صلاح سرميني

 
سيرة جديد مقالات ملفات
 
 
 
 

ملفات

 

>>>

110

109

108

107

106

 

الغرفة 12، فندق السويد

تحقيقٌ سينمائيٌّ حول فيلم "على آخر نفس"، والموجة الجديدة

كتابة: فريدريك بوونّو

ترجمة: صلاح سرميني

 
 
 

بعد أكثر من ثلاثين عاماً من تصوير جان لوك جودار فيلمه الروائيّ الأول "على آخر نفس"، وقبل هدم فندق السويد في الحيّ اللاتينيّ، استأجر المخرج كلود فينتورا الغرفة 12 لمدة 9 أيام، والتي كانت بمثابة مكانٍ للمشهد المركزي للفيلم، وبدأ تحقيقه من خلال الاتصال بجودار، الذي ليس لديه ما يُخبره به.

ثم تابع المقابلات مع جان بول بلموندو، روجيه آنّأ، ليليان ديفيد، كلود شابرول، راؤول كوتارد، بيير ريسّي، سيسيل ديكوجيس، وآخرين، لجمع كلّ كلمات أولئك الذين كانوا وقتذاك شهوداً على تصوير هذا الفيلم الذي لا مثيل له.

*****

التلفزيون أيضاً يصنع الذكريات.

أخيراً، قبل أن أشاهده مرةً أخرى، بعد ما يقرب من ثلاثين عاماً من بثّه لأول مرة، تذكرت فيلم "الغرفة 12، فندق السويد" جيداً.

في الواقع، تذكرت كلّ شيء، وخاصةً مقابلة روجيه آنّا خلال تصوير مسلسل "نافارو" لمخرجه كوتار في مقهى سيلكت، وصوت جودار الذي كان ينضح بالحزن أكثر من الغضب: "لا أتذكر .. لديّ الكثير من العمل... وداعاً ... ".

ما هي ذاكرة التلفزيون عندما يتعلق الأمر بشيءٍ آخر غير إعادة الإرسال البسيطة لأحداثٍ عالمية؟

إنها بالفعل مسألة كتابة، عندما يكون التدفق راضياً عن نفسه، وليس لديه حرفياً ما يطبعه. الآن، بعد أن اختفى كلّ ذلك تقريباً، ولكن ليس تماماً، دعونا لا نرى كلّ شيء مظلماً، حتى لو كان من الصعب جداً تخيل مثل هذا الفيلم على قنوات اليوم، فإن التصميم الإخراجيّ لكلود فينتورا يظهر كما كان دائماً: تعويذة، طريقة فريدة لجعل الشهود يتكلمون مثل أولئك الذين يلتفون حول مائدة مستديرة، ويحضّرون أرواح الموتى.

يمكن أن نتحدث عن الفيتيشية (الولع بالأشياء) عندما يتعلق الأمر بشيءٍ آخر: كشف الغموض، وفهم كيف نجحت فرقة صغيرة جداً من المُبتدئين في تنفيذ ضربة المعلم تلك، في حين أن عوزهم الشديد قد وعدهم بالفشل الأكثر قتامة.

"على آخر نفس" يرويه فينتورا، وفيلتار، أو قصة فيلم لم يكن من المفترض أن يظهر إلى النور (كما قال بولموندو)، بدلاً من تغيير وجه السينما.

الكلّ، أو لا شيئ، وكان هذا كلّ شيئ، البعض ما زالوا لم يتعافوا بعد.

"غرفة 12، فندق السويد" من إنتاج عام 1993، هو قصة تلك المُعجزة.

الاحتقار

المخطوطة الأصلية لسيناريو جان لوك جودار، في إصدار محدود.

ملخص الفيلم: بول جافال، كاتب السيناريو، وظّف من قبل المنتج جيريمي بروكوش للعمل على اقتباس فيلم "الأوديسة" ليخرجه فريتز لانغ.

يسود بين بول، وزوجته كاميّي نوعٌ من عدم الارتياح، حيث يلومها الأخير على افتقارها إلى الشخصية.

يذهب كلاهما إلى جزيرة كابري الإيطالية لمتابعة تصوير المشاهد الخارجية ...

*****

تتضمّن هذه النسخة الفاخرة من السيناريو، التي كتبها جان لوك جودار، السيناريو الأصلي للفيلم: 59 صفحة مكتوبة بخط اليدّ، و24 صفحة مطبوعة على الآلة الكاتبة الخاصة بالسينمائيّ، والتي صححها يدوياً.

يستهدف عشاق السينما، وكذلك عشاق القطع الأدبية النادرة.

نُشرت بتنسيق كبيرٍ جداً (25 سم × 35 سم)، في إصدارٍ محدود، كلّ نسخة مرقمة يدوياً من 1 إلى 1000.

قدمها جان لوك جودار إلى بريجيت باردو في نهاية التصوير، هذه المخطوطة، غير معروفة للعامة، اختفت في ظروفٍ غامضة من منزل بريجيت باردو في السنوات التي تلت ذلك.

ظهرت من جديدٍ في مزادٍ عام 2013، بمناسبة الذكرى الخمسين للفيلم، تقدم دار نشر "الآباء القديسين" هذه الوثيقة الجديدة تماماً.

تتضمن هذه النسخة في نهاية السناريو رسائل التعاقد مع الممثلين مكتوبة بخط اليدّ (بريجيت باردو، فريتز لانغ، ميشيل بيكولي، جاك بالانس)، وبطريقة جديدة تماماً، الكتابة الموسيقية لتيمة اللحن الخاص بـ كاميي الشهير، الذي كتبه بخط اليد الموسيقيّ جورج ديلرو.

جان روش، والموجة الفرنسية الجديدة

في عام 1960، وصف جان روش طريقته في التصوير بأنها "سينما مباشرة" على غرار أساتذته روبرت فلاهيرتي، ودزيغا فيرتوف، ولاحقاً وصفها بأنها "نشوة إبداعية".

تتكوّن أعماله، التي حازت على العديد من الجوائز في مهرجاناتٍ مثل فينيسيا، كان، وبرلين، من أفلام وثائقية إثنوغرافية:  Maîtres fous ; Sigui synthèse  ، وأفلام اجتماعية:   Chronique d'un été، وأفلام روائية: Moi, un Noir ; Cocorico Monsieur Poulet  

كان جان روش مدير السينماتك الفرنسية، وشغل منصب مدير بحثٍ فخري في C.N.R.S.(المركز الوطني للبحوث العلمية)، وأمين عام لجنة الفيلم الإثنوغرافي.

جان روش، مهندس مدنيّ، اكتشف الإثنوغرافيا في النيجر.

خلال إقامته الثانية في إفريقيا، قام بنزول نهر النيجر، وأصبح مهتماً بشعب سونغهاي، الذي أصبح متخصصاً فيها بلا منازع.

ثم يأتي شغفه بالسينما الذي أوصله إلى طريقةٍ جديدة للدراسة.

متأثراً بالسريالية، وأعمال مارسيل جريول في بلاد دوغون، وأغرته القواعد الأساسية للإلهام، والحدس، التقط، وصور تطور القارة الأفريقية، والمجتمع الفرنسي.

أثر أسلوبه السينمائيّ على جيل صانعي أفلام الموجة الجديدة.

سوبرمان

متعة فرجة ما بعدها متعة

إذا أردت أن تقضي سهرةً ممتعةً بصحبة العائلة، أو بدونها (من الأفضل مع الأصدقاء عشان تاخدو راحتكو)، وتضحك من قلبك بدون أن يكون الفيلم مضحكاً، وتندهش بدون أن يكون الفيلم مدهشاً، وتترّحم على السينما بدون أن تكون قد ماتت (أو مات أحد من أقاربها)، وتتخيّل روّاد الحيل السينمائية يخرجون من قبورهم (بدون أشكال زومبيّة احتراماً لأولئك الروّاد)، ويتوجهون إلى مقرات الأمم السينمائية المتحدة في مظاهرةٍ احتجاجية يقودها الفرنسي جورج ميلييس...

ما عليك/أو ما عليكم إلاّ مشاهدة فيلم "سوبرمان بنغلاديش"(من إنتاج عام 1990، وإخراج افتكار جاهان)، أو بعض لقطاته، أو بعض مشاهده، وخاصةً تلك التي يرقص فيها سوبرمان، ويغني...آه والله.

بعد أن تتحمّل، تتحمّل، تتحمّل، وتعصر ليمونة (أو بطيخة لا فرق) على التلفزيون، أو الكمبيوتر، تفادياً من تكسيره...سوف تصل إلى حالةٍ من الرضى عن الحال السينمائي في بلدك، وتصرخ مكبّراً:

ـ الحمد لله على نعمة أفلام بلدي.

وفي بلدٍ قريب من بنغلاديش، الهند، ظهر سوبرمان آخر، وإذا فقدنا عقلنا، وأجرينا مقارنةً "ما بعد نقدية" بين فيلم "سوبرمان" البنغلاديشيّ، وفيلم "سوبرمان" الهندي (من إنتاج عام 1987، وإخراج ب.جوبتا)، سوف يحظى الفيلم البنغلاديشي على تصنيف "فيلم سيئ إلى درجة الإضحاك"، بينما سوف يحظى الفيلم الهندي على تصنيفٍ أقلّ، "فيلم سيئ إلى درجة البكاء" .

في الحالتيّن، هناك أعدادٌ كبيرةٌ جداً من المتفرجين يستمتعون بمُشاهدة الفيلمين، وحتى يحتفون بها في دراساتٍ، وكتبٍ، وتظاهراتٍ سينمائية، ومهرجانات، وهذا لا يعني بأنهم أصحاب أذواقٍ مُتدنية.

ساتياجيت راي

يتصور رايّ الإبداع السينمائي على أنه نقل روائع عالم الماضي، وشهادة للواقع الحالي، مع الحفاظ على بصمة التأثير الأول لجان رينوار.

لقد كان لـ "باثر بانشالي"، و"ثلاثية آبو" الفضل باكتشاف ساتياجيت راي في فرنسا، ومع "صالون الموسيقى"، وجد جيلٌ جديد بالكامل طريقه إلى سينماه في عام 1979.

بين الاعتراف بالنموذج الواقعي الجديد المنقول في الريف الهندي، وإغراء الغرابة الجنائزية في قلب الطبقة الأرستقراطية البنغالية، فإن الكتاب (تأليف شارل تيسون، صدر عام 1992)، ذو الوجوه المتعددة، يقدم طرقاً جديدة للاستكشاف.

ساتياجيت راي هو رجل أرضٍ، وثقافة: البنغال، ومدينة: كلكتا، ينحدر من خلفية فنانين، وهو نفسه كاتب، وموسيقي.

وفيما إذا، بعد تعاونه مع رافي شانكار، بدأ يوماً ما في كتابة الموسيقى لأفلامه، من أجل الاستماع بشكلٍ أفضل، ومن الداخل، إلى موسيقى الفيلم، والتمكّن من التقاط موسيقى العالم.

ساتياجيت راي

شرقٌ، وغرب

تُشكّل عموم أعمال ساتياجيت راي قارةً، ليس لأنّ الأمر يتعلق بالهند، ولكن، بسبب تنوّع مشاكل، ومناهج، وأنواع، وأنماط أفلامه.

كان ساتياجيت راي، في حدّ ذاته، سينما كاملة، وكان عليه السفر عبر عالمٍ معقد، في جميع الاتجاهات، وعلى جميع المستويات الاجتماعية، التاريخية، والثقافية.

لما يقرب من قرنيّن من الزمان، كان الاختراق الغربي، في هذه الحالة الإمبراطورية البريطانية، قويّ جداً في البنغال.

هذا هو السبب في أن هذه العلاقة الجوهرية بين الشرق والغرب، بين التقاليد والحداثة، هي في قلب أفلامه العظيمة، وبالتالي، في قلب هذه الدراسة التي كتبها يوسف إشاغبور، وصدرت عام 2002.

(ثلاثية آبو، صالون الموسيقى، الإلهة، شارولاتا، لاعبو الشطرنج.....) هي بلا شكّ من روائع السينما العالمية.

سينماتك في ـ  24 يناير 2023

* هذه المواد نشرت في جريدة التيار السودانية، بتاريخ 02.10.2022

 

>>>

110

109

108

107

106

 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004