صلاح سرميني

 
سيرة جديد مقالات ملفات
 
 
 
 

ملفات

 

>>>

75

74

73

72

71

 

Après le feu

بعد الحريق

ترجمة: صلاح سرميني

 
 

 

على بُعد كيلومتراتٍ قليلة من أجاكسيو (جزيرة كورسيكا)، تستسلم اليابسة المحروقة تحت وطأة ثقل اللون، تنصدّع التربة، وتُطلق طاقاتٍ تصويرية تستوليّ على السماء.

أرى الأفق يختفي، لكني أحدق فيه، يستمرّ القطار في طريقه.

منذ عدة سنواتٍ يعمل الفنان البصريّ، والمخرج جاك بيركونت على تطوير مجموعة فريدة من الأعمال داخل السينما التجريبية.

يتألف منهجه، بشكلٍ تقريبيّ، من تصوير فضاءاتٍ ثمّ "ذوبان" عدة صورٍ في بعضها البعض، مما يجعلها تتصادم لتعديل بنيّتها، وتؤدي إلى ظهور رؤى جديدة، ومقلقة، على أقلّ تقدير.

هنا، تسجل لقطةٌ واحدةٌ بدون قطعٍ حركة قطار عبر مناظر طبيعية مختلفة.

تدريجياً، تتلاشى المعالم المكانية، ولا يتمّ تثبيت خطّ الأفق إلاّ من خلال الخطوط التي تشكلها قضبان السكك الحديدية المارة في البعيد.

 إذا وصل قطار الأخوين لوميير بالفعل إلى محطة لاسيوتا، فنحن نعلم أن قطار بيركونت لن يصل إلى وجهته أبداً.

إن تأثير الدهشة في مواجهة هاتيّن الصورتيّن، والتي يفصل بينهما أكثر من قرنٍ، متساوِّ، وبنفس القدر.

مارك انطوان فوجوا

*****

جاك بيركونت، مخرج أفلام تجريبية، وفنانٌ تشكيليّ فرنسيّ، وُلد في عام 1974، طاف فيلمه "بعد النار" في المهرجانات حول العالم.

وُلد جاك بيركونت عام 1974 في جرونوبل، ويعيش، ويعمل الآن في باريس بعد أن أمضى عشرين عاماً في الجنوب الغربي.

حتى لو تمّ الاعتراف به كواحدٍ من الروّاد الفرنسيين في فنّ الإنترنت، فهو، قبل كلّ شيء، واحدٌ من الأوائل الذين اعتبروا الفيديو الرقمي وسيلة.

في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، مهد الطريق للعمل على الفيديو باستخدام برامج الترميز، ومن ثم فهو يمنح الرقميّ بعداً تصويرياً جديداً.

"بعد الرسم، اكتشفتُ التلوين، ثمّ الفيديو، وأجهزة الكمبيوتر، والشبكات، حضرتُ دروساً مسائية في الفنون الجميلة، من خلال الجامعة، ومن خلال CNRS (المركز الوطني للبحث العلميّ)، الفنون المرئية، السينما، الفلسفة، التصميم التفاعلي، أنظمة المعلومات، واستراتيجية الابتكار ... انغمستُ في الرقمية في عام 1995".

يستكشف جاك بيركونت الجسد، والمناظر الطبيعية، واللون من خلال الوسائط الرقمية.

بعد دخولٍ كلاسيكيّ للغاية في الموضوع من خلال الرسم، والتلوين، كان الإنترنت، والفيديو بمثابة نقاط البداية الرئيسية.

يعود تاريخ أفلامه الأولى إلى عام 1995، وأول أعماله بواسطة الإنترنت من عام 1996 إلى 1997.

أنهى فيلمه "بعد الحريق ...، الحائز على جائزة Groupement national des cinémas de recherche (التجمّع الوطني لصالات سينما البحث) جولته العالمية الأولى بعد أن لقيّ نجاحاً كبيراً في مهرجان ترايبيكا السينمائي في نيويورك، وفي مهرجان روتردام السينمائي الدولي IFFR، وفي مهرجان  Scream في لوس أنجلوس، إلخ.

في عام 2013، كرس مهرجان Côté Court  (في مدينة بانتان المُحاذية لباريس) تركيزه عليه، وتتبع قراءة مسيرته الفيلمية من خلال 26 عملاً.

في أبريل 2014، نادي ديفيد لينش المُتطلب في اختياراته للغاية، Silencio في باريس، خصص له برنامجاً من حوالي عشرة من أفلامه.

بعد أن عُرض عليه تفويضان انتقائيان (أفلام يختارها بنفسه) في عام 2011، كرست السينماتك الفرنسية حلقة طليعية لعمله، من ديسمبر 2014 إلى فبراير 2015.

Fog Line

خطّ الضباب

ترجمة: صلاح سرميني

Fog Line (أو خطّ الضباب)، فيلمٌ تجريبيٌّ قصيرٌ، وصامتٌ من إنتاج عام 1970 أخرجه السينمائيّ لاري جوتهايم، يُظهر منظراً ريفياً مع ضبابٍ يتلاشى ببطء.

تصبح الأشكال المرئية بشكلٍ خافتٍ للمناظر الطبيعية أكثر وضوحاً على مدار الفيلم.

لقطةٌ واحدةٌ ثابتةٌ لمدة 11 دقيقة لمنظرٍ طبيعيّ ريفيّ.

في بداية الفيلم، يحجب الضباب الكثيف الرؤية، تعبر مجموعتان من خطوط الهاتف إطار الصورة، تقسمها تقريباً (ومنها جاء العنوان).

على مدار الفيلم، يتلاشى الضباب تدريجياً، ويكشف عن أشكالٍ مختلفة في هذا المجال.

تنتشر العديد من الأشجار في جميع أنحاء المنطقة، يدخل حصانان في الإطار، ويرعيان عبر الجزء السفليّ من الصورة، ويطير طائرٌ عبر الحقل.

*****

بعد حصوله على درجة الدكتوراه من جامعة يالي، انتقل جوتهايم إلى جامعة بينغهامتون في نيويورك.

صوّر الفيلم بالقرب من منزله هناك، اختار تصوير جزء من الريف تمرّ خلاله الخيول في الصباح.

درس المنطقة لأشهرٍ، وصوّرها عدة مراتٍ، استخدم جوتهايم عدسةً طويلةً للتصوير.

عُرض الفيلم في مهرجان نيويورك السينمائي عام 2005، وفي عام 2008 تمّ تحويله إلى نظامٍ رقميّ لإدراجه في مجموعة أقراص DVD تحت عنوان:

 Treasures IV: American Avant-Garde Film ، 1947-1986.

وصف الناقد ديف كير الفيلم بأنه "واحدٌ من أكثر الأفلام الطليعية جمالاً بشكلٍ مخيف".

وأشار المخرج بول شريدر إلى أن ذلك "يوضح مدى سحر الانتظار".

*****

يتحدث السينمائيّ لاري جوتهايم عن فيلمه:

"يتلاشى الضباب في المشهد، بالنسبة للمُشاهد اليقظ، يمكن أن يتلاشى الضباب العقليّ أيضاً، لا ينتقل من الأبيض إلى الوضوح الكامل، إنه يعرض فقط جزءاً من الوقت، وجزءاً من سياقٍ في المشهد، وفي ذهن المُشاهد، الصورة بأكملها تتغير ببطء، السماء، الأرض، وما هو على الحواف.

السمات الرئيسية هي الأشجار الثلاثة، والأسلاك، ترتفع الأشجار هناك، تُظهر كيانها، لديها شكلٌ ناعمٌ بدون مخططٍ تفصيليّ، خطوط الأسلاك شيءٌ آخر، إنها أقرب إلى التخطيط من الرسم، العقل المُسيطر بدلاً من الخيال.

من خلال عملي تتوضح الآثار المترتبة على هذا التباين، هناك شيءٌ أثيريٌّ شبحيّ، المُشاهد مدعوّ لاستكشاف الشاشة، والنظر هنا، وهناك، كلّ واحد من المُشاهدين يسلك مساراً بصرياً مختلفاً، أولئك الذين يتضمّن مسارهم الدخول في المُستحلب الذي تتكوّن منه دعامة الفيلم، يُكافئون بمشاهدة خيول الأشباح، أول الحيوانات في أفلامي.

*****

يقول السينمائي الأمريكي جوناس ميكاس عن الفيلم:

"إنه فيلمٌ قصير، ولكنه مثاليّ".

أما السينمائي الأمريكي توني كونراد، فيقول:

"الاستعارة في FOG LINE موظفةٌ بدقةٍ لدرجة أنني أجد نفسي أتراجع في اتجاهاتٍ عديدة لاكتشاف مصدرها".

 

بينما كتب الأكاديمي الأمريكي ريمون فويري عن الفيلم:

 FOG LINE هو قطعةٌ رائعةٌ من الفنّ المفاهيمي، يقف على حافةٍ رفيعةٍ بين الروح، والحكمة- لحنٌ يختلف فيه كلّ إطارٍ حرفياً عن كلّ إطارٍ سابق (نظراً لأنّ الضباب يتلاشى دائماً)، والعناصر المختلفة من التكوين - الأشجار، الحيوانات، النباتات، السماء، والأهمّ من ذلك، مُستحلب الشريط الفيلميّ، حبّيبات الفيلم نفسه - تستمرّ في اللعب مع بعضها البعض كما تفعل النوتات الموسيقية.

تساهم جودة الضوء - نغمة الصورة نفسها - في الغموض، والإثارة اللذين يتكشفان، وتلاشي الضباب، وتدفق الفيلم، داخل تركيبةٍ ثابتة، ومع ذلك، في إطارٍ حركيّ مائع، وديناميكيّ، وحازم.

 

وفي مجلة Film Culture كتب السينمائي الأمريكي باري جيرسون:

إنّ كمال بعض الأعمال السينمائية يمنحها مظهراً من التكتم، والبساطة، يبدو أن تعقيدها دقيق، وملائم لدرجة أنها تركت نفسها تتكشف بسلاسة -- وتأسرنا بشكلها - شكلٌ يعكس توازناً متناغماً بين العديد من الاهتمامات الجمالية.

يُعدّ فيلم لاري جوتهايم أحد هذه الأفلام.

الاهتمام بحافة إطار الصورة، والتفاصيل المعزولة، والأهمية المُعطاة للإطار كشكلٍ، وإظهار ما هو على الحافة، وحبه لملمس الدعامة الفوتوغرافية (الطبقة الحسّاسة لشريط الفيلم)؛ يتمّ التعامل بوعيّ مع كلّ هذه الجوانب من الفيلم.

تذهلنا هذه الصور الرائعة: حساسية غوتهايم الشعرية للصفات الجوهرية للصورة الفوتوغرافية، واستخدامه الدقيق، والصارم للإطار يحوّل المنظر الطبيعيّ، ويعزل، ويلفت انتباهنا إلى الجمال الذي ظلّ مخفياً حتى الآن، والتي تكشفها لنا نظرته الانتقائية للغاية.

أشباحٌ قبل الإفطار

Ghosts Before Breakfast

ترجمة صلاح سرميني

أشباحٌ قبل الإفطار (باللغة الألمانية Vormittagsspuk) هو فيلمٌ ألمانيّ دادائيّ قصير إنتاج عام 1927 وإخراج هانز ريشتر.

يتكوّن الفيلم، الذي يستخدم تقنية الـ Stop-Motion (تحريك العناصر، والأشياء صورة صورة)، من مجموعةٍ غير متجانسة من المشاهد السوريالية، هذه الأشياء المختلفة التي نستخدمها في حياتنا اليومية تعود إلى الحياة فجأة (ساعات، قبعات، ​​ربطات عنق، بنادق، أبواب، وخراطيم إطفاء حريق، وما إلى ذلك)، بالإضافة إلى العديد من الشخصيات التي تتحرك، أو تختفي خلف منارة، أو حتى تلامس لحاها التي تختفي، وتُعاود الظهور.

هانز ريشتر

يوهانس سيغفريد ريشتر، ويُقال هانز ريشتر، المولود في 6 أبريل عام 1888 في برلين بألمانيا، وتوفيّ في 1 فبراير عام 1976 في مينوسيو في مقاطعة لوكارنو بسويسرا، هو رسامٌ، ونحاتٌ، وصانع أفلام ألمانيّ، وحاصلٌ على الجنسية الأمريكية عام 1971.

درس هانز ريشتر في أكاديمية الفنون الجميلة في برلين عام 1908، ثمّ في أكاديمية فايمار عام 1909.

تمّت اتصالاته الأولى مع التعبيرية بفضل مجموعة Le Cavalier bleu (الفارس الأزرق) في عام 1912 ثمّ بفضل مجلة Der Sturm .

خلال معرضه الأول في ميونيخ عام 1916، انضمّ إلى مجموعة دادا في زيورخ.

فنانٌ ملتزمٌ، قريبٌ من جمهورية مجالس بافاريا، ثمّ من الحركة الشيوعية، في أوائل العشرينيّات من القرن الماضي بدأ ريشتر بالرسم على لفافات إيقاعاتٍ مجردة في حالة حركة.

Preludium, 1919

 Fugue 20, 1920

وبفضل بحوثه، قام بعمل فيلم تجريدي بعنوان Rhythmus 21، تلاه عدة أفلام أخرى.

ذهب إلى الولايات المتحدة عام 1941 حيث كرّس نفسه للتدريس، والسينما.

فيلمه  (Dreams That Money Can Buy)، الذي تمّ إنجازه خلال الأعوام 1944 - 1947 (مع ماكس إرنست، وفرنان ليجيه، ومان راي، ومارسيل دوشا، وألكسندر كالدر) هو أحد كلاسيكيات السينما السوريالية.

تلعب عناصر السيرة الذاتية، المنفى في الاتحاد السوفياتي، وفي سويسرا، ثمّ في الولايات المتحدة، والانفصال عن الشيوعية، دوراً مهماً هنا.

ثم قام ريشتر بتصوير 8 × 8 خلال العاميّن 1956-1957، وهي مجموعة قصاصاتٍ من أفلام مبنية على أشعار دادائية من سنوات 1916-1917.

وبالإضافة إلى عمله التصويريّ، أنجز لوحاتٍ غنائية ملونة للغاية، ثم تطوّر لاحقاً نحو تجريدٍ هندسيّ أكثر، تُهيمن عليه رسومات مجردة، ولكن إيقاعية (Piccolo Castello, 1961) 

في عام 1963، قام أيضاً بعمل فيلم قصير (من السيرك إلى القمر From the Circus to the Moon) عن ألكسندر كالدر.

منذ عام 1917 مهدّ للاتجاه الغنائيّ في التجريد، وهو أحد أهمّ الشخصيات في السينما الطليعية.

في عام 1973، منحه الفيلم الوثائقي التلفزيوني (28 دقيقة) Give chance a chance فرصةً أخيرةً للاعتراف.

سينماتك في ـ  15 يناير 2023

* هذه المواد نشرت في جريدة التيار السودانية، بتاريخ 17.04.2022

 

>>>

75

74

73

72

71

 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004