني اكتشفت انني لا استطيع العمل هناك. · ألم تكن مؤلفاً مشهوراً؟ ـ لا، لم اكن مشهوراً، كنتُ اكتب القصة، لكن لم يكن احد يعرفني، لقد كان ذلك منذ وقت بعيد، في عام 1974. · ثم ظهرت "عملاقاً" في الدراما التلفزيونية، ولكن الم يكن ظهورك متأخراً؟ ـ انا بدأت اعمالي التلفزيونية في عام 77 وكان عمري 36 سنة، واعتقد ان ذلك كان جيداً. · متى بدأت موهبتك في الظهور؟ ـ حينما كنت طالباً في المدارس الثانوية. · وهل تذكر شيئاً من بواكيرها، هل كانت مثلاً غزلاً في بنت الجيران؟ يضحك الكاتب الكبير وهو يقول: ـ نعم، فالجميع في فترة المراهقة ينسجون الاشعار التي يتغزّلون، او يغازلون من خلالها بنات الجيران، ويُصاحب هذه المرحلة سهر الليل و"عَدّ" النجوم.. و.. · وانت ايضاً كنتَ تعد النجوم؟ ـ طبعاً فذلك من طبائع الناس في هذه السن، ولما بدأت الدراسة في الجامعة، صرت اكتب في اطار منهج، وعرفت اشخاصاً دلوني على الطريق الصحيح، وبدأت اشارك في المسابقات الادبية واحصل على الجوائز، واصدرت مجموعتي القصصية الأولى في عام 67 وكانت بعنوان "خارج الدنيا". الموعد اللبنانية في 5 مايو 2005 |