كريستين سكوت توماس:
باريس - نبيل مسعد |
كريستين سكوت توماس نجمة سينمائية بريطانية لامعة عالمياً تقضي وقتها بين لندن وباريس ولوس أنجليس. فهي منذ أن حققت نجاحاً دولياً وشعبياً مرموقاً إثر دورها في فيلم "المريض الإنكليزي" الحائز الأوسكار صارت لا تكف عن تلقي العروض المغرية، الا أنها تحرص دائماً على مراعاة ضرورة إقامتها في فرنــسا لفتـرة طويـلة من السنة احتراماً لواجباتها العائلية ولارتباطاتها العاطفية اذ انها متزوجة من فرنسي وأم لطفلين. وبين أهم الأعمال التي ظهرت فيها كريستين سكوت توماس حتى الآن "الرجل الذي يهمس في أآذان الخيول" من إخراج روبرت ريدفورد وبطولته و"ملائكة وحشرات" و"مهمة مستحيلة" و"أربع زيجات وجناز" و"القمر المر" و"قلوب بالصدفة" و"عميل غامض" و"أرسين لوبين". آخر أفلام توماس عنوانه "رجل لرجل" من اخراج الفرنسي ريجيس فارنييه، باللغة الإنكليزية، ويحكي اكتشاف الرجل الأبيض لقبائل "البيغميه" واعتقاده بأنها تشكل الحلقة المفقودة بين الحيوان والإنسان. ولمناسبة نزول الفيلم إلى الصالات التقت "الحياة" توماس وحاورتها. · كيف حصلت على هذا الدور المختلف كلياً عما تقدمينه عادة؟ - أعتقد بأن المخرج ريجيس فارنييه تخيلني في دور هذه المرأة بطريقة طبيعية جداً على رغم كونه لم يشاهدني مرة واحدة أتقمص شخصية ثقيلة الظل وشريرة في تصرفاتها. وأنا أحيي فيه هذه الميزة الفنية القديرة التي هي الخيال والتي تنقص الكثيرين من أهل المهنة السينمائية. · وكيف واجهت شخصياً دور الشريرة؟ - واجهته بكثير من الخوف والقلق لأنني أدركت عندما قرأت السيناريو كيف كان علي أن أتدرب على وضع نفسي في مكان امرأة لا تبالي سوى بالمال ولا تتراجع أمام استعباد الغير لمجرد أن تكسب من وراء ذلك ثروة لا بأس بها. كنت قد مثلت دور نصف شريرة في "أرسين لوبين" لكن الأمر يختلف كلياً لمجرد أن "لوبين" يدخل في إطار الأعمال البوليسية الخيالية تماماً مما يعني أن الشرير هنا يتميز بمواصفات كاريكاتيرية تتضمن المبالغة بينما تتصف شخصيتي في "رجل لرجل" بالواقعية التامة وهذا ما سبب خوفي وساهم في تصاعد كمية الأدريناليـن فـي عـروقـي. وبما أنني كنت عاجزة عن رفض المشروع حتى لا أحط من قيمتي الفنية في نظري الشخصي وفي نـظر الغيـر استخدمت الخوف حافـزاً للسير إلى الأمام ورميـت بنـفسي في البحر من دون أدنـى نظرة إلى الوراء وتعلمت السباحة على رغم أنفي، وأنا الآن فخورة بما فعلته. يصعب علي تصديقهم · لقد رشحت مرتين لجائزة الأوسكار الأميركية كأحسن ممثلة، وكم من فائز أو مرشح صرح بأنه لا يؤمن بالتفرقة بين الفنانين وبأن لا ضرورة في الحقيقة للحكم على الفن وانتخاب "أحسن فيلم" و"أحسن ممثل"، فما موقفك الشخصي من موضوع الجوائز؟ - أنا أفهم المقصود بكلامهم، فالفيلم الفائز لا يلغي أو يقلل من قيمة الأفلام التي لا تفوز، والممثلة الفائزة ليست فعلاً "أحسن ممثلة"، فالعملية نسبية تماماً وتفيد كثيراً في بيع الأعمال التي تنال الجوائز، وكم من فيلم عثر على توزيع في بلدان لم تكن مستعدة لإقتنائه لولا الجائزة. ويصعب علي تصديق أي فنان فائز يدعي أن الأمر لا يهمه وبأن الأوسكار أو غيرها من الجوائز لا تتعدى كونها شهادة تقدير إضافية في لحظة ما من عمره الفني. إن الجوائز تفتح أبواب المستقبل أمام أصحابها وتسهل عليهم فرض شروطهم وحسن اختيار أدوارهم في ما بعد وأنا لا أعرف فناناً لا تعنيه مثل هذه المزايا. · عملتِ مرات عدة سفيرة لدور مرموقة في ميدان الأناقة والجمال فما الذي دفع بك إلى قبول مثل هذه المهمة، هل هو المال؟ - المال مقبول بلا شك لكنه ليس السبب الأول في موافقتي على العروض التي تطرحها الدور الكبيرة، فأنا لا أتخيل نفسي مثلاً سفيرة لماركة رخيصة ورديئة مهما كان الأجر المعروض علي، ومن ناحية ثانية أعرف انني أمثل الشاعرية في نظر جمهوري ولذا أوافق على تمثيل علامات باريسية أو إيطالية تتخذ الرومانسية شعاراً لمبتكراتها في شكل عام ما يسمح لي بتفادي تحطيم صورتي، وهذا في النهاية هو الأهم. · أنت أم لطفلين فكيف تجمعين بين عملك والأمومة؟ - لا أسافر أو أتحرك كثيراً من دون صحبة عائلتي، خصوصاً الأطفال، فطالما أنهما إلى جواري أجد نفسي قادرة على الجمع بمهارة غريبة بين ممارسة عملي ورعايتهما لكنني مضطرة أحياناً لتركهما مع والدهما طوال فترة غيابي. ولهذا السبب أعمل في أفلام فرنسية أساساً ولا أقبل العروض الآتية من الخارج إلا إذا وجدتها مثيرة للاهتمام بشكل أعجز عن مقاومته. · ما هي أحلى ذكرياتك المهنية؟ - سأسرد لك ذكرياتي الحلوة في شأن فيلمي الأخير "رجل لرجل" وحبكته التي تخص أساساً شخصين من قبائل "البيغميه" لا علاقة لهما بشيء اسمه التمثيل، إلا إن ريجيس فارنييه عرف كيف يحسن التصرف معهما ولا يفرق بينهما وبين الممثلين المحترفين أثناء التصوير، خصوصاً الرجل لأن دوره تميز بحجم أكبر من دور المرأة، علما أن تعليم الأداء السينمائي لشخص لم يشهد صورة متحركة أو كاميرا طوال حياته من أصعب ما قد يتعرض له أي مخرج في هذه المهنة. أنا أعترف بأن تجربتي في هذا العمل أفادتني كثيراً، بسبب تقمصي دور شريرة للمرة الأولى، ثم بفضل احتكاكي بشخصين أجنبيين تماماً تعلما كل شيء بسرعة البرق على يد مخرج كرس وقته وطاقته لهما. · تذكرين عملك الأخير وهذا شيء جيد لكن حياتك الفنية زاخرة بالأدوار الجميلة بإدارة كبار المخرجين وإلى جانب أهم النجوم فمن منهم ترك في قرارة نفسك بصمات عميقة؟ - روبرت ريدفورد طبعاً الذي منحني بطولة فيلمه "الرجل الذي يهمس في آذان الخيول"، فقد اكتشفت رجلاً ذكياً وفناناً كبيراً وبسيطاً يتخذ القناعة سلوكاً أينما تواجد، ولا يعير نجوميته أي أهمية ما لا يعني أنه لا يحمي نفسه ضد تطفل بعض الأشخاص عليه، ولكنه يفعل ذلك بطريقة طبيعية تمنع أي رد فعل عن الآخر، لذا أقول إن ذكاءه من أبرز صفاته، وأنا تعلمت منه الكثير على الصعيدين المهني والشخصي، خصوصاً انني كنت بعد شبه مبتدئة في السينما حينذاك. · وهل هناك بعض الذكريات السيئة أيضاً؟ - طبعاً فهل تعتقد بأن دنيا السينما خالية من العيوب (تضحك)؟ · وما هي أبرز هذه الذكريات؟ - تلك التي تخص أحد أفلامي الفرنسية بإدارة رجل يدعي العبقرية، لكنه في الحقيقة عبارة عن استغلالي يستعبد الغير ويبني سمعته وثروته على حساب طاقتهم وحبهم للفن، فهو يشبه في الحقيقة المرأة التي أمثلها في "رجل لرجل"، وأقصد من حيث قرارة النفس والجشع، وأرجوك لا تطلب مني ذكر اسمه لأنني لن أفعل. · مثلت في أكثر من فيلم ألف موسيقاه اللبناني غابريال يارد فهل تعرفينه شخصياً؟ - نعم وأعتز به كصديق، غير أنه من أهم المؤلفين الموسيقيين في عالم الفن السابع في الزمن الحالي. لقد تعرفت إليه أثناء تصوير فيلم "المريض الإنكليزي" وشاءت الصدفة أن ألتقيه ثانية وثالثة لأننا كنا نشارك في الأفلام نفسها فنشأت بيننا علاقة صداقة أحترمها وأحافظ عليها. · ما هي هواياتك إذا سمح لك وقتك بممارسة أي هوايات؟ - أنا أجبر نفسي على ممارسة رياضة المشي في كل يوم ثم أسبح بقدر المستطاع، وغير الرياضة أهوى القراءة وسماع الموسيقى، وأنا مقتنعة بأن وجداني في حاجة ماسة وحيوية إلى هاتين الهوايتين. الحياة اللبنانية في 20 مايو 2005 |