جديد الموقع

كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما

 

 

التالي
السابق

 

كتبوا في السينما

سينما المقاومة في فلسطين

«الحس» للإيطالي فيسكونتي

يسري نصر الله: أفلامي بسيطة وشديدة الخصوصية

غودار: نحن أقرب إلى نقطة النهاية لأننا عاجزون عن الكلام

 

 

لارس فون تراير يتابع في «ماندرلاي» استكمال ثلاثيته الأميركية ويؤجل «واشنطن»:

 السعادة في العبودية... يا له من فرح تخر له ضروب الديموقراطية

ابراهيم العريس

«اعرف، ويمكنني أن أقول لكم منذ الآن ان الجزء الثالث من ثلاثيتي هذه سيحمل عنوان «واشنطن»، وان احداثه ستدور في العاصمة الفيدرالية للولايات المتحدة، في اربعينات القرن العشرين. وان الأحداث ستدور أيضاً من حول غريس وأبيها. لكنني أقول لكم أيضاً، انني لن أبدأ في انجاز هذا الجزء قريباً اذ أرى انني لست، بعد، ناضجاً كفاية لتحقيقه...».

في الواقع ان الذين كانوا يتوقعون، كالعادة، مفاجأة ما من لارس فون تراير خلال وجوده في مهرجان «كان»، أدركوا ان عليهم ان يكتفوا بهذا التصريح كمفاجأة لهم. وهل كان ثمة ما هو أغرب من أن يعلن المخرج الدانمركي المشاكس، بنفسه، «تأجيل» تحقيق آخر اجزاء «الثلاثية»، في الوقت نفسه الذي يُعرض جزؤها الثاني «ماندرلاي» في الدورة الأخيرة لـ «كان» ويقسم، كعادته الجمهور، بين معجب بإفراط، ومعاد بإفراط أيضاً؟

الثلاثية هي، بالطبع، «يو اس إي» التي كان فون تراير، عرض جزءها الأول قبل عامين بعنوان «دوغفيل»، وها هو يعرض جزءها الثاني أمام أنظار شاخصة حبلى بالتوقعات والدهشة أيضاً. ذلك ان فون تراير، دنا هذه المرة أكثر وأكثر من أحداث العصر الذي نعيش فيه، ومن السلوك السياسي لسيدة هذا العصر: الولايات المتحدة، ما أمعن في ازدياد سخط النقاد الأميركيين الموجودين في «كان»، من الذين لا يفرحهم على الاطلاق ان «يتدخل» مبدعون أجانب في شؤونهم الداخلية. فكيف وفون تراير، الذي يأخذون عليه انه يندد ببلدهم من دون أن يكون زاره ولو مرة في حياته، يدنو هذه المرة من «قدس الأقداس»: سياسة جورج بوش في العراق؟ مايكل مور، كأميركي يمكنه فعل هذا ويصفقون له... أما هذا الدانمركي...!

سياسة مواربة

لكن فون تراير لم يقترب من سياسة بوش في العراق، مباشرة. فأحداث «ماندرلاي» تقع في العام 1933، يوم لم يكن ثمة لا جورج بوش ولا صدام ولا حرب العراق. ثم ان الأحداث تقع في عزبة في وسط أميركا، بعيداً ألوف الكيلومترات عن بغداد ومنطقتها الخضراء. فإذا أضفنا الى هذا أن لارسن فون تراير اقتبس موضوعه من مقدمة لرواية «مركيزة أو» عنوانها «السعادة في العبودية»، ستزداد دهشتنا. ومع هذا، لم نكن في حاجة الى تصريحات لارس فون تراير الصحافية حتى نفهم ما يحدث. فالموضوع الأساس في «ماندرلاي» هو موضوع الحرية والديموقراطية، وهاتان اذ تهبطان على المستضعفين من أعلى تحاولان تقويض نظام قديم كان قامعاً لهم، لخلق نظام جديد يطالبهم بالعمل الجدي للخلاص. فيكون الجواب على لسان أحد كبار العبيد: «نحن كعبيد يمكننا ان نتناول عشاءنا بانتظام في السابعة مساء... فقولي لنا بربك في أي ساعة يتناول الأحرار عشاءهم؟». وهذا السؤال موجه هنا الى غريس، التي أتت بكل طيبة قلب لتخليص المستضعفين العبيد من حكامهم الظالمين، بفرض الحرية والديموقراطية... تماماً كما يحدث في «السعادة في العبودية»، فإذا بالعبيد أنفسهم يرفضون عطية السماء هذه، مفضلين العبودية الرغيدة عليها.

غريس هذه، هي نفسها التي كنا شاهدناها في «دوغفيل» (مع فارق تقني: في «دوغفيل» قامت بالدور نيكول كيدمان، وفي «ماندرلاي» تقوم به بريس هوارد)... وهي الآن بعدما حزمت أمرها وقضت على سكان دوغفيل، نساء ورجالاً وأطفالاً «مخلصة البشرية من آثامهم» تنتقل مع أبيها عبر الأراضي الأميركية، لتصل هذه المرة الى مزرعة نائية في ولاية آلاباما، تقف مع موكبها عند مدخلها باحثة عن أحد فيها، لتفاجأ بأن في المزرعة قوماً من العبيد لا يزالون على تلك الحال، على رغم مرور سبعين عاماً على قوانين حظر العبودية في أميركا. وعلى رغم تحذيرات أبيها – زعيم العصابة التي كانت تطاردها في «دوغفيل» – تقرر غريس البقاء وتحرير ضحايا تاريخ القمع العنصري هؤلاء. وتبقى بالفعل، وتفرض الديموقراطية شيئاً فشيئاً على السكان بعد موت العرابة «مام» التي تورثها دفتراً يحكي أحوال الناس جميعاً. وهكذا بفضل الدفتر وتسلمها السلطة، تتمكن غريس من فرض رؤيتها ويبدو لوهلة أن الأمور ستسير على ما يرام. ولكن كان يجب أخذ الطبيعة الانسانية في الحسبان... وهذا ما لم تفعله غريس، العائشة وسط نظرياتها ونياتها الطيبة. وهكذا يبدأ مسعاها بالانفراط تدريجاً، اذ لا تأتي المقاومة من الخارج، ولا من البيض المستعبدين للسود، بل من السود أنفسهم. فهذا نمط من العيش جديد، «تفرضه» عليهم غريس من فوق. وحكيم القرية الزنجي فلهلم يقولها بكل وضوح: «ان الوقت لا يزال بالنسبة الى قومي، أبكر من أن يمكنهم من اتخاذ قراراتهم بأنفسهم». ولا ننسين هنا ان فلهلم شكل دائماً مكانة وسطاً بين السادة البيض والعبيد السود، هو الذي كان يرى ان العبودية أهون الشرين... لأنها أخف وطأة من الحرية المسؤولة. والحقيقة ان ما أرادت غريس ان تفرضه على القوم هنا هو حرية مسؤولة تتخذ القرارات فيها بالتصويت... ومن سخرية القدر أن يكون واحد من أول القرارات، الحكم بالموت على امرأة عجوز سرقت طعام طفلة سوداء مريضة، ما أدى الى موت هذه الأخيرة. والمهم هنا هو ان غريس تقرر، بعد تردد، تنفيذ القرار بنفسها(!) وصولاً الى قرارات أخرى أكثر كآبة ومدعاة للغضب.

سينما/ فرح/ وتقشف

هل فشلت غريس في مسعاها؟ أمر قابل للنقاش... ومع هذا فإن لارس فون تراير لا يقف ضدها كلياً، وحتى النهاية. بل انه يبدو أقرب الى الالتباس في موقفه، ذلك انه بعد ان ينتهي الفيلم بعودة والد غريس وعصابته، لاصطحابها مسجلة إخفاقها الذريع، تطالعنا مئات الصور المتتالية على الشاشة على خلفية أسماء العاملين، وتحت ايقاع أغنية دافيد بوي الشهيرة «يانغ اميركانز». والصور تمثل مشاهد شهيرة التقطت فوتوغرافياً للمعاملة المرعبة التي لقيها السود، دائماً، في الولايات المتحدة, ترافقها صور لحروب خيضت ولقتلى وجرحى ودمار. واذا كانت الصور جميعاً تنتمي الى أواسط القرن العشرين، فإن من الأمور ذات الدلالة أن يكون لارس فون تراير، قد دمج فيها صورتين لهما كل دلالتهما المعاصرة: صورة لجورج دبليو بوش، وأخرى لجنديين أميركيين أسودين في أفغانستان أو العراق.

هذا الموضوع الشائك، الذي يمكن من ربط الأزمان ببعضها ومن ربط الأفكار ببعضها، عالجه لارس فون تراير، بالأسلوب نفسه الذي كان عالج به فيلمه السابق «دوغفيل»: معالجة مسرحية وسط ديكور فسيح يصور المزرعة، وعليه خطوط ملونة تحدد جغرافية البيوت وأماكن التجمع المفتوحة كلها على بعضها بعضاً...

وينتقل الممثلون بينها وكأنها جدران حقيقية. انه ذلك الدمج الخلاق نفسه بين المسرح والسينما. الدمج الذي يلتقي، تقنياً وفكرياً مع مسرح بريخت (والذي لن يفوتنا ان نلاحظ في «ماندرلاي» أيضاً حضور مسرحيته الكبيرة «اوبرا القروش الثلاثة»)، كما مع مسرح ثورنتون وايلدر (ولا سيما مسرحيته «بلدتنا»). والحال أن اللجوء الخلاق الى هذا الشكل المسرحي لم يدفع الفيلم الى الغرق في شكلية خاصة، كما قال البعض من الذين رأوا فيه صرفاً للأذهان، عن موضوع الفيلم الخطير، بل انه – اذ جعل المحيط متقشفاً الى هذه الدرجة، والديكور عارياً، وحد من استطالة الحوارات لمصلحة استخدام امثل لموسيقى غلب عليها الطابع الباروكي، وحد من أدائية الممثلين -، دفع المتفرج – بأسلوب بريختي واضح – الى التفكير طوال الفيلم في الأمور الخطرة التي شاء أن يقولها له.

وأكد مرة أخرى، فرادة لارس فون تراير الذي لا يتوقف منذ «عناصر الجريمة»، وحتى الآن، مروراً بـ «أوروبا» و «تكسير الأمواج» و «راقص في الظلام» و «دوغفيل»، عن مد السينما العالمية بشرائط جديدة المنحى، انسانية المحتوى، مشاكسة الأسلوب والخطاب، تعيد الى السينما دوراً أساسياً كمحل للمتعة والتفكير في آن معاً. وهل من متعة أجمل من التتابع الحكائي لفيلم ضبط ايقاعه على وقع قدرة متفرجيه على متابعة أحداثه، وضبط موضوعه على ايقاع انصراف المتفرجين الى تفكير ما هو داخل الفيلم وما هو خارجه في آن معاً. ليضبط اداء ممثليه على ايقاع ترددهم وشكوكهم هم الذين يرصدون في كل لحظة، ذلك التفاوت المطلق بين «نياتهم» الطيبة، واشتغالهم على قيم يؤمنون بها، وبين الواقع والطبيعة الانسانيين؟

تجربة مشابهة في فيلم عربي من سنوات الستين ... «الجبل»: يوم فشلت الثورة اذ أتت من فوق

الى حد ما، تذكر خطورة موضوع «ماندرلاي»، بفيلم عربي حقق في الستينات وبالعنوان نفسه «الجبل» عن رواية مشاكسة للكاتب الراحل فتحي غانم. فالفيلم والرواية، يتحدثان، انطلاقاً من تجربة المعماري المصري حسن فتحي (صاحب كتاب «العمارة مع الشعب») عن تجربة تثوير وتطوير فوقية يقوم بها مهندس شاب متحمس، اذ يبني مدينة صغيرة حديثة ومريحة، الغاية منها أن يعيش فيها أهل الجبال القريبة من البائسين الذين بات لا بد، في رأيه، من تطوير حياتهم. واذ ينجز المهندس بناء مدينته يفاجأ برفض الجبليين الانتقال اليها مفضلين العيش في كهوفهم وحياتهم البدائية، على تلك الثورة اذ تأتيهم من فوق. والسبب سيتضح لاحقاً، للجميع ولكن ليس للمهندس: ان هؤلاء الجبليين يعتاشون من سرقة آثار المناطق الجبلية وبيعها... فإذا انتقلوا الى البيوت الحديثة في المدينة الجديدة يفقدون مصدر عيشهم.

لقد كان من الواضح في «الجبل» أيضاً، ان الموضوع، حتى ولو تحدث عن تجربة ملموسة محددة (تجربة حسن فتحي)، فإنه يطاول الثورة الناصرية نفسها، وكل ما شابهها من ثورات فوقية، أتت، بنيات طيبة، لتحدّث حياة الشعب، وفاتها ان تؤمن قبل ذلك البنى الأساسية للمجتمع، وتطوره المبدئي التطوري ومصادر عيشه. أفلا ينطبق هنا أيضاً ما قاله فلهلم لغريس في «ماندرلاي»: «ان الوقت لا يزال بالنسبة الى قومي، أبكر من أن يمكنهم من اتخاذ قراراتهم بأنفسهم؟».

الحياة اللبنانية في 1 يوليو 2005

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

التالي
السابق
أعلى