صلاح سرميني

 
سيرة جديد مقالات ملفات
 
 
 
 

ملفات

 

>>>

50

49

48

47

46

 

هل سينما التحريك هي نفسها سينما الطفل؟

قراءةٌ في كتاب عاطفة الحب في أفلام ديزني

دراسة نقدية لفيلم The Little Mermaid

كتابة: ليليا عثمان الطيب/ الجزائر

 
 

يقول والت ديزني في تقريرٍ لجريدة The Atlanta Journal Constitution :

"كلّ أفلامي موجهة للبالغين، فبعض الناس لا يكبرون على الإطلاق، والبعض الآخر كبيرٌ منذ ولادته، لكن معظمنا يحتفظ بحب الخيال، والمغامرة البطولية حتى آخر يوم في حياته، هؤلاء الذين نصنع الأفلام لأجلهم".

إن أفلام ديزني ليست مخصصة للأطفال فقط، حيث أكد باري نورمان Barry Norman أن فيلم حورية البحر الصغيرة The Little Mermaid ليس مجرد فيلم للأطفال، وهذا ما يؤكده جون لاستير John Lasseter بقوله :

 "يميل الناس إلى القول، بأن الرسوم المتحركة التي نصنعها موجهة للأطفال فقط، لكن كلامهم غير صحيح".

وكمثالٍ على العلاقة القوية بين أفلام ديزني، وجمهور البالغين، هو الكتاب الذي ألفه رون سوسكيند Ron Suskind حول ابنه أوين Owen بعنوان The Exceptional Case Of Owen Suskind - Subject Of Life Animated-، يذكر في كتابه أن أوين كان يعاني من التوحد مما جعله لا يستطيع التواصل مع الآخرين، ثم بدأ في مشاهدة أفلام ديزني بانتظام، وإعادة مشاهدتها على الفيديو، ومع مرور السنين ساعدته هذه الأفلام على تعلم التواصل، وتمكن من إجراء محادثة مع والده، وذلك حين قام والد أوين بمحاكاة صوت الببغاء في فيلم علاء الدين من أجل التحدث مع والده، كما تعلم أوين القراءة، والكتابة، وعلق على هذا حين غادر المنزل من أجل الالتحاق بالجامعة قائلا:

"الفيلم لا يتغير، هذا ما أحبه في الأفلام، لكن أنا تغيرت، ففي كل مرة يبدو الأمر مختلفاً بالنسبة لي، لقد كانت تجربة مخيفة حين كنت صغيراً، ثم فهمت أن الأمر يتعلق بالعثور على الجمال حتى في الأماكن التي يصعب العثور عليه فيها، لكنني أدرك الآن، أن الأمر يتعلق بشيءٍ آخر، ألا وهو العثور على الجمال في نفسك، لأنه عندها فقط ستتمكن حقاً من رؤيته في الآخرين، وفي كل مكان".

لقد حاولنا في كتابنا الموسوم بعاطفة الحب في أفلام ديزني -دراسة نقدية لفيلم الرسوم المتحركة حورية البحر الصغيرة The Little Mermaid - الصادر عن دار خيال للنشر، والترجمة سنة 2020 بالجزائر  موضوع أفلام ديزني كأفلام موجهة للكبار، والصغار، فهل يستطيع طفل في سن الخامسة أن يستوعب قصة أميرة ( شخصية أرورا في فيلم Sleeping Beauty ) نامت مئة عام، ولم يستطع أحد إيقاظها إلاّ بعد قبلة واحدة من أمير أو ما يُعرف سينمائياً True Love kiss التي تحرص معظم كلاسيكيات ديزني على تقديمها كتتويج لقصة حب في أفلامها، ففي فيلم The Little Mermaid يدفعها حبها للأمير إيريك على التخلي عن هويتها، وعالمها، وأسرتها، متأثرة بشدة فضولها الكبير حول عالم البشر وانبهارها بكل ما يرتبط بعالمهم، ويتم تمييز هذا الجانب من شخصيتها في الفيلم قبل أن تقع عيناها على الأمير إيريك، على الرغم من أن كاتب القصة الأصلية هانس كريستيان أندرسن Hans Christian Andersen  قد نشر قصة The Little Mermaid سنة 1837، وضمّنها العديد من قيم مجتمع القرن التاسع عشر تجاه المرأة، إلاّ أن فيلم ديزني الصادر سنة 1989 ألغى معظم هذه القيم، وقام بإحداث تغييراتٍ في تركيبة الشخصيات، والحوار  مما جعل الفيلم أكثر تحيزاً للمظهر، والرغبة من القصة الأصلية.

في فيلم ديزني، وقصة أندرسن حورية البحر هي أجمل، وأصغر بنات الملك تريتون، ولكن الدافع وراء رغبتها في أن تصبح بشراً في حكاية أندرسن يختلف كثيراً عن دافعها في الفيلم، ومن يشاهد الفيلم سيتفاجأ بالاختلاف الكبير بينه، وبين حكاية أندرسن، ففي نسخة ديزني حورية البحر لا تتخلى عن عالم البحر لاكتساب روح خالدة كما هو مذكور في قصة أندرسن، بل في الفيلم تتخلى عن زعانفها من أجل ساقين بشريين، وتتخلى عن صوتها العذب للساحرة حتى تتمكن من عيش حياتها البشرية مع الأمير إيريك، إن الحب عند حورية بحر أندرسن هو وسيلة لتحقيق غاية، وليس غاية في حدّ ذاته، فهي تساوي بين أفكار الحب، والروح الخالدة، لأنها تعتقد أن الخلود يعتمد على اكتساب الحب البشري أولًا، كما تعتقد أن السعادة يتم تحقيقها في الآخرة، وليس على الأرض، أما حورية بحر ديزني تعادل بين الزواج والحب، فهي تسعى إلى الزواج كهدف، وهذا يؤسّس أفلام القيم السطحية فيما يتعلق بالزواج، فقبل أن ترى إيريك، كانت مهووسة بالثقافة الإنسانية بأكملها، ولكن الحب يحصر تركيزها على جزء واحد من تلك الثقافة .

حورية بحر أندرسن حين لا تفهم استياءها من كون نصفها بشري، ونصفها الآخر حورية، تلجأ إلى جدتها الحكيمة التي تخبرها أن حوريات البحر يعشن 300 عام، ولكن لديهن أرواح خالدة فهن لا يذهبن للجنة بعد موتهن، بل يتحولن إلى زبد البحر، والطريقة الوحيدة التي تستطيع من خلالها أن تكتسب روحاً هي أن يحب إنسان حورية بحر، وبعد الاستماع لجدتها تدرك أنها مستاءة لأنها لا تملك روحاً خالدة، وبالتالي، فحورية أندرسن تسعى إلى الروح، أما حورية ديزني فتسعى إلى رفيق، لذلك، فحكاية أندرسن أعطت الأولوية للأهمية الروحية على الأهمية الجسدية، لكنها أقرب إلى الواقع من فيلم ديزني، ففي الفيلم تحقق إرييل هدفها، وتتزوج من إيريك، بينما في حكاية أندرسن تكون النهاية حزينة، حيث ترفض قتل الأمير حتى تعود لطبيعتها كحورية مرة أخرى، بل تكتفي بتقبيل جبين الأمير العريس، وتبتسم لعروسه، وتتحول إلى زبد بحر، وهي تكتشف أن النعمة من حب الرجل ليست هي الوسيلة الوحيدة للخلاص، حيث يمكن تحقيق الخلاص من خلال التضحية بالنفس للأعمال الصالحة، فقد أرادها أندرسن أن تكتسب روحاً بجهودها الخاصة بدلا من الاعتماد على شخص آخر لإضفاء روح عليها، وهكذا، فإن صناعة الثقافة تحول القصص الخيالية إلى سلع مما يجعل سينما التحريك كصناعة، وفن ليست موجهة للطفل كجمهور أول، بل يمكنه استيعابها من خلال توجيهات الأهل كجزء من التربية، فالحب، والزواج ليسا أمران يدفعان المرء للنرجسية، أو الأنانية، بل بالعكس، فالحب يقويّ في الإنسان روح العطاء، والإيثار  لذلك، فهدف حورية أندرسن كان أكثر أخلاقية من هدف إرييل في الفيلم.

LIBAN 1982

عودة الممثلة، والمخرجة اللبنانية نادين لبكي أمام الكاميرا في فيلم "لبنان 1982" للمخرج وليد مؤنس. يتتبع الفيلم يوماً حرجاً في الحرب الأهلية اللبنانية، ويرويّ من خلال عيون طفلٍ يبلغ من العمر 11 عاماً في حالة حبٍ مع زميلته في الصف.

في عام 1982، أثناء غزو لبنان، في مدرسةٍ خاصة في ضواحي بيروت، حاول وسام البالغ من العمر 11 عاماً الاعتراف بحبّه لإحدى زميلاته في الصف.

 في الوقت نفسه، يحاول أساتذته، الذين يشتركون في الخلاف السياسي، إخفاء مخاوفهم.

النقد السينمائيّ المُتكامل

هل يمكن للناقد السينمائي أن يقدم نقداً متكاملاً (أو كاملاً) من المٌشاهدة الأولى للفيلم، أم يحتاج إلى عدة مشاهداتٍ كي يصل إلى نتيجة مرضية؟

*****

هل هناك فيلمٌ متكاملٌ (أو كاملٌ) كي يكون هناك نقداً متكاملاً (أو كاملاً)؟

ماذا يعني النقد المُتكامل (أو الكامل)؟

هذا الذي يرضى عنه من كتبه، أم من يقرأه؟

هل النقد المتكامل (أو الكامل) هو تحليل الفيلم كله من أوله إلى آخره، أم تحليل كلّ العناصر المُكوّنة له؟

ماهو الكلّ في هذا الفيلم كي يكون النقد متكاملاً (أو كاملاً)؟

مع صعوبة تحديد التكامل (أو الكمال) أكان في الفيلم، أو في النقد، فإن هذه الصعوبة تقودنا إلى الخلاصات التالية :

الفيلم المتكامل(الكامل) هو الفيلم الذي يتفق عليه كلّ البشر.

ومن هنا، لا يوجد فيلمٌ متكامل (أو كامل) مهما كانت عظمته.

الفيلم العظيم هو الفيلم الذي ينقصه شيئ ما، أو بعض الأشياء، ويُكمّلها المتفرج، وكلّ واحدٍ وُفق ثقافته السينمائية الخاصة.

النقد المتكامل (أو الكامل) هو النقد الذي يتفق على تكامله كلّ البشر.

ومن هنا أيضاً لا يوجد نقد متكامل (أو كامل).

وحتى، عظمة النقد أن لا يكون متكاملاً (أو كاملاً)، وإلاّ لن يجد آخرون ما يقولونه عن الفيلم بعده.

العمل الفني العظيم لا يكشف عن أسراره مرةً واحدة، ولا يستطيع كشفها ناقدٌ سينمائيّ واحدٌ إلاّ كان هذا الناقد خالقاً للسينما، والنقد نفسه.

دفاع متأخر عن السينما الجماهيرية

من دردشةٍ فيسبوكية مع المخرج العراقي فيصل الياسري

يعرف الجميع موقفي من أطروحات الماجستير، والدكتوراه في العراق، قرأتُ إحداها بإمعانٍ شديدٍ (وفصفصتها)، وسمعت عن طريقة الإشراف على الأبحاث، والأطروحات، وهو موضوعٌ نالني منه الأذى الكثير، ولكن، لا يهمّ، لقد علمتني التجربة بأن لا أتعالى على فيلم، ولا أضع نفسي مكان المخرج، وكأنني أرغب ضمنياً بأن أخرج الفيلم بدلاً عنه، وحتى لا أتعامل مع السينما انطلاقاً من النقد، ولكن من التحليل.

منذ حوالي سنة شاهدت فيلم "عقد اللولو"، ووجدت فيه جوانب جميلة جداً، لن نجدها في الأفلام الحالية، ومنذ أسابيع شاهدت في السينماتك الفرنسية فيلم "انت حبيبي" ليوسف شاهين، لا تتصور المتعة التي منحني إياها هذا الفيلم، وليذهب النقد إلى الجحيم.

أحياناً، يكفي أن أعثر على لقطةٍ واحدة في فيلم ما تعفيني من الكتابة عن الفيلم، أو حتى تغطي على كلّ عيوب الفيلم إن كان فيه عيوباً.

على سبيل المثال: كيف يسمح ناقدٌ لنفسه أن يكتب عن فيلم "عقد اللولو" كما يكتب عن آخر فيلم لجودار.

وكيف يمكن الكتابة عن فيلم لبرجمان بنفس النظرة النقدية في الكتابة عن فيلم لسيرجي ليوني، أو داريو أرجنتو.

كلّ مخرج يمتلك عالمه الخاص، وعلى الناقد السينمائي أن يكشف، ويحلل هذا العالم، ولا يضع نفسه وصياً على السينما، وعلى الأفلام، وعلى المخرجين، ويقيس الأفلام بالميزان.

سينماتك في ـ  07 يناير 2023

* هذه المواد نشرت في جريدة التيار السودانية، بتاريخ 17.10.2021

 

>>>

50

49

48

47

46

 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004