شعار الموقع (Our Logo)

 

 

ابواب الابداع مشرعة الان بعدما اغلقتها الانظمة الدكتاتورية التي حكمت هذه البلاد العظيمة التي انتجت المبدعين والعباقرة.

اليوم نطرق بابا لاحد مبدعي السينما العراقية الا وهو الفنان السينمائي قاسم حول ويذكر ان هذا الفنان قد غادر العراق في المرة الأولى عام 1970 بعد تجربته في تأسيس أفلام اليوم في العراق  وفيلم الحارس وفرقة مسرح اليوم ومجلة السينما اليوم، كان قد عاد إلى العراق عام 1975 وأخرج فيلم (الأهوار) وفيلم (بيوت في ذلك الزقاق) ثم غادر العراق ثانية ولا يزال يعيش خارج العراق. خلال فترة تواجده في المنفى (وهو يعتبر تعبير المنفى مجازيا ويعتبر العراق هو المنفى أبان فترة الحكم الدكتاتوري) خلال فترته تلك أخرج العديد من الأفلام الوثائقية والروائية وحاز على جوائز عالمية منها جائزة ذهبية وجائزتين فضيتين أصدر مؤلفات في القصة والمسرحية والرواية السينمائية وكتابين عن السينما وسيصدر له كتاب جديد بعنوان)تليسينما) أختير عضوا في لجان تحكيم سينمائية دولية وعربية وكان رئيسا للجنة التحكيم في مهرجان أتيودا في بولندا هذا العام. يعمل الآن على إخراج فيلم روائي جديد يحمل إسم ( المغني ) بدعم من قناة الآرتي الفرنسية وبعض المؤسسات السينمائية والتلفزيونية في العالم. وهو يقوم الآن بالتحضير لتصوير الفيلم ويختار مواقع تصويره إلتقيناه في هذا الحوار:

·     قاسم حول من الكوادر المتميزة في السينما العراقية، وعرف بأطروحاته المشاكسة في فيلمي الأهوار وبيوت في ذلك الزقاق، ماهي السينما التي يعملها قاسم حول الآن ؟

أنا الآن بصدد تصوير فيلمي الروائي الجديد ( المغني ) أكثر من ثمانين بالمائة من أحداثه تدور في قصر أي ما نطلق عليه التصوير الداخلي. فأنا أما سأختار قصرا لو توفرت مواصفاته أو أن أبني قصرا داخل بلاتو. أما المشاهد الخارجية فهي في شوارع ممكن أن تكون بغداد أو أية مدينة عربية.

·         وما هو موضوع الفيلم .. هل هو عراقي؟

الموضوع يمكن القول أنه عراقي، فهو مستوحى من العراق ومن الأحداث التي تعرض لها العراق خلال حقبة النظام الدكتاتوري، وكنت كتبت القصة قبل بضع سنوات، واليوم يبدو لي وللشركة الفرنسية المنتجة أن الوقت مناسب لإنتاج الفيلم .. والوقت المناسب لا يتعلق بحال العراق الذي هو الآن في دائرة الضوء عالميا، لا أقصد أن الأحداث ستتيح فرصة تجارية للفيلم، ولكن الحصار الذي كان مفروضا على المثقف العراقي الذي هو غير الحصار الإقتصادي، هذا الحصار قد زال عربيا وعالميا بزوال النظام السابق وإمتدادته السياسية والنفعية التي شكلت حصارا على الثقافة العراقية وعلى المثقفين العراقيين بالضرورة.

·         هل يجسد الفيلم شخصية دكتاتورية مفترضة أم لطاغية العراق ودكتاتوريته حصة فيه؟

فكرة الفيلم هي مضمون وشكل الدكتاتور. سوف لا أتحدث عن شخصية صدام حسين، ولا أريد محاكمته سينمائيا فإن إسمه لم يرد في الفيلم نهائيا، ومع أنني أحد ضحاياه، فإنني ثقافيا أكبر من هذه المجابهة. صدام حسين سيموت قبل محاكمته على الأغلب وستطوى صفحته ويصبح في متحف يقدم الدروس عن الظلم الذي قال عنه إبن خلدون في مقدمته ( الظلم يؤذن بخراب البنيان ويؤدي إلى فساد النوع ) ولكن فكرة الدكتاتورية هي فكرة بقدر ما هي تراجيدية ومدمرة على المستوى الإنساني فهي أيضا مدعاة للسخرية والضحك يمكن أن ننتج عنها لونا من الكوميديا السوداء. لقد أسدل الستار على الفصل الأول من المسرحية القائمة في العراق والمنطقة وبدأ الفصل الثاني منها. شخصوص جديدة وأحداث جديدة متروكة لسينمائيين جدد غيري!

·         إذاَ الفيلم هو كوميديا سوداء عن طاغية العراق بشكل أو بآخر؟

لا أبدا .. الفيلم هو عن مغني. والمغني هو الذي يكشف لنا فكرة الدكتاتورية. أنا مدين كثيرا لصدام حسين فهو الذي أوحى لي بفكرة الفيلم ولذلك فأنا أغفر له ما عمله بي وأتنازل عن حقي الشخصي في محاكمته مقابل ما قدمه لي من خدمة في كشف فكرة الدكتاتور الممتعة، فكيف لي أن أكتب وأخرج فيلما عن الدكتاتور لو لم يكن صدام حسين موجودا. صحيح أن الثمن الذي دفعه الشعب العراقي والإنسانية هو ثمن باهض ولا يجوز أن نقبله لكي نربح فيلما سينمائيا فهذه الفكرة تبدو عبثية جدا ولكن الدرس الذي سوف تتعلمه البشرية من الفيلم سيساعد على تفويت الفرصة على أي دكتاتور قادم يريد أن يعبث بمصير البشر أكثر. هذا الفيلم سيعطي درسا أكثر مما أعطاه دكتاتور شابلن عن هتلر، لا أقصد القيمة الفنية لفيلم المغني مقارنة بدكتاتور شابلن، ولكن القيمة الهزلية المدمرة بسبب الدكتاتور. بمعنى إن شخصية صدام المضحكة والمدمرة هي أكثر تدميرا وإضحاكا من شخصية هتلر.

·         ومن هم ممثلو الفيلم ؟

عراقيون وعرب وإثنان من أسبانيا.

·         ومن هو المغني؟

الحديث عنه سابق لأوانه.

·         هل في النية إقامة مشروع سينمائي عند عودتك للوطن الحبيب بعدما غربوك عنه مدة طويلة؟

غربوني ولا زلت مغتربا!! هذا الموضوع لا أريد الإسترسال فيه، فكل الذي أتمناه لوطني أن يخرج من المحنة معافى وتزول من سمائه ومائه وأرضه الملوثات الكيمياوية وغير الكيمياوية وأنا أشعر أن العراق اليوم بحاجة إلى العلماء أكثر من حاجته إلى المثقفين. أما فكرة مشروع سينمائي فأنا حقيقة لا يحق لي أن أتحدث بإسم السينمائيين العراقيين، فهم الذين عاشوا وعانوا من الظلم أكثر مما عانيت، فلا يحق لي من موقع الإسترخاء والدلال أن أقدم درسا لا معنى له. وإذا كان يحق لي أن أقول كلمة فهي نصيحة يمكن أن يؤخذ بها ويمكن أن ترمى في سلة المهملات وهي أن السينما العراقية تحتاج إلى قانون للسينما أولا وقبل كل شيء والمتبقي هو التفاصيل والقدرة على الإنجاز. أن يرسم القانون حلم السينمائيين في العراق ومهام وزارة الثقافة كجهة غير منتجة للثقافة بشكل عام وللثقافة السينمائية بشكل خاص، كجهة داعمة للثقافة وليست منتجة لها كأن تنشئ مدينة السينما، والمكتبة السينمائية و المكتبة الأرشيفية والمتاحف وإلى آخره وأن تضع أسسا قانونية لدعم الإنتاج السينمائي إنتاجا وتوزيعا بدون أن تتدخل في حرية التعبير وأظن وأنا قضيت عشر سنوات مع السينما في اليونان بأن تجربة السينما اليونانية والقانون الذي وضعته الممثلة والسينمائية الشهيرة والشخصية الثقافية المرموقة ( ميلينا ميركوري ) التي تسلمت مسؤولية وزارة الثقافة في عهد حكومة باباندريو بعد سقوط الدكتاتورية في اليونان هي تجربة نموذجية وقانونها نموذجي ويمكن الإستفادة منه مع الأخذ بنظر الإعتبار التطور التقني خلال هذه الفترة وظروف العراق السياسية والإقتصادية. بدون قانون سينمائي والتفكير فقط بإنتاج فيلم هنا أو فيلم هناك أو تأسيس معهد للسينما أو إقامة عروض مهرجانية .. كل ذلك يصبح مجرد نشاط غير مبرمج وغير منهجي بدون قانون السينما يضعه السينمائيون العراقيون أنفسهم، بدون هذا القانون يصبح الأمر كمن يضع العربة أمام الحصان.

·     السينما العراقية سينما بدائية تكنولوجيا بسبب الحقبة الدكتاتورية السابقة والتي أنهكت الثقافة والفنون الأصيلتن وجيرتهما لمصلحتها ولكن وقد أزيحت هذه الحقبة فهل للسينما نهوض أسوة بالفنون الأخرى خصوصا وإن الكوادر الفنية العراقية مهيأة للإرتقاء بمستواها التقني والجمالي ؟

قد تنشئ الظروف الإستثنائية في العراق الآن فيلما جيدا أو أكثر ولكن هذه الأفلام ستكون إستثناء وهذا يحصل وحصل في كثير من الفترات الصعبة في حياة الثقافة السينمائية في العالم حيث تنتج هذه الفترات أفلاما مدهشة وأفلاما ذات موضوعات بسيطة ولكنها مصنوعة بشكل ممتاز، حيث قد لا يحتاج المخرج في الظروف الصعبة مثل التي يمر بها العراق الآن، سوى كاميرا وجهاز صوت وممثلين وقد لا يحتاج حتى إلى أجهزة إضاءة حيث الشمس مصدر الضوء والعاكسات تقنيتها. أما العمليات اللاحقة فبإمكان السينمائيين عملها خارج العراق، والعالم قد فتح بابه أمامهم بعد أن كان مختوما بالشمع الأسود.

وينبغي التفكير بالأفلام الروائية أكثر من الأفلام الوثائقية، فإن الأفلام الوثائقية مع أهميتها وأهمية الوثيقة إلا أن التلفزة وفرت الكثير في هذا الجانب. صحيح أن القراءة السينمائية الوثائقية هي شأن مختلف ولكن في نسبة كبيرة منها قد حققها التلفزيون فهو يوثق الأحداث ليس باليوم وإنما باللحظة أحيانا وقد ينهج التلفزيون في بعض برامجه نهجا سينمائيا وثائقيا .. وقد يبدو إنتاج الفيلم الوثائقي أسهل من الفيلم الروائي، ولكن الفيلم الروائي وقدرته على كشف الواقع وإعادة صياغته بلغة تحليلية جمالية ينطوي على أهمية وضرورة. وأعود فأقول أنا لست معلما ولا يحق لي أن أضع نفسي بديلا عن سينمائيي العراق ومثقفية .. أبدا لا، وعيب في نفس الوقت وأنا أمام تجربة زملائي في العراق في معاناتهم وحرارة تعبيرهم عن الواقع إنني في هذا المجال وفي هذه التجربة  أكاد أغرق في قدح من الماء.

أما بصدد التقنية، فليس أسهل منها .. العراق بلد غني والتقنية متوفرة في السوق. الصعب هو الإبداع والمعرفة. ولذلك ينبغي التركيز على الجانب الأكاديمي والمعرفي وتطوير الموهبة وخلق المناخ .. أنا أتحدث عن ظروف طبيعية والعراق اليوم لا يعيش هذه الظروف وهذه مسئولية الساسة، ومسئولية الحركة الوطنية ( إن وجدت ! )

·     من خلال الأخبار والمعلومات المهربة إلى داخل العراق والتي كانت ممنوعة آنذاك بانك تقوم بالإعداد لتجسيد شخصية الإمام الحسين ( عليه السلام ) وواقعة كربلاء في فيلم كبير. ما مدى صدق هذه المعلومات؟ وإذا كانت صادقة فما هي المشاكل التي حالت دون قيامك بإكمال هذا المشروع الإنساني العظيم وخصوصا ونحن نتوقع نجاحا منقطع النظير لو أنجز هذا المشروع؟

سبع سنوات قضيت في دراسة وكتابة شخصية الإمام الحسين عليه السلام ومعركة الطف وأجريت حورات كثيرة مع شخصيات دينية عراقية ولبنانية وكتبت السيناريو، وكان رئيس المجلس الشيعي في لبنان سماحة آية الله محمد مهدي شمس الدين على رأس المشروع قبل أن يتوفاه الله، فشكل رحيله أنتكاسة كبيرة للفيلم. الفيلم مكتوب كسيناريو وقرأ من قبل المرجعية الشيعية وأقر وبإعجاب. أنا أولا أريد أن أنجز فيلم (المغني ) لأهميته في الحياة المعاصرة وهو مدعوم ماليا بمعنى توفر الإمكانية المالية لإنتاجه. الآن بين يدي سيناريو فيلم الحسين وأنتظر أن تهدأ الأوضاع في العراق، وعندما تتوفر الإمكانية المادية لإنتاجه وعندما تتوفر الحرية الكاملة لي فسوف أنفذه. أنا أقرأ الحسين عليه السلام ولواقعة الطف ولما جرى في الكوفة قراءة سينمائية مختلفة عما نراه ونسمعه في المقاتل والكراريس الذي يمثل الوجدان الشعبي. ملحمة الإمام الحسين دراما إبداعية أي أنها تراجيديا شاعرية، سوف أنحو فيها هذا المنحى بعيدا عن المبالغات مع الإستفادة من الوجدان الشعبي عند الضرورة الإبداعية. عندما يتوفر المال يكون لكل حادث حديث. فيلم الحسين بالنسبة لي هو حلم سينمائي، وأظن أنه سيتحول إلى واقع.

·         هل لك كلمة أخيرة تقولها في هذا اللقاء؟

أتمنى من المثقفين العراقيين أن يشكلوا المثل الذي يحبه المواطن وأن ينتموا إلى الناس، وأن يتذكروا رواية ( صمت البحر ) للكاتب الفرنسي فيركور وهو إسم مستعار إختاره الكاتب وبقي صاحبه غير معروف .. كتب صمت البحر بهذا الإسم المستعار أبان الإحتلال النازي لفرنسا. كما أدعوهم لإعادة قراءة مسرحية ( الخرتيت ) ليوجين أونيسكو والتمعن في شخصية البطل الذي رفض الخرتتة بعد أن تحول أهل المدينة إلى خراتيت بسبب دخول وحيد القرن ( الخرتيت ) إلى المدينة وشغلت أخباره حياتهم حتى تحولوا هم أنفسهم إلى خراتيت مع الوقت فرفض البطل أن يتحول إلى خرتيت وقال لأهل المدينة أن مدينتنا ليس فيها غابة ولا سيرك ولا حديقة حيوانات فمن أين جاءنا الخرتيت؟ لكنهم بدأوا ينطحونه بقرونهم وهو يصرخ ( لن أتحول إلى خرتيت )، كما أقول لهم بأن الممثلة الألمانية مارلين ديتريش المدفونة في بلادها ألمانيا هناك أصوات تعلو اليوم مطالبة بنقل رفاتها إلى أمريكا حيث يرفض الشعب الألماني أن تدفن في بلادها لأنها خلال تحرير ألمانيا من النازية من قبل قوات الإحتلال ظهرت الممثلة مارلين ديترش في صورة فوتوغرافية مع الجنود الأمريكان وهي تلبس البدلة العسكرية الأمريكية!

إن كل صورة وكل كلمة هي تاريخ شخصي، وطني، وقومي .. وإذا ضاعت الجغرافيا فإن التاريخ لن يضيع .. وإن الساسة في العالم يلعبون على عامل الزمن وهي لعبة سياسية مثل لعبة التقادم في الإقتصاد. التقادم في العرف الإقتصادي قد يلغي الحق ولكنه لن يلغي الحقيقة.

 

* علي عبد الحسين الشيال: شاعر ومسرحي عراقي يقيم في مدينة الناصرية جنوب العراق

Ali_alshaial74@yahoo.co.uk

موقع "كيكا" في 23 أكتوبر 2004

كتبوا في السينما

 

مقالات مختارة

حوار صريح مع المخرج السينمائي المصري محمد خان

عمر الشريف يفوز بـ"سيزار" أفضل ممثل

جوسلين صعب:السينما التسجيلية تمنح رؤية نافذة للاحداث

ناصر خمير: أفلامي حلم... وعندما تحلم تكون وحدك

      برتولوتشي: لقاء

رندة الشهال: أهل البندقية يحبونني

تاركو فسكي: بريق خافت في قاع البئر

 

 

حاوره علي عبد الحسين الشيال *

قاسم حول

هذا الفيلم سيعطي درسا أكثر مما أعطاه دكتاتور شابلن عن هتلر