صلاح سرميني

 
سيرة جديد مقالات ملفات
 
 
 
 

ملفات

 

>>>

30

29

28

27

26

 

فارس الفيديو

(vidéo-jockey)

ترجمة: صلاح سرميني/ باريس

 
   
 

فارس الفيديو (vidéo-jockey، وتُختصر بحرفيّن VJ، هو الشخص الذي يهتمّ بتنشيط عرضٍ سمعيّ/بصريّ بدون أيّ إشارةٍ للتقنيات المُستخدمة، أو الخيارات التصميميّة المُنجزة.

الـ VJing هو مصطلحٌ واسعٌ يشير إلى الأداء البصريّ في الوقت الحقيقيّ (مباشرةً).

ميزات الـ(VJing) هي الإبداع، أو التلاعب بالصورة في الوقت الحقيقي عن طريق وسائط تكنولوجية موجهة نحو الجمهور، بالتزامن مع الموسيقى.

تحدث عروض الـVJingغالباً في المناسبات، مثل الحفلات الموسيقية، والنوادي، والمهرجانات الموسيقية، وترتبط عادةً مع أداءٍ فنيٍّ آخر، وهذا يؤدي إلى أداء وسائط متعددة يمكن أن تشمل الموسيقى، والممثلين، أو الراقصين جنباً إلى جنب مع الفيديو الحيّ، أو المُسجل مُسبقاً.

في البلدان الناطقة بالإنكليزية، انطلقت شعبية هذا المُصطلح من قبل القناة التلفزيونية الأمريكية MTV، التي استخدمت مصطلح VJ للإشارة إلى الشخص الذي يُنشط، ويقدم الأغاني المُصوّرة، ولكن، تعود أصول المُصطلح إلى النوادي النيويوركية في السبعينياّت.

حرفيّ VJ يأتيان من اختصار الكلمة اللاتينية "فيديو" (أنا أرى)، ومن الإنجليزية "الفارس" (يقود/يحرّك/يناور)، وبالتالي، مستوحاة من مصطلح DJ، الخاصة بالموسيقى.

يميل الاختصار إلى أن يصبح كلمةً بحدّ ذاتها، ويمكن أن يظهر في أشكالٍ مختلفة مثل فعل :  VJer، أو VJing (خلق تنشيط بصري). 

وبالمثل، فإن المُتغيرات المُستخدمة للإشارة إلى منشطىّ/فرسان الفيديو هي :

visual jockey/ visu(إختصار " visuels")

veejay وأيضاً vijay.

واحدةٌ من العناصر الرئيسية لممارسة الـ VJing هي المزج في الوقت الحقيقي (مباشرةً) لمحتوياتٍ قادمة من "مكتبة وسائط إعلامية"، أشرطة VHS، أقراص فيديو رقميةDVD، ملفات فيديو، أو صور كاميرا، أو صوراً منجزة بواسطة الكمبيوتر، وبالإضافة إلى اختيار الوسيط، ينطويّ التنشيط الفيديويّ في المقام الأول على معالجة المواد البصرية في الوقت الحقيقي مباشرةً، ويستخدم المُصطلح VJing أيضاً لوصف الاستخدام الأدائيّ للبرمجيات التوليدية، مع أنّ الكلمة "تصبح مشكوكاً فيها (...) لأنه لا يتمّ مزج أيّ فيديو".

 

تاريخ

 

تاريخياً، يُشير الـ VJing إلى أشكالٍ فنيةٍ تجمع بين الصورة، والصوت، وتسبق هذه المراجع التاريخية أشكالاً أخرى من الفن السمعيّ/البصريّ الأقدم مثل البيانو العينيّ (أو المرئيّ)، والغرفة المظلمة، والفانوس السحري، والعروض المضيئة ...

البيانو العينيّ، أو أورغ الألوان، هو آليةٌ تسمح بمُطابقة ألوانٍ مع أصواتٍ عن طريق وسائل ميكانيكية، وكهروميكانيكية، كان وصفه الأول من قبل "لوي برتران كاستيل" عام 1735، حيث ادعى بأنه يؤثر على العين عن طريق تتابع الألوان، كما حال القيثارة التي تؤثر على الأذن عن طريق تتابع الأصوات.

خلال الستينيّات في سان فرانسيسكو، تمّت عروض بصرية من قبل جماعاتٍ فنية مثل "جوشوا لايت/ The Joshua Light "، وإخوان الضوء/ The Brotherhood of Light، مستوحاة من Beat Generation ، رافقت الحفلات الموسيقية ل The Grateful Dead.

كما ساهم  The Exploding Plastic Inevitable الذي نظمه "أندي وارول"، في دمج الموسيقى والصورة في سياقٍ احتفالي.

في النوادي، والمناسبات الخاصة "يستخدم الناس السوائل الخلفية الإسقاط، كرات الديسكو، إسقاطات الضوء على الدخان لإعطاء الجمهور أحاسيساً جديدة، كانت ترتبط بعض هذه التجارب بالموسيقى، ولكن معظم الوقت لم تكن أكثر من زخارف"، وكانت تُسمّى "عروض الضوء السائل/ liquid light shows "

في أواخر السبعينيّات، أصبح التعاون بين الموسيقى، والفيديو أكثر قرباً، بدأت مجموعات مثل "كباريه فولتير" باستخدام معدات مونتاج الفيديو الرخيصة لخلق صوراً خاصة لأعمالها الصوتية، وبدأت بعض المجموعات بعرض صور بانتظام خلال حفلاتها الموسيقية.

وظهر الاستخدام المكتوب لمُصطلح " vidéo-jockey " لأول مرة في وصولات مرتبات "ميريل ألديغيري" في مايو 1980 في ملهى ليلي في نيويورك يُسمّى HURRAH.

كانت ترتجل، وتؤدي موسيقى الـ DJ في الوقت الحقيقي مع تركيبٍ فيديويّ، وإسقاطاتٍ حيّة من كاميرات فيديو، وأشرطة فيديو متنوعة، ومؤثرات وسائط متعددة مع المرايا، وعرض متواصل لشرائط سينمائية من مقاس 16 ملم.

وقد وفرّ ازدهار الموسيقى الإلكترونية، وثقافة الـ DJ المزيد من الفرص للفنانين لخلق صوراً مباشرة في المناسبات، شعبية قناة MTV أدى إلى إنتاجٍ أكبر، وأفضل لأشرطة الفيديو الموسيقية، وبدأت العديد من النوادي في بث الأغاني المُصورة كجزءٍ من الترفيه، وتلطيف الأجواء.

فكرة الجمع بين التنشيط البصري، والبيئة الصوتية ليست جديدة، ولكن الإمكانيات التقنية لتحقيق ذلك – بسهولة، وبدون وسائل غير عادية - حديثة نسبياً، ولذلك، فمن المنطقي أن تطور الـ VJing ارتبط ارتباطاً وثيقاً بالتطورات التكنولوجية، وانتشارها، حتى لو كانت جميع التقنيات لا تزال تستخدم في ممارسة المجال، تنوعت من التي عفا عليها الزمن – عرض الشرائح الفوتوغرافية - إلى الأحدث – عروض بمساعدة الحاسوب.

عمل الأسلاف مع أجهزة عرض الشرائح الفوتوغرافية، وأجهزة عرض أفلام، أو شرائط من مقاس سوبر8، أو 16 ملم، حيث كان التركيب/الإنشاء في كثير من الأحيان، يعتمد على البراعة بين عددٍ من أجهزة العرض المُستخدمة، رفوف الشرائح الفوتوغرافية.

وعلى الرغم من أصله التاريخي، لايزال هذا النوع من ال VJing قيّد الاستخدام، ويسمح بنتائج مذهلة مع أجهزة عرض الفيديو الحديثة.

وقد سمح ظهور كاميرا الفيديو أخيراً بنقل، وإعادة إنشاء استوديوهات مونتاج صغيرة للتنشيط المباشر: جهاز مونتاج منزلي، بعض كاميرات الفيديو، عدة أميال من الأشرطة، ويبدأ العمل، ولكن سرعان ما تعرض هذا الاختيار لمحدودية إمكانياته بسبب صعوبات التحرك، وخاصة المكان الذي يستلزمه تركيب عدة رفوفٍ من مسجلات الصورة.

ومن الواضح أن الكمبيوتر، الذي سمح بوصول التكنولوجيا إلى الجميع، وسمح حقاً بتطوير الـ VJing ، وإمكانية تنفيذ محطات مونتاج، أو مزج افتراضي، وخاصة تقليص ـ من حيث المكان الفيزيائي ـ تخزين أرشيف الفيديو.

ويرتبط صعود الخيال (عالم الصور) ارتباطاً قوياً بظهور، ونجاح المشهد موسيقى التكنو الذي خلق مساحاتٍ احتفالية جديدة تعزز مكانة كلٍّ من الجماليات، والصوتيات.

 

العرض بمساعدة الكمبيوتر

 

كان الكمبيوتر هو الأداة المُفضلة لمنشطي/فرسان الفيديو VJ منذ أواخر التسعينيّات، على الرغم من الممارسات الأخرى مثل استخدام الشرائح الفوتوغرافية التي لا تزال مستخدمة حتى اليوم، وخاصةً بالنسبة للنتيجة التي تسمح بها في الهواء الطلق.

وقد سمح هذا الاستخدام الهائل للكمبيوتر بتطوير مجموعاتٍ هامّة على شبكة الإنترنت، وكانت مصدر العديد من الأفكار حول مشهد التنشيط الفيديويّ، ومستقبله، والذي سمح بإنشاء العديد من دورات مهرجانات مثل AVIT أو Contact-Europe

 

مقاسات

 

تسمح البرامج بمعظم المقاسات، ويمكن تقسيمها إلى فئتيّن رئيسيتيّن:

عموم الصور الرقمية التقليدية التي تتضمّن جميع أنواع تشفيرات الصور، ومقاطع الفيديو.

عموم الصور المُنجزة بواسطة الكمبيوتر، وتتضمّن التنسيق الوميضيّ، الـ3D، ولكن أيضاً جيل الصور الهندسية المتشابهة.

يمكن أن يختار منشطو/فرسان الفيديو العمل مع نوعٍ واحدٍ فقط من الخيال الصوري (عالم الصور) كما عن طريق خلط كلّ منهم معاً.

ميد هوندو

المخرج الموريتاني الملتزم

في نوفمبر من عام 2019 منح المركز الثقافي الجزائري بباريس تكريماً مُستحقاً للمخرج الموريتاني أبيب محمد مدون هوندو، الذي كان معروفاً باسم ميد هوندو.

وفي تلك المناسبة، عرض المركز فيلم "فاطمة الجزائرية من دكار"، تلاه لقاء - مناظرة، وشهاداتٍ من أصدقائه بحضور شقيقته.

*****

"فاطمة جزائرية من داكار"، من إنتاج عام 2003، تدور أحداث الفيلم في صيف عام 1957 شمال شرق الجزائر، يقود الملازم ـ ثاني السنغالي سليمان فال كوماندوز من المظلييّن المسؤولين عن "تنظيف" منطقةٍ جبلية من المُفترض أن تأويّ "مقاتلين ضدّ الاحتلال الفرنسي".

أثناء قيامه بدوريةٍ، يغتصب فاطمة الشابة التي تحاول الهرب.

من هذه الدراما، سيُولد ابنٌ، وبعد بضع سنواتٍ، في السنغال، والد سليمان، وهو مسلمٌ ملتزمٌ، ومتزوجٌ بقناعةٍ من امرأةٍ واحدة، يطلب من ابنه العثور على فاطمة، والزواج منها، تعويضاً عن فعلته.

شارك في التمثيل: بابكر صادق با، أمل جمال، تييرنو ندياي دوس، محمود سعيد، عبد ألمامي شيخ واني، العربي زقال.

*****

أبيب محمد مدون هوندو، الذي كان معروفاً باسم ميد هوندو، هو ممثلٌ، مخرجٌ، كاتب سيناريو، ومنتجٌ فرنسيّ موريتانيّ، وُلد في 4 مايو 1936 في أطار، موريتانيا، وتوفيّ في 2 مارس 2019 في باريس، اشتهر بعمله المهمّ في مجال الدبلجة، ولا سيما الصوت الفرنسي الدائم لإدي ميرفي، ولا سيما أكسل فولي في Flic de Beverley Hills، والحمار في سلسلة أفلام Shrek ، وأعار صوته لشخصية رفيقي في سلسلة أفلامLe Roi lion

ينتمي إلى الجيل الثاني من المخرجين الافارقة، بعد الروّاد مثل عثمان سمبين ..

في البداية عمل حمالاً في ميناء، ومن ثمّ طباخاً، وحالما اكتشف المسرح، التحق بدروس الدراما عند فرانسواز روسايّ، حيث لعب كممثلٍ في العديد من مسرحيات (شكسبير، تشيكوف، كاتب ياسين، وإيمي سيزير، وبريشت، وما إلى ذلك)، ومن ثمّ شارك في إنشاء "اللجنة الأفريقية لصانعي الأفلام"، وأسّس بعد ذلك بقليل، في عام 1966، فرقته الخاصة Griotshango

أصبح ممثلاً، ومنتجاً، ووصل إلى السينما من خلال إخراج فيلمين قصيرين:

 Balade aux sources (رحلة في الجذور).

Partout ou peut-être nulle part  (في كلّ مكان، أو رُبما في أيّ مكان).

لعب بشكل خاص في فيلمين طويلين:

 Un homme de trop  (رجلٌ زائد) من إخراج كوستا جافراس في عام 1966 .

 Promenade avec l'amour et la mort (جولةٌ مع الحب، والموت) من إخراج جون هيوستن في عام 1969.

حصل فيلمه الطويل الأول "Ô Soleil" على العديد من الجوائز، واختير لأول مرةٍ في مهرجان كان السينمائي، ولكن، تمّ حظره لاحقاً لأسبابٍ دبلوماسية في بلدانٍ مختلفة.

على الرغم من ذلك، واصل ميد هوندو عمله كمخرج، يكشف الاستعمار، وما بعد الاستعمار.

في عام 1973، أنجز فيلمه (العمال العبيد، جيرانكم) Les Bicots-nègres, vos voisins، ودائماً حول موضوع حياة المهاجرين، والعنصرية في فرنسا.

في عام 1977، أخرج فيلماً عن كفاح جبهة البوليساريو Nous aurons toute la mort pour dormir (سيكون لنا كلّ الموت كي ننام).

 في عام 1979، عاد إلى موضوعه الأصلي مع West Indies ou les nègres marrons de la liberté  (جزر الهند الغربية، أو الزنوج أصحاب اللون الأسمر من الحرية)، وهي قصة عن العبودية، والاستعمار في منطقة البحر الكاريبي، ويصف الفيلم بأنه "فيلمٌ موسيقيٌ تراجيديّ/كوميدي".

المفهوم المُضاد

في إطار فعاليات الدورة ال 22 للمهرجان الدولي للسينمات المختلفة، والتجريبية، كان هناك عرضٌ لا مثيل له، ورُبما لن يتكرر مرةً أخرى، على الأقلّ قريباً.

عن طريق هذا العرض، أشاد مركز جورج بومبيدو في باريس بالشاعر الحروفيّ جيل Gil Joseph Wolman (1929 - 1995)، وفيلمه "L’Anticoncept" (المفهوم المُضادّ).

تمّ الانتهاء من هذا العمل غير القابل للتصنيف بعد بضعة أشهرٍ من فيلم "معاهدة لعاب، وخلود" لإيسيدور إيزو، وفيلم "هل بدأ الفيلم بالفعل؟" لموريس لوميتر، وعلى الفور حُكم على هذا البيان المُناهض للسينما بالصمت من قبل الرقابة الفرنسية في ذلك الوقت.

يُعرض هذا الفيلم بدون صورٍ على منطادٍ قابل للنفخ، ويرافقه شريطٌ صوتيّ مؤلف من ترخيماتٍ صوتية، وشعرٍ صوتيّ.

هو نموذجٌ مثاليّ لتخريب النظام السينمائي التقليدي، وتحويله إلى فيلم "باستخدام جوهره: الحركة".

وهكذا، يجعل وولمان جهود الإبادة التي بدأها الحروفيون أكثر تطرفاً.

 في مواجهة التناوب التردديّ للومضات الضوئية للعرض، وترخيمات شريط الصوت، تتمّ دعوة المشاهد إلى معايشة تجربةٍ منوّمة لعملٍ حسيٍّ يدمرّ أيّ شكلٍ من أشكال التمييز بين الصوت، والصورة.

سينماتك في ـ  01 يناير 2023

* هذه المواد نشرت في جريدة التيار السودانية، بتاريخ 12.08.2021

 

>>>

30

29

28

27

26

 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004