سميرة أحمد فنانة من زمن الحب والفن الجميل فعلا، وصاحبة بصمة
فى تاريخ السينما على المستوى التمثيلى لنجاحها فى تجسيد أدوار تحتاج إلى
مقومات خاصة، وهى الأدوار المهمشة فى السينما مثل المعاقة أو الضريرة أو
الخرساء، هذه الأدوار كثيرا ما يهرب منها دائما النجوم ولكنها برعت فى تقديمها.
عطاء «سميرة» لم يتوقف عند التمثيل، حيث كانت لها تجارب إنتاجية واضحة وقدمت
فيها 11 فيلما أهمها «البرىء» و«البحث عن سيد مرزوق» ومع تجربتها فى الإنتاج
السينمائى، إلا أنها تراجعت عنه فى هذه الفترة وانحصرت فى الإنتاج الدرامى.
سميرة تكشف لـ «روزاليوسف» عن أسباب تركيزها فى الدراما
وابتعادها عن الإنتاج السينمائى رغم الطفرة التى يشهدها فى الآونة الأخيرة.
·
ظهورك السينمائى كان مفاجئا فى ظل توحد شكل
البطلة السينمائية على الشاشة فى ذلك الوقت، فكيف جاء هذا الظهور
اكتشافى كان بالصدفة على يد المخرج حسن الإمام بعد أن عملت
ككومبارس مقابل خمسين قرشا فى اليوم، وكانت أول مشاركة سينمائية لى فى فيلم
«حكم القوى»، ثم قمت بأول دور ناطق لى فى فيلم «حبيب الروح» أمام أنور وجدى
وليلى مراد، وكان الظهور كفتاة شاشة عام 1953 مع المخرج صلاح أبوسيف فى فيلم
«ريا وسكينة»، بطولة أنور وجدى وزوزو الحكيم ونجمة إبراهيم.. ويعتبر «ريا
وسكينة» الظهور الحقيقى لى.
·
اختيارك بعد ضربة البداية لنوعية الأدوار
الصعبة للشخصيات تحديدا لأصحاب الاحتياجات الخاصة كان صدفة أم مخططا
هى صدفة أن أكون الممثلة الوحيدة التى جسدت العاهات كلها، لقد
قمت بتمثيل 5 أفلام، فيلم «أغلى من عينى» للمخرج عزالدين ذو الفقار عام ,1955
الذى غامر بى فى هذه البداية، كان من المفروض أن شكلى مش بطال.. ممكن أعمل دور
البنت الصغيرة التى تحب وتتحب، وكان الفيلم بداية هذه الأفلام، وكنت متخوفة من
أداء دور الفتاة الضريرة، ولكن إجادتى فى هذا الدور ربطت فى أذهان المخرجين
والجمهور والنقاد أننى الأفضل بين بنات جيلى من حيث تجسيد الأدوار الصعبة، وقد
ساقنى «أغلى من عينى» إلى أداء 4 أفلام أخرى ظهرت فيها بدور العمياء أيضا، وهى
بالترتيب «جسر الخالدين» عام ,1960 «رجل فى حياتى»، ثم فيلم «قنديل أم هاشم»
أحد روائع السينما المصرية الذى ظهرت فيه الفتاة الضريرة بأنها عبدة للعادات
والتقاليد السيئة، واختتمت هذه النوعية من الأفلام بـ «العمياء».
·
تمثيلك لنوعية هذه الأفلام هل ترك خلفية سيئة
مع صناع السينما فى هذا الوقت أو الجمهور
أبدا لقد كانت هذه الأفلام تزيدنى خبرة، وصعوبة هذه الأدوار
تجعلنى نجمة لأن هذه النوعية من الصعب القيام بها، ودائما ما تكون الأفلام
الصعبة بهذا الشكل طريقا لزيادة الرصيد الفنى الناجح.
·
وماذا كانت تمثل لك هذه الأدوار، على المستوى
الشخصى
كنت أحب هذه الأدوار لأنها تعطى ثقلا للممثل وتمثل تحديا له
ليثبت أنه قادر على تمثيل أى أدوار ليست موجودة فى طبيعته، فأنا لست عمياء أو
مشلولة أو خرساء أو مجنونة، ولكن أدائى لهذه الأدوار بإتقان كتب فى تاريخى
الفنى لدرجة أننى شعرت أن هذه الأدوار مرتبطة بى.
·
فيلم «الخرساء» بشكل خاص كانت له حفاوة خاصة
عند الجمهور الذى تأثر به بشكل أكبر من باقى الأفلام الأخرى.. بماذا تفسرين ذلك
الخرساء قدمته عام 1961 مع المخرج حسن الإمام ولا يستطيع أحد
أن يقوم بتمثيل هذا الفيلم مرة أخرى مثلما قمت به، فالعمياء والمجنونة من
الممكن تمثيلهما مرة أخرى، ولكن الخرساء صعب لأن قصته التى تدور حول فتاة خرساء
تتعرض للاغتصاب وهى عاجزة عن تعريف المغتصب لأهلها
قامت على قدرات تعبيرية خاصة قائمة على أدق المشاعر والانفعالات الإنسانية دون
أن تنطق كلمة واحدة.. وهذا الفيلم له مكانة خاصة عندى لصعوبته، والدور نفسه كان
له طابع إنسانى خاص، ولهذا تأثر الناس به، كما أن حظه فى العرض كان أكبر من
الأفلام الأربعة الأخرى.. كما أن ظروف إنتاجه وعرضه كانت استثنائية.
·
كيف
هذا الفيلم أنتجته شركة صوت الفن التى كان يمتلكها عبدالحليم
حافظ ومحمد عبدالوهاب، وتم عرضه لأول مرة فى سينما ديانا وكان من أكثر أفلام
الموسم فى ذلك الوقت وشهد إقبالا جماهيريا لدرجة أن إعلانات الفيلم المذاعة فى
التليفزيون احتوت على مشاهد إقبال الجمهور على الفيلم، وكان من المعروف أن
أبطال الفيلم يقومون بتوزيع الصور الخاصة للأبطال بالفيلم على الجمهور، والطريف
فى ذلك أن عبدالحليم وعبدالوهاب هما اللذان قاما بإلقاء الصور على الجمهور..
ولقد حصلت عن هذا الفيلم على جائزة أولى فى مهرجان الأفلام من د.عبدالقادر
حاتم، بالإضافة إلى أن نجاح هذا الفيلم كان دافعا لترشيحى لبطولة فيلم «الضياع»
الذى قدمت فيه المرأة المشلولة، وفيلم «هل أنا مجنونة» الذى قمت فيه بدور
الفتاة المضطربة نفسيا.
·
هل تحمسك لهذه الأفلام وتجسيد شخصيات
المهمشين أبعدك عن أداء دور الفتاة البطلة الجميلة وأداء شخصية الفتاة المصرية
العادية
بعد نجاح هذه الأفلام كان لابد من الانتقال إلى نوعية أخرى
التى تظهر فيها الفتاة المصرية الهادئة، وكان لدى قناعة بضرورة التنوع فى
تمثيلى لهذه الأدوار، حتى جاء فيلم «البنات والصيف» وكانت له حكاية لطيفة، حيث
كان أحد أحلامى الفنية التمثيل مع عبدالحليم حافظ فسعدت باختيارى ضمن أبطال
الفيلم، ولكنى اعترضت على قيامى بدور فتحية الشغالة فقال لى وحيد فريد وصلاح
أبوسيف أن أقوم بقراءة الدور أولا، فسهرت على الدور ووافقت عليه وأديته بالشكل
المطلوب لدرجة أن الكاتب إحسان عبدالقدوس قال لى بأننى جسدت شخصية «فتحية» أفضل
مما كتبها، وكان ذلك وساما على صدرى، وكان هذا الفيلم سببا فى صداقتى
لعبدالحليم حافظ.
·
ولكن نوعية هذا الدور وطبيعته هل ساهمت فى
ابتعادك عن أداء دور الفتاة الرومانسية وأدوار البطولة
بالعكس لقد قربنى إلى هذه الأدوار، حيث قمت بعد ذلك بتمثيل
«شاطئ الحب» و«أم العروسة» و«السيرك» و«خان الخليلى» و«ليل وقضبان» و«طريد
الفردوس» وظهرت فى هذه الأفلام بدور الفتاة ذات الملامح المصرية التى تحب
وتتحب، ولم أقف عند هذه النوعية أيضا، بل تطرقت للأفلام الدينية عام 1973 عندما
قدمت فيلم «الشيماء».
·
ما الأعمال التى لها دلالة خاصة فى تاريخ
سميرة أحمد بجوار هذه الأفلام
أهمها بالطبع فيلم «الخرساء» وفيلم «صراع الأبطال» الذى كان
يعالج مشكلة مرض الكوليرا، وفيلم «خان الخليلى» الذى يعالج «مرض السل» وشاركت
فى مهرجانات وحصلت على جوائز، وأفلام أخرى كانت مطلوبة مثل فيلم «امرأة مطلقة»
لحسن شاه، الذى ناقش مشاكل المرأة فى قصة واقعية لامرأة ليست حاضنة فتتعرض
للطرد من زوجها الذى يأتى بامرأة أخرى ويطردها من شقتها التى اشترتها، وهنا
ناقشنا المشاكل التى تتعرض لها المرأة غير الحاضنة، وأنتجت أيضا فيلم «البرىء»
الذى يعد واحدا من أهم أفلام السينما المصرية، وقام ببطولته الرائع أحمد زكى
وأخرجه المبدع عاطف الطيب، وقد منع هذا الفيلم من العرض فى مصر نظرا لحساسية
مساره السياسى، ولكن تمت الموافقة عليه فى النهاية، وأنتجت «رجل وامرأة»، و«رجل
فى حياتى» و«اللهب»، ثم الفيلم الذى أعتز بإنتاجه وهو «البحث عن سيد مرزوق»
الذى مثل مصر فى مهرجانات عديدة وأحرز العديد من الجوائز أهمها جائزة لجنة
التحكيم لمهرجان القاهرة السينمائى الدولى.
·
ما أكثر الأفلام التى كلفتك إنتاجيا
كل الأفلام التى أنتجتها كلفتنى وكل الأفلام عوضتنى، ولاتصدق
أحدا عندما يقول أنه خسر فى الإنتاج لأنه لايوجد فيلم يحقق الخسارة.
·
لماذا لم تستمر هذه التجربة من منطلق أنها
مربحة وفى الوقت نفسه تقدم موضوعات جادة
أنا أنتج الأفلام التى أقتنع بقصتها وموضوعها، حيث إننى أحب أن
أنتج الأفلام التى تكون لها رسالة وتحتوى على مضمون.. وأنا أنتجت ما استطعت
إنتاجه والذى أشعر بضرورة صناعته كفيلم.
·
ما رأيك فى الإنتاج السينمائى الحالى
الإنتاج السينمائى الحالى يكون دائما ضخما ولكن بعض شركات
الإنتاج تتجه لأفلام لايريدها أو يحتاجها الجمهور وتحقق خسائر لعدم إقبال
الجمهور عليها.. وأفلام أخرى أقل تكلفة تحقق نجاحا جماهيريا كبيرا لأنها مست
الجمهور.. فالقصة والسيناريو عليهما عامل كبير جدا على نجاح الفيلم بجانب
القدرة الإنتاجية.. وأعتقد أن العمل الإنتاجى فى تصاعد مستمر ويحرز نجاحات
متتالية بعكس عقود ماضية كان الإنتاج السينمائى فيها مهمشا.
·
ولماذا لاتقدمين أفلاما من إنتاجك تحمل شعار
«الشباب فقط»
ليس هناك أى مانع عندى من تقديم أفلام أبطالها من الشباب لكن
قد يكون السبب
أقصد عدم تحمس لعدم وجود موضوعات جيدة تغرينى على تقديمها وإن وجدت سوف أقدمها
فورا.
·
هل ترين فى أفلام الجيل الجديد امتدادا
للماضى الذى يوصف بزمن الفن الجميل
أفلام وسينما زمان دى حالة خاصة وعندما أشاهد أفلام الأبيض
والأسود أرى أنه من الصعب تجميع نجوم مثل نجومها.. فالزمن الماضى فيه تنوع
وثراء فعلا، نجد هناك الأفلام الكوميدى والأكشن والاجتماعى والرعب.. أما الآن
فلاتجد موسما متنوعا بمستويات جيلنا.. كانت الموجات متنوعة.. هند رستم تقوم
بأداء أدوار الإغراء بشكل مقبول بكل ما فيه، وفريد شوقى دور الفتوة، أو ابن
البلد، والرومانسية تجدها مع فاتن حمامة وعمر الشريف.. أما الآن فلايوجد تنوع
بالمستوى المطلوب فى الموسم السينمائى، فمرة تجد موسما كوميديا وآخر تجده أكشن
والمفروض أن يتنوع الموسم.
·
من من الفنانات الشابات ترين فيهن امتدادا
لسميرة أحمد
غير صحيح أن أقول من النجمة التى تكون امتدادا لى، ولكنى سعيدة
بمنى زكى التى كان ظهورها معى فى مسلسل «ضد التيار» و«ياسمين عبدالعزيز» فى
«امرأة فى زمن الحب» وأرى أنهما تخطوان خطوات ناجحة.
·
هل تتوقعين نجاح الأفلام التى تقوم على وجوه
جديدة
طبعا.. وهناك أمثلة عديدة منها من قاموا بفيلم «أوقات فراغ»
وحقق نجاحا جماهيريا كبيرا وكان ظهورا
روز اليوسف المصرية في 5 يناير 2008
|