شعار الموقع (Our Logo)

 

 

بعد حصولها على جائزتي “جولدن جلوب” والأوسكار العام الماضي عن فيلمها الأخير “مفقود في الترجمة”، توارت المخرجة صوفيا كوبولا عن الأعين بضعة أشهر ولم تنجح محاولات بعض الأوساط الصحافية الأمريكية في معرفة إذا ما كانت تأخذ إجازة غير منظورة ام أنها اختارت موضوعها المقبل وتعمل عليه.

في الأسبوع الماضي خرجت الأنباء عن أن البطّة التي عامت كوالدها فرنسيس فورد كوبولا، حسبما يقول مثلنا الشعبي، تحضّر لفيلم جديد يختلف عن فيلميها السابقين وهما “انتحار العذارى” و”مفقود في الترجمة”. تقول بنفسها: “يختلف بالنسبة لنوعية اهتمامي وبالنسبة لحجم الفيلم أيضا”.

فهي تكتب حاليا النسخة الثانية من السيناريو (اي أن هناك نسخة أولى يتم تعديلها حالياً) عن حياة الملكة الفرنسية ماري أنطوانيت.. وهناك ممثلان على الأقل تم اختيارهما لدورين رئيسيين. صوفيا تريد من كيرستن دانست أن تؤدي دور ماري أنطوانيت وتفكر في جاسون شوارتزمان للعب شخصية لويس السادس عشر.

ولدت صوفيا كوبولا في 12/5/1971 في مدينة لوس انجلوس وعاشت الجو السينمائي كاملا اذ ان والدها في ذلك الحين كان يحضّر لفيلمه الرائع “العرّاب”. حين بدأ تصوير الفيلم في العام ذاته اختارها المخرج لكي تظهر في الفيلم لاعبة، بالطبع، دور طفلة لم تكن تعي الكاميرات ولا التصوير ولا اي شيء مما يحدث حولها. ربما كانت في عقلها الصغير تتساءل عما اذا كان العالم بأسره على هذه الشاكلة المعجوقة، لكنها حين نمت كانت تعلم أن لديها خيارات عديدة. لذلك فإن توجهها الى السينما للعمل فيها هو أبعد من مجرد تأثرها بمهنة أبيها. انه تأثر وحب و.. قناعة. فرنسيس وجدت نفسها بعد ذلك في ثلاثة أفلام أخرى من إخراج أبيها، هي “العراب 2” (وهي في الثالثة من عمرها) و”العراب 3” بعدما اختيرت لتخلف وينونا رايدر التي انسحبت في آخر لحظة (ما يؤكد أنها لم تكن اختيار أبيها الأول على اي حال) والثالث في ذلك الفيلم التسجيلي الذي صوّرته أمها اليانور كوبولا عن مشقة تصوير تحفة أخرى من تحف الأب وهو “سفر الرؤيا.. الآن” في ذلك الفيلم كانت جزءا من المتاعب التي تعرّضت اليها العائلة بأسرها خلال تصوير ذلك الفيلم المضني. حين ظهرت في فيلم “العراب 3” فوجئت صوفيا بالنقاد الغربيين يستلون سكاكينهم ويقطعون ما قامت به قطعا صغيرة. الفيلم بأسره حسب هؤلاء النقاد لم يكن من مستوى الفيلمين السابقين من السلسلة، لكن تمثيل صوفيا وحده كان مدعاة هجوم غريب دفعها للتراجع عن التمثيل والاكتفاء ببعض المغامرات الكتابية.

لكن هؤلاء النقاد أنفسهم عادوا فكتبوا بمداد من المدح المفرط حينما انجزت فيلمها الأول كمخرجة وهو “انتحار العذارى” عن رواية قرأتها سنة ،1993 وهو الفيلم الذي أعلن مولدها سينمائيا والذي كان خروجها بالكامل من اي تبعية عائلية لها على المستوى المهني. أما “مفقود في الترجمة” فكان فيلمها الثاني وهو، كما برهن بنفسه حين انطلقت عروضه قبل نحو عام، أفضل من سابقه.

في اللقاء التالي تتحدث عما هو نراه غريباً في هذا الاختيار كما عن التجربة التي مرّت بها حينما أنجزت فيلم “مفقود في الترجمة”.

·     فيلمك المقبل عن “ماري انطوانيت” سيكون فيلما تاريخيا عن شخصية حقيقية وأنت لم تحققي أفلاماً عن شخصيات معيّنة من قبل بل ابتكرت شخصياتك كلها. كذلك لا يمكن أن يكون فيلما بنفحة إنتاجية مستقلة،، ألا تتفقين معي في ذلك؟

- ملاحظة مثيرة للاهتمام. نعم شخصياتي السابقة كلها مؤلّفة لكن أعتقد أن الطريقة التي أكتب بها الشخصيات تبقى ذاتها من دون تغيير. أعني أن اهتمامي بماري انطوانيت اهتمام نسائي كما كانت اهتماماتي السابقة. انظر إليها كامرأة في وضع معين.

·         حين تقولين اهتمام نسائي، هل تعتبرين أن كاتبا او مخرجاً رجلا كان سيعامل الشخصية المذكورة على نحو مختلف؟

- غالباً نعم. أريد أن أعتقد أن الرجل سينظر إليها من زاوية مختلفة. ربما من زوايا عدة مختلفة بينها الزاوية التاريخية او الواقعية. لا أعني انه سيكون معها او ضدها، لكنني أعني انه ربما سيريد الحديث عن الحالات والظروف على نحو مختلف عما يثيرني أنا. بالنسبة إلي لا يهمني التاريخ بقدر ما تهمني المرأة.

·         ماذا وجدت في كيرستن دانست ما يجعلك تعتقدين أنها الممثلة القريبة الى هذا الدور؟

- الى جانب أنها ممثلة موهوبة، أعتقد أنها تستطيع أن تدخل الشخصيات العميقة بذات السهولة التي تدخل فيها شخصية مثل تلك التي مثلتها في “سبايدر مان”. كل شيء سهل عليها. تستطيع أن تكون مقنعة وتستطيع أن تكون مشخّصة متعمّقة في أي دور تلعبه.

ميزانية

·         ما علاقة أبيك بالفيلم؟ هل سيكون المنتج؟ لقد قرأت أن الفيلم من إنتاج شركته على الأقل.

- نعم من إنتاج “زيوتروب” وسيكون منتج الفيلم بالمشاركة مع منتجين آخرين على أغلب تقديري.

·         والدك طبعاً موجود في شتى أعمالك. كيف تعملان معا؟ ما مساحة اشتراكه الفعلي في العمل؟

- والدي لا يتدخل في شيء. إذا سألته أجابني. إذا طلبت منه التدخل تدخل، لكنه بطبيعة الحال يتركني وحدي وأنا أريد ذلك. لا يمكن للفيلم أن يكون من صنع رؤيتين. مثلا حينما قدمت “مفقود في الترجمة” فإن المشاركة الوحيدة لوالدي في الفيلم كانت من خلال وجوده كمنتج. لقد اجتمعنا كما يجتمع غريبان وطرحنا الفيلم وناقشناه ووضعنا الميزانية ثم انصرف يسعى للبحث عن ممولين. تركني وشأني بالنسبة للتنفيذ ولأسلوب التعبير ولكل ما له علاقة بعملية الإبداع. الفيلم، اي فيلم في اعتقادي، لا يتحمّل قبطانين. وهذا فيلمي الخاص، أقولها بكل ثقة.

·         بما أننا نتحدث عن “مفقود في الترجمة”، لماذا اخترت طوكيو مكان الأحداث؟ ما هو الشيء الجاذب بالنسبة اليك؟

- لقد أمضيت فترات طويلة في السنوات العشر الأخيرة في طوكيو وأشعر بحب لتلك الفترات. العيش في طوكيو تجربة فريدة من نوعها ومختلفة عن كل تجربة خضتها في حياتي. ودائما ما أردت تحقيق فيلم عن موضوع أن تجد المرأة نفسها وحيدة في طوكيو. تجربتها كغريبة في تلك المدينة.

·         هل صحيح أنك كتبت الدور وبيل موري في البال؟

- نعم صحيح، وكنت مصممة على أن يظهر في الدور. ولا أستطيع أن أحصي المرات التي حاولت فيها أن أجتمع به. كلما شاهدت أحدا أسأله اذا ما كان يعرف طريقة للوصول بها الى الممثل، ذلك لأنني تركت له نحو مليون رسالة هاتفية ولم يرد. في النهاية بعثت اليه بالسيناريو وسافرت الى طوكيو للتحضير وفوجئت بوصوله غير المتوقع. لم يخبرني أنه قادم. وصل الى المطار وأخذ تاكسي وتوجه الى الفندق الذي نزلنا فيه وهناك فقط أعلن عن وصوله.

·         هذا الفيلم من النوعية المستقلة، وأنت بالطبع تعلمين ذلك أكثر مني. هل كان سينجح لو أن شركة كبيرة انتجت الفيلم؟

- لا أعتقد سيكون له الطعم ذاته والوضع ذاته. وبالتأكيد كان سيتحوّل الى قصة كبيرة الحجم والأحداث ومتعددة الشخصيات، كان سيختلف عما هو الآن الى حد بعيد وغالبا لن يحظ بأي جائزة.  

·         كيف تفسرين حقيقة أن عددا من الأفلام الناجحة في السنوات الأخيرة هي من إخراج نساء؟

- أعتقد أنها ظاهرة جيدة. لا أعتقد أن هناك خطة يتم تنفيذها في هذا الشأن. هذه مجرد صدفة، لكنها صدفة طيّبة. الا تعتقد؟ شاهدت قبل أيام فيلم “ليس في افريقيا” لكارولين لينك وأعجبني جدا، انه ايضا عن امرأة غريبة في بلد غريب.

·         أعود لموضوع ماري انطوانيت، كيف ستتعاملين مع إنتاج مكلف؟

- أنا نفسي لا أعلم انه سيكون مكلفاً بعد.

·         لا بد أنه على أقل تقدير أعلى كلفة من “مفقود في الترجمة”. هل هذا الاعتقاد خطأ؟

- نعم، سيكون أعلى كلفة لكنني أريد أن أوضح أن “ماري انطوانيت” لن يكون الفيلم التاريخي كما “كليوباترة” او “حصان طروادة” او أي من تلك الأعمال التاريخية. إذا كان لابد من التشبيه ربما كان أقرب إلى “اليزابيث” لشوخار كابور، فيلم أجواء ودراسة عن الشخصية. طبعاً سيكون فيه كل ما يتطلبه فيلم من هذا النوع من عناصر إنتاجية ومن أحداث مستوحاة من التاريخ. لكن التحدي الذي أطلبه لنفسي هو أن أحقق فيلماً شفافياً عن الملكة التي أعتقد أن التاريخ أساء فهمها وفي الوقت ذاته الحديث عن الظروف التاريخية التي وجدت نفسها فيها.

الخليج الإماراتية في 10 أكتوبر 2004

كتبوا في السينما

 

مقالات مختارة

حوار صريح مع المخرج السينمائي المصري محمد خان

عمر الشريف يفوز بـ"سيزار" أفضل ممثل

جوسلين صعب:السينما التسجيلية تمنح رؤية نافذة للاحداث

ناصر خمير: أفلامي حلم... وعندما تحلم تكون وحدك

      برتولوتشي: لقاء

رندة الشهال: أهل البندقية يحبونني

تاركو فسكي: بريق خافت في قاع البئر

 

 

تستعد لتقديم فيلم "عن ماري انطوانيت"

صوفيا كوبولا

لا يهمني التاريخ بقدر ما تهمّني المرأة