يُضحك من حيث لا يقصد ...«انتقام سِث» جاء رهيباً: حب وسياسة وكلام فارغ هوليوود - محمد رضا |
كثر من النقاد الأميركيين الذين كتبوا عن فيلم جورج لوكاس الجديد منحوه قدراً معتدلاً من الإعجاب. لكن معظم هؤلاء وجد أن الجزء الثالث من الثلاثية الثانية، هو أفضل من الجزأين السابقين له («التهديد الخفي» و»هجوم المستنسخين») ما يكفي لمنح هذا الفيلم درجات الاستحسان. والحقيقة أن «ستار وورز: الفصل الثالث - انتقام سِث» (وهذا هو العنوان كاملاً لكننا سنكتفي بـ «انتقام سِث») أفضل بقليل من العملين السابقين اللذين تليا ثلاثية أولى أُنتجت بين 1977و1983 وأخرج أوّلها، «ستار وورز» جورج لوكاس، وثانيها، «عودة الإمبراطورية»، إرفن كيرشنر وثالثها، «انتقام الجيداي»، رتشارد ماركاند، فهي مجهدة أكثر في التفريق بين الترفيه ولعب الأولاد. لكن، وكما يشير الناقد أنطوني لين في مجلة «نيويوركر»، الفارق بين هذا الفيلم وبين الفيلمين السابقين من السلسلة هو مثل الفارق بين الموت بأسباب طبيعية والموت على الصليب». على ذلك، هذا الحيز بين الترفيه واللعب ليس حيّزاً عريضاً لكنه يكفي لأن يستوعب بعض الطروحات السياسية التي تمر، مثل سفن الفضاء، متسارعة، بل ربما تفوت المشاهد إذا ما غاب عن وعيه تحت وطأة رداءة تمثيل هايدن كرستنسن ونتالي بورتمان و- الى حد - إوان مكروغر. فهناك فوق سحاب رقيق، ومن خلال حوارات قليلة وترائيات بحاجة الى مكبّرات، يكمن تحذير جورج لوكاس من مغبّة انقلاب بلد جمهوري وديموقراطي ينادي بالحرية ويحارب من أجلها على نفسه مندفعاً بالنداءات المحافظة او المتعصّبة لحماية الديموقراطية بشن الحروب على الآخرين. وهو يُظهر، على نحو او آخر، أن الخطر يكمن في انقلاب يميد بالمبادئ الديموقراطية ويحول الجمهورية الى امبراطورية تحكم دكتاتورياً. في الفيلم يتواصل الصراع بين الخير والشر الذي كان بدأ في العام 1977 عندما أخرج لوكاس وأنتج «ستار وورز» بموازنة لا تزيد على 11 مليون دولار. لكن من الضروري الإشارة الى أن ما كان فيلماً أولاً لسلسلة لاحقة، تحوّل الى جزء رابع. فبحسب توارد القصص تنطلق الأحداث من «التهديد الخفي» (2001) وتمر بـ «هجوم المستنسخين» تصل الى هذا الفيلم («إنتقام سِث») لتنتقل بعده الى «ستار وورز» الأول سنة 1977 ثم الى «عودة الإمبراطورية» ثم تنتهي عند «إنتقام الجيداي». أي أن نهاية «إنتقام سِث» هي بداية «ستار وورز» الأول إنتاجاً وأنه إذا شئت مشاهدة السلسلة بحسب الترتيب القصصي المذكور أعلاه استخلصت الأحداث متتابعة، أما إذا تابعتها حسب ورود تواريخ إنتاجها فستجد نفسك تبدأ من منتصف الفيلم ثم تعود الى أوله مع «التهديد الخفي» لتنتهي بالفصل السابق للفيلم الأول. على البخار بعد هذه المتاهة، هناك حقيقة أن الأفلام الستة شهدت كراً وفراً بين الخير والشر. «ستار وورز» (1977) انتهت معركة بفوز الخير، لكن الشر عاد طاغياً في «عودة الإمبراطورية» (1981) وعندما كان جورج لوكاس لا يزال يعتقد بأنه سيكتفي بثلاثية واحدة أنهى «انتقام الجيداي» بانتصار الخير ثانية. الثلاثية الثانية تبدأ بسجال من المعارك بين الطرفين لتنتهي في هذا الفيلم بسيادة الظلام لأن هذا هو التمهيد لفيلم «ستار وورز» الذي كان بدأ بمحاولة بطليه (كاري فيشر ومارك هامل) استعادة سيادة الجيداي على الإمبراطورية التي يقودها دارث فادر. «انتقام سِث» يرينا كيف آلت الأمور الى ذلك الصراع اللاحق وفيه أن أناكن سكايووكر (هايدن كرستنسن) المتزوّج من بادمي (نتالي بورتمان) يستعد لاستقبال ابنه الأول لكنه يمر بأزمة داخلية. لقد رأى مناماً (يمر على الشاشة في 10 ثوانٍ) مفاده أن زوجته ستموت حين الوضع. حين استيقظ أصبح مؤمناً أن هذا سيكون مصير زوجته التي يحب... حين يخبره المستشار الأسمى بالباتين (إيان مكدارميد) بأن هناك طريقة لإنقاذ زوجته وهي تعُلّم أسرار الجانب المظلم من القوّة، كما يجيدها أشرار مجموعة «سِث» (ويا له من اسم ثقيل على صغره) لأنها كفيلة بتجنيب زوجته الموت الذي أصبح محتّماً. هذا في وقت كان أناكن محسوباً على الجيداي بعدما علّمه القتال أوبي - وان كانوبي (مكروغر) وقُبل في المجلس تمهيداً لتعيينه سيّداً. هكذا ينقلب أناكن، بعد الكثير من تضييق العينين ومط الحاجبين والتحديق غضباً كمن يعاني من مشكلة فهم فرويد، من الخير الى الشر ومن أناكن البطل الوسيم الشاب الى دارث فادر، الجسد المهترئ الذي احترق في قتال أخير، فارتدى قناعاً ولباساً من المعدن يخفيه وأخذ يتنفس كما لو كان مكواة على البخار. إذ يتحوّل أناكن الى دارث الذي شوهد في الثلاثية الأولى كلها، وتموت زوجته بادمي، تنجب له ليا التي ستصبح كاري فيشر ولوك سيصبح مارك هامل (بطلا الثلاثية الأولى الى جانب الطارئ هاريسون فورد الذي انتهى دوره، من حسن حظّّه، مع نهاية الفيلم الثالث من تلك الثلاثية). أما أوبي - وان كنوبي كما مثّله إوان مكروغر فسيصبح إليك غينس. حب على الريحة طبعاً متاهات القصة والطريقة الملتوية التي يجد فيها المرء نفسه مضطراً لمشاهدة السلسلة عبرها، لا يُبرّر وجود فجوات منطقية كبيرة في هذا الفيلم تؤكد أن جورج لوكاس ربما كان حذقاً في كيف يصنع البليون، لكنه ليس فناناً ماهراً. في الأصل سلسلة «ستار وورز» كلها هي الوحيدة - بين مسلسلات الخيال العلمي والفانتازيا - التي امتدت طويلاً ولم تنتج تحفة واحدة. بمقارنتها مع ثلاثية «سيد الخاتم» فإن شغل مخرجها بيتر جاكسون أكثر تكاملاً حيث ان ضخامة الإنتاج لم تدفعه للتنازل وتحويل الفيلم الى مجرد صدامات بين الجيوش في معارك غير متكاملة او مشاهد بحاجة الى ترقيع. شغل لوكاس هنا، حتى لا نطرح السداسية بأسرها، منصب على الاكتفاء بالضروري من الحالات. المشاهد الداخلية مصوّرة بديكور قشيب والخارجية على لوحات مكشوفة من الكومبيوتر غرافيكس. لا الأولى تمنح الفيلم سُمكاً ولا الثانية تمنحه قيمة مشهدية خالدة. الى ذلك، لوكاس من أسوأ من آلت اليه مشاريع ضخمة مصحوبة بممثلين آدميين. ليس فقط أن هايدن كرستنسن يبدو فاقد القدرة على النطق معظم الوقت، بل ان إدارة المخرج له، من على الورق وصاعداً، غير موجودة. لوكاس لا يدعي انه خبير ممثلين يستطيع استخراج أفضل ما عندهم، المشكلة هي أن فيلمه هذا يستدعي استخراج أفضل ما لديهم، لكنه لا يفعل مما يخلق فجوة كبيرة لا تملأها الا مشاهد القتال الجارية قبل وبعد وخلال معظم المشاهد الدرامية. ليس هناك أكثر وضوحاً على ذلك من الطريقة التي يتحدّث بها ممثلو الفيلم هنا. هل هناك من يشك في أن الحوار التالي لو كتبه مبتدئ لرُمي في سلة المهملات؟: هايدن: «أنت جميلة جداً». نتالي: «هذا فقط لأنني عاشقة». هايدن: «لا. إنه لأنني متيّم بك». كنت أخشى أن يدب نزاع بينهما حول من يحب الآخر أكثر لكن يكفي انها بدت كما لو أنها فعلاً لم تفهم ما يقصد. وماذا عن حوار شخصية يودا (قزم غير آدمي أخضر اللون كبير الأذنين بعكاز حين يمشي وحين يقاتل ينقلب مغواراً) حين يقول ناصحاً هايدن: «درّب نفسك على أن تتجاهل كل شيء تخشى أن تخسره». هذه المرة، ومن دون جهد، هايدن هو الذي بدا كمن لم يفهم شيئاً وأنا لا ألومه. هذا اليودا المقدّم كفيلسوف الأمة، ينصحه بأن لا يلتزم بحب ولا بقضية او مبدأ ثم يغضب حين يعلم أنه انضم الى قافلة السِث. الحياة اللبنانية في 1 يوليو 2005 |
«حرب النجوم».. إبهار بصري وتقنية رقمية رفيعة القاهرة ـ فوزي سليمان: مع ظهور فيلم «حرب النجوم» 1977 للمخرج الأميركي جورج لوكاس (مواليد عام 1944) بدأ عهد جديد في أفلام الخيال العلمي، باستخدام أحدث وسائل التقنية الرقمية في المؤثرات والخدع السينمائية، والإبهار البصري والصوتي، وكذا في النظام الإنتاجي. حيث حقق أرباحا بلغت مئات الملايين من الدولارات فاقت ما حققه فيلم سبقه بعامين هو «الفك المفترس» للمخرج ستيفن سيلبرج، وقد جذب فيلم «حرب النجوم» مختلف الأجيال من المشاهدين بإبهاره البصري، وتصويره الرقمي الفائق وجموح خياله وسباحته في عوالم المجرات والكواكب الغريبة ولتناوله مشكلة الصراع الأبدي بين الخير والشر. وهو الجزء الثالث والأخير للملحمة التي بدأها لوكاس عام 1977، وبعد مرور حوالي 30 سنة على الجزء الأول يقول لوكاس: «حرب النجوم أمل جديد نصل عبره لنهاية الطريق»، ورغم مرور الزمن فإن هيكل القصة لم يتغير كثيرا فهو ملحمة أب ينال عقابه من خلال أولاده، وعندما تشاهد الاجزاء كلها مجتمعة قد تمثل لك تجربة مختلفة، فهي قصة رجل طيب ثم يأتي العقاب عن طريق الأولاد. وذلك في قصة درامية تقع أحداثها خلال حرب طاحنة في الفضاء البعيد. بدأ تصوير الفيلم في سيدني بأستراليا في 30 يونيو 2003 وامتد إلى المملكة المتحدة والصين وتايلاند وسويسرا وتونس، وكان قد تم تصوير جزء في إيطاليا عام 2002 لمشهد ثورة بركان إيتننا بجزيرة صقلية. وقد قام مصمم الإنتاج بتصميم 72 موقع تصوير كاملا وتطلب الأمر صنع خدع رقمية تم اعدادها خلال شهور على الكمبيوتر، كما أعد مصممو الأزياء أكثر من 50 رداء كاملا وكان يجب البحث عن أقمشة فريدة لعمل ملابس لشعوب تسكن الاراضي البعيدة حيث تم استيراد أقمشة من نيويورك وسان فرانسيسكو ولوس أنجلوس ولندن وباريس واليابان والهند. قامت شركة خاصة أسسها لوكاس بالخدع البصرية ويحوي الفيلم أكثر من 2200 لقطة خدع بصرية وبهذا تفوق على فيلم «ملك الخواتم» ويقول مصمم الخدع البصرية: أشرفت على خلق كوكب البركان الذي تدور به المعركة الفاصلة بين رمزي الخير والشر - لتحقيق حيوية البيئة المحيطة لواقعية المشهد،. حيث أردت أن يكون العالم المحيط خطرا للغاية ليتلاءم مع خطورة المعركة، ولهذا دارت المعركة خلال أبخرة الحمم البركانية الملتهبة والمتفجرة، فهي معركة بين شخصيتين قويتين إذ يجب أن تتلاءم البيئة المحيطة مع هذا النوع من الدمار.. ولهذا جاءت المشاهد عدوانية ملتهبة كالجحيم. وقد تم مزج العناصر التي أعدت على شاشات الكمبيوتر مع التصوير الحي، وبالفيلم مساحة غير قليلة لفن الرسوم المتحركة في تجسيد الشخصيات. أبطال الفيلم «إيوان ماكريجر الذي سبق وقام ببطولة فيلم «الطاحونة الحمراء» مع نيكول كيدمان، الذي نال عنه أكثر من جائزة، وصامويل جاكسون بطل فيلم «المتفاوض»، و«محيط» مع واستن هوفمان و«وقت للقتل». وهايدن كريتشن الذي شاهدنا له «شاتيرد جلاس» في الآونة الأخيرة. أما المخرج جورج لوكاس فقد بدأ بأفلام قصيرة من نوعية الخيال العلمي، وقد حصل على أول جائزة في حياته بفيلم التخرج من جامعة جنوب كاليفورنيا، ثم قدم فيلم رسوم أميركية عام 1973 حول حياة الشباب في ظل الظروف النفسية لحرب فيتنام، ولكن تظل أهم وأكبر إنجازاته السينمائية سلسلة أفلام «حرب النجوم». البيان الإماراتية في 30 يونيو 2005 |