ماجدة خير الله تحتفل بعيد ميلادها الـ 75 فاتن حمامة سيدة الشاشة... نعم وهل هناك ممثلة أخري تستحق هذا اللقب؟ |
* مسلسل «وجه القمر» رفضت بطولته يسرا اعتراضا علي الأجر.. ونبيلة عبيد هروبا من دور الأم.. وفردوس عبدالحميد بسبب خلافات قديمة بيننا في «الشارع الجديد» وكلمة السيدة أو الليدي Lady لقب يعادل في اللغة الإنجليزية أو يقترب من لقب «سير» وهو لقب تنعم به ملكة بريطانيا علي بعض الشخصيات الفنية المتميزة أو التي قدمت أعمالا بها قدر من الابتكار من شأنه أن يرفع اسم المملكة المتحدة عاليا في مجالات الفنون والآداب والعلوم ولكن سيدة الشاشة لقب أنعم به الجمهور المصري علي الفنانة فاتن حمامة وارتضاه لها علي امتداد ستين عاما من العمل الفني المتواصل، وتتملكني الدهشة من بعض النجمات اللائي يشعرن بالضيق من هذا اللقب... وكأن تقدير الفنانة فاتن حمامة هو بالحتم إساءة لهن! أو تقليل من شأنهن..وتلك حالة تحتاج إلي خبراء في علم النفس لتحليلها وعلاجها. بدأت فاتن حمامة حياتها الفنية وهي طفلة لا تزيد سنوات عمرها علي سبعة أعوام، وقفت أمام محمد عبدالوهاب في فيلمه الشهير «يوم سعيد» الذي تم إنتاجه عام 1940 وكانت بطلة الفيلم وقتها سميحة سميح، ولكن أين هي الآن من السينما المصرية بطلة الفيلم لم يذكرها أحد بينما الطفلة الصغيرة التي ظهرت في مشاهدة محدودة خطفت القلوب والأبصار، ورغم جمال وأناقة الفنانة راقية إبراهيم التي شاركت عبدالوهاب بطولة فيلمه «رصاصة في القلب» إلا أنها أيضا انسحبت من السينما دون أن تترك أثرا خلفها، وكل ما نذكره لها جمالها الأرستقراطي وأناقتها، بينما الطفلة فاتن حمامة التي شاركت في نفس الفيلم وكان عمرها يقترب من الحادية عشرة تحولت بعد ذلك إلي أسطورة في عالم السينما المصرية، ومدرسة في الأداء. < فاتن حمامة.. لماذا؟ أحيانا قد يتبادر هذا السؤال إلي ذهن البعض، لماذا تحظي فاتن حمامة دون غيرها من الممثلات اللائي ظهرن معها أو بعدها باحترام وتقدير كل من الجماهير؟ والنقاد؟ لماذا يضعونها في مكانة خاصة لم تقترب منها غيرها؟ هذا السؤال كان يلح علي بعد الإعلان عن قبول فاتن حمامة لبطولة مسلسل «وجه القمر» الذي قمت بكتابته في عام 1998 انقلبت الدنيا ولم تهدأ وتحول المسلسل إلي حدث، فني يثير اهتمام الجميع حاصرتنا أسئلة الزملاء الصحفيين التي كانت تبدو لي ساذجة ومستفزة أحيانا! كيف أقنعتي سيدة الشاشة بقبول المسلسل؟ وهل طلبت تعديلات في الأحداث؟ وهل وهل؟ وفي الحقيقة كنت أعجز كثيرا عن الرد وتتملكني حالة من الضيق، لأن ما حدث كان أبسط كثيرا مما في مخيلة البعض. لقد كنت قد كتبت المسلسل قبل ذلك للإذاعة ولم أفكر يوما في أن بطلته ممكن أن تكون فاتن حمامة. ويحضرني هنا موقف طريف عندما سألني المخرج الإذاعي فرج أحمد فرج عن تصوري عن البطلة ابتسام البستاني، ومن الممثلة التي اقترحها لتجسيد دورها. فاقترحت عليه الفنانة فردوس عبدالحميد! رغم ما كان بيننا من مشاكل بعد مسلسل «الشارع الجديد» ولكني كنت ومازلت أعتقد أنها ممثلة جيدة ولكنها لم تكن مناسبة لدور «صفية» بطلة الشارع الجديد، ولكن هذا لا يمنع أن أرشحها لأدوار أخري تناسبها في أعمالي الفنية، ومن حقها طبعا أن تقبل أو ترفض، وفي كلتا الحالتين هذا أمر لا يزعجني إطلاقا. المهم أن فردوس عبدالحميد انزعجت من مجرد فكرة أن أرشحها لبطولة المسلسل الإذاعي «وجه القمر» وقالت للمخرج إن بيني وبين المؤلفة مشاكل ورفضت حتي قراءة السيناريو ولما كان باقي علي موعد التسجيل يومان فقط وكان مرشحا للعرض علي إذاعة القاهرة الكبري في رمضان عام 1998 فقد استعان المخرج بالفنانة ليز سركسيان أو إيمان رمضان ولعب دور مصطفي قورة الذي جسده بعد ذلك الفنان أحمد رمزي في المسلسل التليفزيوني... الفنان يوسف شعبان، أما دور جميل راتب فكان يؤديه سعيد عبدالغني أما دور وائل الذي كان سببا في انطلاق نجومية أحمد الفيشاوي، فكان يؤديه في الإذاعة الفنان «أحمد السقا» وكان سعيدا بهذه التجربة لأنها كانت المرة الأولي التي يقف فيها أمام ميكروفون الإذاعة. وكنت قد اتفقت مع الفنانة سميرة أحمد علي كتابة المسلسل للتليفزيون وتعاقدت مع المنتج صفوت غطاس علي كتابة ثلاثين حلقة للعرض في رمضان 1999، ولكن أثناء سير الكتابة اعترضت سميرة أحمد علي بعض التفاصيل الخاصة بشخصية امرأة عربية ثرية تتزوج من مطرب مصري وتنفق عليه حتي يحقق قدرا كبيرا من الشهرة فيتخلي عنها من أجل فتاة أحبها هي ابنة المذيعة ابتسام البستاني بطلة المسلسل ولم أرحب بهذا التدخل من الفنانة سميرة أحمد وحتي أحافظ علي علاقتي الطيبة بها توقفت عن تكملة المشروع وعندما لاح اسم المخرج عادل الأعصر في الأفق أصبح مخرجا للمسلسل اقترح أن تلعب الدور يسرا فعرضت عليها المسلسل وأخبرتها أنه من إنتاج شركة صوت القاهرة فسألت في البداية عن الأجر الذي سوف يدفعونه، وقتها لم يكن المنتج المنفذ قد تضخم دوره إلي هذا الحد ولم تكن أسعار النجوم تصل إلي الملايين، وبعد مباحثات مع رئيس مجلس إدارة شركة صوت القاهرة وكان وقتها حسين فهمي جلال الدين. أخبرت يسرا أن الشركة مستعدة أن تدفع في الحلقة الواحدة عشرة آلاف جنيه ولكنها لم توافق وتعللت بحجة أنها غير مستعدة أن تلعب دور الأم لفتيات في سن الجامعة حتي لا تلتصق بها أدوار الأم!! واقترحت علي عادل الأعصر أن يعرض المسلسل علي نبيلة عبيد لأنه كان يعد لها مسلسلا للتليفزيون في مرحلة الكتابة، ولكنه أخبرني بأنها سوف ترفض حتما أن تلعب دور الأم لفتيات في سن الزواج... وبعد أن استعرضنا أسماء بعض النجمات اللائي يصلحن لأداء دور ابتسام البستاني.. لمعت في رأس عادل الأعصر فكرة عرض المسلسل علي السيدة فاتن حمامة، واعتبرتها وقتهامزحة وقلت له لو تعرف تتصل بيها فافعل ولكن لا تطلب مني أن أتحدث إليها وكانت المفاجأة أن اتصل بها سألها أن كانت توافق علي تمثيل مسلسل لشركة صوت القاهرة فأخبرته أنها لا تعرف الشركة ولا تعرفه ولكنها طلبت منه إرسال الحلقات كاملة وشريط فيديو لبعض أفلامه، والمدهش أنها بعد أقل من أسبوع كانت قد قرأت حلقات المسلسل كاملة ولم تنتظر حتي يتصل بها المخرج وبادرت بالاتصال به لتخبره أنها أعجبت بالمسلسل وبدورها وطلبت أن تلتقي به وبالمؤلفة، وسألته مش هي دي نفسها ماجدة خير الله الناقدة؟ فأكد لها المعلومة... وزف لي وللشركة خبر موافقتها وبدلا من أن أشعر بالفرحة تملكتني الوساوس التي كثيرا ما تفسد سعادتي.. فقلت له إذا كانت قد وافقت علي السيناريو فبالتأكيد سوف تختلف مع الشركة علي أجرها ونقلت له حالة القلق رغم أنه نادرا ما يقلق وهي نعمة أغبطه عليها...وكان عادل الأعصر يتصور أنني لم التق في حياتي بالسيدة فاتن حمامة ولكني كنت قد ذهبت إلي منزلها مع الأستاذة ماري غضبان قبل ذلك بسنوات كانت ماري غضبان صديقة لفاتن حمامة من سنوات طويلة وكانت قد اعتادت علي إجراء أحاديث صحفية معها بين الحين والآخر وماري من الصحفيات القلائل اللائي ترحب بهن فاتن حمامة في كل وقت وكنت قد علمت بموعد اللقاء وطلبت من ماري غضبان أن أذهب معها لمقابلة فاتن حمامة، ووعدت ألا أدخل في حوارات جانبية تفسد أو تعرقل عمل ماري ولكن كيف تكون في حضرة السيدة فاتن حمامة ولا تناقشها في حال السينما والفن وفي أدوارها المختلفة؟ كنت وقتها في بداية عملي في الصحافة في عام 1986ولم أنس اللقاء الحميم ولا بساطة فاتن حمامة وخفة ظلها وتعليقاتها المدهشة علي ما يجري علي الساحة من أحداث ومتغيرات اجتماعية وسياسية وفنية كنا نتكلم عن ظاهرة انتشار الحجاب وكان لها رأي شديد التحضر والاتزان ولكنها طلبت عدم نشره واحترمت أنا وماري طلبها!! واعتقدت أنها قد نسيت تفاصيل اللقاء ونسيت وجهي ولكن بمجرد أن قابلتني أنا والمخرج عادل الأعصر، حتي ذكرته بتفاصيل اللقاء الأول الذي كان قد مر عليه أكثر من عشر سنوات وبعد الترحيب والذي منه تحدثنا في كل تفاصيل المسلسل ولكنها لم تتطرق مطلقا للسؤال الذي كنت أنا والمخرج نخشي أن تسأله وهو الخاص بالأجر الذي سوف تتقاضاه وتكررت اللقاءات التي كان معظمها دردشة في بعض الأمور الفنية لا علاقة لها بالمسلسل وكنت أسأل نفسي بعد كل لقاء... هي إيه الحكاية لماذا لا نتحدث في المفيد وتطرح طلباتها لننقلها للشركة المنتجة التي لم يكن أحد من مسئوليها يصدق أننا نلتقي بفاتن حمامة بخصوص مسلسل «وجه القمر» وأخيرا قررت أن أقطع الشك باليقين وسألته رغم أن أن هذا خارج اختصاصي ولا أفعله ولا أحب أن أفعله ولكن نظرا لحالة الرهبة التي تملكت المخرج فقد قمت أنا بسؤالها بشكل صريح ومباشر عن طلباتها المادية لأن هذا سوف يتبعه إما تمضي العقد أوترفض العرض وكانت المفاجأة أن طلبت في البداية أن تقوم هي بإنتاج المسلسل حتي يخرج بالشكل الفني الذي تريده وأجبناها باستحالة ذلك لأن شركة صوت القاهرة كانت قد تعاقدت معي علي المسلسل يعني أصبحت تمتلك حق استغلاله وكانت المفاجأة الثانية أن طلبت أجرا شاملا قدره «مليون جنيه» ولما قرأت علي وجهينا أنا والمخرج علامات الإحباط واليأس قالت بخفة دم المبلغ كبير!! ولكن الشركة سوف توافق وهذا ما حدث فعلا لأن الشركة قامت بمباحثات واجتماعات ورأت ألا تضيع فرصة أن تقوم «سيدة الشاشة» ببطولة مسلسل من إنتاجها ولم يستغرق الأمر طويلا حتي جاءت الموافقة علي الأجر الذي طلبته فاتن حمامة رغم أنه كان ضخما جدا وقتها وطلبت فاتن حمامة عدم نشر أية تفاصيل عن العمل... إلا بعد الاستقرار علي أسماء الأبطال وكافة العاملين في المسلسل وكان العمل يجري وكأن فاتن حمامة منتجته وليست صوت القاهرة. وجاء وقت ترشيح الأبطال وأدركت علي الفور أن أي ممثل أو ممثلة حتي لو كان سوف يظهر في مشهد واحد يجب أن توافق عليه فاتن حمامة وكنت أشعر بدهشة وأتساءل كيف يوافق المخرج علي هذا الشرط رغم أن اختيار الممثلين من صميم عمله، ولكنه كان قد ترك هذا الحق في يد الفنانة فاتن حمامة وكان يشعر أنها سوف تكون أكثر منه حرصا علي الاختيار السليم.. ومع ذلك فلم أكف عن اقتراح ما أراه مناسبا ولكن كان عادل الأعصر يسألني عن رأيي في كل شخصية.. فأعطي له ترشيحا أو اثنين فيعرضهما علي فاتن حمامة حتي يبدو الأمر وكأن الكلمة الأخيرة لها.. ومع ذلك فقد كانت تتمسك أحيانا ببعض الأسماء فينجح عادل الأعصر بوسائله الخاصة في إغلاق كل الأبواب أمام هذا الاسم أو ذاك كانت فاتن حمامة مثلا تريد حلا شيحة في دور الابنة الكبري الذي لعبته «غادة عادل» ولكن المخرج ظل يؤكد لها أن حلا شيحة لا تريد العمل في التليفزيون لأن لديها مشاريع سينمائية عديدة، أما حنان ترك فقد رفضت أو اعتذرت عن أداء دور الابنة الصغري التي تدرس الباليه، وكان رفضها المفاجئ للسيدة فاتن حمامة فطلبت منها أن تشاهد الفوازير التي كانت نيللي كريم قد صورتها لقطاع الإنتاج... وأعجبت فاتن حمامة بنيللي كريم ثم عرضنا عليها صورا لغادة عادل فطلبت مقابلة الاثنتين، فازدادت إعجابا بنيللي كريم وكان رأيها أن هذه الفتاة الشابة سوف يكون لها شأن كبير لو أخذت الأمور بجدية ولكن إحساسا ما كان يجعلها لاترتاح لغادة عادل وكانت تقول إنها تبدو مذعورة طوال الوقت. وكان دور مصطفي قورة هو أكبر صعوبة قابلناها فقد رفضت فاتن حمامة في إصرار غريب أن يلعب حسين فهمي دور زوجها الغائب... وكنت كلما سألتها عن أسباب رفضها تحاول الإفلات بذكاء من الإجابة، واقترحت عليها اسم الفنان الراحل محمود مرسي فلم توافق واسم يحيي الفخراني فلم توافق أيضا.. وكنت أخشي أن يستقر رأيها عند أحمد مظهر لأنه من وجهة نظري كان أبعد ما يكون عن الشخصية التي رسمتها في خيالي، ولكنها للحقيقة لم تقترحه، وعلمت من عادل الأعصر أن تفكيرها يتجه إلي اختيار أحمد رمزي، وأدهشني جدا اختيارها له وخاصة أنه كان بعيدا عن الأذهان ولكنها لم تكتف بالترشيح بل سعت للاتصال به وإقناعه بالعمل في التليفزيون، وهو الذي لم يقف يوما أمام كاميرات الفيديو ولكن يبدو أنه لم يفكر في الاعتراض علي اقتراح يصدر عن سيدة الشاشة. وأدركت بعد وقت طويل أن هذا الجيل الجميل كان قد تربي علي الوفاء والإخلاص والاحترام المتبادل كما أدركت في وقت لاحق أن السيدة فاتن حمامة كانت محقة في عدم ترحيبها بأن يلعب حسين فهمي دور زوجها الأول. في أول يوم لتصوير مشاهد بروفة كاميرا لمسلسل «وجه القمر» الذي كان يراهن الكثيرون علي عدم اكتماله بل إن أحدهم راح يؤكد أن فاتن حمامة سوف تتراجع عن العمل، مما وضع المسئولين في شركة صوت القاهرة، في حالة شديدة من التوتر وخاصة أن هناك حملة خبيثة شنها البعض من خلال أخبار راحت تتناثر عن أسماء النجمات اللائي سبق ترشيحهن لهذا الدور قبل فاتن حمامة ولكن كل هذا لم يثنها عن عزمها ولم تعبأ به، وكان اليوم الأول في التصوير بمثابة استفتاء علي شعبية فاتن حمامة حيث احتشد ممثلو الصحافة الفنية المصرية والعربية وكاميرات التليفزيون المصرية والعربية وميكروفونات الإذاعة المصرية والعربية كان حدثا فنيا فريدا ومميزا بجميع المقاييس حضره وزير الإعلام السابق، «صفوت الشريف» ورئيس اتحاد الإذاعة والتليفزيون السابق «عبدالرحمن حافظ» وكافة خلق الله الذين لهم علاقة بالتليفزيون أو الصحافة المسموعة والمرئية. وظلت الصحافة تتابع تصوير المسلسل يوما بيوم وتبحث عن أي جديد أو مثير وتفتعل أحيانا قضايا وأزمات بين فريق العمل.. والأهم من كل هذا أن عرض المسلسل في شهر رمضان من عام 2000 أحدث دويا علي كافة القنوات الفضائية العربية وكان هذا الاهتمام ينطلق من شعبية الفنانة فاتن حمامة وقيمتها لدي الجمهور المصري والعربي. ونعود للسؤال الأول فاتن حمامة لماذا؟ لماذا احتفظت بمكانتها الفنية طوال ما يزيد علي نصف قرن رغم ظهور أجيال تلتها أجيال وتغير المناخ العام وأذواق الجماهير، واختلال القيم والمبادئ وسيادة فلسفة القبح، إلا أن فاتن حمامة ظلت في ذاكرة الجماهير مثل المناطق المحرمة التي لا يجوز الاقتراب منها لأنها ربما تكون من الشخصيات الفنية القليلة التي حافظت علي صورتها ومكانتها عبر السنين ولم تتورط مثل غيرها في تفاهات تفسد علي الناس ما يحتفظون به من ذكريات عن أفلامها التي عبرت عن تطور السينما المصرية، بكافة مدارسها واتجاهاتها، وربما لأنها شاركت بفنها ووجودها الطاغي في أن تصبح حلما لكل الأجيال فهي النموذج المثالي للفنانة القدوة التي يحلم كل من يدخل مجال العمل السينمائي أو التليفزيوني أن يكون له الحظ في أن يلتقي معها ولو في مشهد واحد لقد غيرت فاتن حمامة من صورة المرأة المصرية علي الشاشة فلم تعد تلك الدمية الجميلة التي يلهو بها الرجال أو يتصارعون من أجل الفوز بها بل أصبحت من خلال جملة أفلامها شريكا في حركة تغيير المجتمع من خلال ترسيخ القيم النبيلة، والنقلات الموضوعية للشخصيات التي تلعبها... إذا أردت أن تعرف تاريخ تطور المرأة المصرية... خلال الخمسين عاما المنصرمة فتابع بالترتيب أفلام «موعد مع السعادة» و«نهر الحب» حيث كانت تؤدي دور المرأة التي تعيش من أجل الحب فقط، «صراع في المينا» «دعاء الكروان» المرأة التي لها موقف من الحياة رغم قلة ثقافتها، «الباب المفتوح، و«الطريق المسدود» المرأة التي تتحدي المجتمع وتفرض إرادتها، «أريد حلا» و«إمبراطورية ميم» و«الخيط الرفيع» المرأة القوية في مواجهة تقاليد بالية، «يوم حلو ويوم مر» و«أرض الأحلام» نموذج للمرأة المصرية المكافحة التي تتحمل أعباء الحياة من أجل تنشئة الجيل الجديد علي المبادئ الإنسانية النبيلة سواء كانت هذه المرأة من بيئة شعبية أو من البيئة المتوسطة.. هذا الدور الإيجابي الذي لعبته فاتن حمامة في حياتنا الفنية هو ما جعلها تستحق عن جدارة لقب «سيدة الشاشة». جريدة القاهرة في 24 مايو 2005 |