شعار الموقع (Our Logo)

 

 

من أي نقطة نبدأ على صعيد كشف الامور في فيلم (م. نايت شيامالان) الجديد (The Village) (القرية)؟

دعنا نبدأ مع برايس دالس هاورد، ابنة المخرج رون هاورد، فرغم انها لم تلعب ادوارا سوى على خشبة المسرح مع بعض الادوار الجانبية في افلام والدها، تقدم هنا دورا رئيسيا براقا هو الاول لها تسيطر به على الفيلم وطاقمه الممتاز الذي يضم يواكيم فنكس ووليام هيرت وسيغورني ويفر وادريان برودي.

وهناك المفاجآت المعهودة من شيامالان، وهي ان كانت لا تشبه الخاتمة الصادمة لفيلم »الحاسة السادسة«، إلا انها مثيرة للاهتمام. البعض سيرى ان المفاجأة الكبيرة آتية، فيما قد يجد البعض الفيلم ركيكا، بل ومضحكا على غرار ما رأى كثيرون في خاتمة فيلم (Unberakable) لشيامالان ذاته.

ولكن بخلاف افلام الكاتب - المخرج شيامالان السابقة، بما في ذلك (Signs) في 2002، المفاجآت واجواء الخوف ليست هي بيت القصيد من »القرية«، فالمكافآت اعمق من ذلك بكثير في هذه القصة البسيطة المطعمة بالنصوص الاعتراضية الجانبية وهي اشبه بالقصص الكلاسيكية الساحرة، مطعمة بالرعب المعتم والشهوانية المكبوتة.

ان المفاجآة الحقيقية تتمثل في نمو شيامالان كراوي قصص انتقل الى الاملم من شبيه رود سرلينغ عصري متخصص في خبطات (Twilight Zone)، الى صانع خرافات وعواطف الشقيقتين برونتي المكبوتة، والكوابح الطهرانية لناثاييل هاوثورن.

ان »القرية« هو أفضل الافلام التي صنعها شيامالان حتى الآن، وقد اقتضى مرات متكررة ومناقشات متواصلة لأخلاقية وتداعيات اختيار الشخصيات.

ان التاريخ المحفور على شاهد القبر في مشهد الجنازة الافتتاحي يحدد السنة بـ 1897، ومع ذلك الفيلم موجود داخل فراغ غير زمني وانماط خطابية رسمية وطرق عيش صارمة تعود الى المراحل الكولونيالية ممزوجة بسلوكيات تعبيرية اكثر تقدما واقل تشددا.

طفل يجري دفنه. ووالد يغلب عليه الحزن، ومجموعة اقارب يجتمعون لتناول وجبة حزينة تسبقها صلاة صادقة من شيخ القرية ادوارد ووكر (هيرت): »نشعر بالامتنان للزمن الذي نعيش فيه«.

وبتفاصيل دقيقة على البلاتوه المقام على مساحة 16 هكتارا في ريف بنسلفانيا - حيث يعيش - يعطينا شيامالان صورا عن حياة القرويين الهادئة والولاء للعائلة والمجتمع.

غير ان قريتهم المعزولة لها عفاريتها، وهي مخلوقات تأكل اللحوم وتعيش في الغابات المحيطة بالقرية ويقوم بينها وبين القرويين نوع من التعايش المتوتر: القرويون لا يتوغلون في الغابات، والوحوش لا تأتي الى القرية.

ويختل هذا التوازن عندما يقترح الشاب القوي والمتحفظ لوشيوس هنت (فينكس) القيام برحلة الى قرى اخرى وراء الغابات للحصول على ادوية لمنع وفاة الصغار. وبعد ان يقوم لوشيوس بتوغل تجريبي في الغابة، ترد المخلوقات بغزو مخيف للقرية. ويعتر شيوخ القرية، بمن فيهم والدة لوشيوس (سيغورني ويفر) ذلك مجرد انذار لاهالي القرية.

والظروف الكارثية التي احاطت بلوشيوس وصديقته الغاضبة ايفي (هاورد)، الابنة العمياء لادوارد ووكر، وغبي القرية نواه (برودي) تقتضي القيام ببعثة الى العالم الخارجي الذي صرف الكبار النظر عنه منذ وقت طويل كمكان غير صحي وعنيف.

يثير فيلم »القرية« تساؤلات حرجة عن المدى الذي قد يذهب إليه الاهل لوقاية اطفالهم من الاذى، وما اذا كان عزل الصغار عن الاشباح في الخزانة يطلق العنان للوحوش القابعة تحت السرير.

والحوار المتقن الاقرب الى حكي الاطفال يخفي اعماقا دفينة من القلق والكآبة والشوق. عندما يخلع لوشيوس ثوب الحجيج الرواقي ويسدل شعرة في النهاية، فان اعرابه عن حبه لايفي برقة غير معهودة، يثير الفرح ومؤثر جدا على الجمهور.

ويقدم كل من فينكس وهيرت وبرودي اداء متماسكا تماما، فيما يوفر برندون غليسون وتشيري جونز تمثيلا راقيا كاثنين من شيوخ القرية. ولسوء الحظ ان مواهب سيغورني ويفر غير مطورة بصورة جيدة هنا، والفيلم يترك انطباعا بان ثمة حبكة فرعية بطلاها هي وهيرت قد اختصرها شيامالان بغية ابراز دور ايفي الذي لعبته برايس دالس هاورد.

وتستأثر هاورد بالفيلم باداء قوي مع تقدم ايفي من فتاة لطيفة ومرحة الى امرأة عنيدة مصممة على التغلب على العفاريت التي غزت احلامها منذ طفولتها.

هاورد، التي اكتشفها شيامالان وهي تودي في مسرحية لشكبير خارج برودواي، ستلعب قريبا نجومية فيلم (Monderlay)، آخذة بذلك دورا لعبته اصلا نيكول كيدمان في (Dogville)، الجزء الثاني لثلاثية لارس فون ترير.

ومهما كان المصير الذي سيؤول اليه »القرية« في حياة شيامالان السينمائية، فان الناس سيتذكرونه بان الفيلم الذي برزت فيه هاورد كصاحبة موهبة كبيرة في هوليوود.

الأيام البحرينية في 12 أكتوبر 2004

كتبوا في السينما

 

مقالات مختارة

حوار صريح مع المخرج السينمائي المصري محمد خان

عمر الشريف يفوز بـ"سيزار" أفضل ممثل

جوسلين صعب:السينما التسجيلية تمنح رؤية نافذة للاحداث

ناصر خمير: أفلامي حلم... وعندما تحلم تكون وحدك

      برتولوتشي: لقاء

رندة الشهال: أهل البندقية يحبونني

تاركو فسكي: بريق خافت في قاع البئر

 

 

«قرية» شيامالان.. أفضل أفلامه صنعاً:

«نشعر بالإمتنان للزمن الذي نعيش فيه»

لوس انجيلوس (أ.ب) من دافيد جرمين