صلاح سرميني

 
سيرة جديد مقالات ملفات
 
 
 
 

ملفات

 

>>>

15

14

13

12

11

 

كوينتين تارانتينو

كلّ واحدٍ يبحث عن سينماه

كتابة: سامي جنابة

ترجمة: صلاح سرميني

 
 
 

خلال الثمانينيّات، وبعد أن أُثيرت مراراً، وتكراراً فكرة موت السينما، فإنّ العقد التالي، سيُثبت لهذه الألسنة السيئة العكس تماماً.

 تتبدّد الكآبة، على الأقلّ جزئياً، وسوف يمرّ الفنّ السابع بالعديد من التغييرات، التجديدات، ما بعد المُنمّق (التكّلف)، ما بعد الحداثة، وتحوّل الأنواع ... 

لا يهمّ كيف نصفها، في هذا السياق الغامض، يظهر كوينتين تارانتينو كعابثٍ، متهكمٍ، ومحرضٍ مراهق.

على الرغم من تحوّله نحو الأشكال الماضية، إلاّ أنّ سينماه ستنزع فتيل أيّ حنينٍ إلى الماضي، ويختار بدلاً من ذلك نزهةً سينيفيليةً مثمرةً بشكلٍ مخيف، تمرينٌ لذيذٌ لأخذ عيناتٍ من خلالها تدع للتأمل جزءاً مهماً من تاريخ السينما العظيم (ويسترن، تشويق، فيلم دعائي، Blaxploitation(أفلام استثمار الأمريكان من أصولٍ أفريقية)، الواقعية الشعرية، ثقافة العرض المزدوج "فيلمان بثمن تذكرة واحدة"...).

 

***

 

في حفنةٍ من الأفلام، وبدقةٍ أكثر، ستة (حتى تاريخ نشر النصّ الأصلي ديسمبر 2009) - إذا اعتبرنا بالطبع فيلميّ Kill Bills  واحداً، وتجاهلنا مشاركاته في Four Rooms و Sin City كمخرج ضيف - التي تحققت بتناسقٍ كبير على مدار السبعة عشر عاماً الماضية، أصبح كوينتين تارانتينو "ملكًا" بلا منازع لسينيفيليةٍ غير قابلة للاختزال، يُظهر لنا مع كلّ قربانٍ جديدٍ (فيلمٍ جديد) أكثر فأكثر من الشره المرضيّ الذي لا يشبع، في وقتٍ تُعاني فيه السينما من نقصٍ صارخٍ في الإلهام، والموهبة الجديدة.

ـ في مايو 92، كتب تييري جوس، بعد عودته من مهرجان كان:

"ماتت السينما بموتها الجميل، لكنها بالفعل في ولادةٍ جديدةٍ كاملة على خلفية تكاثر الصور، تبدو سياسة المؤلفين بالية حتى النخاع، وهذا ليس خطيراً جداً"-

يأتي تارانتينو، وكأنه انتهازيّ إلى حدٍّ ما، ويبرز في وقتٍ مبكرٍ جداً بسبب سعة الاطلاع الاستثنائية، وخاصةً بلا حدود، إن لم يكن، كيف يمكن لنا تفسير هذه التشابهات المُؤسفة بين Reservoir

Dogs و City on Fire لرينجو لام؟

أقلّ من مسألة موهبة عن اعتقادٍ واضحٍ في فنّه، يتولى هذا الأخير عن طيب خاطرٍ مكانه وريثاً، بل وحتى ناقلاً (لكن لمن؟) لأسطورةٍ سينمائيةٍ أمريكية صحيحة (خطّ بالماـ لوكاس ـ سبيلبيرج ـ سكورسيزـ كوبولا) الذي من خلاله تعود المهمّة العظيمة لملء الفراغ المحيط.

وبتزامنٍ تامّ مع هذا الميلاد الجديد الذي توقعه جوس، مع  Reservoir Dogs، يظهر الشاب الأمريكي في أفق السينما كشخصيةٍ رمزيةٍ لسلطة ما بعد الحداثة الجديدة، مسترخياً، وصارماً في نفس الوقت، وليس بأيّ حالٍ من الأحوال واعظاً، ومع ذلك مانحاً عظيماً للدروس ...

"سينما أسلوبية"، لا يُقاوم أيّ شيءٍ (ثقافة الجونك، والموسيقى، والتاريخ، والتلفزيون ...) ولا أيّ نوع (فيلم إثارة/بولار، ويسترن، فيلم حربي، كونغ فو)، يقود تارانتينو حياته المهنية كمخرج أفلامٍ مثل نزهةٍ رائعة، ملونةٌ بالمراجع، والغمزات/الإحالات، والتداخلات المُركبة (مع شخصية إيرل ماكجرو على وجه الخصوص).

فيلموجرافيا قوية - كي لا نقول مُدوّخة – محددة من أجل منطقةٍ واحدة الكيان/الجسد السينمائي

(Kill Bill، Death Proof، Inglourious Basterds).

ولكن، مثل أيّ نزهةٍ محترمة، يسبقنا صوتٌ يمكن التعرّف عليه بسهولة، يحدد المسار الذي يجب اتباعه.

السينما التارانتونية ليست استثناءً، دعونا نعزو هذا رُبما إلى المُعجزة، ومع ذلك، فإن شعبية تارانتينو ستُصحح وجهة نظرٍ معينة شائعة عن هوليوود، وهو إعادة تموضعٍ/تغييرٍ يقودنا إلى الاعتقاد بأنه لا يزال هناك بالفعل عددٌ قليل من صانعي الأفلام الشباب (كم؟ مان، جارموش، فان سانت، بورتون، الأخوين كوين، جرايّ، سودربرج، ..) يمتلكون السلطة اللازمة للتحدّث بصيغة المتكلم.

هل يجب أن نتفاجأ حقاً عند رؤية Reservoir Dogs مرةً أخرى؟

على شاشةٍ سوداء، يبدأ الفيلم بصوت تارانتينو، وليس أيّ صوت، في شخصية السيد براون، موضحاً نظريته حول المعنى الخفيّ لأغنية مادونا (Like a Virgin).

كمشهدٍ افتتاحيّ، من الصعب القيام بإنجازٍ أفضل من ذلك، كعملٍ أولٍ لصانع أفلام، بينما نسبح وسط جوّ عصاباتيّ؛ يحدد تارانتينو، من اللقطة الأولى، منطقته التي تُهيمن عليها فلسفات الشباب (مناقشة البقشيش)، والمظاهر، والإيماءات اليومية، والصدى المُدويّ للموسيقى -تلك اللغة التي يتمّ الاحتفال بها بمرح، والتي استشهد بها عنده.

منذ البداية، سيُثبت المخرج المُبتدئ أنه كاتب حوارٍ جيدٍ، وحيويةٍ مثيرة.

هو يعترف:

"أحبّ رقصة اللغة، أحبّ تأرجح الكلمات".

الكلمات عنده ملوّنة ("I am a little touché")، إيقاعيةٌ، وبها حمّى موسيقية جميلة

 (" Am I scaring you ?/ Yes / Is it my scar ?/ No it’s your car..").

حجر الأساس لسينماه، هذه الكلمات، هذا الفعل المُفرط نادرٌ للغاية بين المخرجين الأمريكيين، يحتل مكاناً أساسياً في تتابع قصصه (هذا التشويق الكامن في المشهد الافتتاحي لـ Basterds).

أليس هذا كلّ ما يدور حوله الأمر مرةً أخرى في إطلاق النار في نهاية Reservoir Dogs ، وهو إثباتُ مخفيّ بشكلٍ رفيع لأسلوب John Woo، ولكن بتكلفٍ أسلوبيّ أقلّ؟ تمّ استدعاءهم للتفسير، وإلقاء بعض الضوء على مأزق سرقتهم الفاشلة، سوف يُماطل الأبطال بتهديداتٍ قاتلة حتى يندفع نايس إيدي، خلال سيل كلماته، ويضغط على الزناد.

يمكن أيضا تسجيل مثل هذه النهاية المُفاجئة، من خلال هذا الفائض، الانفجار تقريباً، للكلام على الفعل/الحدث، في أحد فصول Pulp Fiction، الفصل الذي قتلَ فيه فينسنت ميرفين عن طريق الخطأ.

تلعب الكلمة المنحرفة من محيطها دوراً مهماً بنفس القدر في خاتمة Kill Bill، خلال هذا المشهد الذي لا يُنسى حيث تتبادل بياتريكس، وبيل الكلمات معاً، "يسحبان" حواراتهما مثل تبادل إطلاق النار في أفلام الوسترن.

من خلال براعة سينماه، والخفة الواضحة لمعالجته السردية، رسّخ تارانتينو نفسه كمُستكشفٍ ثمين، وعنيدٍ للحدود.

من خلال هذه الرغبة الشديدة في قلب المنطق العارم كله، لإحباط ما يُسمّى بالأشكال التقليدية للحكاية، يلاحق حالات التألق (مذبحة مثل Kill Bill، تكريماً للأفلام اليابانية)، حيّل الإخراج (حالة حقيبة النقود منظمة من ثلاث وجهات نظرٍ مختلفة في Jackie Brown ، وتدمير الطابع الرسمي التاريخي في Basterds)، والألعاب المنحرفة (مثل ذلك المشهد الطويل غير المُعتاد في نفس الفيلم، حيث يبدأ الجنود الألمان في لعبةٍ من نوع "من أنا؟") في مزيجٍ مفترضٍ من الصرامة، والمرح ...

سيكون من السهل علينا الإعجاب به، لأنه متقدمٌ على الجميع، وكما مُثله الأعلى سام فولر، أو جان لوك جودار، يشعر بأنه حرٌّ تماماً بأن يقفز، وينتهك كما يحلو له.

علاوةً على ذلك، وبالفعل، يظهر هذا الانتهاك ببراعةٍ في الفيلم الناجح Reservoir Dogs، وهي حكايةُ مبسّطة تتطابق تماماً مع رموز فيلم الإثارة/بولار (أو فيلم السرقة)، ولكن، مع اختلافٍ صغير، وهو قراره بعدم إظهار السرقة، فكرة الفيلم نفسها، وبصرف النظر عن اللجوء إلى بعض مقتطفاتٍ من المعلومات حول السرقة، حيث يتولى الصوت السرد، يُفضّل تارانتينو، بدلاً من ذلك، اختطاف هذا "القيد" الدراميّ، مما يُجبر المُشاهد على التفكير، والمُشاركة الفعالة...

وكما ستشهد أفلامه اللاحقة، تتولد المتعة، بالنسبة له، من خلال الطاقة التفكيرية (واضحة جداً في Basterds)، والقوة الحسيّة للصورة، والتجزئة الزمنية (التي لا ندركها دائماً من البداية، كما هو الحال في Pulp Fiction)، والأنظمة المصقولة في إنشاء مسافة (مشهد قطع الأذن بعنفٍ لامعقول مصحوبة بألحانٍ جميلة لـ Stuck in the Middle with You).

على مرّ السنين، تحوّل تارانتينو إلى مفسرٍ شارحٍ -عالم آثار لسينيفيليةٍ قديمةٍ تقريباً (الإحياء الفيلمي للولع تجاه ترافولتا، وديفيد كارادين، وروبرت فورستر، وبام جرير المرغوبة للغاية، المُشار إليها بالفعل في عناوين فيلم Reservoir Dogs)، كفاءةٌ يصبح من خلالها التنويه لا ينفصل عن التعبير الشخصي.

من أجل شرح حوارٍ جوداري بحتّ، عنده نلعب معه دائماً في السينما، سواء كانت عودة ظهور، على سبيل المثال، لمخرجٍ مثل مونتي هيلمان، المثل الأعلى المُوقر، الذي سيقدم له المخرج الناشئ مشاركةً كمنتج في Reservoir Dogs، وتكريماً جميلا في Basterds، فليكن تمزيقاً إلى أشلاءٍ للأنواع في عمله، أو ما إذا كان تقديسه الذي لا يمكن دحضه لجودار إلى درجة تسمية شركة إنتاجه Bande à part ، فإن السينما تحكم حياة صانع الفيلم دون قيدٍ، أو شرط، لذلك، فقد كان بالفعل يبشر بفضائله منذ سبعة عشر عاماً، كمثاليّ نهائي! هذا الفن أكبر، وأقوى من أيّ شيء (حتى التاريخ) في نظر المخرج، وهناك شيءٌ يتحرك في هذا الأمر تقريباً، في هذا الصدد، سيكون Inglourious Basterds أكثر براهينه/إثباتاته اكتمالاً، وتأثيراً حتى الآن:

«سوف أنجز فيلماً عن الحرب العالمية الثانية، وينتهي بي المطاف بكتابة رسالة حبٍّ إلى السينما! ».

Gnaba, S. (2009). Quentin Tarantino : chacun cherche son cinéma. Séquences, (263), 15–16.

 

المصدر

Gnaba, S.  (2009)، "كوينتين تارانتينو: كلّ واحدٍ يبحث عن سينماه "مجلة Séquences ،

(263 العدد )، 15–16.

استعداد ا لأكبر تظاهرة سينمائية في العالم العربي

مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي

يُطلق جوائز اليُسر ويفتح باب المشاركة في برنامجه لعام 2021

باب المشاركة مفتوح للأفلام العربية والآسيوية والإفريقية للتنافس على جوائز اليُسر.

يضم البرنامج 11 قسم ا للأفلام العالمية والعربية المعاصرة، والأفلام السعودية الطويلة والقصيرة والتجريبية، وروائع السينما

الكلاسيكية، إضافة إلى إبداعات مستقبلية من أعمال الواقع الافتراضي والواقع المعزز والسينما التفاعلية.

19 مايو 2021 ، جدة، المملكة العربية السعودية

أعلن مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي عن فتح باب تقديم الطلبات للمشاركة في برنامج دورته الافتتاحية التي ستقام من 11 إلى 20

نوفمبر المقبل، حيث تُقبل طلبات الأفلام الآسيوية والإفريقية، بما فيها الأفلام العربية ابتدا ء من 18 مايو الجاري وحتى 18 أغسطس 2021 .

وقد وجّه المهرجان الدعوة للمواهب الصاعدة إضافة إلى المخرجين من أصحاب الخبرات والأسماء المعروفة من آسيا وإفريقيا والعالم العربي

لتقديم طلبات المشاركة في مسابقة البحر الأحمر، ومسابقة الفيلم القصير، إضافة إلى المواهب السعودية التي يمكنها المشاركة أيض ا في برنامجي

سينما سعودية جديدة، وتجريب. هذا وستقوم لجنة مختصة بمراجعة طلبات المشاركة، إضافة إلى اختيار الأفلام التي تُعرض ضمن الأقسام السبعة

الأخرى في البرنامج. وقد أكّد المهرجان على سعيه لدعم وتعزيز الحراك السينمائي، والاحتفال بأهم إبداعات السينما من جميع أنحاء العالم،

ليكون أهم وأكبر تظاهرة سينمائية عربية، ووجهة المبدعين من السعودية والمنطقة، إضافة إلى المخرجين الآسيويين والإفريقيين، وبقية الإبداعات

السينمائية العالمية.

ومن المقرر أن تستضيف المدينة التاريخية بجدة، والتي تم تصنيفها تراث ا إنساني ا عالمي ا وفق اليونسكو، الدورة الافتتاحية لمهرجان البحر الأحمر

السينمائي الدولي في نوفمبر 2021 . ويسعى المهرجان إلى تنظيم أنشطة فعلية تجمع عشّاق الأفلام والسينمائيين وأقطاب صناعة السينما العالمية،

للاحتفاء بالحياة ما بعد الجائحة التي أدت إلى تأجيل دورته الأولى من مارس 2020 . ويُعتبر المهرجان منصة حيوية هامّة لتقوية الروابط

الإبداعية بين السعودية وبقية أنحاء العالم، من خلال برنامج يضم باقة من أفضل إنتاجات السينما العالمية، والروائع الكلاسيكية، والأفلام العربية

المعاصرة، إضافة البرامج الاحترافية المتعلقة بصناعة السينمائية.

وقد كشف المهرجان مؤخر ا عن تفاصيل برنامجه الذي يضم 11 قسم ا يعرض أعمالا عالمية وعربية معاصرة، وأفلام ا سعودية طويلة وقصيرة

وتجريبية، وروائع السينما الكلاسيكية، إضافة إلى إبداعات مستقبلية من أعمال الواقع الافتراضي والواقع المعزز والسينما التفاعلية.

بوليوود، والآخرون:

رحلةُ إلى قلب السينما الهندية

1896: بومباي، نظمّ الاخوان لوميير أول عرضٍ أفلامٍ في الهند .

1913: أخرج داداساهب فالك أول فيلمٍ روائي هندي.

2011: أصبحت الهند، مع 1000 فيلم سنوياً، المنتج السينمائي الرائد في العالم، حيث تُسبّب نجومها في أعمال شغبٍ من بومباي إلى لندن، ومن من لوس أنجلوس إلى طوكيو.

لم نتحدث كثيراً عن السينما الهندية، لكن، ماذا نعرف عنها حقاً؟

لماذا نرى القليل من القبلات المتبادلة؟

كيف يستلهم المخرجون الهنود من الأميرة سيتا لتخيّل بطلاتٍ يتمتعنّ بالقوة، والصراحة في نفس الوقت؟ لماذا لم يذهب غاندي إلى السينما مطلقاً؟

ما هي القواعد الأساسية لفيلم بوليوود؟

ما هي فرصها في مواجهة إنتاج صُنع في هوليوود؟ ...

أسئلةٌ كثيرةٌ نجد إجاباتها في هذا الكتاب المُخصص لقرنٍ من السينما الهندية، دليلٌ، وكتابٌ جميلٌ، غنيّ بالصور، والرسوم التوضيحية الأصلية.

من دلهي إلى بومباي، ومن بنغالور إلى تشيناي، ومن ساتياجيت راي إلى شاروخان، ومن الكوميديا الموسيقية إلى اللوحات الجدارية التاريخية الواسعة، تُعدّ "بوليوود، والآخرون" مرجعاً لا غنى عنه في وقتٍ تتجه فيه كلّ الأنظار إلى مآثر أكبر ديمقراطية في العالم.

بوليوود، والآخرون: رحلةٌ إلى قلب السينما الهندية.

أوفيلي ويل (المؤلف)، صدر باللغة الفرنسية في 13 أكتوبر 2011

سينماتك في ـ  27 ديسمبر 2022

* هذه المواد نشرت في جريدة التيار السودانية، بتاريخ 27.05.2021

 

>>>

15

14

13

12

11

 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004