الأفلام الدينية: يرى البعض أن مصطلح الفيلم الديني مصطلح مشوش ومتداخل مع مصطلحات أخرى كالفيلم التاريخي أو الأسطوري أو فيلم الأزياء، ولعل أقرب تعريف للفيلم الديني قد جاء في معجم الفن السينمائي بخصوص الفيلم التاريخي الذي نص على(أنه فيلم يصور الأحداث التاريخية التي وقعت في مرحلة أو أكثر من مرحل التاريخ. وهو الفيلم الذي يعرض مسيرة بطل من أبطال التاريخ الذين لعبوا دورا خطيرا، في عصر من العصور الماضية. وقد يكون موضوع الفيلم مأخوذا من واقع الحياة أو مؤلفا من وحي الخيال. وقد يتعرض الفيلم لمرحلة معينة، في عصر من العصور، أو ترجمة علم من أعلام التاريخ، أو قصة من روائع الأدب العالمي، التي تعرض صورة من حياة الماضي البعيد أو القريب، وقد يعرف بفيلم الأزياء أي الفيلم الذي يعتمد الأساليب القديمة أو التاريخية في الأزياء والأثاث)(15) ومن يستقرئ هذا التعريف يجد تداخلا في مضامين المصطلحين فالفيلم الديني لا تخرج موضوعاته عن ما ذكره التعريف أعلاه فهو غالبا ما يتناول مرحلة معينة من التاريخ الإسلامي أو يترجم لحياة علم من أعلام الإسلام أو ولي من أولياء الله الصالحين أو قصة من القصص التي تتناول جانب معين من الدعوة الإسلامية، وهي ذات الموضوعات التي تناولتها السينما المصرية عبر اثنتي عشرة فيلما للفترة ما بين 1951ـ 1972 والتي تم اختيارها في هذه الدراسة والأفلام هي:( ظهور الإسلام، انتصار الإسلام، بلال مؤذن الرسول، السيد أحمد البدوي، بيت الله الحرام، خالد بن الوليد، الله أكبر، شهيدة الحب الإلهي، رابعة العدوية، هجرة الرسول، فجر الإسلام، الشيماء) . ومنذ عام 1972 توقفت السينما المصرية عن إنتاج هذا النوع من الأفلام ، ولم ينتج بعد هذا التاريخ سوى فيلم الرسالة للمخرج مصطفى العقاد السوري الأصل والأمريكي الجنسية والذي يعد اضخم إنتاج سينمائي يتناول موضوعا دينيا عن الإسلام، وكذلك فيلم القادسية للمخرج صلاح أبو سيف، ومن إنتاج شركة بابل ودائرة السينما والمسرح العراقيتين، والمقاطع من قبل الأزهر لمدة جاوزت العشرين عاما بسب ظهور شخصية الصحابي سعد بن أبي وقاص وهو من المحرمات الدينية وفقا لتعليمات الأزهر. ولا يمكن حسابه على قائمة الأفلام الدينية بل يمكن ضمه إلى قائمة الفيلم التاريخي والجدول رقم(1) المرفق في نهاية الدراسة يوضح ببليوغرافيا بالأفلام العربية المنتجة في تلك الفترة.أن قراءة موضوعية للدوافع الحقيقية وراء إنتاج هذه الأفلام تضعنا أمام الكثير من التساؤلات التي تكشف الإجابة عنها حقيقة التخلف الفني والإنتاجي التي تعرضت له السينما العربية عبر مسيرتها التاريخية التي قاربت القرن من الزمان. هذه المسيرة التي تكشف المصادر التي تناولت تاريخ السينما العربية أنها اعتمدت الحماسة والمبادرة الفردية أكثر من اعتمادها على الدولة أو المؤسسة الرسمية، وبالتالي فقد تأثرت بصورة رئيسية بالمتغيرات التي تطرأ على هؤلاء المبادرين وحماستهم من ظروف حياتية أو مادية. وإذا كان ذلك هو حال السينما عموما فكيف هو الحال مع السينما المعنية بالموضوعة الدينية ومواجهتها للمؤسسة الدينية بثقلها ونفوذها على المستويين الشعبي والرسمي والذي كشفت عنه أولى المحاولات (ظهور الإسلام) 1951 عندما بادر المخرج إبراهيم عز الدين إلى اختيار قصة الوعد الحق لطه حسين ليخوض تجربته الأولى في الإنتاج والإخراج السينمائي والذي جوبه بعاصفة من الهياج في الأوساط الدينية التي اتهمته بالفساد!! ومن المفارقات المأساوية في هذا الموضوع أن تتدخل السلطة السياسية لإنقاذ هذه التجربة بعد أن ضمت وزارة النحاس وزيرين كان لهما صلة مباشرة بالفيلم هما طه حسين مؤلف قصة الفيلم ومحمد صلاح الدين، شقيق المخرج. ولولا هذه المصادفة التاريخية لما تحقق إنتاج هذا العمل أو غيره!! ومن المفارقات التي صاحبت عرض الفيلم هو الدهشة التي أصيب بها رجال الدين بعد النجاح الكبير الذي حققه الفيلم والاستقبال الجماهيري المذهل له كان البداية لإعادة رجال الدين حساباتهم في العروض السينمائية التي كانوا يفتون بها قبل أن يشاهدوا مدى تأثيرها على الناس!! وقد ساعد ذلك على التفكير بمواصلة التجربة التي أدت إلى إنتاج العمل الثاني( انتصار الإسلام) لمخرجه أحمد الطوخي الذي بالغ في استرضاء رجال الأزهر!! من خلال مقابلة الممثلين لرجال الدين وعرض السيناريو بتفاصيله الدقيقة عليهم ووضع الآيات القرآنية في مقدمة الفيلم وما إلى ذلك. ورغم ذلك فقد ظهر الفيلم ضعيفا في الكثير من النواحي ولم يحقق النجاح الذي حققه الفيلم الأول ظهور الإسلام. إلا أن ذلك لم يثن المنتجين على الإقدام على التجربة الثالثة( بلال مؤذن الرسول) لمخرجها أحمد الطوخي التي يعتبرها النقاد من أفضل التجارب في ذلك الحين حيث عرضت في أغلب الدول العربية والإسلامية وقد لامست مشاعر المسلمين عموما باعتباره يترجم سيرة حياة صحابي جليل كان من الذين تحملوا الصعاب الكبيرة في نشر الدعوة الإسلامية السمحاء فضلا على تأديتها من قبل فنان قدير(يحيى شاهين) رغم الأداء الكلاسيكي التي اتسمت به معظم الأفلام السينمائية في تلك الحقبة. بعد النجاح الذي حققته هذه التجارب الثلاثة بدأ المنتجون يستثمرون هذا النوع من الأفلام لتحقيق الربح السريع فأخذوا بالبحث عن الموضوعات التي تستهوي أكبر عدد من الناس وتلامس مشاعرهم على حساب القيم الدينية الحقيقية. فقد ذهبت التجربة الرابعة( السيد أحمد البدوي) إلى تناول موضوع الكرامات لدى الأولياء وعدم وقوعهم في المغريات الدنيوية، وهي موضوعة نكاد نجد لها تناصا مع الكثير من القصص الدينية، مثل قصة النبي يوسف(ع) وقصة السيد المسيح(ع) مع مريم المجدلية، وبالتالي فأن قصة الفيلم تقترب من الذاكرة العامة للناس وهو بحد ذاته دافعا لمشاهدتها متحققة بصورة حسية. كما استثمر المنتج وجود ضريح السيد البدوي في مدينة طنطا المصرية فوضع صورة المسجد الأحمدي في إعلاناته وفي الصحف والمجلات، ويذكر الناقد محمد صلاح الدين أن أبواب دار العرض قد تهشمت بسبب الجماهير الغفيرة التي حضرت لمشاهدة الفيلم. ومن هذا المنطلق فقد بدأ المنتجون البحث عن قصص تجتذب أكبر عدد ممكن من الناس، وقد تم اختيار(موضوعة بيت الله الحرام) لتكون مادة وعنوان التجربة الخامسة في السينما المصرية والتي كتب القصة والحوار لها فؤاد الطوخي متناولا قصة أبرهة الحبشي وفيله ومحاولة هدم بيت الله الحرام وما آلة إليه وفقا للقصة القرآنية المعروفة، والكاتب هو شقيق مخرج الفيلم أحمد الطوخي الذي سبق وأخرج فيلمي انتصار الإسلام وبلال مؤذن الرسول. وقد واجه الفيلم كسابقاته من الأفلام الدينة الكثير من المفارقات مثل الرفض التام للمشروع بسبب التكاليف والخدع السينمائية وحجم الديكورات ثم تدخل أحد المهتمين بالشأن السينمائي(محمود سمهان) لإنقاذ الموقف واستعداده لإنتاج الفيلم شريطة إدخال تعديلات على السيناريو تتلاءم مع متطلبات الدور الذي يجب أن يسند إلى زوجته في حينها (برلنتي عبد الحميد)!!. أن هذه الحادثة تكشف بشكل حقيقي المأزق الذي تعانيه السينما في البلاد العربية منذ ذلك الحين وحتى الآن من تفشي ظاهرة المحسوبية والواسطة والمؤسسة السياسية والتدخل السافر في شؤون المبدعين ومحاولة لي عنق الحقائق بما يتناسب وموقف هذه الجهة أو تلك مما ساهم بشكل فاعل في تردي هذه الصناعة وجعل السينما العربية بعد قرن كامل على بدايتها تعاني مشاكل التأسيس الأولى!! ورغم كل ذلك فقد خرج الفيلم بنجاحات بسيطة مع فشل المخرج بدبلجة الفيلم إلى لغات أخرى بسبب ارتفاع تكاليف ذلك في وقتها. ثم جاءت التجربة السادسة بمبادرة فردية وحماسة غير عادية للفنان حسين صدقي الذي كان يحلم في تقديم عمل ديني كبير لم يسبقه إليه أحد!! مستثمرا صداقاته العديدة مع شيوخ الأزهر ليحصل على موافقتهم المبدئية لفكرة عمله(خالد بن الوليد) بل وموافقة أحد شيوخ الأزهر على المشاركة في كتابة السيناريو هو الشيخ أحمد الشرباصي! وقد بذل الفنان حسين صدقي مجهودا كبيرا في كل النواحي الفنية والمادية مستثمرا علاقاته الجيدة مع السياسيين الكبار آنذاك أمثال المشير عبد الحكيم عامر وأنور السادات وغيرهم، وبالرغم من كل ذلك فقد وقع الفيلم بالكثير من المطبات الفنية والمبالغات وطول فترة الفيلم(150) دقيقة وحشر العديد من المعارك الغير مبررة فنيا فضلا عن النقود التي وجهها بعض رجال الدين لمضمون العمل ورداءته ومن بينهم الشيخ د. محمد سعاد جلال الذي كتب مقالا هاجم فيه الفيلم وساخرا منه( حضرت رواية خالد بن الوليد على شاشة السينما وكنت ـ طبعاـ أقارن طول الوقت بين الموجود في ذهني من التصورات الحقة الرائعة عن خالد بن الوليد ومواقفه البطولية العظيمة... ومظاهر عبقريته العسكرية الخارقة، وبين هذا الذي كنت أشاهده من التمثيل حينذاك... فلا أرى إلا مسخا وتشويها لسيرة هذا البطل الإسلامي العظيم)(16). ولم تكن التجربة السابعة أفضل حالا من سابقاتها، بل يمكن اعتبار ما حدث لها نموذجا للعقبات المختلفة التي واجهت صناعة الفيلم الديني في مصر، فقد تعرض الفيلم إلى اعتراضات كبيرة من قبل رقابة المصنفات الفنية التي رفضت الفيلم لضعفه الفني ولسذاجة بعض مشاهده ولكونه يحمل عنوان(الله أكبر) باعتباره نداءا قدسيا ليس له علاقة بمجريات الفيلم!! وبعد الكثير من المحاولات وتقديم الإلتماسات تم الإفراج عن الفيلم مع ترك الحكم عليه للجمهور، وليصبح فيما بعد مادة أساسية لمعظم المحطات التلفزيونية في المناسبات الدينية. ثم جاءت التجربتان الثامنة والتاسعة تحملان موضوعا واحدا هو قصة(رابعة العدوية) حمل الأول أسم(شهيدة الحب الإلهي) وحمل الثاني أسم(رابعة العدوية). وقد اختلف النقاد في تقيم موضوع الفيلم باعتباره يفتقر للمصدر التاريخي الواضح فهو أقرب للأسطورة منه إلى الواقع، فضلا عن مدى جدوى إنتاج فلمين لموضوع واحد!! ولم يسلما من تدخل رجال الأزهر ونقدهم اللاذع لاستخدام مشاهد الغناء والرقص واللهو الماجن!! في هكذا نوع من الأفلام وكانت هذه التجربة مدعاة لصدور قانون يعطي الحق بمراقبة ومصادرة المطبوعات الدينية المخالفة مع وجوب الحصول على تصاريح مسبقة بالموافقة على أي عمل فني يتناول موضوعا دينيا. كما أعطت هذه التدخلات المزيد من القيود والمضايقات على إنتاج المزيد من هذه الأفلام وكاد يمنع عرض التجربة العاشرة(هجرة الرسول) التي رفض الأزهر سيناريو الفيلم، وكان الأسباب هذه المرة قد دخلت في تفاصيل الديكور والاكسسوار وحركة المشاهد!! فضلا عن تفاصيل موضوع الفيلم. ولم يفلح منتجو الفيلم إلا بعد أن أخذوا بجميع ملاحظات الأزهر على الفيلم!! وكانت هذه المسألة بداية النهاية لإنتاج هذا النوع من الأفلام، فلم تنتج السينما المصرية بعدها سوى فلمين هما( فجر الإسلام) و( الشيماء). فقد توفر للتجربة ما قبل الأخيرة مجموعة عمل قلما تتوفر لفيلم من هذا النوع بدأ من كاتب السيناريو والحوار(عبد الحميد جودة السحار) وانتهاءً بمخرج العمل(صلاح أبو سيف) مرورا بكل الفنيين وهم من كبار فني السينما المصرية. ويعد النقاد هذا الفيلم من الأفلام الجيدة ولولا ظهور فيلم الرسالة فيما بعد لاعتبر (فجر الإسلام) من أفضل الأفلام في هذا الباب. ومن المفارقات التي حدثت في هذا الفيلم أن شيوخ الأزهر قد اختلفوا على مكياج بطلة الفيلم، هل هو من حرام أم حلال؟! وقد مهدت هذه لاختلافات للتوقف التام عن إنتاج هذه الأفلام بعد المشكلة التي أثارها الفيلم الأخير(الشيماء) التي صادف عمل بطلة الفيلم في حينها في فيلم آخر تظهر فيه بأحد أدوار الأغراء، مما أثار حفيظة رجال الدين ولم يتوقف النقاش في هذا الموضوع إلا بالتوقف التام عن إنتاجها. وبذلك توقفت السينما المصرية منذ عام 1972 ولغاية الآن عن إنتاج هذه الإعمال مما أسهم في خسارة الجمهور العربي والإسلامي مصدرا هاما في التوعية والإرشاد الديني عبر وسيلة تعد من أهم الوسائل المعاصرة في التعليم والتوجيه كما خسر هذا الجمهور من يرد التهم عنه إزاء عشرات الأفلام التي أنتجت في الغرب وما تتضمنه من دس ولغط وتشويه للحقائق عن الإسلام والمسلمين. فيلم الرسالة: يعد فيلم الرسالة الذي أنتجه وأخرجه الفنان الأمريكي الجنسية والسوري الأصل(مصطفى العقاد) من أفضل الأفلام الدينية العربية التي أنتجت في تاريخ السينما ولذلك للاستعدادات الكبيرة التي قام بها المخرج وانتقاءه أفضل الكفاءات الفنية من ممثلين ومصورين وديكورات وأزياء ومواقع تصوير، وقد حرص المخرج على الحصول على موافقة الأزهر على سيناريو الفيلم الذي اشترك في كتابة السيناريو والحوار له أدباء مصر الكبار(توفيق الحكيم) و(يوسف أدريس) فضلا عن المخرج نفسه. ومنذ البداية خطط العقاد إلى تجاوز المشكلة الكبيرة التي واجهت معظم منتجي الأفلام الدينية السابقة وهي تقديم الفيلم باللغة الأجنبية ولكن هذه المرة ليس بطريقة الدبلجة وإنما بطريقة إنتاج الفيلم مرة ثانية بممثلين أجانب مستثمرا جميع مواقع التصوير السابقة والديكورات وما إلى ذلك. وقد أظهرت هذه الطريقة قدرة الممثل العربي على القيام بدوره على أفضل وجه وبما لا يقل كفاءة عن زميله العالمي، بل أن الكثير من النقاد العرب والأجانب أشاروا إلى هذا الموضوع فضلا عن تصريحات الممثلين الأجانب أنفسهم، وخاصة عند مقارنة أداء الفنان العالمي (انطوني كوين) بالفنان العربي( عبد الله غيث) واللذان أديا دور( الحمزة )عم الرسول(ص). وكذلك هو الحال مع الممثلة السورية( منى واصف) التي أدت دورا من أفضل أدوارها على الشاشة السينمائية. ولعل مرد ذلك كله إلى الإحساس العميق الذي شعر به الممثل العربي في تقديمه لموضوعة الفيلم ومسؤوليته كمسلم وعربي إزاء هذا الموضوع، وهو ما صرح به أعلب المشاركين في الفيلم. كما كشف الفيلم عبر موضوعه المحبك عظمة هذا الدين وقدرته في البقاء والانتشار ورفضه لكل أشكال العنف ودعوته للتسامح. ورغم كل ذلك فأن الفيلم مازال ممنوعا من العرض في مصر من قبل لجنة الرقابة على المصنفات الفنية في الأزهر بدعوى ظهور العديد من الشخصيات الإسلامية في الفيلم وهو ما يتنافى وتعليمات الأزهر بمنع ظهور هذه الشخصيات مطلقا في الأعمال الفنية. وفي هذا السياق يذكر مخرج فيلم الرسالة مصطفى العقاد في معرض رده عن منع عرض الفيلم في مصر من قبل الأزهر( قد لا يعلم الكثيرون أنني أحمل موافقة لجنة الأزهر على سيناريو فيلم الرسالة. وأن العمل جيد وقد مكثت سنة كاملة في القاهرة في بداية السبعينات للإعداد لسيناريو الفيلم مع كبار الكتاب مثل توفيق الحكيم، ويوسف إدريس، فأنا مسلم، عربي لا أستطيع الإساءة للإسلام. ولهذا حرصت أن يخرج العمل في أفضل صورة ممكنة سواء من ناحية القصة والسيناريو. أو ناحية التصوير وفريق الممثلين والإخراج. هل يعلم المصرون على المنع أنه بعد أحداث 11 سبتمبر تم بيع 100 ألف نسخة من فيلم الرسالة للقوات الأمريكية وأجرت معهم إحدى المجلات حوارا لمعرفة سبب ذلك فقالوا أنهم أرادوا معرفة الإسلام فمنهم من اشترى كتب وآخرون اشتروا أفلاما. أنا أقول للذين يرون في منع ظهور تلك الشخصيات حماية لأصول الدين. أن الحياة تتغير وأساليب الدعوة في الماضي كانت مختلفة، وإلا فعلينا أن نمتنع عن استخدام أساليب التكنولوجيا الحديثة لأنها لم تكن موجودة في عهد النبي) (17) ولم يلتفت الأزهر للتأثير المذهل الذي أحدثه الفيلم منذ عرضه في بداية الثمانينيات ولغاية الآن وظل الجدل قائما بين الذين يرون أهمية عرض وإنتاج هذه الإعمال وبين رجال الدين في الأزهر الذين يصرون على المنع مهما تكن المبررات!!. وربما السؤال الأكثر أهمية في هذا الباب هو: لماذا تراجع الأزهر عن موافقته التي أعطاها للمخرج من قبل؟ ولماذا هذا الإصرار على منع هذه الأفلام على الرغم من النجاح الذي تحققها على مستوى الإقبال الجماهيري عليها؟ ولماذا لا يجري الأزهر دراسات لقياس أثر هذه الأفلام على المشاهد العربي؟ ويمكن أن نستنتج مما سبق بعض النقاط منها: 1/ أن معظم الأفلام(عينة الدراسة) ولدت بطريقة قيصرية ومن خلال مبادرات شخصية وبدوافع مختلفة، ولم تبادر أية جهة رسمية أو دينية إلى تبني مثل هذه المشاريع وغالبا ما كانت المؤسسة الدينية تقف حجر عثرة أمام هذه الأفلام. 2/ أن سبب توقف إنتاج هذه الأفلام هو العراقيل الكثيرة التي وضعتها المؤسسة الدينية في مصر البلد العربي الوحيد الذي ما زالت فيه صناعة السينما مستمرة. 3/ عدم توفر المنتج العربي الذي له القدرة على المغامرة في إنتاج هذه الأفلام وانصرافهم إلى شراء وتأسيس القنوات الفضائية ذات الربح السريع والمضمون. 4/ خوف بعض علماء الدين من الخروج على أراء السلفية الإسلامية المتشددة في هذا الباب وإصدارهم لفتاوى تقترب من مسك العصا من المنتصف. 5/ هيمنة الخطاب الديني المتشدد على المؤسسة الرسمية العربية أعاق كثيرا من فرص إنتاج الجديد من هذه الأفلام. 6/ ليس هناك في الأفق فرصة لتكرار إنتاج هذه الإعمال في العالم العربي مرة أخرى بسبب القوانين الرقابية المتشددة وخوف السينمائي العربي من الإقدام على هكذا إعمال ، والفرصة الوحيدة المتوقعة ستكون من خلال السينما العالمية كما حدث مع الفنان مصطفى العقاد.
الهوامش:
أسم الفيلم سنة العرض المخرج كاتب السيناريو كاتب الحوار المصور المونتاج زمن العرض الممثلون 1ـ ظهور الإسلام 1951 إبراهيم عز الدين إبراهيم عز الدين طه حسين ورتر هولكوم كمال الشيخ 97 دقيقة عباس فارس، كوكا، عماد حمدي، سراج منير، سعد أردش 2ـ انتصار الإسلام 1952 أحمد الطوخي أحمد الطوخي أمام الصفطاوي اوهان جورج ـــــــــــ 95 دقيقة ماجدة، محسن سرحان، عباس فارس، فريد شوقي 3ـ بلال مؤذن الرسول 1953 أحمد الطوخي أحمد الطوخي فؤاد الطوخي عبد العزيز فهمي ــــــــــــ 110 دقيقة يحيى شاهين، ماجدة، حسين رياض، عزيز حلمي، سناء جميل، لولا عبدو 4ـ السيد أحمد البدوي 1953 بهاء الدين شرف بهاء الدين شرف بيرم التونسي محمود نصر ـــــــــــــ 120 دقيقة عباس فارس، تحية كاريوكا، سراج منير، فاخر فاخر، عبد السلام النابلسي 5ـ بيت الله الحرام 1957 أحمد الطوخي أحمد الطوخي فؤاد الطوخي كليليو البير نجيب 90 دقيقة برنلتي عبد الحميد، عباس فارس، عمر الحريري، حسين رياض 6ـ خالد بن الوليد 1958 حسين صدقي حسين صدقي، حسين حلمي، عبد العزيز سلام، الشيخ أحمد الشرباصي حسين صدقي حسين حلمي، عبد العزيز سلام، الشيخ أحمد الشرباصي وديد سري ــــــــــ 150 دقيقة حسين صدقي، مديحة يسري، مريم فخر الدين، عمر الحريري،عباس فارس،( عشرة آلاف ممثل مع المجاميع) 7ـ الله أكبر 1959 إبراهيم السيد نجيب محفوظ فؤاد الطوخي حسن دهش فكري رستم 75 دقيقة زهرة العلى، محمد الدفراوي، عبد الوارث عسر 8 ـ شهيدة الحب الإلهي 1962 عباس كامل عباس كامل، إبراهيم الأبياري عباس كامل، إبراهيم الأبياري ـــــــــــ ــــــــــــ ــــــــــــــ عايدة هلال، رشدي أباظة، حسين رياض، توفيق الدقن، صلاح جاهين، نجوى فؤاد 9ـ رابعة العدوية 1963 نيازي مصطفى نيازي مصطفى سنية قراعة نيازي مصطفى سنية قراعة إبراهيم عادل ـــــــــــ ـــــــــــ نبيلة عبيد، فريد شوقي، عماد حمدي، حسين رياض، عبداللة غيث، زوزو نبيل 10ـ هجرة الرسول 1964 إبراهيم عمارة حسين حلمي المهندس حسين حلمي المهندس إبراهيم عادل ــــــــــــ ــــــــــــــ ماجدة، أيهاب نافع، عدلي كاسب، سميحة توفيق 11ـ فجر الإسلام 1971 صلاح أبو سيف عبد الحميد جودة السحار عبد الحميد جودة السحار عبد العزيز فهمي حسين عفيفي 120 دقيقة محمود مرسي، لحلى شاهين، سميحة توفيق 12ـ الشيماء 1972 حسام الدين مصطفى عبد السلام موسى، صيري موسى عادل عبد الرحمن أحمد خورشيد ــــــــــــــ ـــــــــــــــ أحمد مظهر، سميرة أحمد، غسان مطر، أمينة رزق، كنعان وصفي
موقع "إيلاف" في 1 أكتوبر 2004 |
برتولوتشي: لقاء |
التابو في الفيلم الديني 2-2
حسن السوداني |