جيمس دين:
إعداد فيكي حبيب |
جيمس دين..
في ربيع العام 1955 أطل جيمس دين على الجمهور لأول مرة في دور بطولي. الفيلم كان “شرقي عدن”. العرض كان خاصّاً والجمهور المدعو كان خليطاً من الأعمار المختلفة مع نسبة كبيرة من الشبّان. وبمجرد أن أطل جيمس دين التهبت عاطفة هؤلاء تصفيقاً وصريخاً وآهات إعجاب من الفتيات اللواتي شعرن بأن نظرات ذلك الممثل الشاب وملامحه الجاذبة تذيبهن. لاحقاً كتب مخرج الفيلم إيليا كازان عن ذلك قائلاً: “كان البلكون (آنذاك معظم الصالات كانت مؤلفة من صالة أرضية وبلكون) مكتظاً بالمراهقين الذين لم يشاهدوا جيمي من قبل. ومن اللحظة التي ظهر فيها على الشاشة هاج هؤلاء على نحو غير مسبوق. خلت أن البلكون سيهوي. كان السقف يمطر عاطفة. لم أشهد مثل ذلك في حياتي كلها”. تأثير جيمس دين على المشاهدين كان ذا وقع دامغ حتى في مشاهده الصامتة. في الفيلم نراه يمشي في تلك الشوارع كما لا يمشي غيره. يداه في جيبي سرواله. نظراته منخفضة وخجولة. ورأسه الى الأرض. شخصيته الطارحة نفسها حسّاسة تقف على شفير حاد وبنظرة واحدة تدرك إنه شخص من اللامنتمين لما ولمن حوله. كان تجسيداً للشباب المُساء فهمه وشباب الحاضرين كلهم كانوا يعتقدون أنهم “مُساء فهمهم” لذلك التعاطف والتعامل مع جيمس بوند كان مباشراً. جيمس دين تحوّل الى نجم كبير وهو لا يزال في الرابعة والعشرين من العمر. العام 1955 هو العام الذي قُتل فيه جيمس دين في حادثة سيّارة سريعة. والكثير من صوره الخاصة التي نشرتها مجلات الفترة كانت تضمّه مع تلك السيارة الرياضية او مع سيارات رياضية أخرى مختلفة. وهو كثيراً ما كان يقول: “عش سريعاً، مت شابّاً ولتكن جثتك جميلة”. وهو عاش ومات سريعاً وشاباً لكن جثّته، وهي محشورة داخل حطام السيارة، لم تكن منظراً جميلاً. جيمس دين اليوم لا يزال يحمل ذات الملامح الفنية التي حملها حين كان حياً. أفلامه لم تشخ كما ذاكرة الذين عاصروه. اسمه لا يزال مرتفعاً وحياته القصيرة لا تزال خصبة بالنسبة للمعجبين به. كل هذا والممثل الذي ولد في مدينة فرمونت في ولاية إنديانا سنة 1931 لم يظهر الا في عدد محدود من الأفلام. في الواقع هي ثلاثة أفلام رئيسية. ثلاثة نجاحات. والله وحده يعلم ما كان الحال سيؤول بهذا الممثل لو أنه عاش ليحقق أكثر منها. هل كان سيحقق أعلى مما حققه من نجاح. هل كان سيهوي؟ في سن الرابعة والعشرين كان بدأ يشرب كثيرا والبعض يقول إنه كان يتعاطى المخدرات كذلك. المؤكد أن موته المبكر والمفاجىء هو سبب رئيسي وراء بقائه نجماً لما بعد موته. أفلامه الثلاثة المذكورة موجودة على اسطوانات ال DVD منذ سنوات، لكنها الآن جمعت معاً في إنزال جديد واحد. ومهرجان “كان” احتفى به عارضاً عنه فيلما تسجيلياً طويلاً. أما رفوف الكتب ففيها الكثير التي أُلفت عنه وحوله. الأفلام الثلاثة المذكورة هي “شرقي عدن” و”متمرد بلا قضية” و”عملاق” وكلها عرضت في عام واحد متلاحقة. رشح مرتين لأوسكار أفضل ممثل مرة عن “شرقي عدن” ومرة عن “عملاق”. وفي مدينة تعج بالمواهب وبالتنافس فإن الترشيح هو درجة من التميّز حتى وإن لم يفز المرشح بالجائزة الموعودة. جورج ستيفنز أخرج “عملاق” وقال عنه: “كان مزيجاً من التكنيك والذكاء والعمل الشاق. عكس صورة شاب طبيعي تماما وقابل على التطوّر وفي ذات الوقت لم تكن هناك تفصيلة تفوته او غير قابلة لاهتمامه. كانت لديه وسيلته الخاصة في التمثيل وكانت خاصة فعلاً لأن أحداً آخر لم يقدم عليها او يجرّبها”. نشأة جيمس بوند كانت خاصة. حين كان صغيراً اشترك مع والدته، التي كانت تعشق الفن، تحريك العرائس والدمى ولاحقاً ما ظهر على المسرح في أواخر الأربعينات. لكن قبل ذلك، في العام 1935 توفيت والدته وهي لا زالت صغيرة في السن (29 سنة) وذلك نتيجة السرطان الذي لم يمهلها. تربى في كنف عمّته ولم يكن ولداً سعيداً. كانت ذكرى والدته لا زالت تقض مضاجعه وهو لابد عاش حياته كلها يتذكر كيف عاد وإياها في قطار واحد وهو صغير في التاسعة. هو الراكب وهي في التابوت الذي كان ينقلها من لوس أنجيليس، حيث ماتت، الى فرمونت حيث عاشت معظم حياتها. التمثيل لم يخطر له باكراً. لكنه استرعى انتباهه فيما بعد عندما التحق بالكلية. وحالما أدرك أن التمثيل هي حاجته توجه الى مدرس الدراما في الكلية وطلب مساعدته. وسريعاً ما كان يمثل مسرحيات على خشبة الكلية مرتعه الفني الأول بعد تلك العرائس والدمى التي كان يحرّكها صغيراً مع والدته. في العام 1949 انضم الى كلية سانتا مونيكا في ضواحي لوس أنجيليس وظهر على خشبة مسرح الجامعة الأمريكية UCLA في لوس أنجيليس. وتعرّف على الممثل جيمس ويتمور الذي كان يدير مشغلاً للتمثيل فاصطحبه الى عدة مدن حيث مثل مسرحيات مختلفة. ثم حط جيمس دين في مدينة نيويورك شاباً وحيداً يحمل أعباء حياة غير سارّة وطموحات لا يعلم إن كانت ستتحقق أم لا. في تلك الفترة كان دين يهرب الى السينما من واقعه. كان يشاهد من فيلمين الى ثلاثة في اليوم الواحد ومع أنه وجد في مطلع الخمسينات نافذة للإطلال من على شاشة التلفزيون الى جمهور لا يزال في مطلع استيعابه لذلك الجهاز الجديد، الا أن التمثيل للسينما أصبح غايته. في تلك الأثناء اشترك في تمثيل مسرحية “شاهد الجاغوار” قدّمت في الثالث من كانون الأول/ ديسمبر سنة 1952 وسقطت من العروض بعد ست حفلات فقط. لكن جيمس دين لم يسقط معها. لقد لفت انتباه النقاد وكتبوا عنه ما أنعش مهنته التي بدت كما لو كانت لا تتجه صعوداً ولا حتى قدماً. ودين عاد الى التلفزيون لأول دور بطولي في مسرحية تلفزيونية عنوانها “وقت طويل الى الفجر”. في العام 1954 عاد الى المسرح مقدّماً “غير الأخلاقي” قبل أن يطلبه المخرج إيليا كازان لبطولة “شرقي عدن” المأخوذ عن رواية لجون شتاينبك. حينها كان كازان يمارس الانتقال من المسرح الى السينما وسبق له وأن قدّم مارلون براندو بنجاح. في آذار/ مارس من سنة 1954 استقل جيمس دين الطائرة لأول مرة وكان بصحبته إيليا كازان. الوجهة: هوليوود. “شرقي عدن” تحدّث عن موضوع يعرفه جيمس دين جيّداً. موضوع المراهق الذي ينشأ على كره والده. لم يكن على إيليا كازان أن يلجأ لأي ممثل آخر فعلاقة دين بوالده لم تكن يوماً جيّدة. ودين يمثل الدور بانتقام. إنه الشخصية التي مثّلها والشخصية التي يمثّلها كانت هو. وهذا ما أجمع عليه النقاد آنذاك. “متمرّد بلا قضية” (أخرجه نيكولاس راي) احتوى القدر ذاته من ذلك العنف الداخلي. الشعور باللاانتماء والعزلة والإحباط. لكنه، في الفيلم، واحداً من مجموعة كبيرة من الشخصيات المماثلة. التحدي هذه المرة هي بين بطل الفيلم (جيم) وبين شبّان من مجموعته، لكن المنابع الشخصية ما زالت أسروية فجيم ليس نتاج عائلة سعيدة. إنه تبعاً لهذا الفيلم صرّح جيمس دين آنذاك قائلاً: “لم يعد في وسعي أن أستخرج من نفسي أكثر مما فعلت”. ربما لهذا السبب تطلّع جيمس دين قدماً صوب دور جديد وهذا جاءه سريعا متمثلا بفيلم جورج ستيفنز عملاق. وعلى عكس الفيلمين السابقين كان هذا الفيلم مليئا بالمشاكل الناتجة عن شخصيتين متناقضتين وقويّتين: التمثيل لم يكن شغل دين الوحيد. في 30 أيلول/ سبتمبر 1955 ركب جيمس دين سيارة البورش (وكان تصوير “عملاق” قد انتهى) وقادها في رحلة برية بهدف الاشتراك في سباق سيارات. خلال قيادته مسرعاً وقع له ذلك الحادث الذي مات به. المخرج روبرت ألتمان صنع في مطلع الثمانينات فيلماً عن جيمس دين بدون ممثل يؤديه. ففي “تعال الى مخزن الخمس سنتات يا جيمي دين” عالج قصة أربع نساء في دكان في مكان صحراوي، والحديث بينهن يتناول كل حديث أنثوي معتاد بما في ذلك جيمس دين الذي تعتقد إحداهن إنه جاء لزيارتها في ذلك المحل. في “متمرّد بلا قضية” يقول: “كل يوم أنظر الى المرآة وأقول لنفسي... ماذا؟ هل لا زلت هنا؟” المرء يتساءل إذا ما سأل نفسه هذا السؤال صبيحة يوم وفاته. الخليج الإماراتية في 29 مايو 2005 |
نجوم مهرجان «كان» هذا العام، كثر ومتنوعون، من جيم جارموش(بفيلمه الجديد) الى الممثلة الإيرانية نيكي كريمي (بفيلمها الأول)، وصولاً الى أمير كوستوريتسا، نجم النجوم في «كان» هذه المرة بترؤسه لجنة التحكيم. ومع هذا مؤكد أن «النجم» الكاني الذي سيحظى بأعلى درجات الاهتمام سيكون «شبحاً اسطورياً» طالعاً من غياب دام خمسين عاماً، ذلك ان مهرجان «كان» قرر هذه المرة أن يحتفل، على طريقته، بالذكرى الخمسين لمقتل جيمس دين، في أشهر حادث سيارة في القرن العشرين... إذا استثنينا الحادث الذي أودى بالليدي ديانا. أساطير السينما كانت كثيرة طوال القرن العشرين. بل لعل هذا القرن لم يعرف كثيراً من الأساطير خارج نطاق السينما. من هنا لم يكن برنارد شو مخطئاً - كما يؤكد النقاد - حين قال ان الإنسان القديم كان يبجل تماثيل من حجر وخشب، اما الإنسان المعاصر فيبجل تماثيل من لحم ودم. كذلك لم يكن الفيلسوف الفرنسي إدغار موران مغالياً حين كرّس كتاباً بأكمله لدراسة نجوم السينما وأساطيرها. والأسماء حاضرة لتأكيد هذا: غريتا غاربو، رودولف فالنتينو، مارلون براندو، مارلين ديتريش، وصولاً الى سعاد حسني وأحمد زكي في سينمانا العربية... وعشرات غيرهم. «بعض هؤلاء صنعته حياته، وبعضهم صنعه موته». وهناك من بينهم،على اية حال، من صنعته حياته وموته معاً... وهنا يخطر على البال إسمان: مارلين مونرو وجيمس دين. وإذا كان عالم السينما.. وغيره قد احتفل دائماً بمارلين مونرو واحتفل بذكراها، لأن حياتها لم تكن ككل حياة... وموتها لم يكن ككل موت، فإن «الاحتفال» بجيمس دين كان أكثر تواضعاً، حتى وإن كان مقتله قبل يومنا هذا بنصف قرن بالتمام والكمال، قد اشعل شبيبة اميركا كلها، ويكاد يلخصه عنوان فيلم حقق عنه لاحقاً: «المراهق الاميركي الاول». وربما تكمن غرابة الأمر هنا بالتحديد... فجيمس دين الذي قتل وهو يقود سيارته «البورش» بسرعة جنونية وهو في الرابعة والعشرين من عمره، لم يكن لعب البطولة إلا في ثلاثة أفلام، رحل من دون أن يكمل ثالثها. أما ما قبل ذلك فكانت أدواراً صغيرة في بعض أفلام لا أهمية لها... وأدواراً في شرائط تلفزيونية مزرية، حتى وإن كان المسرح أعطاه فرصاً جيدة، ربما افضلها حين لعب دور الفتى العربي في مسرحية «اللاأخلاقي» المقتبسة عن اندريه جيد، فنال عن دوره أول جائزة في حياته. بعد ذلك سينال جائزة عن كل دور سينمائي مثله، تقريباً. ومع هذا حين مات جيمس دين كتب فرانسوا تروفو – المخرج الفرنسي الذي كان لا يزال ناقداً - «إن هذا الفتى لم يكن يعرف شيئاً عن فن التمثيل!». ولكن هل كانت «شبيبة» أميركا – والعالم من بعدها - تصر على ان يكون نجمها ممثلاَ رائعاَ، في زمن أفاق المراهقون على واقع جديد بادئين ثورتهم الوجودية وفرض حضورهم في العالم، بعدما كانوا اتهموا مجتمع الآباء بأنه قاد العالم الى الحرب العالمية الثانية، وها هو الآن - أي عند بدايات الخمسينات - يقود «شبيبة» اميركا الى الموت في حرب كوريا؟ سؤال عبّر من خلاله النقاد عن التحولات التي كانت بدأت تسود المجتمع، تحولات كان جيمس دين من روادها. الشبيبة حين تتماهى والحال أنه إذا كان ثمة من إطار تاريخي حدد أسطورية جيمس دين، فإنه ذلك الظرف تحديداً... ففي ذلك الحين كانت الاجيال الجديدة بحاجة الى بطل: «بطل من لحم ودم، لا بطل شاشة مزيناً مبرمجاً مبهرجاً» (كما تصرّ بعض الدراسات). وبعد هذا هل يهم إن كان البطل قصيراً، «قصير النظر، لا يعرف كيف يضحك، ويمثل كما لو أنه يتناول طعام العشاء في حديقة عامة؟» على حد تعبير أحد النقاد. طبعاً، إذا كان الملايين حزنوا لمقتل جيمس دين المبكر، فإن عناصر في حياته الخاصة، لعبت دوراً في ذلك: مثلاً كونه قد ربي يتيم الأم – إذ ماتت أمه وهو في التاسعة - بعيداً من أبيه، الذي عهد بتربيته الى أعمامه؛ وكونه مارس عدداً كبيراً من الأشغال الوضعية، إذ فضل ان يعيش حياته بدلاً من متابعة دراسة الحقوق. غير ان العنصر الرئيس يظل في دلالة صغر سنه، إذ توج باكراً في هوليوود «كان واحداً منا... كان يشبهنا». هكذا صرخ ألوف من الذين جعلوا من جنازته أكبر جنازة في تاريخ هوليوود، بعد جنازة رودولف فالنتينو، قبله بعقدين تقريبا، مع فارق اساسي هو ان مودعي فالنتينو اعتبروا انفسهم يدفنون أسطورة بعيدة المنال، اما مودعو جيمس دين، فرأوا انهم يدفنون جزءاً من ذاتهم، إذ تماهت الشبيبة معه، أكثر مما تماهت مع أي فنان آخر طوال القرن العشرين. ولا بد من أن ننقل في هذا الصدد، عن إدغار موران، قوله ان جيمس دين ظل «يتلقى» 7000 رسالة اسبوعياً، حتى بعد سنوات من رحيله. وإذا كان هذا كله قد نسي بعض الشيء من جمهور عريض لن يفوته ان جيمس دين لو كان لا يزال حياً بيننا لبلغ اليوم الرابعة والسبعين من عمره... فإن احتفال مهرجان «كان» في دورته التي تبدأ بعد ايام بالذكرى الخمسين لرحيل النجم الأسطورة، ستعيده الى الأذهان... ذلك أن دين سيكون بالتأكيد نجم النجوم في دورة هذا العام... كلاماً، وعرضاً لأفلام، واستعراضاً لصور من حياته، وصولاً الى ما سيصدر عنه من مطبوعات وكتب. على الطريقة الأميركية ومن الواضح ان هذا سيضع اسطورة ذلك الشاب المتمرد امام امتحان جدي. شاب متمرد؟ أجل.. بالتأكيد. فهذا ما كانه جيمس دين، ثم هذا ما عبر عنه، ليس فقط في الأدوار التي لعبها في افلامه الثلاثة الرئيسة، بل كذلك الافلام الكثير التي حكت عنه بعد موته، ولا سيما منها فيلم روبرت آلتمان «جيمس دين ستوري» (1957) الذي كان أول ترسيخ لأسطورته. وهذا الفيلم يروي لنا كيف أن الفتى الذي ولد العام 1931 في ولاية انديانا، ليموت بعد ذلك في العام 1955 في كاليفورنيا، اتسم منذ وفاة أمه، بطابع قلق ومتمرد، عزز منه قصر قامته الملحوظ لاحقاً، وقصر في نظره لم يبرأ منه أبداً. وهو بعد طفولة مرتبكة بدأ دراسة الحقوق في سانتا مونيكا في العام 1949 لكنه سرعان ما تخلى عنها في العام التالي. مفضلاً ان يكسب حياته بممارسة عدد من المهن على الطريقة العصامية الاميركية. اما اوقات فراغه فكان يتركها لممارسة الرياضة واليوغا والعزف على الكلارينيت، والأهم التجوال على دراجته النارية. فجأة اكتشف ان في إمكانه ان يكون ممثلاً. درس فن التمثيل في الكلية الجامعية في لوس انجيليس. حاز بعض الادوار في التلفزيون... وإذ رأى ان المسألة يمكن ان تكون مجدية، انضم بسرعة الى «استوديو الممثل»، في وقت أعطي بعض ادوار صغيرة في افلام طواها النسيان اليوم (مثل «انتبه أيها البحار» و»من رأى فتاتي»). أما أهم ما حدث في حياته حينها، فكان أن إيليا كازان لاحظه وهو يمثل دور الفتى العربي على المسرح، فأدرك انه امام ظاهرة مهمة.. وهكذا، أعطاه بطولة اول فيلم كبير له «شرقي عدن».. وكان ذلك في العام 1955، العام نفسه الذي مثل فيه فيلميه الكبيرين التاليين «ثائر من دون قضية» و»العملاق»، ليلقى حتفه أول الخريف بحادث سيارة. وهذه الأفلام الثلاثة لا تزال حية وطازجة كما لو انها حققت امس، ربما بسبب وجود جيمس دين فيها، او ربما بسبب «انها افتتحت سينما تنظر نظرة اخرى الى الحلم الاميركي»... بما في ذلك أنها كانت بين أول الافلام التي جعلت مراهقاً يتصدر احداثها. والجمهور تبع ذلك التجديد، بخاصة ان المخرجين الثلاثة الذين حققوا تلك الأفلام، نيكولاس راي (لثائر من دون قضية») وجورج ستيفنسن («العملاق») بعد إيليا كازان، كانوا من المجددين، سيكولوجياً وموضوعياً في السينما الاميركية. ثم خصوصاً، أن ناتالي وود، «فاتنة الجمهور» كانت في مواجهة جيمس دين في «ثائر من دون قضية»، فيما كانت اليزابيث تايلور، في عز صباها وتألقها، في مواجهته في «العملاق»... كل هذا جعل من جيمس دين ما عرفه الجمهور بعد رحيله، وقبله... ومع هذا إذا كان ثمة من صورة علقت دائماً في ذهن الجمهور، فهي صورة ذلك الفتى، في «العملاق» يحمل بندقيته، فيما اليزابيث تايلور، بكل عظمتها، جاثية عند قدميه تتوسله. الحياة اللبنانية في 28 أبريل 2005 |