صلاح سرميني

 
سيرة جديد مقالات ملفات
 
 
 
 

ملفات

 

>>>

70

69

68

67

66

 

ملامح الدورة 23

مهرجان الإسماعيلية الدولي للأفلام التسجيلية والقصيرة

كتابة: وائل سعيد/ القاهرة

 
 
 

كتب أديب نوبل نجيب محفوظ فيما قبل "آفة حارتنا النسيان"، وهو الشيء الذي تتبعه معظم الإدارات الجديدة –على كافة المستويات- بعد تولي المنصب؛ تتناسى الجهود السابقة عليها من مشاريع، أو خطواتٍ ثم تضع نقطة، وتبدأ من أول السطر "على ميه بيضا" كما يُقال في المثل الشعبي، جرّاء هذا تضيع العديد من المشاريع غير المكتملة كلما تغيرت الإدارة وُفق قانون الجهود المُهدرة.

في كلمته، ضرب المخرج المصري سعد هنداوي بهذا المفهوم عرض الحائط، وذلك من خلال المؤتمر الصحفي المنعقد منذ أيام للإعلان عن تفاصيل الدورة الجديدة من مهرجان الإسماعيلية الدولي للأفلام التسجيلية والقصيرة، وهي الدورة 23 من عمر المهرجان، وتنطلق فعالياتها في الفترة من ١٧ حتى ٢٣ من الشهر الجاري مارس/آذار ٢٠٢٢، بالمدينة الساحلية المحتضنة للمهرجان، وقد تمّ اختيار دولة كوريا الجنوبية لتكون ضيفة الشرف للدورة الجديدة.

 

تخوفٌ، وبحث

في أكتوبر/تشرين الأول الماضي تمّ تكليف المخرج سعد هنداوي لرئاسة مهرجان الإسماعيلية خلفاً للناقد السينمائي عصام زكريا. ورغم أن هنداوى يتمتع بتاريخ طويل في البرمجة، والمشاركة السينمائية لكبرى المهرجانات منها "مهرجان كليرمون فيران بفرنسا، ولوكارنو بسويسرا، ومهرجان دبي بالإمارات"؛ إلاّ أنه شعر بالخوف في بداية الأمر امتدّ لأسبوعيّن كما صرح.

خلال هذه الفترة القصيرة كان على هنداوى البدء بأولى الخطوات، وهي دراسة كلّ الدورات السابقة، فكانت المفاجأة، أو العقبة الأولى، حيث لا يوجد توثيق للسنوات السابقة سوى من 2013 فقط، وبالتالي، أضيفت لأجندة الأعمال القادمة تغذية أرشيف المهرجان لتسجيل جميع الدورات.

الإشكالية الأخرى التي واجهت هنداوي، هي الفترة القصيرة التي تفصلهم عن الدورة الجديدة، وبالتالي، ستواجه لجان المشاهدة صعوبة في الاختيار بين كمّ كبير من الأفلام المقدمة، إلاّ أن المساعدة أتت من هذه اللجان بعد اختيار اسمائها، وذلك بوضع برنامج مشاهدة خاص يتماشى مع ضغط التوقيت، والأعداد الكبيرة، ليكون الشعار الجمعي لفريق المهرجان كما أوضح هنداوي "الانحياز للسينما، ولكل ما هو سينمائي في كافة تفاصيل الدورة 23". 

أما المشكلة التقنية الأكبر كانت في طريقة عروض الأفلام التي لم تكن جيدة بما يكفي على مستوى جودة الصورة، أو الصوت، وهو ما تمّ تداركه هذا العام حيث سيكون الجمهور على موعد مع مشاهدة الأفلام بطريقة"dcp" ، والتي تتيح جودة أفضل للعروض. وبالطبع، لم تنتهي العقبات على المستوى الفني، أو الإداري، لاسيما وأن دورة هذا العام تعرض نسخاً مرممة لبعض الأفلام، الأمر الذي تكلف مجهوداً ليس بالسهل على المستوى المادي، والتقني.

رغم أن الفن السابع بدأ توثيقياً، فبلا شكّ تعاني السينما التسجيلية، والمستقلة من شظف الإقبال الجماهيري، بجانب عزوف الاهتمام النقدي أيضاً في أحيان كثيرة، لذلك، نلمح كمّ الصعوبات التي يواجهها مهرجان نوعيّ كالإسماعيلية.

 

جائزة مادية لأول مرة لمسابقة أفلام الطلبة

تقدم لدورة هذا العام عدد كبير من الأفلام بلغ 971 فيلماً ما بين تسجيلي، وقصير، وتحريكي، بالإضافة الي أفلام الطلبة، اختارت لجان المشاهدة 107 فيلماً من 31 دولة عربية، وأجنبية تضم عروضاً أولى على المستوى الدولي، والإفريقي، تتنافس على خمس مسارات للتسابق، وقد توزعت الأعداد بشكل متساوّ –تقريباً- على جميع الأقسام.

تضم مسابقة الأفلام التسجيلية الطويلة 10 أفلام من بينها:

"البحث عن الخيول" إخراج ستيفان باڤلوڤيك.

"باب الدنيا" إخراج عبد الرحمن محمود.

"السجل الحيّ لذاكرتنا" إخراج إنيس توهاريا.

فيما يشترك 12 فيلماً في مسابقة الأفلام التسجيلية القصيرة مثل:

"بين الزجاج، والجدران" إخراج رازان حسن.

"الناقلات" إخراج إيجور موستوفشيكوڤ.

"إدريس" إخراج أمير الشناوي.

 وتضم مسابقتيّ الأفلام الروائية القصيرة، وأفلام الرسوم المتحركة 12 فيلماً لكل منهما، وأخيرا يتنافس 11 فيلماً في مسابقة أفلام الطلبة، والتي يُخصص لها جائزة مادية لأول مرة هذا العام.

 

برامج موازية

يضم برنامج الفعاليات الموازية تسعة أقسام لعلّ أهمها برنامج السينما التجريبية، وهي سينما شائكة علي مستوى التعريف، أو الفهم، وسيتم عقد ندوة خاصة لمناقشة السينما التجريبية، وفي هذا البرنامج يقدم الناقد السينمائي الكبير صلاح سرميني كتاباً هاماً بعنوان "السينما التجريبية فجرٌ بلا نهاية" ضمن مطبوعات المهرجان، الكتاب عبارة عن مجموعة مقالات، ودراسات، وتقارير ما بين الترجمة، والتأليف، تبحث في ماهية السينما التجريبية، واشكالياتها الخاصة، والمتعددة بداية من نظرية التلقي نفسها، وحتى الدراسات المعنية، ويطرح الكتاب حال السينما التجريبية في الوطن العربي، يقول سرميني:

(ملايينٌ من البشر في هذا العالم، وأنا واحدٌ منهم، هي باختصارٍ جانبٌ من تاريخ السينما، ولكن، من هذه الملايين هناك رُبما مئاتٌ فقط من العرب يشاهدونها، ويدركونها، ويتابعونها، ومن المفيد الإشارة، بأنّ عشراتٍ من السينمائيين العرب ينجزون أفلاماً تجريبية (مُبسّطة)، ولكنها لاتصل إلى المتفرج كما حال السينما السائدة).

كما تضم مطبوعات المهرجان أربع اصداراتٍ بالإضافة الي نشرة يومية –تصدر للمرة الأولى- تواكب فعاليات المهرجان.

على جانب أخر يوجد برنامج لسينما الأطفال، وهو بغرض جذب الجمهور الإسماعيلي لحضور الفعاليات بعيداً عما هو معتاد باستضافة أسماء نجوم كبيرة، بجانب برنامج الأفلام الكورية، وبرنامج بعنوان "حتى لا ننسى" سيعرض أفلاماً اتخذت من تيمة كوفيد 19 عالماً للسرد، والدراما.

كما يضم البرنامج ثلاث فعاليات، أو مئويات، وهي مئوية اكتشاف مقبرة الملك الفرعوني توت عنخ أمون بمناسبة مرور مائة عام على اكتشافها في نوفمبر 1922، وسيعرض ضمنها فيلماً تسجيلياً بعد ترميمه بنفس العنوان للراحل الكبير شادي عبد السلام، ومئوية ميلاد المخرج صلاح التهامي، وعرض بعض من أفلامه المرممة، ثم مئوية المخرج الأمريكي من أصل ليتواني جوناس ميكاس.

 

احتفاء بجيل الواقعية الجديدة

في فترة الثمانينيات ظهرت خمسة أسماء لمخرجين شباب، هم بترتيب العروض الأولى لأفلامهم: محمد خان، رأفت الميهي، خيري بشارة، عاطف الطيب، داود عبد السيد، هؤلاء الخمسة شكلوا مرحلة هامة، وفارقة في تاريخ السينما المصرية، أُطلق عليها "الواقعية الجديدة". لم تقتصر هذه الحركة على تلك الأسماء فحسب، بل كان هناك أكثر من مخرج سبق العقد الثمانينيّ بقليل، علي بدرخان على سبيل المثال، أو جاء في نهايته كشريف عرفة.

ثمة نقطة مشتركة بين هؤلاء؛ قد تكون هي تلك الموجة الجديدة، أو هي الواقعية المستحدثة، إلاّ أنه ليس من قبيل الصدفة ظهور هذه الحركة في ذلك العقد تحديداً، الذي يعقب فترة السبعينيات ويُعدّ بمثابة التطبيق العملي الحقيقي لقوانين الانفتاح، والمستجدات الطارئة على المجتمع المصري، والتي حوّلت وجهته –أيديولوجيا، وأخلاقياً-وصنعت التركيبة الجديدة مرورا بالتسعينيات، وعقود مبارك الثلاثة.

بما أن الفن في العموم، والسينما بالأخص على علاقة وثيقة بالمجريات، والتحولات المجتمعية.

من هنا تأتي أهمية تكريم المخرج الكبير خيري بشارة هذا العام، ويعرض له ثلاثة أفلام تسجيلية بجانب كتاب عن تجربة بشارة في السينما يضمّ بعض من السيناريوهات لأفلامه التسجيلية، ويُعدّ شهادة هامة، حيث هو من تأليف المخرج نفسه.

أما التكريم الآخر، فهو للمخرج عواد شكري، وعرض ثلاثة من أفلامه، بالإضافة الى كتاب "عواد شكري.. ابن الصعيد" للناقدة صفاء الليثي.

 

الورش الفنية  

تعاني الثقافة العربية من نقص شديد في عدة جوانب منها الثقافة السينمائية، وبالتالي، أضحى الفنان المثقف –في العموم- عملة نادرة لاسيما في زمننا المعاصر الذي احتل فيه العديد من الجهلاء النجومية، والانتشار الجماهيري، لذلك، يُعد الفنان أحمد كمال أحد الوجوه التي ما تزال تجاهد في مواجهة الوأد التسليعي لصورة الفنان المثقف، خصوصاً، وجلّ تجربته السينمائية كانت مع مخرجين خرجوا عن المألوف مثل "محمد خان، خيري بشارة، يسري نصر الله، أسامة فوزي، ومعظم أفلام داود عبد السيد" الذي كان يعتبر كمال "تميمة حظّ" في أفلامه كما قال الأخير.

خلال حفل تكريمه بالدورة السابقة للمهرجان، أعلن الفنان أحمد كمال عن تعاون مفتوح مع المهرجان لإقامة ورشة تدريب الممثل لأبناء الاسماعيلية بداية من الدورة القادمة، وهو ما سيتم بالفعل هذا العام على مدار خمسة أيام من الفعاليات لشباب أبناء مدينة الاسماعيلية.

بجانب ذلك تُقام ورشة "انتاج، وتوزيع الفيلم التسجيلي" للمنتج الفني حسام علوان.

صدرت النسخة الأولى من مهرجان الاسماعلية عام 1980 كمهرجان للأفلام المصرية التسجيلية، والقصيرة على يدّ الناقد الراحل أحمد الحضري، ثم جاء الناقد الكبير هاشم النحاس في بداية التسعينيات، بالإصدار الثاني مكملاً ما بدأه الحضري، وتوالت الأسماء العديدة على رئاسة المهرجان؛ الفنان كرم مطاوع، والناقديّن علي أبو شادي، وسمير فريد، وصولاً إلى الناقد عصام زكريا، والمخرج سعد هنداوي الذي يحمل برنامجه الجديد لهذا العام الكثير من التجديدات، والآمال، وهو ما يساعد المهرجان بالطبع في خطو خطوة للأمام.

حوار مع المخرج نسيم شيخاويّ

أجرى الحوار: فابريس لو بيكولو

قبل أن يصبح كاتب سيناريو - شارك نسيم شيخاوي بشكلٍ خاصّ في كتابة الجزء الثاني من فيلم Les  (عائلة توش)Tuches 2   ـ كان يعمل مع الشباب كمعلمٍ/مؤطرٍ في بيتٍ للرعاية.

ومن أجل تجربته الأولى خلف الكاميرا، اختار أن يرويّ قصته الخاصّة التي أثمرت عن نتيجةٍ مؤثرة.

 

·      ما الذي جعلك ترغب في ترك التعليم، والتأطير؟

 

في عام 2014، خطرت لي فكرة سيناريو عن تونس، تحدثتُ مع صديقي فيليب ميتشيلين، مؤلف سلسلة البرنامج التلفزيوني Les Guignols ، وهو الذي كتب سيناريوهات  "Les Tuches" (عائلة توش).

عندما كتب "Les Tuches 2"، طلب مني المُشاركة في الكتابة، هناك قابلت منتج الفيلم، ماتيو تارو، وأخبرته عن رغبتي بكتابة قصة عن السنوات التي عملت فيها كمعلمٍ تربويّ، لكنني قلت له:

"إذا أنا كتبتها، فأنا الذي سوف ينجز الفيلم"، وهذا ما حدث بالضبط.

 

·      كيف تنتقل من سيناريوهات أجزاء فيلم "Tuches"  (عائلة توش) إلى هذا الفيلم الشخصي؟

 

إنها بسيطة جداً بعد كلّ شيء، رُبما يكون Les Tuches (أجزاء فيلم "عائلة توش") أكثر صعوبة، من أصعب الأشياء أن تجعل الناس يضحكون، كلنا نبكي على نفس الأشياء، لكننا لا نضحك على نفس الأشياء، علاوةً على ذلك، عشت هذه القصة، كما أتيحت لي الفرصة لمقابلة هيلين فيليير التي شاركت في كتابة السيناريو معي، والتي اعتادت الكتابة لسينما المؤلفين.

 

·      هل كان من الصعب الحصول على هذه النغمة التي تتناوب الكوميديا، ​​والدراما؟

 

بالنسبة لي، كان من الضروري أن يكون خليطًاً بين الكوميديا، والدراما، بادئ ذي بدء، لستُ من محبيّ الدراما، إذا كان لديّ ساعتان لأقضيهما، فلا أريد أن أرى ذلك، في الوقت نفسه، كان من الطبيعي أن أبثّ الكوميديا​​، لقد عشت لحظاتٍ من المرح الكبير في تلك المهنة، لكن، لم أرغب بأن أغرق الفيلم في النكات المجانية، كان عليّ قياس لحظات الحياة جيداً، ومن جانبٍ آخر، تجنّب الوقوع في الشفقة، حيث أنه سابقاً تمّ بالفعل معالجة هذا الموضوع من وجهة نظرٍ أكثر دراماتيكية.

 

·      هل هناك خصوصية ما في توجيه الممثلين الشباب من غير المُحترفين؟

 

كان الأمر بسيطًاً جداً، لقد قمت بعملية اختيار الممثلين، قابلت الكثير من الشباب، كان من المهم بالنسبة للمصداقية أن لا يكونوا محترفين، أنا فخورٌ جدا بهؤلاء الممثلين.

 

·      ما مدى إخلاص هذا الأمر مع تجربتك الخاصة؟

 

حسناً، لم أتقدم لامتحانات القبول في جامعة العلوم السياسية، ولم أغويّ ماتيلد، من ناحيةٍ أخرى، بصق أحد المراهقين في وجهي صحيح، عندما يُقال لي: "بالنسبة لك، إنها مجرد وظيفة" أيضاً، عندما لا تكون مجرد وظيفة، وكان أبي يفتح رسائلي الخاصة بدون إذن!

 

·      ألم تبالغ في الجانب الجيد للأشياء؟

 

أردتُ إظهار بأنّ هناك جوانب أمل، يُعتبر وضع "عقود شاب بالغ" معقداً، في  المدينة التي عملت فيها، لم يكن لدينا عقدٌ محترفٌ للشباب على الإطلاق، على سبيل المثال، إذا لم نوقعه، فإن الشاب في الثامنة عشرة من عمره ينتهي به المطاف في الشارع، لكنني كنت أعرف شخصاً في القسم الذي أعمل فيه، انتهى به المطاف في الشارع في الثامنة عشرة من عمره، وأصبح أخيراً نائباً في البرلمان.

أنا، هذا ما اختبرته، ووجده الشباب جيداً، منزل الرعاية، منذ وقتٍ ليس ببعيد، رأيت شخصاً كان معنا: كان ذاهباً إلى حفل زفاف أعزّ أصدقائه، الذي التقى به في دار رعاية، الاستثمار في دار رعاية ليست أمراً تافهاً أبداً، لكن الكثيرين يتعاملون معها بإيجابيةٍ، ويبتعدون عنها.

يُطلب من هؤلاء الشباب أن يكونوا أكثر نضجاً من الآخرين، وأن يكونوا مستقلين، على الرغم من أنهم محرومون، نجاحي الأكبر هو الترويج لهذه المهنة، وأنّ يجد المعلمون التربويّون أنفسهم هناك.

المصدر :

 https://www.citedesarts.net/

سينماتك في ـ  12 يناير 2023

* هذه المواد نشرت في جريدة التيار السودانية، بتاريخ 06.03.2022

 

>>>

70

69

68

67

66

 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004