صلاح سرميني

 
سيرة جديد مقالات ملفات
 
 
 
 

ملفات

 

>>>

75

74

73

72

71

 

جمهور التليفونات المحمولة

كتابة: صلاح سرميني

 
 
 

من أكثر المُلاحظات التي لفتت أنظار ضيوف الدورة العشرين لأيام قرطاج السينمائية، هي إقبال الجمهور التونسيّ على متابعة الأفلام التي عُرضت في المُسابقة الرسمية، وخارجها، وخاصّةً التونسية منها، ..

إلى درجة لم يتمكن الصحفيّون، والإعلاميّون، والسينمائيّون من مشاهدة بعض الأفلام بسبب الزحام الشديد أمام الصالات، وداخلها، وحالة القاعات، وظروف العروض. 

وقد لاحظنا جليّاً، بأنّ مشرفي القاعات يفضلون دخول المتفرجين الذين حصلوا على تذاكر مدفوعة عن ضيوف المهرجان الذين حضروا تونس لهذا الغرض، وكانوا يرفضونهم بشدةٍ، وعنفٍ، وفظاظة، ومن أجل هذا السبب، اتسمت أجواء المهرجان بالتذمّر، والفوضى، إذّ‍ لم يعدّ بالإمكان الانضباط في برمجة يومية مُحدّدة، تتفق مع المواعيد، واللقاءات الاحترافية، والشخصية، وأصبحت متابعة الأفلام حالةً ثانويةً تعتمد على الصدفة، والمزاج.

ومن حالفه الحظّ بالدخول إلى إحدى القاعات لمُشاهدة فيلمٍ ما، أصابه الإحباط سريعاً بسبب تأخير العرض مرةً، والأجواء الحارّة، والخانقة مرةً أخرى، ورنين الهواتف المحمولة، والتعليقات، والأحاديث الجانبية في مراتٍ كثيرة،....وهي الإشكالية الرئيسية التي تشغل بالي منذ وقتٍ طويل، ويبدو بأنّ هذه السلوكيات هي بمثابة ظاهرة عامة في كلّ الوطن العربيّ من مشرقه إلى مغربه، وهي وحدها تحوّل أيّ (تظاهرة سينمائية) أساسها الصورة إلى (ظاهرةٍ صوتية) مناسبة للحفلات، والأعراس، والسهرات الترفيهية.

في إحدى دورات مهرجان القاهرة السينمائيّ، وفي القاعة المُخصّصة للصحفيين، كنتُ أخرج من الصالة بعد ربع ساعةٍ من العرض، ومع المرة السابعة، قررتُ بأن لا أشاهد أيّ فيلم، وليكن ما يكون ..

فقد تبيّن لي، بأنه لا فائدة من النرفزة، ولا الطلبات اللطيفة، أو العنيفة بغلق التلفونات المحمولة، والامتناع عن الأحاديث الجانبية، ولا داعي للتعبير عن الغضب، والضيق بعباراتٍ من نوع: ما هذا السلوك المُتخلف؟

أو تستخدمون أحدث تقنيات الاتصال، ولكن، مازلتم متخلفين في عقولكم، ودواخلكم....

فقد انقلبت عبارات الاستيّاء هذه ضدّي، وانتقلت فوراً إلى شريف الشوباشي مدير المهرجان وقتذاك ـ، مع قليلٍ من التعديل، والبهارات، فوصلت:

يقول صلاح سرميني: بأننا شعبٌ متخلف.

ولولا تقديم نفسي للشوباشي، وإفهامه بأنني درستُ في مصر، وجمعتني صداقاتٍ مع الوسط السينمائيّ المصري، واحتفظتُ باللهجة المصرية مع المصريين، وحتى اليوم، يعتقد البعض منهم بأنني مصريّ، آخرهم الصحفية المصرية ماجدة موريس، عندما قالت لي قبل ساعاتٍ من مغادرتها تونس:

ـ والله، كنت فاكراك مصريّ يا صلاح.

لولا ذلك، ربما أدرج شريف الشوباشي اسمي في اللائحة السوداء للمهرجان، وربما في مصر كلها.

نفس الحالة الانفعالية حدثت معي في قاعة (المُجمّع الثقافيّ) في أبو ظبي خلال متابعتي للدورة الثالثة لمُسابقة أفلام من الإمارات، لم أستطع إكمال مشاهدة فيلم (زائر) لمخرجه البحرينيّ بسام الذوادي، فقد كانت أحدث التلفونات المحمولة ترّن في أرجاء الصالة، وبنغماتٍ مختلفة، تختلط مع الأحاديث المُتبادلة بين شلل الأصدقاء.

في ذلك اليوم، خرجتُ، وأنا أشتمُ، وألعنُ التقنيات الجديدة، والسلوكيّات المُتخلفة، وكان يقف أمام باب القاعة بسام الذوادي نفسه.

بعد تلك المُعاناة الصوتية، نصحني مسعود أمر الله آل علي ـ  مدير المُسابقة وقتذاك ـ بمشاهدة الأفلام من البلكون، وفعلاً ، تخيّرت ذلك الحلّ، وفرحتُ كثيراً، فقد كنتُ لوحدي تماماً، حتى جاء أحد أفراد الشرطة، وجلس على بُعد مقاعد مني، وحمدتُ ربي بأنه سوف يحميني من (التلوث الصوتيّ)، وبعد فترة هدوء، كنتُ أستمتعُ فيها بمشاهدة أحد الأفلام، ....وفجأةً، انطلقت أصواتٌ عالية غير مفهومة من جهاز لاسلكيّ بحوزته، كانت أكثر غرابةً، وصخباً، وإزعاجاً من كلّ التلفونات المحمولة التي كنتُ أسمعها في الصالة، وبدوره، بدأ بالردّ عليها، ولم أتجرأ على الاستنكار، إنه شرطيّ، وأنا أرتعبُ من خيال أيّ شرطيّ عربيّ، فنهضتُ، ولعنتُ حظي، وذهبتُ مباشرةً إلى مكتب مسعود، لأحكي له عما حدث، كان يتربّع على كرسيه خلف الكمبيوتر، ويستمع لي بهدوءٍ قاتل، وما أن انتهيت، حتى وجدته يقهقه بصوتٍ عال.

وفي إحدى عروض الدورة الرابعة لمهرجان الفيلم العربي في روتردام، وأثناء مشاهدة فيلم (طيارة من ورق) لمخرجته اللبنانية الراحلة رندة شهال ـ صباغ، كان أحد المصريين يتحدث باستمرار مع صديقٍ يجلس بجانبه، ولم يتوقف عن استقبال المكالمات الهاتفية، أو الاتصال، حتى انفجرتُ، ووقفتُ في الصالة المُعتمة أطلب منهُ بأن يكفّ عن هذا الإزعاج، فما كان منه إلاّ أن صرخ في وجهي: 

ـ وإيه يعني لما نتكلم في التلفون، إحنا بنشوف فيلم، ولاّ بنقرا قرآن،....

ولكم أن تتخيلوا ماذا حدث بعدها، وكلّ من حضر ذلك العرض يتذكر ردود فعلي نحوه، ولم أعفيه منها خلال فترة الاستراحة ما بين فيلم، وآخر.

وبصراحة، لم يكن موقفي بطولةً مني، فقد كان رياضياً، قوياً، ضخم الجثة، ولكن تعاطف الآخرين معي شجعني على تلقينه درساً لفظياً لن ينساه طوال حياته.

الغريبُ في الأمر، أنّه في كلّ الحالات، وعلى الرغم من ردود فعلي الغاضبة، والعنيفة، والعدوانية أحياناً،... يأتي هؤلاء للاعتذار، ومُصالحتي، ودعوتي على غداءٍ، أو عشاءٍ، أو فنجان قهوة.

في الحقيقة، لم يدرك هؤلاء بأنني أفتعل كلّ هذه المشاكل، فقط من أجل دعوتي على غداءٍ، أو عشاءٍ، أو حتى فنجان قهوة.

ما هي جائزة IIFA السينمائية

جمال الدين بوزيان

هي جائزةٌ سينمائيةٌ هنديةٌ سنوية، خاصة بسينما بوليود، صناعة السينما المُتمركزة في مدينة مومباي (بومباي سابقاً)، والتسمية هي اختصار لعبارة: جوائز الأكاديمية الدولية للأفلام الهندية.

تمّ تأسيسها أول مرة سنة 2000، من طرف شركة ويزكرافت الدولية الخاصة بتنظيم التظاهرات، حيث كان الحفل الأول في لندن، يوم 24 جوان 2000، وأصبح يُنظمّ كلّ سنة ليتمّ تكريسه كأهمّ حفل جوائز سينمائية في الهند، والبعض يقول عنها، أنها جائزة الأوسكار الهندية، رغم العمر القصير للجائزة.

وهي فعلاً في الوقت الحالي، أهمّ جائزة سينمائية في بوليود، ويتمّ عبرها تقييم الأفلام الناجحة، وتستخدمها الصحافة الفنية كمقياسٍ عندهم لنجاح بعض الأفلام.

وبالفعل، كلّ الأفلام الفائزة منذ تأسيس الجائزة لغاية يومنا هذا، هي أفلامٌ كبيرة، وبعضها يُعتبر من الأعمال السينمائية التي تركت بصماتٍ خالدة في تاريخ بوليود في الألفية الجديدة، مثل ديفداس، ولاغان، وفير زارا.

وبالحفل جوائز كثيرة مطابقة تقريباً لأغلب الجوائز الموجودة في المهرجانات العالمية، مع بعض الاختلافات، والإضافات تماشياً مع طبيعة سينما بوليود، مثل جائزة أحسن مغني، ومغنية بلاي باك، وأحسن مصممّ، رقصات، ومدة المهرجان ليست محددة، أو ثابتة، أحياناً يتمّ تنظيمه في يوم واحد، أو يومين، أو ثلاثة.

ويتمّ أيضاً تغيير مكان الحفل السنوي باستمرار، في كثير من مدن، وعواصم العالم، وليس في الهند فقط، سواء في أوروبا، والولايات المتحدة الأمريكية، أو الدول الآسيوية، وجنوب إفريقيا، وحتى العربية، مثل الإمارات العربية المتحدة، التي تمّ تنظيم الحفل فيها سنة 2006، ومن المفترض أن يكون حفل هذا العام 2022 أيضاً في العاصمة أبوظبي بالإمارات، ومن المنتظر أنه تمّ تأكيد حضور سلمان خان، ريتيش ديشموخ، وفيرون دهاوان حسب الصحافة الفنية، ومواقع النت، بينما تم إلغاء حفل عاميّ 2020 و 2021 بسبب جائحة كورونا، و تمّ إعلام الفائزين رسمياً عبر انستغرام، ومواقع التواصل الاجتماعي.

سنة 2016، تمّ تأسيس جائزة IIFA خاصة بسينمات الجنوب الهندي.

أما سنة 2013، فقد أسّست المجلة الهندية الشهيرة Times of India جائزة مشابهة لـ IIFA اسمها TOIFA، وتقريباً هي مشابهة لجائزة الأكاديمية الدولية في أغلب تفاصيلها الشكلية، والضمنية، وفرضت نفسها في وقت قصير أيضاً كواحدةٍ من أهمّ جوائز السينما الهندية، ولو أنه لا تتمّ برمجتها بطريقة سنوية ومنتظمة مثل الـ IIFA.

إكسافييه غارسيا باردون

ترجمة صلاح سرميني

"جذبت مسألة تعريف السينما التجريبيّة عدداً من المؤلفين، ومنحت مساحةً لبعض الجدل...

بالنسبة لمنظمّي مهرجان Exprmnt الذي انعقد في مدينة Knokke-le-Zoute (بلجيكا)، كانت الحدود فضفاضة عمداً:

"المقصود بالفيلم التجريبي، هو كلّ عملٍ تمّ إنجازه للسينما، أو التلفزيون، يحاول تجديد، وتوسيع التعبير السينمائي".

وبعد سنواتٍ كثيرة، كتبت الباحثة الفرنسية نيكول برينِيه:

"يتعامل الفيلم التجريبيّ مع السينما انطلاقاً من قدراتها، وليس من استخداماتها، ويهتمّ أيضاً باستدعائها، نشرها، وتجديدها، كما مُعارضتها، إزالتها، أو توسيع حدودها".

ويبدو بأنّ تعريف هذا النوع من الأفلام من طرف دومينيك نوجيز أحاط بالمسألة:

"سينما نعتبرها فناً شخصياً كما حال الرسم، أو الشعر، وهذا الفنّ هو بالأحرى صنايعيّ أكثر منه صناعيّ، غير سرديّ أكثر منه سرديّ".

ويُحدد نوجيز المعايير الاقتصادية، والجمالية لهذه السينما:

"تنطلق هذه السينما من مجموعة رغباتٍ أكثر من فكرة الاقتصاد الربحيّ".

وعلى الرغم من إمكانية الوقوع في فخّ التبسيط، سوف نقول، بأنّ السينمائي التجريبيّ، ورغماً عنه، أو باختياره، يشتغل بطريقةٍ صنايعيّة، وفقيرة، وبشكلٍ عام، منفرداً، أو مع أصدقائه.

التجريب، قبل أيّ شيء، طريق الاستقلالية، والحرية: حرية التعبير، والتجديد، وحتى التخلص من فكرة الالتزام بفرضية الربح.

بشكلٍ عامّ، السينما التجريبيّة ليست "سينما استراحة (بين فيلميّن روائيين)، ولا سينما للتكيّف، والتأقلم (مع الأدوات السينمائية، والسينما بشكلٍ عام)، ولا تدريب اليدين (أو التمرين من أجل العبور إلى الفيلم الروائي)"، ولا حتى "انطلاقة لمسيرةٍ تقليدية، ولكنها طريقٌ هامشيّ بالمقارنة مع سينما تجارية، ومُهيمنة.

كتب دومينيك نوجيز: "في الأفلام التجريبيّة، ينزع الشكل باستمرارٍ إلى سباق المعنى"، وهذا لا يعني بأنّ الفيلم التجريبيّ شكليّ بالضرورة، ولكنه، في أغلب الحالات، غير سرديّ، يميل إلى أن يكون نفسه، ولا يُستخدم وكأنه "دعمٌ واضحٌ لشيءٍ آخر".

السينما التجريبيّة، ومع أنها منفتحة بشكلٍ واسع على المجالات الفنية الأخرى، ليست شيئاً آخر إلاّ السينما نفسها".

"إنها سينما بدون قواعد، ويمكن أن تُلغيها، أو تُزيحها كلها".

الطابع الجذريّ هو القاسم المشترك لأشكالها التي لا تُحصى.... وأيضاً، يمكن أن يكون محتوى العمل محطماً مباشرةً...سواءً شكلياً، أو موضوعاتياً، أو الإثنين معاً، إذاً، يُجسّد الفيلم التجريبيّ اختلافاً دائماً.

سينماتك في ـ  13 يناير 2023

* هذه المواد نشرت في جريدة التيار السودانية، بتاريخ 31.03.2022

 

>>>

75

74

73

72

71

 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004