سعد القرش |
القاهرة (رويترز) - بعد أكثر من ربع قرن على تبادل السفراء بين مصر واسرائيل وتطبيع العلاقات على أكثر من مستوى يأتي فيلم (السفارة في العمارة) لنجم الكوميديا عادل امام ليقول ان المصريين يجمعون على رفض التطبيع في ظل الممارسات الاسرائيلية تجاة الفلسطينيين. وقد تسبب زحام الجمهور في تعطيل المرور بشارع طلعت حرب حيث توجد السينما التي شهدت العرض الخاص للفيلم مساء الثلاثاء وبعد انتهاء الفيلم انطلق مكبر صوت من القاعة تحية لبطل الفيلم الذي يعالج رأي المصريين في اقامة علاقات مع اسرائيل. أحداث الفيلم الذي كتبه يوسف معاطي وأخرجه عمرو عرفة أشبه بجملة طويلة بين قوسين أو صورتين. يبدأ الفيلم بصورة كبيرة للرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات في بيت مهندس فلسطيني يعيش في دولة الامارات العربية المتحدة وينتهي بصور لمواطن مصري جعلته الاحداث بطلا شعبيا. يبدأ الفيلم في الامارات حيث يعيش مهندس مصري منذ أكثر من عشرين سنة وله صديق فلسطيني ولد ابنه اياد في فلسطين ولكنه يرغب في العودة الى وطنه الذي لم يره لينضم الى الانتفاضة. ويسأل الصبي باندهاش "هو اللي يدافع عن أرضه يبقى ارهابي" كما قالت لهم احدى المدرسات الاجنبيات. ويعود المهندس الى مصر ليجد مقر السفارة الاسرائيلية في البناية التي يمتلك احدى شققها ولا يجد في ذلك مشكلة فهو لا يهتم بالسياسة ولا يعرف معنى كلمة "تطبيع" بل لا يعرف النطق الصحيح للكلمة. ويفاجأ بأن الناس لا يقبلون التعامل معه لهذا السبب ابتداء من صاحب مطعم الى فتاة ليل وافقت على الذهاب معه الى بيته وحين فوجئت بأنه جار للسفير الاسرائيلي ردت اليه أمواله واتهمته بأنه عميل لا يستحق أن يكون مصريا. وأقامت مصر علاقات دبلوماسية مع اسرائيل بعد اتفاقيات كامب ديفيد عام 1979 التي أعقبت الزيارة الشهيرة للرئيس المصري السابق أنور السادات لاسرائيل عام 1977. وتقع السفارة الاسرائيلية في مصر أعلى بناية تطل على نهر النيل من ناحية وعلى جامعة القاهرة من ناحية أخرى وتحتها مباشرة ميدان صغير يضم تمثال (نهضة مصر) للنحات المصري الرائد محمود مختار (1891 - 1934). وأثار وجود السفارة في هذا الموقع مشكلات لسكان البناية الذين يعانون من الاجراءات الامنية المشددة فضلا عن مظاهرات متكررة لطلبة جامعة القاهرة الذين يطالبون بنقل السفارة على الاقل من هذا المكان. ويفكر بطل الفيلم في بيع الشقة ولكن وجودها بجوار سفارة اسرائيل يجعلها لا تساوي جنيها مصريا في نظر أحد المشترين فيقرر صديقه المحامي رفع دعوى قضائية لابعاد السفارة وفقا لقانون "حق الاتفاق مع الجار" حيث يتضرر المهندس من وجود السفارة ابتداء من تقييد حريته الشخصية وانتهاء بصاروخ أطلقه في احدى الليالي شبان متحمسون فأخطأ السفارة ودمر الشقة. ويتحرك وعي البطل بدون قصد اذ أعجب بمدرسة في جامعة القاهرة وبدلا من أن يقضي معها ليلة ممتعة يكتشف أنها من عائلة يسارية حيث قضى الاب والام نصف عمرهما في المعتقلات. وبدون قصد أيضا يجد البطل نفسه جزءا من مظاهرة تندد بالتطبيع مع "أعداء السلام" و"سقوط الاحتلال الاسرائيلي" ويصير المطرب الشعبي المصري شعبان عبد الرحيم تلخيصا لحالة التظاهر التي تتردد فيها أغنيته "أنا باكره اسرائيل". ويقرر البطل التمسك بحقه في طرد السفارة من البناية كما يرفض بيعها لهم بأي ثمن يحدده قائلا "لن أقايض على وطني" فيلجأون الى اغوائه بسيدة جميلة تقضي معه ليلة ويبتزونه جنسيا مهددين بفضحه طالبين منه التنازل عن القضية. ثم يطلب منه السفير فتح شقته لضيوفه في أحد الاحتفالات تحت هذا التهديد نفسه فيهبط الى الشارع ليجد متظاهرين يحملون صورة الصبي اياد الذي اغتالته القوات الاسرائيلية فيصعد بسرعة طاردا السفير وضيوفه غير مبال بأي شيء في مشهد النهاية الذي صفقت له الجماهير طويلا. ولا يفوت الفيلم أن يشدد على أن اتفاقية التجارة الحرة (الكويز) التي وقعها البلدان في الاشهر الاخيرة "أسوأ يوم في تاريخ مصر" حيث ينقسم الشعب العربي الى "ناس تحارب الاحتلال وناس يهمها جمع المال." ويثبت الفيلم أن جموع المصريين يرفضون التطبيع مع اسرائيل من طلبة ومحامين وصحفيين حتى جندي المرور وضابط الشرطة الذي كام مكلفا بحراسة السفارة ثم سمح للمتظاهرين بالمرور. ولكن قلة من المصريين يتعاملون مع اسرائيل وهذا ما أثار دهشة البطل من الاستعانة بخبراء زراعة اسرائيليين قائلا كيف يكون ذلك في بلد عرف الزراعة منذ سبعة الاف عام... وأثارت بعض الافلام المصرية قضية التطبيع بين مصر واسرائيل في أفلام منها (فتاة من اسرائيل). وكانت جمعية نقاد السينما التي تأسست بمصر عام 1972 قد أصدرت في السادس من أبريل نيسان عام 1979 بيانا أشار الى أن "السلام هو المطلب الحيوي الطبيعي للشعب المصري والشعب العربي وكل شعوب العالم غير أن الخلاف دائما يكون حول أسس هذا السلام وشروطه وضماناته. والسلام الذي تسعى اليه مصر وكل الدول العربية هو السلام الشامل العادل القائم على تحقيق المطالب المشروعة للشعب العربي الفلسطيني بما في ذلك مطلبه في اقامة دولته فوق أرضه وعلى الانسحاب الاسرائيلي من الاراضي العربية بما في ذلك القدس المحتلة." والى أن يتحقق "هذا السلام" دعت الجمعية الى عدم التعامل مع الاجهزة السينمائية في اسرائيل بالنشر أو تبادل النشر أو بمجرد الاتصال و"عدم التعامل مع الاجهزة السينمائية المصرية التي تتعامل مع اسرائيل وذلك بعدم عرض أفلامها أو الكتابة عنها أو قبولها في مسابقات الجمعية لاحسن فيلم. وعدم التعامل مع الجمعيات الاهلية ونوادي السينما التي تتعامل مع اسرائيل بأي صورة من الصور." ولكن عددا محدودا للغاية من المثقفين المصريين زاروا اسرائيل أو لم يجدوا مانعا من التعامل معها ومنهم المخرج السينمائي حسام الدين مصطفى (1926 - 2000). موقع "إيلاف" في 20 يوليو 2005 |
هوسه بالبحر بدأ منذ نعومة أظفاره «الحياة مائية» للمخرج ويس أنديرسون يستعير سينما فيليني ترجمة: جلال الخليل بدأ هوس المخرج ويس أنديرسون بالمستكشف البحري وصانع الأفلام الوثائقية الأسطوري جاك كوستو منذ بلغ من العمر ما يكفي لمشاهدة تلك الأفلام الوثائقية على التلفزيون. ومثل أي طفل في الصف الخامس الابتدائي من المهووسين بالسحالي والسلاحف البحرية، كان ميالاً للكتب التعليمية مثل: «جاك كوستو اخترع كل شيء، اخترع الرئة المائية واخترع اسطوانات الغوص كما اخترع كبسولة الغوص التي تستخدم حتى اليوم، تعلمون أنه رجل عظيم». في السنوات التالية، استطلع أنديرسون ـ 35 عاماً ـ عوالم أخرى غريبة، لكن أكثرها غرابة كان «الحياة مائية مع ستيف زيو» الذي كتب قصته مع نوح بومباخ. هذا الفيلم الذي صور جزء منه في روما ومعظم مشاهده تدور في المحيط، يقوم بدور البطولة فيه بيل موراي الذي لعب شخصية راشمور العنيد في «عائلة تينونبام» الذي يجاهد لإكمال فيلم وثائقي عن القرش النمر الذي أكل شريكه استيبان (سيمور كاسل). كما يعيد الفيلم الجمع بين عدة وجود أخرى في «تينانبوم» مثل انجليكيا هيوستن التي تقوم بدور زوجة زيو الغريبة، وويلسون الذي يلعب دور الطيار العسكري السابق الذي يعتقد أنه ابن زيو. ومن الوجوه الجديدة بالنسبة للمخرج هناك كيت بلانشيت التي تلعب دور مراسلة صحافية تغطي عمل زيو الاستكشافي هذا ووليام دافو وجيف غولدبلوم وهي ملاح زيو الألماني ومنافسه في هذه الصناعة على التوالي، إضافة إلى الممثل البرازيلي سيو خورخي الذي يسلي البحارة بأغاني ديفيد بوي بالبرتغالية. فيلم «الحياة مائية»، الذي زادت تكلفته على 50 مليون دولار «ضعف ميزانية تينانبوم» هو أكثر أفلام أنديرسون طموحاً حتى الآن. يقول المنتج باري ميدل: «من الأشياء التي يمكن قولها عن «القارورة الصاروخ» ثم «راشمور» ثم «تينانبوم»، هو أن كل واحد منها يمثل درجة أعلى من الانضباط عن سابقه.رغم أن بالإمكان وصف الفيلم بأنه كوميديا مغامرات أو اختصاره بجملة «رجل يطارد قرشاً قاتلاً»، فإن «الحياة مائية» هو فعلاً فيلم عن إخراج الأفلام على نمط ما فعله فيديريكو فيليني في «281» أو فرانسوا تروفو في «نهار وليل». وذات مرة شبّه أورسون ويلس استديو السينما بـ «أكبر لعبة قطار يمكن لولد أن يمتلكها». وأنديرسون، مثل زيو أحياناً، كان يقود أكثر سفينة فوضوية عمل فيها مخرج. ومن المصاعب التي واجهها نذكر: بناء غابة بحرية في قاع المحيط داخل حوض مائي ضخم، تحويل سفينة تعود إلى أيام الحرب الباردة لسفينة زيو «بيلافونت»، وبمساعدة أخصائي الرسوم المتحركة هنري سيلين تشكيل مخلوقات بحرية جميلة بما فيها القرش النمر وسرطان السكر. كما شاهد أنديرسون ومدير التصوير إريك سوينسون كل فيلم بحري توفر لديهم لاكتشاف التقنيات اللازمة. منذ زار أنديرسون روما عام 2001 لترويج فيلمه «تينانبوم»، دخل ما يمكن تسميتها المرحلة الإيطالية. كل شيء يشير إلى الجزيرة الإيطالية، رغم أنه من مواليد هيوستن، من الطعام الذي يأكله إلى نمط الحياة التي يحياها. في «الحياة مائية»، يتعاون أنديرسون مع ماريا تيريزا كوريديوني مصممة الشعر السابقة التي عملت مع فيليني أيضاً، ومصممة الأزياء الحائزة على جائزة أوسكار ميلينا كانونيرو. بل إنه تعاقد أيضاً مع استديو سينيسيتا، الذي عمل فيه فيليني أيضاً وصنع فيه بحراً اصطناعياً لفيلمه «والسفينة تبحر». أنديرسون يحمر خجلاً وهو يسمع هذا المديح. يقول: «أحياناً، حين أصور، أصل حد عدم القدرة على الأكل إذا ما جن جنون الأمور من حولي. لكن الأمر لم يكن على هذا النحو في إيطاليا. كل ما في إيطاليا يجعل الحياة جميلة. هناك الأمور أقل ميلاً نحو العمل وأكثر توجهاً نحو الحياة». البيان الإماراتية في 21 يوليو 2005 |