صلاح سرميني

 
سيرة جديد مقالات ملفات
 
 
 
 

ملفات

 

>>>

15

14

13

12

11

 

Manto

انتصارٌ لأدب الشارع على الأدب النخبويّ

 

كتابة: نوزاد جعدان/الشارقة

 
 
 

للسينما علاقةٌ قديمةُ، ومتجددة بالأدب، إذّ كثيراً ما استلهمت أعمالاً أدبيةً ذائعة الصيت، منها الروايات، والقصص القصيرة، والمسرح، كما تطرّقت لحياة الأدباء، ومزجت بين ألق الكلمة، وسحر الشاشة، ولكن القلائل ينجحون في نقل السمة البصرية المُوحية لخيال القارئ، ومقاربة نتاج الكاتب الأدبي بحياته الشخصية.

في فيلم "مانتوّ الذي أخرجه المخرجة الهندية Nandita Das  الذي تستعرض فيه قصة الكاتب القصصي اللامع سعادات حسن مانتو Saadat Hasan Manto,، نجد حبكةً دراميةً متقنة، إذّ يتمّ المزج بين العالم التخيلي عبر خمس قصصٍ لمانتو بالعالم الواقعي للكاتب، وتسير الأحداث بناءً على ذلك الربط الساحر بين قصصه، وحياته، كما يُمثل الفيلم ثورة الكاتب على الواقع، لا سيما أن مانتو المؤمن بأنّ الأدب محصّلة لوعيّ الأديب على قدر ما هو إيمانٌ بدور الكلمة، ومسؤوليتها، ودور الأديب تحريضيّ، وتهذيبيّ، لذا، هو يائسٌ، ومحبطٌ، لأنّ الواقع متعب، وهو الحالم بعالم أفضل، وهذا ما عبّر عنه الفيلسوف الألماني نيتشه :

"من لم يكن يحيا لكشف الحقيقة كاملة، فليستمعْ ما طاب له من نعيم الدنيا لن يكون ذلك كاتباً، وإنما هو أفّاك مزِّور لا قدْرَ له، ولا مقام له".

عاصر مانتو الانقسام الذي حصل بين الهند، وباكستان، وهو ابن الاستقلال، والشاهد على الحرب الأهلية أيضاً، كما تعرّض للكثير من الانكسارات، والقيود، حتى أنّ أصدقاءه انتقدوه طويلاً عن الكتابة عن البسطاء، والنساء المقموعات في المجتمع، فبعضهم أرهقه، وآلمه من ادعاءاته بأن نتاجه القصصيّ لا يرقى لمستوى الأدب، وبخاصةً حين انتقده الشاعر الكبير فيض أحمد فيض Faiz Ahmed Faiz   الذي يُعدّ من الشعراء التقدميين، وكان مانتو الحافظ للكثير من أشعاره، وهذا ما استنزفه أكثر من المحاكمات التي تعرّض لها،

توفي مانتو في عام 1955 عن عمر يناهز 42 عاماً، بعد فترةٍ وجيزة من تقسيم الهند، وباكستان، وإعلانهما دولتين مستقلتين، لذا تَعرض مخرجة الفيلم أهمّ حقبتين في حياته، حقبة مانتو المُفعم بالحيوية، والمنطلق في بومباي قبل الاستقلال، تليها حقبة السفر إلى لاهور، والمشحونة بالألم، ومعاقرة الكحول، واصفاً نفسه كطيرٍ مقصوص الجناح، وكأنّ هذا الخلع الجسدي أداة للولوج إلى الانهيار العاطفي للكاتب.

في حوارية متقنة بين مانتو، وزوجته صفية، يصف نفسه بالصوت المكسور "لست عبير نغمة، ولا مقام أغنية ..إنما أنا مجرد صوت مكسور"، مستحضراً بيتاً شعرياً للشاعر الكبير ميرزا غالب Mirza Ghalib  والذي كثيراً ما تتقاطع حياته مع حياة مانتو، فالاثنان توفيّ ولديهما عارف في سن مبكرة كما عاش الاثنان حياة معاقرة الخمور، والصعلكة.

ذات مساء، وفي نقاش ساخن مع صديقه نجم السينما شيام Sunder Shyam Chadda  تتبدل حياة مانتو، وتنقلب رأساً على عقب، وترسم مخرجة الفيلم خلفيات رائعة للصراع، والانقلاب الذي سيحدث في حياة مانتو، بداية بخلفية المطر، والحديث الساخن حول الطائفية، ثم صوت عربة القطار وهي تسير، والنقاش المحتدم بين مانتو وشيام، ونهاية بالباخرة التي تنقل مانتو إلى باكستان.

تستعرض المخرجة حياة مانتو العاطفية لشخص مدمر ذاتياً، وزوجة رحيمة، وطيبة، وأمّ لطفلتين راضية على الرغم من عيوب مانتو الكثيرة، وتعترف زوجته صفية أن مانتو الكاتب كان أفضل من مانتو رجل العائلة، فما كان يشوب حياتهما من خلافاتٍ جرّاء إدمان مانتو على الكحول.

كتب مانتو بلا تردد عما رآه، وشعر به في وقت "قفز فيه الدين من القلب إلى الرأس"، وأثار الفوضى على نطاقٍ واسع نادراً ما كان يرى من قبله، وبخاصة مع المدّ الشيوعي، وبذلك عرّى المجتمع على الرغم من العقبات التي يعرضها الفيلم بدءاً من تجاهل دور النشر، والصحف في صرف مستحقاته المادية، أو حتى منتجي الأفلام التي كان يكتب لها سيناريوهاتها، بإشارة إلى تأزم حال المجتمع، إلى المحاكمات التي تعرّض لها، وكان أكثرها قسوةً اتهامه بالفحش في قصته "اللحم البارد"، ترسم لنا المخرجة بطريقةٍ مبدعة، ملامح عالم شخصية البطل الذي يتداعى تحت وطأة انهيار المجتمع؛ فلمعرفة حال أيّ مجتمع يجب النظر إلى حال أدباءه، وشعرائه.

يُدين مانتو لبومباي بالكثير، وخاصة أنها ملهمته الأساسية، فيقول في أحد مشاهد الفيلم الرائعة حين غادر إلى لاهور: "هذه المدينة لا تطرح أيّ أسئلة"، وفي واحدةٍ من أكثر المشاهد التي لا تُنسى عندما كان يودّع بومباي، يتذكر أنه مدين بروبية لجوفيند بائع البان، فيقترح صديقه الممثل شيام (طاهر راج باسين Tahir Raj Bhasin ) أنه سيدفع نيابة عنه، فيجيبه: "لا تدفع .......أريد أن أكون مدينًا لهذه المدينة إلى الأبد".

بقي العبء الأكبر ملقىً على عاتق كاتب السيناريو، الذي يعقد عليه الأمل في أن يخلص لروح الأديب، وجوهر رؤياه، وفي الوقت نفسه يتحرر من بنيان العمل الأدبي، وأسلوبه اللغوي، لينشئ مكانهما بنياناً بصرياً موحياً للخيال، وشخصيات تنبض بالحياة، وهذا ما نجحت به داس على الرغم من أنها تجربتها الإخراجية الثانية - بعد فيلم فراق 2009 - لكنها قدمت نصاً سينمائياً غنياً بالتفاصيل التي تقدم لمحةً عن سبب كون مانتو، وما زال يمثل نجماً للكتاب حتى الآن، إن جوعه لجذب أولئك الموجودين على الهامش إلى دائرة الضوء، وكفاحه لجعل المجتمع يدرك، ويراعي محنتهم هو ما نحتاجه اليوم أيضاً، "لماذا لا تظهر الحقيقة كما هي بدون رتوش؟"، يسأل، ويطالب في وقتٍ واحد. إنه سؤال يجب طرحه على صنّاع الأفلام أيضاً، في الوقت الذي يتمّ فيه تصنيع الماضي لتقديم واقع بديل، ربما تكون إعادة النظر في نثر مانتو، وغيره من أدباء الواقعية هو ما تحتاج إليه بشدة.

بالتالي، فلم تكتفِ المخرجة، والكاتبة بمحاكاة دقيقة لمسار حياة مانتو، بل قامت بإعادة تركيب حياته بصورةٍ تركت تأثيراً عميقاً على المُشاهد.

جرى إنتاج الفيلم عام 2018 وهو من بطولة نواز الدين صديقي Nawazuddin Siddiqui   وراسيكا دوغال Rasika Dugal وإخراج ناديتا داس Nandita Das ، وربما لا يوجد أحد أفضل من نواز الدين صديقي ليلعب دور مانتو بملامحه الهزيلة، والنظارات ذات الحواف المستديرة، والرأس المليء بالشعر الفوضوي - يبدو من خلالها صدّيقي مثالياً، بأداء لا تشوبه شائبة مع ما أُعطي له في الواقع، يُعدُّ تصويره لسعادات حسن مانتو من أفضل الممثلين بالإضافة إلى أداء  Rasika Dugal  بدور  صفية التي تمثل قوة هادئة في حدّ ذاتها، ولا تُنسى، كما أداء طاهر راج بهاسين في دور شيام تشادا الممثل المحبوب الذي يمثل تفكير مانتو، وشدته أيضاً.

الأمر الجدير بالذكر، هو أن نهج داس لا يسير فقط لإرضاء معجبي مانتو، ولكن، أيضاً لبناء قاعدة جماهيرية جديدة من خلال تعريف القراء الجدد ببعض من أفضل قصصه، وهي قصة "Khol De" افتح، و "Thanda Gosht" اللحم البارد، وقصة "Toba Tek Singh "، وقصة  “  Kali Shalwar”  البيجاما السوداء، والقصص القصيرة جدا، أو قصص الومضة الهوامش السوداء، والتي تتداول معظمها التداعيات المدمرة للتقسيم الذي حصل في شبه القارة الهندية، وقد تمّ توظيفها بجمالية عالية، فهي تكشف ندوب الشخصيات المكسورة تماماً كما تكشف آلام مانتو نفسه.

على نفس القدر من الروعة، هناك مجموعة رائعة من الممثلين، ونجوم السينما المستقلة المعاصرة في مومباي كديفيا دوتا Divya Dutta  وتيلوتاما شومي Tillotama Shome ورانفير شوري Ranvir Shorey وشاشانك أرورا  Shashank Arora وتشاندان روي سانيال Chandan Roy Sanyal ، لعبوا  أدوار صناع السينما في مومباي، وشخصيات أدبية كالممثل أشوك كومار Ashok Kumar والمغنية الموسيقية جادان باي Jaddanbai إلى الملحن نوشاد Naushad، والكاتب أحمد نديم قاسمي Ahmed Nadeem Qasmi والأديبة عصمت جغاي Ismat Chughtai كذلك أتقن السناريست، والشاعر جاويد أختار  Javed Akhtar دوره كأكاديمي باكستاني دافع عن مانتو في محكمةٍ قانونية حين أُتهم بكتابة أدبٍ فاحش.

يكفي الإشارة إلى أن معظم السيناريو، وأجزاءه مأخوذ من كتاب "الفواكه المرّة" للمؤلف خالد حسن الذي يستعرض في كتابه أفضل قصص مانتو، ودراماه، وأيضاً رسائله إلى أصدقائه، بالإضافة إلى شهادة ابن أخيه عنه.

عندما يسخر إسماعيل يس من نفسه

صلاح سرميني/باريس

في الفيلم المصري اللطيف، الخفيف، والظريف "بيت النتاش" (إخراج حسن حلمي، إنتاج عام 1952)، وبالتحديد، في الدقيقة من 121 إلى 124، وخلال حفل زواجه، يقف الصديق اللبناني ليمون (إلياس مؤدب)، وهو السكرتير الخاص لرجل الأعمال سُكر بيه (إسماعيل يس)، وسط المدعوّين، ويقول مبتهجاً باللهجة اللبنانية المطعمّة ببعض الكلمات المصرية:ً

ـ سُكر بيه وضّب مفاجأة عظيمة كتير كتير، بتعرفوا شو هي؟

ينتظر ثواني، ويُكمل:

ـ رح يقلد زعيم مونولوجست الشرق الأستاذ إسماعيل يس.

الضيوف: ح يقول إيه؟

ليمون: اللي تطلبوه.

الضيوف: عاوزين مونولوج بقّو (فمه).

.............

في معظم أفلامه، لم يكن إسماعيل يس ينتظر أحداً كي يسخر من مظهره الجسدي (الرائع، والجميل بالنسبة لي).

ومن وجهة نظرٍ تنظيرية، يمثل المشهد السابق (حفل الزواج) إحالةٌ مباشرةٌ إلى السينما نفسها من خلال إسماعيل يس نفسه، في الواقع، وفي المتخيّل (السينما).

ومن وجهة نظرٍ تنظيريةٍ أخرى، يُعتبر هذا المشهد تحطيماً للجدار الرابع الذي يفصل أحداث الفيلم عن الجمهور، أو تغريباً بريختيّاً بسيطاً، مشاركة ضيوف الحفل داخل الفيلم، ودعوة الجمهور إلى نفس الحفل، كما تذكيره، بأنّ ما يُشاهده ليس أكثر من فيلم، بينما تتماهي الشخصية التي يمثلها إسماعيل يس مع الممثل إسماعيل يس.

ولكن، الأكثر أهميةً في هذا المشهد، والأقرب إلى القلب، الأحاسيس، المشاعر، والعواطف، هي سخرية الشخصية نفسها من نفسها، كما سخرية إسماعيل يس نفسه من نفسه، ورُبما هي طريقةٌ سينمائيةٌ مباشرة للتطهير، والتخلص من عقدة القُبح، والجمال التي كرّستها السينما نفسها مع معظم نجومها من الجنسين، بحيث وضعت الجمال في مكانٍ، وفي شخصياتٍ، والقُبح في مكانٍ آخر، وشخصياتٍ أخرى، ولكن إسماعيل يس حطم هذه الحواجز باقتدار، كما فعلها غيره بالطبع، ولكن ربما أنه تميز بسخريته الضمنية، والمباشرة منها، وهكذا أصبح الجمهور يحبه، ويتعاطف معه، وسكن عواطفه أكثر من أيّ ممثل يتمتع بجمال لا يمتلكه إسماعيل يس باعترافه بنفسه.

تماماً كما حدث مع المئات من العباقرة في تاريخ السينما، شارلي شابلن، باستر كيتون، الثنائي لوريل، وهادري، لويس دي فينس، بورفيل، الثنائي دريد لحام، ونهاد قلعي، عادل إمام...

رُبما "الكوميديا" هي التي منحت هؤلاء جواز المرور إلى قلب المتفرج، ورُبما "الجوانب الإنسانية" التي يجسدونها في شخصياتهم، وربما لأنهم أكثر قرباً "جسدياً" إلى المتفرج، ورُبما لأنهم عاديون، وليسوا أنصاف آلهة.

في نفس الفيلم، "بيت النتاش"، ومن الدقيقة 40 وحتى 45، حيث يتابع المتفرج مشهداً مؤثراً، عندما تسأله خالته نفوسة (زينات صدقي) سكر عن الأسباب التي منعته، أو تمنعه من الزواج، مع أنه تاجر موالح وثريّ، يردّ عليها سكر بحلاوة مريرة، ولكن، بتواضعٍ، وصدقٍ، ونزاهة:

ـ أنا شايف إني عدم الجواز ليا أفضل، الناس كلهم يا خالتي في الحقيقة بيقولوا إني أنا شكلي مشلفط، يعني مش ولابدّ.

في تلك الأثناء، كانت ملبِّسة (شادية) ابنة خالته التي تحبه بصمتٍ تسمعه من خلف ستارة، ويحزنها إجابته.

في المشهد التالي، مشهد مُصارحة، وكشف عن المشاعر بين الطرفين، حول طاولةٍ في كافتيريا، يدور بينهما الحوار التالي، ولاحظ التقارب بين اسم كلٍّ منهما، ملبسة، وسُكّر:

ملبسة: انتَ ما تعرفش قيمة نفسك.

سُكر: ماعرفش إزاي، هو ما فيش مرايات في البلد.

ملبسة: المرايات ما تظهرش إن كانت الروح صافية، ولا لأ

سُكر: يا ستي، الله يخليكي، إيش دخل الروح بالشلاكين المنيلة على عينها دي.

..ملبسة: الإنسان يكون حلو لما تكون روحو حلوة

سُكر: دا كلام جديد ما سمعتوش قبل كدا.

ومن خلال كلمات الأغنية المُتبادلة بينهما، تستمرّ شادية في رفع معنوياته الجمالية، ولكن، يبدو بأنه لم يفهم بعد ما تكّن له من محبة.

سُكر: أنا الحقيقة لغاية دلوقتي في منتهى الغباوة.

وفي مشهدٍ لاحقٍ رائع، يؤدي الاثنان أغنيةً معاً هي جزءٌ أصيلٌ من دراما الأحداث، مفصلية تحوّل الأحداث في منحى إيجابي تماماً لصالح الطرفين.

كلماتٌ بسيطةٌ، رقيقةٌ، وسهلة، تتسرّب إلى القلب مباشرةً، ومنها أختار الآتي:

ملبسة: بتحب مين، قول بصراحة، أوصفهالي.

سُكر: خدودها زيّ التفاحة قلبت حالي، وعينيا لو جت في عينيها، تعملني فتةٍ ملوخية، ورموشها سكاكين وكذلك، دبحتني، وأنا راضي بذلك، ومين بقا اللي حبيتيه، قولي الصراحة، وإوصفيه.

ـ ملبسة: بحب واحد شكلو لطيف، بس عقلوا شوية خفيف، بحبو كتير، كتير جداً، وبقو كبير، كبير جداً

سُكر: طيب إسمو إيه؟

ملبسة: سُكر، إنت، إنت، ولا إنتاش داري، بُقك انتَ ممرّ تجاري....

وبدون سردّ الأحداث اللاحقة، نتوقع مُسبقاً بأنّ سُكر (إسماعيل يس) سوف يتزوج من ملبّسة (شادية)، وسوف يعيشان في تباتٍ، ونباتٍ، ويخلفان صبيان، وبنات.

كتبٌ جديدةٌ عن المخرج الإيراني عباس كياروستامي

عباس كياروستامي، العمل المفتوح

تأليف: آنييس ديفيكتور، وجان ميشيل فرودو

إذا كان كياروستامي قد قدّم أفلاماً رائعة، فإنّه لم يكن فقط واحداً من أعظم صانعي الأفلام في جيله، رحلته الغنية، والفريدة من نوعها هي موضوع هذا الكتاب، وأول من تناول عمل هذا الفنان الهائل في تعدده (سينما، صور، تركيبات، فيديو، شعر)، سياقات - تاريخية، وفنية، إيرانية، وعالمية - وأساليب عمله، ونشاطه التدريسيّ الذي استمرّ بممارسته في ورش العمل في جميع أنحاء العالم.

أعمالٌ تهتمّ بالأطفال، والطبيعة، مشبعةٌ بكنوزٍ من الثقافة الإيرانية، حسّاسةُ للقضايا المُعاصرة، ومصمّمةٌ بالكامل لمشاركتها مع المتفرجين حول العالم.

***

دراسة، كياروستامي ليوسف إشغبور

كشفت أفلام كياروستامي المُبكرة عن إيرانٍ عميقة: رؤيةٌ تأمليةٌ، وبالتالي، مع مسافةٍ ما، تحتفل بالطفولة، والقرى، والحياة في الحاضر الخالد، ونوعٌ من حالة الطبيعة التي لم يمسّها الوجود الحديث.

ثم حدث تحوّلٌ جذريّ في سينماه، لأسبابٍ يحاول المؤلف تحليلها.

لم يعدّ مجرد مخرج إيراني، بل صانع أفلامٍ دوليّ، داخل، وخارج الجدران، في الداخل، والخارج، في عمق إيران، في اليابان، أو في إيطاليا.

عدم الارتياح يحفزه السير في الطريق، يبدو أنه في بيته أياً كان المكان، بنفس الانفصال الجمالي، والصفاء، والاستعداد، والانفتاح.

هذا الكتاب هو إعادة إصدار لعنوانين سابقيّن:

كياروستامي: الواقع، وجهيّ العملة (2001)، وكياروستامي: داخل الجدران، وخارجها (2012).

***

سينما الأسئلة، حواراتٌ مع عباس كياروستامي، أجراها جودفري شيشاير

"سينما الأسئلة، حواراتٌ مع عباس كياروستاميّ، تجمع لأول مرةٍ سلسلةً من المقابلات مع عباس كياروستامي أجراها الناقد السينمائي غودفري شيشاير في التسعينيّات.

تُركز هذه المقابلات على معظم الأفلام التي صنعها المخرج الإيراني في بداية مسيرته، نادراً ما يتمّ عرضها حتى ترميمها مؤخراً، وكذلك على الروائع التي جعلته مشهوراً في جميع أنحاء العالم، من ثلاثية كوكر (أين منزل صديقي؟، وتستمرّ الحياة، عبر أشجار الزيتون)، و"كلوز آب"، حتى "طعم الكرز"، و"الريح تأخذنا بعيداً".

يُعود هذا الكتاب، فيلماً تلوّ الآخر، إلى عمل هذا المخرج الهائل الذي يرويّ السينما العالمية بقوة إخراجه، وشعرية صورته، وكلها مزينةٌ بالصور، لتكون في نهاية المطاف درساً في السينما بحدّ ذاتها.

"سينما الأسئلة، حواراتٌ مع عباس كياروستامي"، أجراها جودفري شيشاير، ترجمة سيسيل بيجان،2021

سينماتك في ـ  28 ديسمبر 2022

* هذه المواد نشرت في جريدة التيار السودانية، بتاريخ 06.06.2021

 

>>>

15

14

13

12

11

 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004