(شذرات من شاعر السينما اندريه تاركوفسكي) حسن بلاسم |
لا ، الرجل اللذي تنقصه الثقافة لن يخلق سينما جيدة ، ابدا ***** ثقافتي شكلت ، وتربت من الكتاب الروس العظماء. مثلهم اواجه الشرط المثير للكفاح من اجل مصالحة الحياة المادية والحياة الروحية. ***** فيلم (نوستالغيا) فلم مهم جدا لي. هو الفيلم الذي فيه إستطعت إبداء نفسي بالكامل. أنا يجب أن أقول بأنه أكد لي بأن السينما شكل فني عظيم حقا، هو يحتوي على كل عواطفي ..علم نفسي .. طبيعتي، هو صورتي في المرآة. ******
أنا لا أستطيع تحمل المرح. الناس المبتهجون يبدون مذنبين لي ***** نحن نستطيع ان نعبر عن مشاعرنا بخصوص العالم اللذي حولنا أمّا بشاعرية أو بالوسائل الوصفية. أفضل إبداء نفسي مجازيا. دعني أشدد: مجازيا، ليس بشكل رمزي ***** أنا عدو الرموز. الرمز ضيق جدا .. مفهوم لي بمعنى أن الرموز تنوجد لكي تكون محلولة. صورة فنية من الناحية الأخرى لن تحل، هي مكافئ للعالم من حولنا. مطر في فيلم ( سولاريس) ليس رمز، هو فقط مطر الذي في لحظة معينة له أهمية ما بالنسبة للبطل. لكنّه لا يمثّل أيّ شيء. هو فقط تجارب. هذا المطر صورة فنية. رمز بالنسبة لي شيء معقّد جدا ***** دائما هناك ماء في أفلامي. أحب الماء، خصوصا السواقي. إن البحر واسع جدا. أنا لا أخافه؛ هو فقط رتيب. في الطبيعة أحب أشياء أصغر. العالم الصغير.... أحب الموقف الياباني من الطبيعة. يركزون على فضاء محصور يعكس الأزل. الماء عنصر غامض. . . بسبب تركيبه. هو يرسل حركة، عمق، تغييرات. لا شيء أجمل من الماء ***** في الفيلم المسوؤلية الوحيدة لكل شيئ تعتمد علي. في المسرح تزداد مسوؤلية الممثل بشكل هائل... ممثل الفيلم يجب ان يتصرف بشكل تلقائي وحدسي تحت الظروف المختلفة التي وصفت من قبل المخرج. ****** هنا إختلاف بيني وبين بيرجمان: لي إله ليس أخرس. أختلف كليا مع أولئك الذين يدعون ان هالة من افلام المخرج السويدي موجودة في فيلم ( التضحية) . عندما بيرجمان يتكلم عن الإله، يقوم به ضمن سياق الإله الذي هو صامت، الذي ليس معنا. لذا ليس لنا شيء مشترك، على العكس تماما. بعض الملاحظات السطحية أبديت لأن الممثل في الدور الرئيسي عمل أيضا مع بيرجمان أو بسبب آثار المنظر الطبيعي السويدي في فلمي. ، هم لا يعرفون ان وجودية بيرجمان أقرب إلى كيركيجاارد من إلى مشاكل الدين ***** الخالق والمشاهد يجب أن يكونا شركاء متساويين في الحوار ليس هناك طريق آخر ***** أنا لا اؤمن بالمبدأ الأدبي المسرحيِ للبناء المثير. في رأيي لَيس له علاقة بالميزات المعينة من فن السينما. في العديد من الأفلام في الوقت الحاضر هناك الكثير من الممرات التي هي فقط ، لها دور أَن توضح ظروف الأحداث. في الفلم ليست هناك حاجة للتوضيح أي شيء ما عدا للتأثير على مشاعر المشاهدين مباشرة. العواطف ، هكذا صَحت تعجل سلسلة الأفكار.
اعداد وترجمة عن حوارات وكتابات بقلم السينمائي اندريه تاركوفسكي موقع "الفيل" في 30 يونيو 2005 |
«يوم الاثنين» شريط روائي قصير للمخرج تامر السعيد:
روتردام - عدنان حسين أحمد لا يحتاج المخرج المصري الشاب تامر السعيد إلى الإشادة بموهبته الإخراجية، إضافة الى أنه متمكن من كتابة السيناريو، ومُطوِّر لعدته الفنية في المونتاج، ويملك حساسية مرهفة إزاء الصورة السينمائية. وفي هذا الفيلم الروائي القصير «يوم الاثنين» (8 ق بيتا كام 2004) تجلت قدرته في إدارة الممثلين أيضاً. ولكي نعزز هذا الثناء حسبنا أن نتوقف عند هذا الفيلم. فالأفلام الروائية القصيرة جداً تشبه إلى حد ما «القصص القصيرة جداً»، فغالباً ما تكون مركزّة بحيث تحتاج الفكرة الأساسية إلى «الاستقطار» ولا بد من أن تكون هناك «ومضة» أو «شطحة» أو «لحظة تنويرية» تكشف تفاصيل اللعبة الفنية. «ثيمة» هذا السيناريو تقوم على آلية «السهل الممتنع» لأنها بسيطة، ومألوفة، ومنسابة، ففي الفيلم زوجان كلاهما شخص عادي، لكنه يعيش يوماً مختلفاً، وسرّ الفيلم يكمن في هذا «الاختلاف» الذي طرأ على حياة الزوجين، وأزاح الغبار عن ذكرى قديمة نسبياً سرّعت من نبض قلبيهما، أو ضخّت في شرايينهما دماءً جديدة. اللحظة التنويرية التي نتحدث عنها وصلت إلى المتلقي بسلاسة بحيث فتحت في ذاكرته كوّة للتذكر، والاسترجاع، ومحاولة الإمساك بالمُتع غير العابرة التي يحقق فيها الإنسان ذاته، أو يشعر بأن هذه «النغمة الخاطفة» مختلفة عن اللحن اليومي الرتيب. ولو تتبعنا قصة فيلم «يوم الاثنين» لوجدنا الجزء الأكبر منها لا يخرج عن إطار القصص اليومية المألوفة، وهذا جزء من سياق اللعبة الفنية، لأن ليّ عنق الفكرة لا يتم ما لم يوجد سياق عادي كي يُحدث هذا الارتطام غير المتوقع أو الصعق المفاجئ في النهاية، فبنية هذا النمط السردي قائمة على آلية المفاجأة والإبهار. مع أهمية التصوير والمؤثرات السمعية والبصرية والرؤية الإخراجية وما إلى ذلك من ركائز الفيلم الروائي أو التسجيلي، إلا أن السيناريو يظل العصب الأساس الذي يعتمد عليه الفيلم، والسيناريو هنا كتبه مخرج الفيلم تامر السعيد حيث بدأ قصته أو «حدوتته» بإشارة زمنية لها دلالتها، إذ قال: «الحكاية دي حصلت من تلات أيام... كنت قاعد بأحاول أولّع البايب ده اللي كنت لسه شاريه...» وقبل ثلاثة أيام صادف أن يكون اليوم هو «يوم الاثنين» الذي أصبح عنواناً للفيلم يحمل كل دلالاته ورموزه التي يمكن تأويلها عبر هذا المحمول الزمني الذي يوقد فيه نبيل (بطرس غالي) غليونه الذي كان يحلم بشرائه منذ زمن طويل. إذاً، لا بد من أن تكون لهذا الغليون دلالة، أو جزء من شفرة ترتكز عليها ثيمة الفيلم التي تُضاء من خلال أهمية هذا الغليون ودوره في الكشف عن رغبة الزوج نبيل في تدخين البايب على رغم إفصاحه بأن إيقاد الغليون ليس مهماً، ولا هو صلب الموضوع، وإنما الأهمية تكمن في «يوم الاثنين» الذي فات منذ ثلاثة أيام. وعبر تقنية الـ Voice Over يكشف لنا المخرج وكاتب النص التفاصيل الدقيقة التي تبين تطور الحدث القصصي حيث نعرف أن نبيل قد اشترى العُدة، ونظّف الغليون على رغم كونه جديداً غير مستعمل، ثم وضع الكريستالات التي تبرّد الغليون، وتجعله ناشفاً على الدوام، ثم كبس التبغ كما شرح له صديقه أحمد، ومع ذلك فهذه ليست الحكاية. هنا يحتاج المتلقي لأن يمسك بطرف الخيط الذي يقوده إلى الحكاية. وفي هذه اللحظة يسحبنا نبيل إلى زوجته حنان (حنان يوسف) التي كانت «واقفة أدام المراية بتبص لنفسها وتحاول تصفّر...» لم يكن نبيل يعرف لماذا تحاول زوجته أن تصفّر، والمشاهد لا يعرف بطبيعة الحال لماذا تحاول حنان أن تصفّر، وما هو الهدف من التصفير؟ هنا يضاف سر التصفير إلى سر التدخين بالغليون. نبيل كان مستغرباً، ومدهوشاً من محاولات زوجته المتلاحقة في التصفير، ولكنه كان منقطعاً هو الآخر إلى عالمه الخاص، لذلك لم يعرها كبير اهتمام، لأنه كان يقف على حافة اللحظة التي كان ينتظرها منذ زمن طويل. الحكاية حصلت منذ ثلاثة أيام بالنسبة الى نبيل، وثلاثة أيام بالنسبة الى حنان التي كانت موجودة في المطبخ وتستمع الى أغنية فريد الأطرش: «عشك يا بلبل ده جنة». ومع ذلك فالأغنية ليست مهمة بقدر أهمية يوم الاثنين الذي فات منذ ثلاثة أيام. وبعد هذا الانتظار الممض، والتشويق الذي يدفع المشاهد لمعرفة السر تبدأ حنان بملامسة السبب الرئيس لهذا التبدّل عندما كانت واقفة في المطبخ، تتطلع إلى الشارع وهي تنتظر «ماء المعكرونة» لكي يغلي. في هذه اللحظة فكّرت بزوجها نبيل، الرجل الطيب، الذي تزوجته منذ ثلاث سنوات زواج صالونات، ولم تخفِ أنها كانت عانساً، ولم تتذمر من زوجها على رغم كونه «رغّاية شوّية» ولا يعانيان المشكلات اليومية، باستثناء الخلافات البسيطة حول «مَنْ هو الأول الذي يحل الكلمات المتقاطعة في الجورنال». نال هذا الفيلم عــدداً من الجوائز منها: جائزة الصقــر الفــضي في مهرجان روتردام للفيلم العربي مناصفـــة مع فيلم «لا هنا ولا لهية» للمخرج المغـــربي رشيد بوتونس 2005. كما أن المخرج تامر السعيد نال أيضاً جائزة الصقر الفضي عن فيلمه التسجيلي الطويل «غير خدوني» في الدورة الخامسة لمهرجان روتردام للفيلم العربي. ومن بين أفلامه: «موسيقى الأعشاش» و«مثل الريشة» و«تشارلي « و«18 سبتمبر» و«تشوّش». الحياة اللبنانية في 1 يوليو 2005 |