(زحام شديد, أشخاض من فئات عمرية مختلفة, بوسترات تملأ الشارع أمام سينما جالاكسي, البعض يتساءل عن قلة الأماكن ولماذا لا يجد حجزا) المتابع للمشهد من بعيد سيعتقد أن الفيلم الذي يتزاحم عليه الجمهور هو بالضرورة فيلم لمحمد سعد, أو أحد الأفلام الأمريكية ذات السمعة العالمية. المفارقة أنك عندما تقترب ستجد أن البوسترات المعلقة تحمل عنوان بانوراما الفيلم الأوروبي لذلك علينا أن نتساءل حول هذا الزحام غير المتوقع لنوعية من الأفلام أصبحنا نفتقدها ولم نعتد منذ فترات طويلة علي مشاهدتها في دور العرض التجارية. أقيمت بانوراما الفيلم الأوروبي في الفترة من الرابع عشر من سبتمبر وحتي28 من نفس الشهر ونظمتها شركة أفلام مصر العالمية, وعرض داخل البانوراما29 فيلما أوروبيا ومن أهم الإنتاجات السينمائية الحاصلة علي جوائز عالمية وتنوعت الأفلام ما بين الروائية والتسجيلية الطويلة. والجميل أن الأفلام التسجيلية شهدت هي الأخري إقبالا شديدا من الجمهور, وبالطبع ساعد في هذه الحالة فيلم مايكل مور فهرنهايت11/9 حيث تناولت معظم الأفلام المعروضة ما حدث في العالم بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر ومن ضمن هذه الأفلام العالم كما يراه بوش والذي احتفي به في مهرجان الإسماعيلية للأفلام التسجيلية والروائية القصيرة. وبذكاء شديد اختارت ماريان خوري الأفلام المعروضة داخل البانوراما فهي أفلام لنجوم أوروبيين ولكن يعلمون أيضا في هوليوود ومنهم إيزابيل أدجاني وجيرارديبا رديو, عمر الشريف, وجوليت بينوش وأيضا كبار المخرجين الحاصلين علي جوائز الأوسكار والسعفة الذهبية من مهرجان كان الدولي ومن هؤلاء الأسباني ألمودوفار صاحب وداع صعب يا والدي والدانماركي لارس فون ترير الحاصل علي السعفة الذهبية من مهرجان كان الدولي عن فيلمه راقصة في الظلام والألماني صاحب الطبلة فيم فندرز. نجحت البانوراما التي نظمتها أفلام مصر العالمية تحت إشراف ماريان خوري( الوحيدة التي كانت تملك إحساسا خاصا بأن التجربة ستنجح في حين كان كل من حولها يصفونها بالجنون ـ علي حد تعبيرها) بل فاقت توقعاتها هي والمحيطين بها لدرجة أن ماريان لم تستطع أن تترك السينما لحظة واحدة فهي موجودة منذ حفلة الواحدة حتي منتصف الليل تقف بنفسها أمام باب دار العرض, لتتابع التفاصيل حتي الصغيرة منها. وجاء رد الفعل الإيجابي من جانب الجمهور ليرد علي كل المزاعم التي كان ومازال الموزعون وأصحاب دور العرض يروجون لها بأن الجمهور يرفض هذه النوعية من الأفلام, وتقريبا ومنذ أربعين عاما لم يعد الجمهور المصري يشاهد الفيلم الأوروبي إلا داخل الجمعيات المهتمة بالثقافة السينمائية وفي المهرجانات حيث أصبح يتم التعاطي مع الفيلم الأوروبي علي أنه فيلم نخبوي. تعلق ماريان علي هذا النجاح قائلة بأن فكرة البانوراما قديمة وليست جديدة وكانت هناك أكثر من محاولة لعرض أفلام أوروبية تحت مسميات مختلفة. جمعية أو نادي وهي محاولات كثيرة وفشلت في معظم الأحيان إلي أن بدأنا نتبادل المشاورات مع الأوروبيين وصادف أن برنامج أوروبا سينما المهتم بترويج الفيلم الأوروبي في العالم, إلا أنهم حاولوا تطبيق نفس المعايير التي يتبعونها في الأسواق العربية الأخري مثل سوق شمال إفريقيا ولبنان, ومع الأسف أخذنا مجهودا ووقتا لإقناعهم بأن السوق المصرية تختلف تماما عن هذه البلدان لأن لها خصوصياتها فهناك سينما محلية وسينما أمريكية ذات وجود وحضور طاغيين إلي جانب أن عدد السينمات قليل. إلي أن تم التوصل إلي اتفاق في مهرجان القاهرة العام الماضي بشأن عرض الفيلم الأوروبي في القاهرة, وذلك من خلال الندوة التي نظمها المهرجان حول الفيلم الأوروبي وسبل دعمه, وشارك فيها ممثلون لوزارة الثقافة المصرية والفرنسية والمركز القومي للسينما, والمركز الفرنسي للسينما وأوروبا سينما والوكالة الفرانكفونية, ثم حدث اللقاء الثاني في مهرجان كان الدولي واستطاعت شركة أفلام مصر العالمية الوصول إلي اتفاق محدد حيث أقيم مهرجان الفيلم الأوروبي تحت إشراف وزير الثقافة فاروق حسني وتم عرض الـ29 فيلما داخل البانوراما, واستغرقت الاستعدادات والترتيبات لهذا المهرجان4 أشهر وتم ترجمتها إلي العربية. وجاء النجاح غير المتوقع للبانوراما الأوروبية مما يؤكد أن هناك تعطشا لسينما مختلفة وبعيدا عن تحالفات السوق قامت أفلام مصر العالمية بتخصيص دار عرض في سينما جالاكسي200 مقعد ليتم التعرف إلي رد فعل الجمهور المصري وتلك هي البداية فإذا كانت السينما الأمريكية مثل السياسة الأمريكية لا ترضي سوي بالهيمنة فإنه دوما هناك العديد من السبل للتغلب علي ذلك وما حدث من رد فعل إيجابي تجاه الفيلم الأوروبي سيشجع بالتأكيد الأوروبيين علي الوجود داخل السوق المصرية ودعم أصحاب دور العرض مقابل عرض أفلامهم حتي ولو في قاعات عرض صغيرة بهدف كسر هيمنة السينما الأمريكية والتي أصبحت تحاصر الأوروبيين داخل الدول الأوروبية نفسها* * من الأفلام المهمة المعروضة السيد إبراهيم وزهور القرآن والذي حصل عمر الشريف عن دوره في هذا الفيلم علي جائزة سيزار أحسن ممثل و سيزار جائزة فرنسية تحاكي الأوسكار. * وفيلم وداعا لينين الحاصل علي9 جوائز من مهرجانات أوروبية متعددة وهو من إخراج وولفجانج بيكر. * فيلم سيدة القصر للبناني سمير حبشي وهو أول فيلم تسجيلي عربي يعرض سينمائيا. * فيلم فيللين أنا كاذب كبير آخر لقاء سجله المخرج الإيطالي الكبير فيللين. * فيلم المنفي إخراج توني جاتيلف الحاصل علي جائزة الإخراج كان.2004 الأهرام العربي في 2 أكتوبر 2004 |
برتولوتشي: لقاء |
بعد40 عاما من الغياب:
علا الشافعي |