بعد انتهاء موسم سينمائي ساخن حقق إيرادات في السماء كما يحلو لبعض النقاد أن يقول يظهر تساؤل غاية في الأهمية مع ملاحظة أن معظم الأفلام الناجحة هي في الأصل اجنبية معربة. إن لم تكن القصة فالسيناريو والفكرة وطريقة الإخراج وحتي طريقة آداء الممثلين. وإذا كان كل موسم سينمائي له خصائصه (منذ عشر سنوات) تقريباً أو كل فترة لها تقاليعها حتي فيما يتعلق بالسينما، فإن من تقاليع هذا الموسم كم ليس ضئيلاً من الأفلام التي كانت في الأصل حبكات درامية لأفلام استوردها نجومها المصريون من هوليوود ولعبوا علي هذا الوتر الموسم الماضي لدخول صراع الإيرادات. لعل أول الأفلام التي نافست هذا الموسم وتنطبق عليها الاستعارة كان فيلم غبي منه فيه لهاني رمزي حيث قدم هاني شخصية لا يمكن أن تكون مصرية عربية أو سيبدو منها بعد تعريبها شخصية من اصل ما أضاف إليها هاني ما يجعلها مستساغة لدي الجمهور العربي. لكنه رغم ذلك ورغم كل ما يدافع به أبطال الفيلم عن الفيلم يظل تصنيفنا للتعريب منطبقاً علي هاني رمزي وفيلمه غبي منه فيه . خصوصاً وأن هاني استعان بنفس تسريحة شعر وأسنان وملابس وطريقة كلام الممثل العالمي جيم كاري. أما احمد السقا فقدم فيلما لا يتصور معه أنه تدور أحداثه في شوارع أي بلد عربي ورغم أن أحمد يحسب له أنه استطاع تقديم فيلم تيـتو بجد واجتهاد واستطاع مخرجـــه مع فريق عمل الفيلم تقديم صورة رائعـة إلا أن هذا لا يعني موضوع الفيلم وشكل حبكته الدرامية ومؤثرات هذه الحبكة. يبدو أن مثل هذه النوعية من الأفلام سوف تجد طريقاً لها خلال الفترة القادمة خصوصاً وأن أحمد السقا وهاني رمزي قد سبقهما من قبل خلال المواسم السابقة أكثر من فيلم اقتبس مؤلفه قصة مستوردة وقام بتعريبها علي أساس أن الاقتباس هو الآخر نوع من الفن. كانت مقبولة ظاهرة الاقتباس في بداية السينما المصرية وفي وقت كانت السينما ملهاة تبهر المتفرجين أكثر من تأثيرها فيهم وعندما قدم مثلاً فريد شوقي فيلمه أمير الانتقام بعدما قدمه أنور وجدي وقدمه بعد ذلك نور الشريف في قصة بعنوان دائرة الانتقام وكانت الثلاثة أفلام مأخوذة عن قصة الفيلم العالمي الكونت دي مونت كريستو وعندما استعارت السينما المصرية قصة غادة الكاميليا وقدمتها بأكثر من شكل بدءاً من يوسف بك وهبي علي المسرح حيث قدمتها معربة وانتهاء بميرفت امين ونادية لطفي وأخريات قدمت كل منهن بطولة فيلم له نفس الحبكة كان يمكن أن يقال أن السينما ذلك الوقت لم تشهد ما شهدته السينما علي مستوي العالم كله خلال العشرين عاماً الماضية. وفي الوقت الذي كانت تمثل فيه نادية لطفي فيلم مقتبس عن قصة غادة الكاميليا علي سبيل المثال فإن اليزابيث تيلور وريتا هيوارت وأخريات كن يلعبن نفس الدور بأفلام أخري فغادة الكاميليا ذلك الوقت كانت تراثا مثلها مثل هاملت يجب ان تمر مرحلته لتظهر ثمرة نهاية المطاف. ولعل هذا المفهوم هو الذي جعل الكثير من النقاد يصبون كامل غضبهم علي معظم افلام الموسم الماضي وبدأت النبرة تتساءل عن حال النجوم الشباب هل أصابهم نوع من الإفلاس؟ أم ان اللعب لاكتساب الإيرادات يمكن أن يأخذ أي شكل وأي صورة وبلا اي قواعد؟ الحقيقة كما يقول الناقد كمال رمزي لـ القدس العربي : ليست هي إلا صورة من اللهاث وراء الإيرادات واسمع بين الجيل الجديد كلاما علي شاكلة نحن نقـدم شكلا جديدا، نريد أن نقدم شكـلا لم يقدم من قبل وكأنهم ليسوا مقتنعين بكل ما قدم من قبل وربما يخــرج من ينـــادي بإعــــطاء مساحة من حـرية التمرد للشباب ونحن بالتأكيد من هــــذه المساحة من الحرية سواء لتمردهم أو لأفكــــارهم التي لابد أن تـــكون مختلـفـة وخلاقة، لكن مع ما نحاول أن نستمتع به منهــم من مسـاحة في حرية الإبداع نجد أن هناك نتائج وسياسات غير مبشرة . يضيف كمال رمزي: وأعتقد أن حالة الإفلاس الفكري وعدم التفكير سوي في الإيرادات وتحقيق المزيد منها هي التي تحلل الإرادة حول الاقتباس وما إذا كان فنا من عدمه وهناك آراء أخري تشير إلي ان الفن هو في العمل بمرونة مع هذا الاقتباس لكن الواضح أن كلها آراء اشخاص مدافعين عن اكل عيشهم ومكانتهم دون رغبة في النقاش ولا محاولة للتجديد فعلاً . أما هاني رمزي الذي واجه أكثر الاتهامات علي فيلمه غبي منه فيه الذي كما قال لعب دور جيم كاري فيقول لـ القدس العربي : لا أعتقد أن هناك جرما نرتكبه لو قدمنا أفلاماً مقتبسة إذ أن الاقتباس لا يعني أننا ننقل الصورة كما هي تماماً ولو كان هذا قد حدث لما وجدت إقبالا مصريا ولا عربيا علي الأفلام المقتبسة لأن الجمهور سوف يشعر أن الموضوع غريب عنه وهذا لم يحدث . ويقول هاني: أري ان الهجوم لن ينقطع علي جيل الشباب تحت أي ظرف ومهما قدموا لكننا في النهاية نحفر في الصخر ونعمل علي إسعاد جمهورنا . السيناريست محمد النبوي كاتب فيلم عوكل الذي واجه نفس الاتهامات التي واجهها السقا بفيلمه تيتو والتي واجهها هاني رمزي بفيلمه غبي منه فيه يقول: قرأت الكثير عمن وصفوا سيناريو عوكل بأنه مأخوذ من كاتب اجنبي بعضهم قال إيراني وبعضهم قال بل هو كاتب تركي لكنني علي كل الأحوال لم آخذه لا من هذا ولا في ذاك لأنني ببساطة لم أشاهد أعمال الكاتب التركي أو الكاتب الإيراني مع احترامي الكامل والشديد لشخصهما . يضيف النبوي لـ القدس العربي : إن سلمنا بان هناك اقتباسا فما العيب في ذلك وهل من المنطقي أن ينكر أحد أن الاقتباس في حد ذاته فن؟! . يضيف: أعتقد أن الاقتباس نوع من الفنون وهو علي الاقل يعطي مساحة ما من التواصل بين السينما المصرية والسينما التركية التي زعموا أنني أخذت منها قصة عوكل ورغم أن هذا ليس صحيحاً إلا أنني سلمت به فالاقتباس في هذه الحالة يمكن أن أضعه نفس المكان الذي أضع فيه الترجمة وهو ـ أي الاقتباس ــ يمكن أن يعمل نفس العمل التنويري الذي تقوم به الترجمة . ينهي النبوي كلامه مشيراً إلي أنني أعتقد أن المسألة لا تخرج عن أنها إحدي الطلقات في معركة الصراع سواء بين الجيل الواحد وبعضه أو بين الثقافات المختلفة للأجيال المختلفة أيضاً وهذا ما لا يمكن مناقشة ظواهره فقط . يبدو أن مســــألة الاقتباس محموداً كان او غير ذلك سوف تأخذ فترة طويلة من النقاش إضافة إلي انها سوف تتطور خلال الفترة القادمة في غياب الرغبة لسماع النقد من الشباب وعدم التوقف عن تكييل الاتهامات من الكبار. القدس العربي في 20 سبتمبر 2004 |
برتولوتشي: لقاء |
الكبار يتهمون كالعادة والشباب غير مقتنعين:
القاهرة/ وليد طوقان |
|