صلاح سرميني

 
سيرة جديد مقالات ملفات
 
 
 
 

ملفات

 

>>>

110

109

108

107

106

 

Paparazzi

(المصورون الفضوليّون)

كتابة: هيرفيه بيشار

ترجمة: صلاح سرميني

 
   
 
 

خلال تصوير فيلم (الاحتقار) Le Mépris للمخرج جان لوك جودار، كان يتوّجب على بريجيت باردو أن تواجه عدسات المصورين الفضوليين المنتشرين في كلّ مكان.

*****

التقى المخرج جان لوك جودار بالمخرج جاك روزييه عندما اكتشف فيلمه Blue Jeans في عام 1958، خمس سنواتٍ قبل تصوير (الاحتقار).

الصداقة بين الرجلين، والتزامهما بالموجة الجديدة، شجّعت روزييه على أن يعرض على جودار تصوير مراحل تصوير فيلمه التالي.

كان "الاحتقار" منتظراً بشكلٍ خاص: حيث تلتقي شخصيتان متعارضتان في السينما، النجم الأساسي للسينما الفرنسية، والمخرج الشاب من الموجة الجديدة.

يتعرف روزييه على النجمة باردو عن طريق جودار، يلاحظ العديد من المُصورين الفضوليين يسعون وراء النجمة، ومع هؤلاء الـ" paparazzi "، وهي كلمةُ صاغها فيديريكو فيلليني، وغير معروفة في فرنسا، يدرك بأنه وجد موضوعاً أصليّاً يتوافق مع اهتماماته الفنية: أيّ تصوير الأشخاص كما همّ، خيالييّن بشكلٍ طبيعي وهكذا، يلتحق بجودار في إيطاليا، والنجمة بريجيت باردو، والمصورين الفضوليين.

أراد روزييه أن يكون متحفظاً، ومع ذلك، فقد طلب من بريجيت باردو بعض الطلبات المُتعلقة بإخراج فيلمه، أيّ تُمثل، كما فعل الشيء نفسه مع المصورين.

على أساس إعادة بناءٍ تسجيلي (يبدأ الفيلم باللقاء في جزيرة كابري بين بريجيت باردو، وجان لوك جودار)، حالما يقترح روزييه طريقةً شخصيةً، وروائيةً للغاية، محادثة بين بريجيت باردو، والمصورين الثلاثة.

تقدم طريقة إخراجه، ومونتاجه الديناميكي بشكلٍ خاص فيلماً بحداثيةٍ لا تزال مناسبةً حتى اليوم.

يصور باردو من مسافةٍ قريبة، وبعيدة للغاية، ويدرج أغلفة الصحف التي يتمّ تمريرها بأقصى سرعة، وتحتلّ الأحرف الأولى "ب.ب" فجأة الشاشة بأكملها، مع تأثيرٍ بصريّ قويّ للغاية.

يحافظ شريط الصوت على هذه الحيوية: تتدخل الأصوات، والكلمات فجأةً، وتضبط الموسيقى إيقاع لقطات الفيلم، وتحدد السرعة.

طلب روزييه من أنطوان دوهاميل تأليف الموسيقى قبل المونتاج النهائي.

وهكذا، يقوم السينمائيّ بمونتاج اللقطات التي تمثل أغلفة الصحف وُفقا للتغييرات في موتيفات الموسيقى.

يذكرنا عرض Paparazzi بأهمية سينما جاك روزييه، وطريقته الفريدة في التصوير، والمونتاج، ورواية القصص.

 

جاك روزييّه، فرنسا / 1963

مع بريجيت باردو، جان لوك جودار، فريتز لانغ، جاك بالانس، وميشيل بيكولي.

رحلةٌ عبر فيلم (إنقاذ ما يُمكن إنقاذه "الحياة")

ميكائيل ويت

رحلةٌ تليفزيونيةٌ يقودها المخرج السويسريّ/الفرنسيّ جان لوك جودار داخل فيلمه (أنقذ ما يُمكن إنقاذه ّ"الحياة")، تتضمّن محادثاتٍ مُصوّرة بينه، وبين الممثلة الفرنسية إيزابيل هوبير، أو مع الناقد السينمائي كريستيان ديفاي.

في هذا المزج الرائع للنقد الذاتيّ، والذي يُشكلُ تجربةً فريدةً منسيةً للغاية، يستخدم جودار مصادر التلفزيون للإعلام، والتعليق على فيلمه.

يُبدي ملاحظة قائلاً: "هذه هي المرة الأولى التي يتمّ فيها ذلك ...".

*****

هذا التنويع التلفزيونيٌّ الرائع لفيلم (أنقذ ما يُمكن إنقاذه ّ"الحياة") للمخرج جان لوك جودار للتلفزيون السويسري تحت عنوان رحلةٌ عبر فيلم (إنقاذ ما يُمكن إنقاذه "الحياة") لا يظهر في أيّ سيرة مهنية للمخرج، ولفترةٍ طويلة تجاهله السينيفيليون، والباحثون، بما في ذلك المُتخصصون في أعماله.

تمّ بثه على شاشة التلفزيون السويسر (TSR)، وراديو RSI في فبراير 1981، لمُرافقة العرض الأول في سويسرا لفيلم (أنقذ ما يُمكن إنقاذه ّ"الحياة") .

الشخصيتان الرئيسيتان المُشاركتان في إنتاجه، إلى جانب جودار نفسه، كانتا من ناحيةٍ ريموند فويلاموز، رئيس قسم الأفلام الطويلة في TS، وكريستيان ديفاي، المُقدم المُخضرم لـ ""Special Cinema، البرنامج التلفزيوني الشهير للغاية.

عندما بدأ جودار العمل على فيلم رحلةٌ عبر فيلم (إنقاذ ما يُمكن إنقاذه "الحياة") كان قد حصل للتوّ على جهاز التلسينما الذي كان يطمح إليه منذ فترةٍ طويلة، والذي يسمح له بنقل الأفلام إلى دعامة الفيديو، والتلاعب فيديوياً بالمواد الناتجة عن ذلك.

إنه لا يقوم فقط بتفكيك، وإعادة تجميع صور فيلمه (أنقذ ما يُمكن إنقاذه ّ"الحياة")، ويُعيد ترتيب مواده الأصلية بشكلٍ كبير، ويستخدم أحياناً نفس اللقطات عدة مراتٍ في سياقاتٍ مختلفة.

كما أنه ينفذ اختطافاً مرحاً للشكل التقليدي لبرنامج "Special Cinema" من خلال دمج رحلةٌ عبر فيلم (إنقاذ ما يُمكن إنقاذه "الحياة") في البعد النقدي، والحواريّ للبرنامج التلفزيوني.

يُضمّن في مونتاجه عنصرين رئيسيين جديدين:

مقتطفات طويلة من المحادثات المُصوّرة التي أجراها، من ناحيةٍ، مع ديفاي، ومن ناحيةٍ أخرى، مع إيزابيل هوبير، إحدى الممثلتين الرئيسيتين لـ (أنقذ ما يُمكن إنقاذه ّ"الحياة").  

الفيلم-البرنامج هو في جزءٍ منه بورتريه سمعيّ/ بصريّ جميل للممثلة.

تأتي الحداثة الشكلية لرحلةٍ عبر فيلم (إنقاذ ما يُمكن إنقاذه "الحياة") قبل كلّ شيء من الطريقة التي يجمع بها جودار مواد (أنقذ ما يُمكن إنقاذه ّ"الحياة") المنقولة عن طريق التلسينما، والحوارات التي تمّ تصويرها حديثًاً، ولا سيما من خلال الاستخدام الأصلي للغاية لتلاشي، وتراكبات الفيديو، مستخدمةً كأدوات إبداعية/نقدية لفحص، وإلقاء الضوء على الفيلم الأصلي من الداخل.

في العديد من مشاهد رحلةٌ عبر فيلم (إنقاذ ما يُمكن إنقاذه "الحياة") حيث يتمّ استخدام هذه التقنيات، لا تقتصر على توضيح ما يُقال.

من خلال عملية التقسيم الطبقي، يستكشف جودار، ويُقيم الروابط بين مواضيع المُحادثات، والصور في الفيلم.

إنه يبني دائرةً من التبادل الثنائي، والإضاءة المتبادلة، حيث يتفاعل الفيلم والحوار باستمرار، ويعلق كل منهما على الآخر.

كانت نتيجة هذه التجربة الواسعة إعادة مزجٍ إلكتروني كامل للفيلم الأصلي، وتفكيرٌ واسعٌ للنقد الذاتي عليه، حيث يسلط جودار الضوء على العلاقات بين السينما والتلفزيون، بين السينما والحياة اليومية، بين المخرج والممثل.

كما يُسلط الضوء على العمل المُتضمّن في عملية صنع الفيلم، وهو ما يحدث بين الممثل والمخرج، و -موضوعان رئيسيان من الإنتاج الجوداري خلال هذه الفترة - العلاقة بين الحب والعمل، فضلاً عن عدم كفاية التجسيد السينمائي لعالم العمل بشكلٍ عام.

 

رحلةٌ عبر فيلم (إنقاذ ما يُمكن إنقاذه "الحياة")، جان لوك جودار، سويسرا / 1981 ، مع جان لوك جودار، كريستيان ديفاي، وإيزابيل هوبير.

أن أصبح أبدياً/خالداً، ومن ثم أموت

صلاح سرميني

كان جان لوك جودار، ومنذ فيلمه الأول "على آخر نفس"(1960)، يُعبّر عن أفكاره على لسان شخصياته الرئيسية، أو الثانوية.

في مشهد اللقاء الصحفيّ مع بارفولسكو، كاتبٌ روائيٌّ حضر إلى باريس من أجل الترويج لروايته الجديدة (وليست صدفة أن يُمثل دوره المخرج الفرنسي جان بيير ميلفيل).

جين سيبيرج، باتريسيا الفتاة الأمريكية، بائعة الصحف، والصحفية المُتدربة التي تعيش في باريس، توجه سؤالاً للروائي :

ـ ماهي أهمّ طموحاتك في هذه الحياة؟

ويأتي الردّ مباشرة :

ـ أن أصبح أبدياً/خالداً، ومن ثم أموت.

في تلك الفترة، السنوات الأولى من عمر الفيلم، وكان جودار في عزّ شبابه، وبداية مسيرته السينمائية، رُبما لم تُلفت هذه الجملة انتباه أحد من المُشاهدين، أو النقاد، المُحللين، الباحثين، أو المُؤرخين، ولكنها اليوم تكتسب قيّماً، ومعاني كبيرة لم تكن حتى في حُسبان هذا السينمائيّ "التنبؤيّ".

عندما تصبح الضجة شخصية اعتبارية في فيلم "مذكر/مؤنث" لجان لوك جودار

في كلّ فيلم من أفلامه، يركز جان لوك جودار على تيمةٍ جمالية معينة، بصرية، أو صوتية، ويضعها في المقدمة.

في فيلمه "مذكر/مؤنث" إنتاج عام 1966، وبالترافق مع المحتوى المضمونيّ للفيلم، يعمد جودار في معظم المشاهد الداخلية إلى تضخيم شريط الصوت، ومنح "الضجة" أهمية مساوية للحوارات، إن لم تتخطاها في بعض المشاهد إلى درجة تجعل الكلمات أحياناً غير مفهومة، وبالمقابل، وعلى العكس تماماً، في المشاهد الخارجية، والتي من المفترض أنها المصدر الأكبر للضجة، نجده يلغيها تماماً، ويستعيض عنها بحواراتٍ ذاتية/داخلية، أو تعليقات.

تعيش الشخصيات في أجواء من الضجة، يبدو بأنها تأقلمت معها : في البيت، في العمل، في صالات السينما، وفي المقاهي.. ماعدا الشوارع التي تصبح فجأة عالماً خالي من الضجة إلا ما في دواخل شخصياته.

وعلى العكس تماماً من مقولته عن البداية، والوسط، والنهاية، وضرورة بعثرته، فإنه في هذا الفيلم، ينسف هذا البناء إلى درجة يمكن اعتبار كلّ مشهد هو بداية، ووسط، ونهاية.

من جهةٍ أخرى، واحدةٌ من الجوانب الأسلوبية عند جودار هي خلوّ أفلامه، أو معظمها من التوقعات.

أما جنون شخصياته الرئيسية، الجنون العادي، اليومي، والمألوف، فهو حكاية أخرى تتجسد بوضوح في "مذكر/مؤنث".

سينماتك في ـ  23 يناير 2023

* هذه المواد نشرت في جريدة التيار السودانية، بتاريخ 22.09.2022

 

>>>

110

109

108

107

106

 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004