منع عرض الفيلم الأمريكي من أجل هنيدي وسعد بقـرار من غرفة صناعة السـينما! كتب: نــــادر عـــــدلي |
اليوم يبدأ الموسم الصيفي السينمائي, الذي يشهد انتعاشة اقتصادية في صناعة وتجارة الأفلام ـ ودعونا من الفن الآن! ـ حيث تحقق الأفلام خلال شهور الصيف الثلاثة أكثر من نصف إيرادات العام كاملا70 مليون جنيه, ولهذا السبب يعرض14 فيلما في11 أسبوعا( أي مايقرب من60% من الإنتاج السينمائي).. ومن الطبيعي أن يتعامل المنتجون والموزعون مع هذا الموسم بمنطق حياة أو موت, فهم يبحثون عن أكبر قدر من الربح, وقد نجحوا في إصدار قرار من غرفة صناعة السينما بمنع عرض أي فيلم أمريكي لمدة ثلاثة أشهر, وهو قرار يستحق المراجعة والمناقشة. طبعا.. من حق أعضاء غرفة صناعة السينما من المنتجين والموزعين أن يطبقوا المبدأ التجاري إللي تكسبه العب به, ولكن إذا كنا نتحدث عن اقتصاد صناعة, وسياسة دولة, وحرية المشاهد أو المتفرج, فإن الأمر لايمكن أن يخضع لألعاب التجارة, وأنه يجب أن يكون إصدار مثل هذا القرار يحمل قدرا من المسئولية, ويعي مايتضمنه من إيجابيات وسلبيات. دعونا نتوقف أولا أمام هذا السؤال: كم نربح من منع الفيلم الأمريكي من العرض في الصيف؟.. تشير الأرقام, إلي أن الأفلام الأمريكية تحقق خلال شهور الصيف نحو ستة ملايين ونصف المليون جنيه, أي مايقرب من10% من إيرادات الموسم الصيفي كله!.. ومعني القرار أن المنتجين والموزعين يرغبون في الاستفادة من هذا المبلغ ليتم إضافته لإيرادات الأفلام المصرية, ولكن نفس قرار الغرفة يسمح بالاستثناءات نتيجة وجود مجمعات سينمائية تضم أكثر من8 صالات, وبالتالي لابد أن تجد أفلاما لعرضها, وأعتقد أن الاستثناء في هذا القرار جاء لإرضاء بقية أعضاء الغرفة الذين يشعرون بالغضب والضرر المادي من هذا القرار!.. وهناك أمر آخر يتمثل في موافقة الغرفة علي السماح للفيلم الأمريكي بالعرض في مصر طوال العام من خلال8 نسخ( بدلا من خمس), أيضا حتي لايغضب بقية الأعضاء, وهنا لابد من الإشارة إلي أن زيادة عدد النسخ لايمكن إقراره إلا بموافقة وزير الثقافة, وأظن أيضا أن منع عرض أفلام في فترة زمنية محددة تتطلب موافقة وزير الثقافة أيضا, والغريب أن الغرفة لم تخطر وزارة الثقافة بالقرارين(!!) إن قرار غرفة صناعة السينما بهذه الصيغة سوف يصبح ضد الفيلم المصري وليس في صالحه!.. وهو قرار عشوائي يبحث عن ربح سريع من أفلام هنيدي وسعد وحكيم وعبلة كامل, علي حساب صناعة السينما نفسها.. لماذا؟ منذ عامين, كانت الغرفة في سبيلها لإصدار قرار ـ بوجود ممثل وزارة الثقافة ـ بزيادة عدد نسخ الفيلم الأمريكي إلي ثماني نسخ, ويوم صدور القرار كتبت مقالا عن خطورة هذه الزيادة علي الفيلم المصري, ولم يوافق الفنان فاروق حسني علي هذا القرار, أي أن الغرفة التي تمنع الفيلم الأمريكي الآن, هي نفسها التي كانت تسعي منذ عامين لزيادة سيطرته علي السوق المصرية؟.. وللأسف لم تدرس في المرتين: خطورة زيادة النسخ في المرة الأولي, ولا مسألة المنع في المرة الثانية, أي أن قراراتها تتحكم فيها حالة من الفوضي وتحقيق المصالح السريعة, ولاتقوم علي دراسة السوق السينمائية, واتخاذ القرارات المناسبة لدعمها ومساندة السينما المصرية. إن قرار الغرفة يعني ببساطة أنها قررت أن تترك للفيلم الأمريكي السيطرة الكاملة علي السوق المصرية لمدة ثمانية أشهر كاملة, وألا تعرض الأفلام المصرية إلا في الشهور الصيفية, وعيد الفطر وعيد الأضحي فقط!.. وهذا يضر الصناعة ككل لأن القرار يدعو لإنتاج عدد محدود من الأفلام ـ وبنوعية واحدة تناسب الصيف وجمهور الأعياد ـ وأن يظل الأمر حكرا علي شركتين أو ثلاث فقط للإنتاج تكون هي الرابحة من هذه المواسم! أيضا يمثل قرار الغرفة تعديا صارخا علي حرية المشاهد في احتكار السوق وتفرض ذوقها علي مشاهدي السينما!.. ويأتي قرار المنع في زمن الجات والسوق المفتوح, مما يعني أنه قرار من مسئولين يعيشون خارج الزمن. وبحسبة بسيطة, وبعد عرض الأفلام الأمريكية المستثناة, فإن الزيادة المتوقعة لن تزيد علي أربعة ملايين جنيه, فهل تستحق هذه الملايين ـ في صناعة عريقة, أو كانت عريقة مثل صناعة السينماالمصرية ـ أن نضحي بعرض الأفلام المصرية لمدة8 أشهر. إنه قرار ينقصه الوعي وتتوافر فيه قلة الحيلة, والرغبة من بعض المنتجين لتحقيق أرباح قليلة جدا وسريعة علي حساب صناعة السينما المصرية العريقة. لقد تحدثت منذ عدة أسابيع عن فوضي السوق السينمائية في مصر.. واليوم يبدأ تقنين هذه الفوضي لتصبح السينما المصرية خلال سنوات قليلة قادمة في خبر كان! الأهرام اليومي في 8 يونيو 2005 |
صفحـة السـينما تنفـرد:
بقلم : نــــادر عـــــدلي هناك حالة غضب علي السينما المصرية: أين الأفلام المتميزة؟.. هل من المعقول أن نظل أسري نوع واحد من الأفلام الكوميدية الاستهلاكية؟.. لماذا لم يعد لافلامنا أي وجود في المهرجانات العالمية؟.. إلي متي يستمر سوق احتكار الانتاج والنجوم ودور العرض, بما لا يسمح لأي سينما مختلفة أن تظهر؟.. هل الايرادات أصبحت المدخل الوحيد الصحيح لصناعة الفيلم والنجم والمخرج؟.. أسئلة كثيرة مطروحة منذ سنوات دون إجابة ودون ظهور بارقة أمل. ولكن ظهرت بارقة أمل ـ أخيرا ـ من خلال3 مشروعات انتاجية ـ في نفس الوقت ودون اتفاق ـ لتقديم سينما مختلفة أو غير تجارية أو مستقلة وتنفرد صفحة السينما بإلقاء الضوء علي هذه المشروعات فهي تمثل أول محاولة حقيقية لمواجهة السينما التجارية السائدة. * في خطوة جريئة ومهمة قررت وزارة الثقافة العودة إلي الانتاج السينمائي(!!).. فقد وافق الفنان فاروق حسني علي اعتماد مليون جنيه لانتاج4 أفلام لمخرجين شباب والافلام الأربعة هي: العشرون من سبتمبر اخراج إبراهيم البطوط ـ والفيلم روائي طويل ديجيتال ويصور بين مصر وإيطاليا وتتحمل الوزارة نصف تكلفة الإنتاج.. وفيلم وسط الزحمة اخراج أحمد محفوظ, روائي قصير ديجيتال وتنتجه الوزارة ممثلة في صندوق التنمية.. وفيلم آخر ديسمبر اخراج تامر السعيد ـ روائي قصير وسينمائي وتتحمل الوزارة75% من التكلفة..وفيلم لعبة الألوان اخراج تامر محسن ـ روائي قصير وسينمائي وتتحمل الوزارة70% من التكلفة.. وهناك اتفاق أن يقوم صندوق التنمية بتسويق هذه الأفلام, فهو يساهم بالجزء الأكبر في تكلفة الأفلام. هذا المشروع من الممكن أن يصبح نواة لفكرة الإنتاج المشترك بين وزارة الثقافة والمبدعين الشباب, وسوف يضعنا أمام واقع جديد نحو سينما جديدة, وهو العنوان الذي اختاره الوزير للمشروع. * المشروع الثاني ينسب إلي النجم نور الشريف الذي قرر انتاج10 أفلام(16 مللي), وهي أفلام لا تصلح للعرض السينمائي في مصر لعدم وجود صالات عرض تملك جهاز تشغيل الـ16 مللي, فكل دور العرض تتعامل مع الشرائط35 مللي وقد اتفق نور الشريف علي تسويق هذه الأفلام للمحطات الفضائية, وهي أفلام قليلة التكلفة( ليس لهذا علاقة بجودة الشريط نفسه), وتسمح بظهور مخرجين وممثلين جدد وتقديم موضوعات متنوعة.. وقد انتهي بالفعل تصوير أول هذه الأفلام وعنوانه المؤقت أيام الخادمة اخراج ياسر مفضل وبطولة طارق لطفي وعايدة عبدالعزيز. يتعامل نور الشريف مع التجربة بجدية شديدة, وقرر أن يمنح الفرصة لأكبر عدد من الشباب لتقديم سينما مختلفة, وسوف يتم تسويقها بنجاح. * ثالث مشروع من انتاج مدينة الانتاج الإعلامي وتحت اشراف عبدالرحمن حافظ وليس هناك تفاصيل كثيرة حوله, ولكني شاهدت الأسبوع الماضي أول الأفلام التي أنتجها الجهاز( يقال إن المشروع يتضمن15 فيلما) والفيلم الذي تم انجازه بعنوان علمني حبك اخراج عصام الشماع وبطولة أحمد سعيد عبدالغني ومنة فضالي, وهو عمل جيد في مجمله ويقدم مجموعة كبيرة من الممثلين الشباب.. وأيضا هذا المشروع سوف يتم تسويقه للمحطات الفضائية(الافلام16 مللي). إذن فإن هناك حركة حقيقية للخروج من حالة الاختناق السينمائي التي فرضها شكل السوق الاحتكاري وأهمية هذه المشروعات أو التجارب أنها سوف تتطور بسرعة, وتطرح أفكارا وقضايا, ولا أعتقد أن هذا سوف يمر دون أن يترك أثرا وفائدة تحرك حالة الركود السائدة. نحو سينما جديدة ليكن هذا شعار السينما الشبابية المستقلة الجديدة, التي يجب أن تحظي بالرعاية والاهتمام لتخرج بنا من عنق الزجاجة السينمائي. الأهرام اليومي في 1 يونيو 2005 |