صلاح سرميني

 
سيرة جديد مقالات ملفات
 
 
 
 

ملفات

 

>>>

45

44

43

42

41

 

دراما الضوء

مدير التصوير السوريّ حنّا ورد

من البدايات، وحتى اليوم (1)

أجرى الحوار: محمد زرزور

تفريغ: شيرين عيسى

 
 
 

حنّا ورد، حاصلٌ على ماجستير فنون في التصوير السينمائيّ، والتلفزيونيّ من المعهد العالي للسينما في موسكو /فغيك/ منذ العام 1978، ومن ثمّ ماجستير في الخدع السينمائية، ليعمل بعدها في المؤسّسة العامة للسينما في سوريا كمصوّر، ومدير تصوير للعديد من الأفلام الطويلة، والقصيرة بمختلف أنواعها، خاض خلالها تجارب مهمّة ما بين الإعلانات، والأعمال التلفزيونية التي نُقلت بأسلوبٍ سينمائيّ إلى الشاشة الصغيرة.

تعاون خلال مسيرته المهنية مع العديد من المخرجين السوريين، والأجانب، وكان يُحضّر، ويطوّر معداته لخدمة وجهة نظره في رسم الإضاءة، وتكوين الصورة السينمائيّة.

حصد العديد من الجوائز، ليتوّج مسيرته المهنية مدرباً، وخبيراً لعلوم التصوير، والإضاءة في العديد من الدورات الأكاديمية، في سعيّه لنقل خبرة تزيد عن 40 عاماً إلى جيلٍ جديدٍ من الشباب السينمائيّ.

مدير التصوير السينمائيّ السوري حنّا ضيفاً في "جريدة التيار".

 

*****

 

·      كان الفيلم القصير "خطوة خطوة" من اخراج أسامة محمد مشروع تخرجك من المعهد العالي للسينما بموسكو عام 1978، كيف تصف تلك التجربة، وهي عادةً النقلة الأولى للحياة العملية، ويكون فيها التقييم الأقسى عندما يأتي ممن تعلمنا منهم السينما، وتعايشنا معهم تجاربهم الأكاديمية؟

 

في الواقع، صوّرنا فيلم ما قبل التخرج (أيّ قبل خطوة خطوة") عن الموضوع الفلسطينيّ في جنوب لبنان، في استوديو مع ديكور، فأحببنا تطوّير الفكرة، خصوصاً وأنّ الروس أصبحوا في حالة انتظارٍ لمشروع تخرجنا، فجمعنا أنفسنا، وحملنا المعدات، وسافرنا إلى دمشق، ومنها انتقلنا إلى ضيعة الرامة، وهي ضيعة أسامة محمد نفسه، وكان هناك أساتذة مدرسة يسكنون في غرفةٍ من غرف بيت جده، فنشأت علاقة جميلة بيننا، وبدأنا التصوير.

كان قراري هروباً، أو بالأحرى تخلّياً عن ميزات الخمس نجوم، أو العشر نجوم بالنسبة لمدير التصوير، لأعمل بلا نجمة في سوريا، وأنا أتحدث هنا عن الإمكانات التقنية، فقد وصل الأمر إلى حدّ المجيء إلى قريةٍ لا يوجد فيها كهرباء، وكان ذلك تحدياً مهماً، الأسود، والأبيض، وكاميرا واحدة مع عدسات، وليس برفقتي مساعد، فأنا المساعد، وأنا الكلّ بالكلّ، لكن، حين أشاهد الفيلم أستمتع، لأنّنا _ أسامة كمخرج، وأنا كمدير تصوير_ عملنا عملاً مهماً في السينما السورية برأييّ الشخصي، على صعيد الإخراج، أو التصوير، وكان التحدي كيفية التأقلم مع جوّ القرية الصعب، فهناك وحلٌ، وإلى آخره من الأمور المُربكة، وفي نفس الوقت إمكانية إظهار الجماليات الحقيقية لهذه القرية السورية، جمال الشعب، وظرافة الأطفال الذين يدرسون، صنعت لهم إضاءة من خلال لوكس مع القليل من العواكس (الشراشف البيضاء) فليس هناك كهرباء، وبحوزتي ضوء بطارية لأسيّر الأمور بها إلى حدٍّ ما، وكنت سعيداً بهذا التحدي، وخاصةً أنّ القرية التي صورنا فيها كان أبي هو من حددها بالمساحة كهندسةٍ طبوغرافية، فكانت عودتي بمثابة عودةٍ إلى قريةٍ أعرفها، وليست غريبةً عني، ففي طفولتي قضيت عدة أشهر فيها، وفي قرية الرويمية، فالقريتان بجانب بعضهما.

 

·      كيف كانت ردّة فعل الروس على انجاز مشروع التخرّج؟

 

كان استقبالاً مهماً جداً، وموضوعياً جداً، ومهنياً، وخاصةً حين أعطيت التبرير، أنّني أحببت أن أبدأ التصوير في بلدي قبل التخرّج، أن أتذوّق الطعم، وهذا الأمر أفادني كثيراً حين عملت تدريباً، واختصاصاً في الخدع السينمائيّة، فقد أصبحت أركز على المعلومات، وخصوصاً في معمل التحميض بالدرجة الأولى، لأنّني فهمت أنّ في سوريا مشكلة في معمل التحميض، فقمت بتقوية معلوماتي التي هي في الأصل قوية، وأعطتني تلك التجربة مجالاً لأستكمل نواقص المعلومات التي ليست من اختصاصي، فالمعمل ليس من اختصاصي، لكن، كون المعمل غير جيد، فأنا مضطرٌ للتدّخل، فاهتممت بتصنيع المعدات أيضاً مع أنّها ليست من اختصاصي.

بالنسبة لاستقبال الأساتذة، كان استقبالاً جيداً جداً، واهتموا بالتجربة، وعمّموها، وعرضوها على أكثر من صف، ولم يُقصّر المعهد معنا، فقد أعطونا كلّ المعدات التي نريدها، ما عدا المُسجّل، فلم يكن لديهم إمكانات أن يقدموه لنا، لذلك أعطونا رسالة للتلفزيون السوري بأن يعيرونا المُسجّل، لكن، بالطبع، نحن لم نطلب منهم ذلك، لأنّهم لن يعطونا، فنحن في الضيعة، وهم في المدينة، وهنا أشكر مدير التلفزيون السوري أطال الله في عمره الأستاذ فؤاد بلاط، فقد كان موقفه مهنياً جداً، فأعطانا مُسجّل، وأشرطة، وقدم لنا تحسين رهونجي عشر بكرات، وهذا الكلام في عام 1976، فقد أعطونا المعدات التي كانت تنقصنا، وأمنّوها لنا، وطبعاً أعدنا لهم تلك المعدات سليمة مع الشكر.

بعد أكثر من عشرين سنة على التخرج، وتحديداً في العام 2002 كنت عضواً في لجنة تحكيم مسابقة أفلام من الامارات ...

 

·      عندما تكون في موقع اللجنة ألا يخطر ببالك حنّا ورد الطالب؟

 

بالنسبة لي، أن أكون عضواً في لجنة التحكيم، كان الوضع محرجاً قليلاً، فقد كانت البداية، أو بالأحرى الاستمرارية، والتجربة الثانية لمهرجانٍ على مستوى الإمارات العربية المتحدة.

 المهرجان الأول رُبما كان في عام 1996 أو 1994 لا أذكر جيداً، وكان وقتها رحمه الله الناقد السينمائيّ، والمترجم صلاح صلاح هو المسؤول عن موضوع السينما في المُجمّع الثقافي في أبو ظبي، وبما أنّه كان الأول، وهو طالب جامعي متخرج، فعيّنه مدير المجمّع مسؤول قسم السينما في المجمّع الذي يُعتبر من أهمّ المراكز الثقافية في الشرق الأوسط، والأدنى، فلم يبقَ هناك شخص إلاّ وذهب إلى المُجمّع، وعمل ندوةً، أو معرضاً، وكلّ تلك الندوات مُسجّلة في ثلاث كاميرات صوت، وصورة، فلديهم أرشيف بصري مرعب، وهذه أيادي بيضاء لمحمد أحمد سويدي، وهو من أنتج فيلم "صبري المدلل" لمحمد ملص، وكلفهم في ذلك الوقت خمسين، أو سبعين ألف دولار.

كان رئيس لجنة التحكيم عمر أميرلاي، فكان وضعاً حساساً جداً، حاولنا أن نكون موضوعيين، فلم يكن هناك مجاملة، كان هناك كمية مرعبة من الأفلام، لكن، انتقينا منها، وكان هناك إجماعٌ بأنّ رأينا كان موضوعياً جداً، وكان الجميع سعداء من النتائج، وعقد عمر أميرلاي ندوةً كانت مهمّة جداً.

 

·      كانت البدايات مع الفيلم القصير "المنام" اخراج محمد ملص، ومن ثمّ تلاه أفلاماً طويلة مع المؤسّسة العامة للسينما مع سمير ذكرى، ومحمد ملص في "حادثة النصف متر"، أحلام المدينة، وقائع العام المقبل ....  حدثنا عن هذه الفترة، وماذا قدمت لحنّا ورد؟

 

بدأتُ في المؤسّسة بداية عام 1980، كان وقتها سمير ذكرى يُحضّر فيلم "حادثة النصف متر"، وفي ذلك الوقت، طلب مني صديقي المرحوم عمر أميرلاي أن أكمل تصوير فيلم "المنام" مع محمد ملص الذي بدأه الزميل الفلسطيني حازم بياعة بعد أن اتفقتُ معه على استكمال ما بدأه، فأكملت الفيلم، وأقمنا في لبنان لمدة شهر للتصوير، كمنحة إنتاج من قبل اتحاد التسجيليين العرب في بغداد، والتي غطّت المرحلة الأولى.

بالنسبة للمؤسّسة، كانت بدايةً جيدةً مع المخرج سمير ذكرى الذي عمل جواً جميلاً في الفيلم، فبعد فترة تحضيٍر طويلة، وشرح للجميع ما يريده، انجز الفيلم، وكان له فضلاً على الكثير من الأشخاص في المؤسّسة، وبرأييّ، يُعتبر فيلم «حادثة النصف متر» من الأفلام المهمة في السينما السورية.

أما بالنسبة لـ "أحلام المدينة"، فأعتبرها تجربة صعبة إلى حدٍّ كبير، كنت كاميرا مان، وحضّرت كلّ البنية التحتية ليأتي مدير التصوير أردوغان إينجين، ويتولى مهمة مدير التصوير، وفيما بعد تولى الصديق حازم بياعة التصوير بعد أن قررت ترك العمل. هذا خطا يا صديقي الذي أكمل الفيلم هو مدير التصوير  أروغان انجين، ولا احد معه.

وقد شارك في صناعة الفيلم أيضاً المخرج عبد اللطيف عبد الحميد، وأسامة محمد، وعصام سليمان.

 الفرق بين التجربتين، بأن سمير ذكرى كتب السيناريو، وفعلياً كان منتج الفيلم، وهو عرّاب التجربة، أما في "أحلام المدينة" فكانت_ للأسف_ من التجارب المؤلمة بحياتي، وعلمتني أنّه لا توجد أجواء سينمائيّة في المؤسّسة.

 وكان فيلم "أحلام المدينة" بداية الصراعات التي انتهت بدمار المؤسّسة الفعلي، أيّ المضمون، وليس الشكل، لأنّه بدأت حروب من دون فائدة، ومن يقول أنّ الدولة مسؤولة عن أخطاء السينما في الثمانينيّات، من الأفضل أنّ يصمت؛ لأنّ الدولة لم تكن متفرغة لنا، فقد قدموا لنا ما نريد، ففي الوقت الذي لم تكن فيه دولارات في خزانة الدولة، سافرتُ إلى ألمانيا، وأصلحت الكاميرا من أجل فيلم "وقائع العام المقبل"، واستكملت القطع الضرورية للكاميرا، واستطعنا أن نصوّر صوت، وصورة لأول مرة في فيلم سوري، في ذلك الوقت 1985لم يكن هناك نقود في البنك المركزي نهائياً، فتمّت صفقة الوكيل يعقوبيان الذي دفع بالدولار للشركة، والمحاسبون دفعوا لهم بالسوري، وأوجدوا طريقة مناسبة، ولا أعتقد هناك أفضل من ذلك، ما نريده حدث في فيلم "وقائع العام المقبل" استنفرت استنفاراً في مؤسسة الإسكان العسكرية لتصنيع المعدات الناقصة، وصنعوها لي بما فيها صندوق Underwater، لدينا مشهد تغرق فيه البطلة، فصوّرنا فيه، الجميع ساعدنا، وقدم خدماته بمستوى عالٍ من المهنية، والحقّ يُقال.

وهنا، أودّ أنّ أنوّه إلى الأيادي البيضاء للمرحوم فتيّح عقلة عرسان الذي أعتبره استمرارية لحميد مرعي أطال الله بعمره.

يتبع....

سينماتك في ـ  04 يناير 2023

* هذه المواد نشرت في جريدة التيار السودانية، بتاريخ 30.09.2021

 

>>>

45

44

43

42

41

 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004