قصص وهمية.. ورحلات دينية.. لزرع كراهية الفلسطينيين قصف إسرائيلى لمهرجان كان السينمائي غادة عبد المنعم |
أكراد عراقيون يحتفون بالاحتلال ويهود يغرسون كراهية العرب فى نفوس الأطفال من العراق الذى يئن تحت وقع الاحتلال الأمريكى منذ أكثر من عامين، إلى البقاع التى جثم عليها الصهاينة منذ ما يزيد على نصف القرن، وحتى المملكة المغربية التى يعيش يهودها فى سلام وأمن بين العرب.. نتحرك مع أحداث عدد من الأفلام التى عرضها مهرجان كان السينمائى هذا العام فى دورته الثامنة والخمسين، حول ما يدور فى تلك الرقعة العريضة المسماة تجاوزاً بالوطن العربى رغم أنها مصابة بتوتر مزمن يبدو أن لا علاج له. ولأن العين عين الطامع والقامع والجائع للكعكة التى بين يدى اليتيم مسلطة منذ أمد على هذا المكان الذى ليس له صاحب، تتطلع هذه العين وغيرها من العيون إلى ما يفرزه هذا المكان من فن يمكنها أن تستشف منه تحولات الصراع فى المنطقة وأكثر بؤره توتراً واشتعالاً، وهذا بالضبط هو ما يجعل للأفلام التى سنعرض لها أهمية خاصة فى قلب أكبر من العراق جاءنا المخرج هنيار سالم بفيلمه الكيلومتر صفر وهو بمثابة مطالبة صريحة باستقلال الأكراد. ومن اليابان خرج علينا المخرج ماساهيرو كوباياشى بفيلم يصف الحرب فى العراق ب الجنة مقارنة بالحياة فى اليابان التى يصفها ب الجحيم.. وسوف نكتفى بالكلام عن الفيلم الأول لأنه يناقش شأناً عربياً بينما لم تكن العراق فى الفيلم الثانى سوى مجرد مناسبة لتناول شأن يابانى صرف. الفيلم الأول الكيلو متر صفر للمخرج العراقى الكردى هنيار سالم هو الفيلم الوحيد الناطق بالعربية فى المسابقة الرسمية لهذا العام، وهو فيلم مربك فنياً إلى حد يصعب معه تحديد مستواه .. وهو ما قد يدعونا للاعتقاد بأن اختياره فى المسابقة الرسمية يعود إلى المضمون السياسى الذى احتواه والمتمثل فى الدعوة المستترة إلى قيام دولة واحدة للأكراد كردستان. يعود بنا الفيلم إلى الثمانينيات - من خلال تكنيك الفلاش باك - حيث يعيش الشاب الكردى آكو مع طفله وزوجته ووالدها. ويعانى آكو من اضطهاد النظام الحاكم له كأى كردى آخر، حيث تقتحم قوات الجيش المنطقة التى يعيش فيها ويقوم الجنود بإذلاله وقتل من لا يروق لهم تحت دعوى انتمائه للمناضلين الأكراد. يزداد الحصار حول آكو، وأمام عدم تمكنه من الهجرة - بسبب تمسك زوجته بالبقاء بجوار والدها العجوز المقعد - لا يصبح أمامه سوى اختيار حل من اثنين : إما الانتماء للمناضلين الأكراد أو للجيش العراقى. ويختار آكو الانضمام إلى صفوف الجيش العراقى، ليجد نفسه أسير إذلال آخر يمارسه قادته العرب ضد الجنود الأكراد. فى غمرة هذا الشعور الطاغى بالقهر، يتم تكليف آكو بتوصيل جثة جندى من ضحايا الحرب العراقية / الإيرانية إلى منزله. ولأن آكو يشعر بعدم جدوى حربه ضد إيران، ويرى أن من الأولى له أن يموت إلى جوار قومه الأكراد فى حربهم ضد حكم صدام، يقرر أن يهرب خلال تأديته لهذه المهمة. يهرب آكو بعد أن يترك الجثة فى الصحراء ليرمز بذلك إلى تخليه عن جبنه وعن عراق 1988 ويذهب إلى الجبال لينضم إلى صفوف المناضلين الأكراد، ويستدعى باقى أفراد أسرته للإقامه معه. ولا يتطرق الفيلم إلى أى عمل عسكرى يقوم به هؤلاء المناضلون، بل ينتقل بشكل فجائى إلى النهاية التى تأتى بموت والد الزوجة فى قصف عراقى للمنطقة الجبلية يستهدف المناضلين. ثم يجيء مشهد الختام بعد دخول أمريكا للعراق، حيث يفتح ابن آكو وزوجته شباك بيتهم فى أوروبا ويهتفون: نحن أحرار.. نحن أحرار. الفيلم للأسف يضم العديد من المشاهد الرمزية الفجة التى تشعر المشاهد بالملل وبأنه فى درس تعبير ممل من الدروس التى يتحف المدرسون بها تلامذتهم فى المدارس الابتدائية. ورغم هذا الاستخدام الساذج للرمز من قبل المخرج، ورغم بعض المشاهد التى خرجت عن سيطرته فجاءت منخفضة المستوى كمشهد قتل الأكراد على أيدى الجنود العرب، ورغم ما يعيب مشاهد أخرى من افتتان المخرج بالأوضاع المسرحية وحركة الممثلين فى المسرح.. رغم كل ذلك إلا أن الفيلم بشكل عام ذو مستوى معقول ليس كارثة، ويتميز بحس ساخر خفف كثيراً من ملل الإيقاع البطيء الذى يمضى الفيلم على وتيرته. وأبرز ما فى الفيلم بشكل عام هو الأداء التمثيلى الجيد خاصة فى الأدوار الثانوية. بقى أن نقول إن هناك رسالة تحتية يتلقاها المشاهد فى صميم لا وعيه.. هذه الرسالة مفادها أن الفصل بين الأكراد والعرب فى العراق، أو بمعنى أدق حصول الأكراد على حكم ذاتى عبر استقلالهم عن الوطن الأم، هو الحل الأمثل لهذا الصراع اليومى الناتج عن تعايش الطرفين جنباً إلى جنب تعايشاً لم يجلب على الطرف الكردى من وجهة نظر الفيلم سوى الموت والقهر والذل والهرب إلى المنفى الاختيارى. الجرح الذى لا يندمل ماذا يحدث فى الأرض المحتلة؟.. كيف يمكن أن تجمع مصالح الحياة اليومية بين عدوين لدودين؟.. وكيف يتشكل الكره فى نفس كل منهما؟.. وهل يمكن أن تنشأ بينهما علاقة عاطفية ؟.. تلك هى القضايا التى تناولتها ثلاثة أفلام عرضها مهرجان كان هذا العام. الأفلام الثلاثة تمحورت بالأساس حول البحث فى العلاقة الشائكة بين اليهود سواءً فى إسرائيل أو خارجها والعرب المسلمين بالأخص. أول هذه الأفلام هو الفيلم الوثائقى من أجل إحدى عينى للمخرج الإسرائيلى إيفى مغربى، وهو فيلم أثار ضجة كبيرة عند عرضه فى المهرجان، وربما يثير ضجة أكبر حين تعرضه دور السينما فى الأرض المحتلة.. أما الفيلمان الآخران فهما فيلمان روائيان أحدهما للمخرج الإسرائيلى أيضاً آموس جيتاى بعنوان المنطقة الحرة وثانيهما هو فيلم مراكش للمخرجة المغربية ليلى مراكشى. نبدأ بفيلم المخرج الإسرائيلى إيفى مغربى من أجل إحدى عينى الذى يوجه انتقادات حادة للأوضاع الاجتماعية والسياسية فى الأرض المحتلة، حيث تميز بحيادية يتخفى وراءها انحياز للسلام والجانب المقهور فى إسرائيل العرب.. تتجول الكاميرا مع الفلسطينيين فى الشوارع الفلسطينية لنشاهد توقف الحياة وضياع البشر الذين يقضون أوقاتهم فى الانتظار على الطرقات المغلقة بالمتاريس ونقاط التفتيش، ليصبح الذهاب لجلب الطعام او للعمل أو لزيارة الابن او الابنة أمراً مستحيلاً، وإن أمكن فهو محفوف بالمخاطر. ويتجاوز الأمر هذه المضايقات الروتينية المزعجة ليصل إلى قيام الجنود الصهاينة المتمترسين داخل دباباتهم الحصينة - بمنع عربات الإسعاف من الوصول إلى من يحتاجها، ومنع المرضى من الذهاب للطبيب، وكذلك منع عربات المؤن الغذائية، ولا سبيل للتفاهم معهم.. ويعرض الفيلم حادثة حقيقية لسيدة تنزف وأسرتها تحيط بها وترجو الجنود أن يدعوها تركب عربة الإسعاف والعربة تقف على بعد خطوات منهم لكن الجندى الصهيونى يرفض ويردد فى تحد وثبات عودوا إلى بيوتكم ..!! هذه القسوة غير الإنسانية يُعرِّفنا المخرج بأسبابها و أصولها حين يلج بنا إلى أجواء تنشئة أطفال الكيان الصهيونى، سواء فى المدارس أو على أيدى ذويهم أو عبر الزيارات الدينية للأماكن المقدسة حيث الجميع المدرسين والآباءوالمعلمين يلقنون الأطفال ويملئونهم بكراهية الفلسطينيين مركزين على التاريخ المتخيل لليهود وخاصة قصة الملك داوود - النبى داوود عليه السلام - الذى استطاع قتل الآلاف من الفلسطنيين وحده !! وهى نفسها القصة التى تتعرض للسخرية فى نفس الفيلم على أيدى الشباب الأكبر سنا وهم يتساءلون: هل كان الملك داود ما تحكى التوراة سوبر مان ليقتل مائة ألف من الفلسطينيين وحده. أما القصة الثانية التى يركزون على بثها فى عقول الصبية فهى قصة شمشون وكيف خانته زوجته دليلة بعدما عرفت سره وباعته للفلسطينيين.. ومن هذه القصة بالذات ونظرا لأهميتها فى غرس كراهية العرب فى نفوس الأطفال يأخذ فيلم جيتاى اسمه من آجل إحدى عينى، مشيرا إلى عمى شمشون بعد تعذيبه على أيدى العرب.. ثم هناك الحكايات التى تدور حول الرومان الذين قتلوا اليهود وحاصروهم ونفوهم، ولهذا يطالب المدرسون الأطفال بالنداء فى الجبل وفى نفس المكان الموعود نحن عائدون .. نحن عائدون .. ثم هناك - وهو الأهم - الأساليب المستترة لتربية الأطفال على عدم الاكتراث بأرواح الفلسطينيين.. فهم يدربونهم على لحظات من الموت .. ويسألونهم ماذا تفضلون: الحرب؟.. السلام؟.. الصمت؟.. أم الانتحار؟.. والحال هذه لا نندهش حين نجد أن من يفضل التفاهم مع الفلسطينيين منهم لم يزد على فتاة واحدة، بينما كانت مجموعة الحرب هى الأكثر عددا حيث بررت إحدى الطالبات ذلك بأنه لو كنا سنموت فى كل الحالات فما هى المشكلة فى أن نقتل البعض - تقصد بعض العرب - قبل موتنا.. ثم جاءت مجموعة الانتحار فى الترتيب الثانى من حيث العدد، وأولئك هم اليائسون الذين تدفعهم ميولهم الرومانسية فى هذه السن الصغيرة إلى تفضيل الانتحارعلى الحرب.. لكن من يعلم فى أى جهة سيقفون عندما يكبرون!! إذن يعرض إيفى مغربى لأوضاع كلا الجانبين. الضحية العرب والجلاد إسرائيل ويصور كيف تكوَن الكره عمداً فى الجانب الصهيونى عبر تربية الأطفال على التحيز ضد العرب، وكيف تكون الغل عرضاً فى الجانب العربى عبر الضغط المستمر الذى يولد الانفجار، حتى أن عبارة هذه ليست حياة والموت أفضل تظل تتردد على لسان أكثر من عربى طوال الفيلم. وقد صرح مغربى بذكاء فى المؤتمر الصحفى الذى أعقب عرض الفيلم بمهرجان كان بأن هذا الفيلم ليس موجها لعموم الجماهير لكنه موجه للمجتمع الإسرائيلى.. وهذا ما ينافى فى تصورى حيث أعتقد أنه موجه أيضاً للعالم الغربى وخاصة الولايات المتحدة كما أنه موجه لكل من يدعم سياسة الكيان الصهيونى ويصدق ما يروج له من أكاذيب بقدر ما هو موجه إلى الكيان الصهيونى من الداخل، لكن إيفى الاسرائيلى لا يرغب فى إثارة المزيد من الأحقاد عليه هناك، خاصة وأن الفيلم لم يتم عرضه بالداخل بعد.. العلاقة الشائكة فى فيلم المنطقة الحرة يتناول المخرج الإسرائيلى آموس جيتاى علاقة العربى بالصهيونى من موقع خبرة الحياة اليومية بينهما، ويثير التساؤل حول حتمية هذه العلاقة بكل ما تتضمنه من عدم ثقة وخوف وتردد. يبدأ الفيلم بعودة فتاة أمريكية أمها أمريكية مسيحية وأبوها إسرائيلى لتبحث فى جذورها الإسرائيلية.. لكن المحور الحقيقى للفيلم يدور حول العلاقة بين سيدتين إحداهما عربية والأخرى صهيونية.. ووجود الفتاة فى الفيلم ما هو إلا مبرر لطرح كل جوانب هذه العلاقة، فالفتاة هنا لا تمثل وجهة النظر الأمريكية المتحيزة للجانب الصهيونى، لكنها تمثل وجهة النظر المحايدة لشخص غريب عن الصراع.. تبدأ أحداث الفيلم بمشهد وحيد فى الأرض المحتلة، وذلك قبل أن تنتقل انتقالة أخيرة للأردن.. وفى هذ المشهد الوحيد نشاهد عبور سائقة التاكسى السيدة موشيه بن موشيه للحدود الأردنية ومعها الفتاة التى تعتقد أنها عادت إلى الجنة، لنرى على الحدود التعامل المهين والمتشكك من العساكر الصهاينة لمواطنة من جلدتهم وأخرى أمريكية.. فهم تقريبا يوشكون على الاعتداء بالضرب على السيدتين حيث يتهم أحدهما الفتاة الأمريكية بأنها تبدو كداعرة.. وبدلا من أن تصطحب الكاميرا الفتاة وهى تتعرف على بلد والدها تصحبها وهى تتعرف على أرض أعدائه الفلسطينيين فى بلدهم الجديد الأردن. تدور الأحداث بعد إصابة زوج موشيه فى حادث مما يضطرها لأن تأخذ التاكسى والضيفة الأمريكية إلى الأردن لمقابلة الأمريكى وإتمام إحدى الصفقات التجارية هناك بما فى ذلك إحضار حصتها من المال.. ويتصادف أن الأمريكى وهو فلسطينى الأصل- يعانى من مشكلات مع ابنه المتشدد دينيا والرافض لآى تعامل مع الجانب الصهيونى، مما يدعو زوجته لأن تنوب عنه فى التعامل مع السيدة الصهيونية.. وهنا نرى السيدتين اللتين تمثلان جانبى الصراع وجها لوجه لا يفصل بينهما سوى الفتاة الأمريكية. والفتاة الأمريكية تجد لدى الجانب الأردنى ما لا تجده فى بلدها حيث الكثير من الترحيب والتعاون.. وهناك تبدأ فى استكشاف شخصية مرافقتها التى ترفض تناول أى طعام من اجانب العربى حيث تقضى التقاليد اليهودية بتطهيره أولا وترد على الناس بتحفظ ولا تصدق رواية زوجة الأمريكى عندما تؤكد لها أن المال قد تمت سرقته على يد سمير المتطرف ابن زوجها لا تصدها حتى وهى ترى سمير بعينيها يحرق القرية هو وزملاؤه. تتعنت زوجة موشية وتدخل فى جدال لا ينتهى مع العربية مطالبة بالمال بينما البنوك مغلقة ليلا والمال قد سُرق.. واقرية قد احترقت، لعلها فى ذلك تمثل الصهيانة الذين يريدون أرض الأجداد هم وحدهم بينما أجدادهم ماتوا والآن هناك عرب يعيشون عليها.. عرب كان لهم أجداد هنا أيضا!!. أمام هذا التعنت ورفض روية موقف الآخر أو القبول به تهرب الفتاة الأمريكية وتترك طرفى الصراع مستمرين فى صراع لا ينتهى أساسه التشكك وعدم الصتديق.. وهوما يشير إلى أن جيتاى يرى أن الصراع العربى الصهيونى رغم كل ما قد يكون قد بدأ من علاقات تجارية أو دبلوماسية أو سيايسة بين الطرفين لن ينتهى على الأقل فى الوقت الراهن. من السياسة إلى الحب أما فيلم مراكش فتتناول فيه المخرجة المغربية ليلى مراكشى عالم الشباب الثرى الفارغ الذى لا همَّ له فى الحياة سوى البحث عن اللذة فى العلاقات الجنسية والحفلات الماجنة والمخدرات وخلافه.. وتدور أحداث الفيلم فى المغرب حول قصة حب بين شاب يهودى ثرى وفتاة مسلمة لا تقل عنه ثراء.. وبالطبع ترفض أسرتا الشاب والفتاة تتويج هذه العلاقة بالزواج. والفيلم لا يقدم رؤية تستحق النقد والتحليل، فهو باختصار فيلم ساذج وسطحى مصنوع لغرض تجارى بحت.. لكن صناعته لهذا الغرض تشير إلى أن هناك رغبة ملحّة لدى الجماهير العربية لمعرفة الآخر/ اليهودى، مما يدفع صناع السينما إلى إنتاج أفلام تداعب هذه الرغبة لتستدرج الجمهور إلى شباك التذاكر.. وهو ما يجعلنا نتساءل عن السبب فى أن الكثير من المخرجين الإسرائيليين يجدّون ويجتهدون فى طرح رؤاهم الفكرية والنقدية، بينما نجد عدداً غير قليل من مخرجينا يتعاملون مع الأمر بوصفه استثماراً تجارياً لا علاقة له بالأرواح التى تُهدر والدماء التى تُسفك كل يوم....!! العربي المصرية في 5 يونيو 2005 |
حنة لاسلو فازت بأفضل ممثلة فيه مخرج فيلم »منطقة حرة«: أحلم بشرق أوسط بلا حدود! اختار المخرج الاسرائيلي عاموس جيتاي للمرة الاولى تصوير فيلم في بلد عربي ليشكل الاردن خلفية لفيلمه »فري زون« (منطقة حرة) الذي يحلم من خلاله بمنطقة شرق اوسطية تسقط فيها الحدود والحواجز الجغرافية والذهنية. والفيلم الذي تشارك في بطولته النجمة الاميركية ناتالي بورتمان ضمن المسابقة الرسمية في مهرجان كان السينمائي، يعكس ايضا الحلم بمنطقة تحتل فيها المرأة المكانة التي تستحقها وتمارس دورها كاملا. يروي فيلم »منطقة حرة« مسار ثلاث نساء مصممات على تولي زمام حياتهن، وهن اسرائيلية (حنة لاسلو) وفلسطينية (هيام عباس) واميركية شابة من اصل يهودي (ناتالي بورتمان). وقال جيتاي في مقابلة مع وكالة فرانس برس »انها اول مرة اصور قسما كبيرا من فيلم في بلد عربي«، مضيفا ان التجربة اعجبته واثارت حماسته الى حد انه يود القيام بالامر نفسه ربما »في مصر او في دولة مغربية«. وقال المخرج الذي سبق ان صور »ارض الميعاد«، وكأنما في اشارة موجهة الى السلطات الاردنية، انه »سيكون من دواعي سروري ان اشاهد العرض الاول لفيلمي في الاردن«، ما سيشكل في حال تحقق سابقة بالنسبة لدولة عربية. وقال جيتاي ان السلطات الاردنية وافقت على كل طلباته بخصوص التصوير، بما في ذلك التصوير في سوق السيارات الضخم في المنطقة الحرة على مقربة من الحدود العراقية والسورية والسعودية. وتشكل هذه المنطقة الحرة خيطا يربط وقائع الفيلم، على خلفية فكرة ان التجارة والعلاقات اليومية والانسانية يمكن ان تقرب الشعوب اكثر من المبادرات الدبلوماسية.واوضح جيتاي ان »هذه المنطقة التي تجري فيها كل صفقات السيارات في الشرق الاوسط تركت في نفسي انطباعا قويا بعيدا كل البعد عن تصورنا الدائم لتلك المنطقة كمنطقة اسلاك شائكة وحدود وحقول الغام وحقد، الى حد انني جعلت منها نقطة الانطلاق للفيلم«. بعد اصابة زوجها بجروح، تغادر حنة اسرائيل متوجهة الى »المنطقة الحرة« لتتقاضي ثمن سيارة مصفحة سلمها الزوجان. وتوافق حنة على اصطحاب اميركية بائسة خارجة من ازمة عاطفية، لتلتقي في نهاية المطاف فلسطينية غامضة ومتحفظة، تقول لها ان المال غير موجود هنا. ومن خلال حبكة الفيلم، يقول جيتاي ان الكل في هذه المنطقة يحمل جروحه، وفي مقدمهم الفلسطينيين بالطبع الذين يعانون من النزوح والوعود الكاذبة منذ قيام اسرائيل عام ٨٤٩١. غير ان الاسرائيليين ايضا يعانون من احباطات. فحنة وزوجها اضطرا الى الانتقال الى صحراء النقب بعد انسحاب اسرائيل من السيناء عام ٢٨٩١، وبعد ذلك فشلت كل محاولاتهما لمزاولة مهنة جديدة سواء بسبب ازمة او بسبب حرب. وتوضح حنة بخيبة امل ان »الامر الوحيد الذي يمكن التأكد منه في اسرائيل هو الانتفاضة والحرب«. ويوضح عاموس جيتاي ان سيناريو الفيلم تأثر باحاديثه مع ناتالي بورتمان التي مثلت دور الملكة اميدالا في »حرب النجوم« (ستار وورز). فالممثلة التي ولدت في القدس من والدين يهوديين كانت »تبحث الى حد ما عن هوية« وقد بدأت تتعلم العبرية والعربية، وهي عناصر نجدها في شخصية ريبيكا التي تجسدها.ويراهن فيلم »منطقة حرة« على الناس العاديين والنساء عوضا عن الشخصيات المهمة لدفع عجلة السلام في المنطقة. ويقول المخرج »اعتقد ان ثمة هزيمة للسياسة وعلى الاخص للرجل السياسي والجنرال وزعيم الحرب الذين تسببوا في اضرار كبيرة. والنساء الثلاث في الفيلم ببعدهن الواقعي واليومي قد يتمكن من ابتكار شكل مغاير من العلاقات«. أما الممثلة الاسرائيلية حنة لاسلو (١٥ عاما) التي فازت بجائزة افضل ممثلة عن دورها في فيلم »فري زون« (منطقة حرة) في مهرجان كان السينمائي والمعروفة في بلدها ككوميدية هزلية، تعتبر ايضا فنانة ملتزمة كما يؤكد خيارها تكريس جائزتها للحوار الاسرائيلي الفلسطيني. وقالت لاسلو بعد تلقيها الجائزة في مهرجان كان الثامن والخمسين »اتوجه ايضا الى الضحايا العرب والفلسطينيين. فقد آن الاوان للتلاقي والنقاش لتسوية المشكلات«. وارادت حنة لاسلو »تقاسم جائزتها مع عاموس جيتاي« مخرج فيلم »فري زون« (المنطقة الحرة) الذي خاض المسابقة. كما اهدت الجائزة ايضا لوالدتها »الناجية من المحرقة في اوشفيتز« ولجميع ضحايا الهولوكوست. وحنة لاسلو هي اول ممثلة اسرائيلية تفوز بجائزة في كان وهي معروفة شعبيا في اسرائيل لبرامجها »وان وومن شو« ولظهورها على شاشة التلفزيون.وكان عرضها المسرحي »حنة اكثر من لاسلو« فاز بجائزة افضل عرض مسرحي هزلي في عام ٤٠٠٢. وقد قامت هذه الممثلة التي تذكر بالممثلة الفرنسية جوزيان بالاسكو لجهة مظهرها الخارجي ولجهة اسلوبها الفكاهي الفظ وصراحتها، ببرامج تلفزيونية عدة ولعبت في حوالى عشرة افلام في اسرائيل.و»فري زون« هو ثاني فيلم لها تحت ادارة مواطنها عاموس جيتاي بعد »عليلة« (٢٠٠٢). وتلعب حنة لاسلو دور امراة قوية في فيلم يروي مسيرة صعبة لثلاث نساء قررن تولي زمام الامور في حياتهن وهن: اسرائيلية (حنة لاسلو) وفلسطينية (هيام عباس) واميركية شابة من اصل يهودي (ناتالي بورتمان). وتتوجه حنة (وهو اسمها في الفيلم ايضا) التي اضطرت لتولي شؤون عائلتها بعد اصابة زوجها، بسيارتها التاكسي الى »المنطقة الحرة« وهي سوق شاسعة للسيارات لكل الشرق الاوسط وتقع في الاردن، وهي مسلحة بعزيمة قوية على تحصيل دين لها.وتصطدم حنة التي ترافقها سائحة اميركية شابة من اصل يهودي (ناتالي بورتمن) بفلسطينية غامضة ومتحفظة (هيام عباس) التي تقول لها ان المال ليس موجودا هنا. والفيلم يرمز الى ضرورة الحوار في الشرق الاوسط ويوجه تحية للنساء في هذه المنطقة كما اوضح عاموس جيتاي. وتجسد حنة لاسلو على الشاشة دور سيدة حاذقة تجيد تدبر امورها اكسبتها ظروف الحياة الصعبة صلابة وفظاظة لكنها تتحلى في الوقت نفسه بالشجاعة وكرم الاخلاق. ولمحادثتها الفلسطينية التي تتملص من دفع الدين لتتحدث عن الحياة في نيويورك، تقول حنة »ما هذا هنا، ناشيونال جيوغرافي«.وصرحت حنة لاسلو في كان اثناء عرض »فري زون« امام الصحافيين »اعتقد ان عاموس كتب شخصية حنة (في الفيلم) لي. ادركت انني قريبة جدا منها. فقد ترعرت وكبرت في اسرائيل. احب بلادي وما اتمناه هو ان يعم السلام والتفاهم. لكن بعض الامور صعبة.. الحياة صعبة في اسرائيل«. وقالت ان الكوميديا والدراما هما مزيج اساسي عندما يتعلق الامر بمواضيع الشرق الاوسط.واوضحت »اعتقد ان كل ممثل كوميدي جيد هو ايضا ممثل درامي جيد لان الضحك والبكاء هما امران قريبان جدا من بعضهما«. وقال من جهته جيتاي »ان حنة سيدة قوية تتحلى بالكريسما والحس الواقعي.. وهي فظة بعض الشيء لكنها بالرغم من ذلك لطيفة. وكل هذا في آن واحد كما هم الاسرائيليون في الغالب بوجه عام«. الأيام البحرينية في 7 يونيو 2005 |