صلاح سرميني

 
سيرة جديد مقالات ملفات
 
 
 
 

ملفات

 

>>>

15

14

13

12

11

 

النبش في اللقطات

"شاطئ الأسرار" نموذجاً

كتابة: صلاح سرميني/ باريس

 
 
 

"شاطئ الأسرار"، إخراج عاطف سالم، وإنتاج عام 1958، يرتكزُ هذا الفيلم الجماهيريّ التشويقيّ على آلياتٍ متعددة من الخداع، سواء في التركيبة السردية للأحداث، وما تُظهره، وما تُخفيه، أو العناصر الإخراجية المُتوفرّة، والمُتضافرة مع السيناريو المُعتنى به إلاّ قليلاً.

ـ آليات خداعٍ عن طريق الكتابة الدرامية.

ـ آليات خداعٍ عن طريق العناصر الإخراجية.

ومنذ اللقطات الأولى، يدور المتفرج في حالاتٍ من الخداع حول جريمة قتل عادل (محمود عزمي) من المُفترض أنّ ممدوح (عمر الشريف) مُرتكبها لصالح عصابة تهريب المخدرات التي ينتمي لها.

ومنذ اللقطات الأولى أيضاً، تقع عليّة أخت عادل (ماجدة) في دائرة الخداع هذه: من هو ممدوح زوجها، ومن قتل أخيها؟

ولا يتوقف الخداع عند هذا الحدّ، بدورها، الراقصة سنية (تحية كاريوكا) تعيش حالةً من الخداع، وهي عشيقة الأخّ المقتول عادل.

أفراد العصابة التي ينتمي إليها ممدوح هم أيضاً متورطون بدون علمهم في مصيدة الخداع.

كلّ الشخصيات غارقة في شبكة الخداع هذه التي خطّط لها السيناريو، أو بالأحرى ممدوح نفسه .. حتى الدقائق العشرة الأخيرة.

هنا أحد آلياته، المشاهد الأولى من الفيلم:

* في الصورة رقم واحد، لا مجال للشكّ بأنّ ممدوح (عمر الشريف) قد أطلق الرصاص على رجلٍ سوف نعرف لاحقاً بأنه عادل (محمود عزمي) صديقه المُقرّب، شخصيةٌ سوف تصبح محورية في الفيلم على الرغم من غيابها شبه التامّ.

* في الصورة رقم 2، سوف نشاهد ممدوح يدخل منزلاً (منزل عادل) من الواضح بأنه ليس منزله، ولكن، من الواضح أيضاً، بأنه يعرف تفاصيله، وبدل أن تلاحقه الكاميرا عن قربٍ، فإنها تتابعه من خلف جدارٍ في حركة بانورامية، وتمرّ مروراً لحظياً على صورةٍ معلقة على الجدار، ولم يكن هذا الاختيار السينمائي صدفةً.

* يحرق ممدوح بعص الأوراق فوق مكتب عادل، وكأنه يتخلص من وثائق ما، وهنا تأكيدٌ آخر بأنه القاتل.

* بعد أن تصل علية (ماجدة) إلى بور سعيد، وتبحث عن أخيها عادل المُختفي، يضع لها ممدوح مفتاح بيت أخيها في علبة البريد، تدخل علية إلى البيت، وتتوجه مباشرةً نحو المكتب حيث وضع أخيها عادل صورتها، وللمرة الثانية، تتابعها الكاميرا في حركةٍ بانورامية من خلف الجدار حيث الصورة المُعلقة لأخيها، والتي نراها الآن بوضوح أكثر، وعندما تعود إليها كي تتمّعنها، نعرف بأن صاحب الصورة هو أخيها عادل، والذي لا تعرف شيئاً عن مقتله إلاّ بعد أحداثٍ، وملابساتٍ كثيرة لاحقة، ويظلّ المتفرج مقتنعاً بأن ممدوح هو القاتل.

* في هذه الدقائق العشرة الأولى، يعتقد المتفرج بأنّ ممدوح هو نفسه أخيها عادل الذي تبحث عنه، ولا نفهم لماذا يتهرّب من اللقاء بها.

هذه الإشارات/الاستخدامات سينمائية: حركة الكاميرا، زوايا الكاميرا، الإضاءة، المونتاج، التأثيرات الصوتية .. يمكن أن تمرّ بدون أن ينتبه لها المتفرج المُتابع للحكاية، ولا الناقد الإنشائيّ الذي يصبح أهمّ ما سوف يشغله في الكتابة وصف المشهد كهذا: بعد أن أطلق ممدوح الرصاص على عادل، توجه إلى بيت المقتول، وأحرق بعض الأوراق...إلخ.

وإذا لم يجد المتفرج في الثقافة السينمائية العربية غير هذا النوع من الكتابات، سوف يتعوّد عليها، وتصبح بالنسبة له مقياساً للنقد، وعندما يقرأ لناقدٍ آخر ينبش في ثنايا اللقطات، سوف ينفر فوراً، ويعود إلى الناقد الإنشائيّ، أو بالأحرى إلى حكواتي السينما، إن لم نقلّ الجدة التي تحكي الحكايات.

ثلاثيّات سينمائية {4}

حسن علاء الدين/القاهرة

"ثلاثيّات سينمائية" سلسلةٌ تهتمّ بعرض ثلاثيّات الأفلام لشتى المخرجين من جميع أنحاء العالم، إنّ كلّ ثلاثيةٍ لمخرجٍ تُعبّر عن رؤية صاحبها لما يدور حوله، موضوعٌ يؤرقه، فيسعى للتعبير عنه، فالبعض يهتمّ برصد الحرب، والآخر بالإنسان، وأحدهم يناقش الإيمان، والأخير بدوره يلجّ غي عوالم لم يسبق لأحدٍ غيره أن ولجها، ولذلك، فأكثر ما يُميز هذه الثلاثيّات أنّ كلٍّ منها يناقش قضيةً، موضوعاً، فكرةً طائشة رُبما، وأحياناً يحرك الفنان مجرد الرغبة في التعبير.

 

ثلاثية الشقة - رومان بولانسكي

§      Repulsion (1965)

·      Rosemary's Baby (1968)

·      The Tenant (1976)

ترصد ثلاثة رحلاتٍ لأشخاصٍ يبحثون بدورهم عن سكن، إنّ السكن، أو الشقة هي دوماً انعكاسٌ لذواتهم، مرضهم النفسي، هواجسهم، فتصبح رحلة البحث عن سكنٍ، والاستقرار هي غوص صاحبها في ذاته، هي رحلات يغلب عليها التيه، والرعب، يعاني أصحابها من البارانويا، الوساوس القهرية، ويذوب الفارق في النهاية بين الواقع، والحلم، لتصبح الحياة نفسها أشبه بكابوس، فهل الحياة هي نفسها ذلك الكابوس، أم تلك العوالم هي أحلام لمجانين؟

وبلا شكّ، فإنّ ثلاثية الشقة لبولانسكي هي من أفضل تجارب الرعب النفسي.

 

ثلاثية Before-  ريتشارد لينكلاتر

·      Before sunrise (1995)

·      Before sunset (2004)

·      Before midnight (2013)

تُعدُ هذه الثلاثية رثاء للحبّ المفقود في عالمنا المعاصر، يرصده ليكنلاتر على مدار ثلاثين عاماً في حياة شخصين، فيُشبّه الحياة كلها بيومٍ واحدٍ من بدايته، وحتى منتصف ليله، ويُشبّه الحب بالشمس التي تبزغ، ورحيله هو بمثابة رحيل الضوء، والبريق، فيرحل الحب في هدوءٍ، وخفةٍ مثلما أتى، ما يُميّز تلك الثلاثية هو بساطتها، فهي تبتعد عن الأزمات، والصراعات الكبرى، وترى أنّ الحب يتجرد من صراعاته السطحية ونمطياته، فهنالك ما هو أعمق، وأكبر أثراً، وهو الزمن.

 

ثلاثية الدولارات - سيرجي ليوني

·      A Fistful of Dollars (1964)

·      For a Few Dollars More (1965)

§      The Good, the Bad and the Ugly (1966)

حتى لو لم تكن من محبيّ نوع الويسترن، فسيرجي ليوني، وهو رائدٌ من روّاد تلك التيمة يجذبك لمُشاهدتها، بأسلوبه المُشوّق، وكاميرته التي ترصد هؤلاء الرجال، عيونهم الضيقة، ومسدساتهم، ليسوا أبطالاً، وإنما سعوا للمجد، والثروة، معضلات أخلاقية تتناولها تلك التجارب مع جرعةٍ عاليةٍ من الإثارة لتصبح تلك الثلاثية من كلاسيكيات السينما، ومن علامات سينما الويسترن الأمريكية. 

 

ثلاثية الاكتئاب -لارس فون تراير

·      Antichrist (2009)

·      Melancholia (2011)

·      Nymphomaniac (2013)

عُرف عن تراير قسوة سينماه، تطرّفها، هو من بدأ بالدوجما، ولم يستطع مسايرة قوانينها الصارمة، هو من أعنف المعاصرين، وأكثرهم إثارةً للجدل، في تلك الثلاثية يجعل تراير من الجنس سبيلاً لتعريف الإنسان، حيث يرى أن الجنس هو من يظهر أعمق أماكن الإنسان ظلاماً، وأشدّ رغباته تطرفاً، يُعريه، ويكشفه أمام ذاته، إنّ تراير يسعى لتخليص أبطاله المعذبين، ويعي جيداً صعوبة الوصول إلى ذاك الخلاص، وبالتأكيد، فإن ثلاثية تراير هي من أشدّ التجارب سوداوية، وقتامةً في رصدها للإنسان، وعالمه المحيط.

 

ثلاثية الماونتي بايثون-  تيري جونز

§      Monty Python and the Holy Grail (1975)

§      Monty Python's Life of Brian (1979)

·      Monty Python's The Meaning of Life (1983)

ذاع صيت فرقة الماونتي بايثون في بداية سبعينيّات القرن الماضي، لتلتفت الانظار لهم فيما بعد، وتبعاً لرواجهم، وإعجاب الجمهور بهم، يتبنى المخرج الأمريكي تيري جونز تقديم تجارب سينمائية لهم بعد نجاح عروضهم الكوميدية المُتلفزة، كانت كوميديا الماونتي بايثون مبتكرة، وليست حتى كوميديا مبتذلة، بل هي في الأصل ناقمة على المجتمع، والسياسيين، وقادة العالم، وكل ما يعتري المجتمع الحديث من فوضى، وعبث، كل ذلك يعرضه المخرج تيري جونز بطريقةٍ كوميدية ساخرة، وبنزعةٍ وجودية في الأصل، وكأن الماونتي بايثون هم أطفال، أبطال الحكايا الخيالية، وهم في طريقهم للبحث عن الحقيقة.

خوف، سيرة ذاتية

يتذكر داريو أرجنتو مخرج أفلام الرعب حياته الخاصة، ولقائه بشبحٍ، ومسيرته الفنية، وبداياته في النقد السينمائي، يستحضر علاقاته مع المخرجيّن برناردو برتولوتشي، وسيرجي ليوني، وميوله لأفلام فريتز لانج، وألفريد هيتشكوك، أو الموجة الجديدة.

يروي أيضاً قصة انغماسه في سينما النوع، ولا سيما الـ (Giallo) الجيالو الذي جدد رموزه.

كتب في الغلاف الخلفي للكتاب:

"اسمي داريو أرجينتو، وُلدتُ في روما، في 197 ، شارع تريتون، في هذا العنوان كان هناك استوديو لوكساردو، وهو استوديو تصوير مهمّ، حيث عملت والدتي إلدا، عاش هناك أيضاً مالكي، ومؤسّسي هذه الشركة المرموقة، ألفريدو، ومارجريتا، أجدادي.

في الثلاثينيّات، والأربعينيات من القرن الماضي، كان نجوم المسرح، والسينما، وأبطال الرياضة، والمثقفون، والفنانون، يتزاحمون للتصوير عندنا.

كان البورتريه الذي يصوره الاستوديو علامةً على التميّز، لذلك، وُلدت في دائرة الضوء"

 

·      "خوف: سيرة ذاتية"، داريو أرجنتو، ترجمه إلى الفرنسية: بيانكا كونكولينو مانشيني أبرام، بول أبرام، سنة الإصدار 2018، 357 صفحة.

إصداراتٌ جديدة

أربعةٌ من أفلام المخرج الفرنسيّ آلان مازار

أحدث إصدار DVDلشركة Re:Voir المُتخصصة بالأفلام التجريبية، يتضمّن أربعةٌ من أفلام المخرج الفرنسي آلان مازار، يرافقه كتيّبٌ من 48 صفحة كتبته السينمائية، والباحثة الفرنسية فريدريك دوفو.

عن فيلم Le Jardin des âges (حديقة الأعمار) كتب الناقد السينمائي الفرنسي لويّ سكوريكي:

هناك شيءٌ شخصيّ غير عاديّ يسيطر على كلّ هذا، طموحٌ مجنون، كولاجاتٌ وحشية، هوسٌ غير عاديّ إلى حدّ أنه يُربك بدون ثانية من الراحة، بما في ذلك في تكراره الجهنمي.

 ملخص: في الضواحي الباريسية يقوم آيزنشتاين بعمل نسخةٍ جديدة فرنسية/صينية من فيلم "الفراولة البرية"  لأنغمار برجمان.

كما كتب الصحفي الفرنسي جان جاك برنار عن فيلم  Rouges Silences(الصمت الأحمر):

هذا فيلمٌ خلابٌ، أولاً من خلال إيقاع الصور، المسح المرئيّ، الصارم للغاية، التأطير، الضوء، ادارة الممثلين، باختصار، تركيز العناصر السينمائية التي توجد قبل كلّ شيء لتحقيق الكفاءة، لكن ليست تلك الكفاءة السردية التي تُشرّبنا إياها السينما الأمريكية، بل هي كفاءةٌ احترافيةٌ تمنح كلّ لقطة ديناميكيةً، وقوةً، ونيةً ناجحة، هنا، يتمّ تضخيم رموز الفانتازيا، وإبعادها عن طريق التشكيل التعبيري الذي رُبما لأول مرة في التعبيرية يأخذ الفكاهة في الاعتبار، بعض اللقطات المُقربة جدًا للزهور، والحشرات تجعل المرء يفكر في نثر روجيه كاييّوا الذي لم أكن أعرف حتى الآن ما يُعادله في السينما. هناك حركةُ مزدوجةُ في هذا الفيلم، في نفس الوقت، نوع من ضبط النفس، والشره المرضيّ، جنون التصوير، رُبما هذا هو ما يزعجنا بشكلٍ أساسيّ، ويأخذنا إلى طريقةٍ في رؤيةٍ غير معروفة لنا، هذا فيلم يأخذ في الاعتبار تراثًاً تشكيلياً، وروائياً كاملاً، ويمرره عبر الخلاط بأسلوبٍ شخصيّ رهيب.

الأفلام

ROUGES SILENCES 1978 

LE JARDIN DES AGES 1982 

VISAGES PERDUS 1983 

ACTUS 1984 

Métacinéma - Metacinema

Metacinema ، هي أيضاً،  Méta-Cinéma  تشبه ما وراء الخيال (القصّ) في الأدب، هي إخراجٌ سينمائيّ يُخبر فيه الفيلم الجمهور أنه يشاهد عملاً من أعمال الخيال (عملٌ روائيّ).

غالباً ما تشير Metacinema إلى إنتاجها الخاص، وتعمل ضدّ الأعراف السردية التي تهدف إلى إبقاء عدم تصديق الجمهور معلقاً (1)

تتضمّن عناصر Metacinema مشاهد حيث تناقش الشخصيات صُنع الفيلم، أو حيث يتمّ عرض معدات الإنتاج، والمرافق.

التاريخ

تعود أمثلة الميتاسينما إلى الأيام الأولى لصناعة الأفلام الروائية، في الأربعينيّات من القرن الماضي، أظهرت الكوميديات الموسيقية، والكوميديا وراء الكواليس مثل:

 Road to Singapore/Victor Schertzinger/1940

 Hellzapoppin/HC Potter /1941

رواجاً لاستكشاف وسيط الفيلم جنباً إلى جنب مع تلاشي قبضة احتكار استوديوهات هوليوود، مما ترك مساحةً أكبر للفحص الذاتي الإبداعي(2).

 

يمكن التعرف على الميتاسينيما في السينما الفنية في الستينيّات مثل:

 8½ (Federico Fellini ، 1963

 The Passion of Anna (Ingmar Bergman ، 1969

 

وغالباً ما يمكن العثور عليها في سينما التفكير الذاتيّ للموجة الجديدة في أفلام مثل:

 

 Le Mépris (Jean-Luc Godard ، 1963)

 Day for Night (François Truffaut ، 1973)(3)

 

تستمر Metacinema في الازدهار في الأفلام الفنية، والكوميديا، حيث يتمّ تشجيع التجريب مع النمطيات السردية (4).

سينماتك في ـ  27 ديسمبر 2022

* هذه المواد نشرت في جريدة التيار السودانية، بتاريخ 22.05.2021

 

>>>

15

14

13

12

11

 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004