Our Logo

       

 جديدمقالاتمهرجانات ومشاركاتمنجزاتأعمال دراميةتجارب مسرحية  

 

مبدعون في سينماتك

 

موسيقى درامية

مقالات

 

نماذج

موسيقية

 
 
 
 
 
 

 

 

جيمس نيوتن هاورد و الماورائيات (حاسة هاورد السادسة) -(2)

الأطفال... ليسوا كذلك أحياناً

بول كانتيلون يراهن بموسيقى الحجرة

داريو ماريانيللي: محاولة للتكفير بالقربان الموسيقي

أوغست راش.. درس لمن يصغي

أرابيسك كما يقترحه الشريعي وحجاب

فانجليس يفتح الفردوس.. بعربات النار

جون كوريجليانو.. يذهب إلى النادر .. فتسكننا الدهشة - (2)

جون كوريجليانو.. يذهب إلى النادر .. فتسكننا الدهشة - (1)

ثيودوراكيس.. يسكنه زوربا و موسيقى (الكتيبة الحافية) تفجر ثورته

موسيقى مينكن تسمعنا فيكتور هوجو

جيمس نيوتن هاورد و الماورائيات (حاسة هاورد السادسة) -(2)

جيمس نيوتن هاورد و الماورائيات (موسيقي يبحث عن الموت)- (1)

جون ويليامز .. شاعر وسط الأوركسترا - (2)

جون ويليامز .. شاعر وسط الأوركسترا - (1)

كوريجليانو و(الكمان/الألم) - (2)

كوريجليانو و(الكمان/الألم) - (1)

بعد أن صاغ إسم الوردة.. هورنر يزف عاشقين بموسيقى زورو .. دون أن يعرف!!

بريسنر (أزرق) في عالم ناقص - يجعلني أتنازل عن تحفي

هانس زيمر .. يقترح سلاماً أكثر إقناعاً منهم

طارق الناصر.. دافئ عندما تراه و عندما تسمعه

 
     
  

يبدو أن المؤلف الموسيقي جيمس نيوتن هاورد مولع كثيراً بالماورائيات، فملازمته لأفلام المخرج المبدع الهندي الأصل م. نايت شايامالان التي تتناول ظواهر في منتهى الغرابة والغموض كفيلم (Unbreakable) أو (Signs)، أو حتى فيلم (The Village) القائم على الاعتقادات القروية الأقرب إلى الأسطورة، كما أنه قدم مع المخرج ديفيد كوب ظاهرة رؤية الأموات في فيلم (Stir of Echoes).. و بمناسبة الكلام عن الأموات (التي كانت في عناوين كثير من الأفلام التي قام بتأليف موسيقاها)، سندخل إلى موسيقى فيلم شايامالان (The Sixth Sense) الذي كانت موسيقاه - بالنسبة لي- هي فيلم من نوع آخر يحاور الرؤية الإخراجية من خلال تمازجه مع الصورة و المؤثر الصوتي بموسيقى في منتهى الدقة.

حاسة نيوتن هاورد السادسة

أسلوب جيمس نيوتن هاورد الغنائي الدافئ يناسب بشكل مثالي هذه الحكاية الخارقة للطبيعة التي تلبس الميتافيزيقا بمنتهى الأناقة والرعب، حيث الولد الصغير الذي لم يتجاوز عمره الثماني سنوات وهو "يرى أناسا أمواتا طوال الوقت" انه فيلم بني بأسلوب هادئ وبطيء وكأن المخرج كان مستمتعاً في اختيار أكثر الصور إرعاباً ليكتب بها سيناريو هذا الفيلم الكئيب، فأحداثه تتسرب إلى داخلك بمنتهى السلاسة، وهو فيلم يجعلك تحترق بهدوء ثم يصدمك بالاكتشاف وهى الصدمة الرئيسية النهائية التي تجعلك تسترجع مرة أخرى الأحداث كاملة فتكتشف بأن كل شي كان واضحا منذ البداية، لكنك كنت في الخدر اللذيذ بسبب طريقة السرد والأداء المبهر للطفل كول سير (هيلي جويل أوسمنت) من جهة، والذي ليس صدفة أنه لو ترجم اسمه حرفياً سيكون (فحم يحترق)، ومن جهة أخرى تحليقك مع موسيقى هاورد الممسكة بزمام الحبكة. فموسيقى نيوتن هاورد تمضي بنفس النمط الطقسي، وبحكمة مركزة على المشاعر وحساسية الطفل وضعفه من خلال الكوابيس الحقيقية الكثيرة والمتلاحقة. أولى المقطوعات المميزة في هذا الفيلم هي (الجري إلى الكنيسة) حيث اشتركت بشكل إجمالي نغمات البيانو مع الوتريات الكثيفة في عزف الثيمة (اللحن) الخاصة بالطفل التي تحوى البراءة والأسى معا ممتزجين بشعور البرد بسبب الأشباح المترصدة به. ويستمر هذا الشعور حتى ينتهي بالدخول في المقطوعة الثانية (من الأعماق) وهي صلاة مليئة بالغموض، بطيئة وهادئة، ومغلفة بالوتريات والتعبير المبالغ في الجمال، والإيحاءات التي تصل من موتيفات (لزم موسيقية) آلة الهورن البعيدة التي تبحث قبل إظلام الألحان الموسيقية المتدفقة، ويقوم بهذا الدور الوتريات المنخفضة (ذات الصوت الغليظ)، وسيطرة الساينث (الأصوات الإلكترونية) بشكل لطيف حيث يقترح هاورد هنا معاناة الأرواح التائهة البعيدة. فموسيقى نيوتن هاورد تضع للأشباح نسيجا منعشا جداً ومتمرداً على الأنماط المهترئة التقليدية موصلا بحرية العديد من أفكار (مؤثرات الخوف) الجديدة. فهو يستخدم ذكائه في علم الإلكترونيات وخياله الخصب ويمزجهما معاً متدفقين بأوركستراه الغنية بالألوان الصوتية، فيعرض إحساساً رفيعاً من الحجم الصوتي المتوازن، وبعداً مبتكراً يزيد تأثير هذه الموسيقى فينا..

يستخدم أصواته الإلكترونية والطبيعية متداخلة لكي يحسن من التأثير الدرامي. على سبيل المثال أصوات الكورس الرجالي عند فتح (شريط كيرا) الفتاة التي قتلتها زوجة أبيها، نرى صوت الباص (الصوت الغليظ للرجال) المفاجئ المخيف والمتنافر يوحي بالتهديد، وهو منفصل عن المجموعة الغنائية الرئيسية. إضافة إلى قرع أجراس تقول: (الموت.. الموت) متداخلاً مع صوت الوتريات العالية، فينتابك جو من التخويف (الذي سيجعلك دافئا إلى أقصى حد) إلى أن ينتقل الكورس الغنائي - الذي يبدأ في البهتان والوتريات التي تنحدر شيئاً فشيئاً - إلى المناطق الأدفأ من مساحتها الصوتية.

ينمو إحساس نيوتن هاورد الدرامي فيزداد الوخز المرعب، وهذه الميزة تضاف إلى حد بعيد إلى التسلسل الدرامي للفيلم، ولا تزداد خبرة المستمع بالإشباع الموسيقي البعيد عن المسرح فقط ، بل تشحنه بالخبرة والذوق الموسيقي أيضاً.

الوطن البحرينية في 18 مارس 2006