علمت "إيلاف" من مصدر مطلع أن مهرجان الإسكندرية السينمائي الذي يعقد دورته العشرين المقبلة في الفترة من 8 إلي 14 سبتمبر المقبل، سوف ينظم تظاهرة خاصة لأفلام الديجيتال العربية، يعرض خلالها فيلم "كليفتي" للمصري محمد خان، وفيلم " في ضوء القمر" للمصري خيري بشارة، كما يعرض ايضا فيلمين جديدين من هذا النوع (الذي يصور بكاميرا ديجيتال رقمية، ومن دون تحويله في مابعد الي شريط سينمائي صالح للعرض في القاعات) للسوري محمد ملص-عضو لجنة التحكيم في الدورة العشرين- والمخرجة المصرية أسماء البكري، وذلك في سابقة تعد الاولي من نوعها في تاريخ مهرجانات السينما العربية، لتعريف جمهور المهرجان بالانجازات التي تحققت علي صعيد النوع. وكان فيلم " كليفتي" عرض علي هامش مهرجان البينالي السابع للسينما العربية في باريس، وشاهدناه، واعجبنا به كثيرا، بل أنه كان يقينا من أجمل وأهم الأفلام التي عرضها المهرجان للمبدع والمخرج السينمائي الكبير محمد خان، صاحب "الحريف" و"زوجة رجل مهم" و"طائر علي الطريق" و"أحلام هند وكاميليا"، وغيرها من أفلام "الواقعية الجديدة" في السينما المصرية في فترة الثمانينيات، وهي فرع من فروع مدرسة السينما المصرية الواقعية، التي خرجت من معطف المخرج المصري كمال سليم في فيلمه " العزيمة " 1936، ويعتبر كمال سليم الأب الروحي المؤسس لها، ثم تطورت وترسخت في ما بعد من خلال أعمال "الأستاذ" الرائد صلاح ابوسيف في أفلامه الرائعة مثل "السقا مات" و"بداية ونهاية" و"الفتوة" و"الوحش" و"ريا وسكينة" وغيرها من الروائع، التي مازالت تزهو علي الشاشة بالابيض والأسود كلما عرضت في التلفزيونات العربية في بلادنا.. وكانت الواقعية الجديدة،كاتجاه سينمائي، نمت وترعرعت كما هو معروف في ايطاليا، علي يد كبار المخرجين الايطاليين من امثال روبرتو روسوليني في " روما مدينة مفتوحة"، وفيتوريو دوسيكا في " سارق الدراجة " وفيسكونتي في " اوسيسيوني "، وذلك في أعقاب الحرب العالمية الثانية، وسقوط ايطاليا الفاشية، أما سينما الواقعية المصرية الجديدة، فتضم سلسلة الأفلام، التي شرعت تصنعها مجموعة من المخرجين المصريين المتميزين في الثمانينيات تشمل علي بدرخان" أهل القمة" و" الجوع" و المرحوم عاطف الطيب " سواق الاتوبيس" و" الحب تحت هضبة الهرم" وخيري بشارة " العوامة 70 " و" الطوق والاسورة" وداود عبد السيد " الصعاليك " و" الكيت كات" وكاتب السيناريو المتميز بشير الديك" سواق الاتوبيس" ومخرجنا المصري الكبير محمد خان، الذي حضر الي باريس، والتقته " إيلاف " في المهرجان بمناسبة عرض فيلمه " كليفتي". وعلي الرغم من تحفظاتنا علي تصنيف الأفلام بشكل عام في اتجاهات ومذاهب، ووضع المخرجين في أدراج وخانات، حيث أن المهم في الأفلام أولا، في اعتقادنا، خارج دوائر التصنيف الأكاديمية، أن تتحقق فيها شروط هذا الفن، عبر المخاطبة بالصورة، وان تكون " كتابة " حقيقية وأصيلة بالضوء، لاختراع " النظرة"، ومن دون اللجوء إلي المخاطبة بالرغي والثرثرة والكلام المعاد المكرر وخبط الحلل، كما في جل مسلسلاتنا وافلامنا السخيفة التافهة، والمهم ثانية في الافلام كما يقول جوريس ايفانز المخرج الهولندي العظيم، ان تكون لها رقة المطر، لكي تمسك بتوهج الحياة ذاتها، وتقربنا أكثر من انسانيتنا.علي الرغم من تلك التحفظات، يحسب لفيلم " كليفتي" كونه ينتمي إلي ذلك التيار السينمائي الواقعي الذي ساهم المخرج الكبير محمد خان بافلامه(20 فيلما) في دعمه وإثرائه وتطويره من داخله ببصمة سينمائية متميزة، وعشق جارف للسينما( ويكاد يكون صاحبه موسوعة سينمائية متحركة) وانحياز الي عالم البسطاء الفقراء والهامشيين المنسيين، وهمومهم وأحلامهم، حلم الحياة البسيطة الكريمة في الوطن، ضد كافة أشكال القهر والظلم، التي تكاد تسحقهم وتجعلهم اثرا منسيا.. فيلم " ديجيتال" يتألق" سينمائيا" ! فيلم " كليفتي " لمحمد خان، الذي عرضه المهرجان في عرض خاص، ضمن عروضه علي هامش المسابقة الرسمية، وقال عنه البعض في ترفع وعنهجية انه فيلم ديجيتال، أي انه لا يساوي شيئا، بمقارنته بأفلام السينما الحقيقية، وهم حتى لم يشاهدونه قبل ان يحكموا عليه،هو فيلم " ديجيتال" صحيح، لكنه فيلم مائة في المائة، قبل أي شيء، بل لعله من أبرز وأجمل الافلام التي صنعها محمد خان، اذ انه فيلم تتحقق فيه كل الشروط التي ذكرناها وأكثر، فهو يتوهج سينمائيا ب" شموليته" الفنية اولا علي مستوي نسيج الصورة ذاتها، ولم نحس علي الإطلاق ونحن نشاهده بأنه فيلم " ديجيتال"، أي انه صور بكاميرا رقمية، ولم يصور بشريط خام داخل كاميرا سينمائية، ومن فرط استغراقنا في احداثه، جعلنا ننسي تماما تلك الفذلكات من نوع كيف صنع وكيف صور الخ، ولم نشعر بأي ملل.. كما انه يتوهج سينمائيا ثانية بموضوعه ورقته، وعذوبته وإنسانيته، من خلال قصة هذا أل " كليفتي " الحرامي اللص المحتال الذي يطرحه علي الشاشة( وكلمة كليفتي هي تحريف مصري بلدي لكلمة كليبتي اليونانية، ومنها كليبتومانيا، بالانجليزية، أي جنون السرقة او الولع بالسرقة).. يطرحه بواقعية ومصداقية، لم تتحقق بهذا الشكل من قبل في أي فيلم روائي مصري، كما في فيلمي " الكيت كات" و" سارق الفرح" لداود عبد السيد مثلا، وتجعله لهذا السبب اقرب مايكون إلي أفلام السينما التسجيلية الوثائقية، وتجسيدا سينمائيا باهرا لنموذج انساني، لايمكن الا ان يكون افرازا مصريا خالصا لكل التناقضات التي يعيشها المجتمع المصري الآن عام2004، وتلك الهوة الواسعة التي تفصل بين الفقراء المعدمين المنسيين الهامشيين، المكدسين في علب الصفيح والمقابر ومدن العشوائيات علي اطراف القاهرة، والداخل اليها مفقود والخارج مولود، ودأب علي تصويرها في قصصه الروائي المصري خيري شلبي، وبين الاثرياء المنعمين المرفهين من اصحاب الملايين في مصر العامرة بالخلق والبشر، الذين يعيشون في فيلاتهم المسورة تحت الحراسة المشددة، ويخشون علي حياتهم من ذلك الانفجار السكاني في كل لحظة، بعدما اصبحت الحياة في مصر، المثقلة بكل هذه الهموم الاقتصادية والاجتماعية، أصبحت جحيما لايطاق، ومعجزة أحد لايعلم،ياألهي، كيف تتحقق كل يوم.. حياة عاطل علي الرصيف و تشريح لمدينة وهذا هو مايقوله لنا فيلم " كليفتي "، ويحكي عنه: يحكي عن " أولاد الشوارع " في مصر من خلال حياة شاب عاطل مطحون بالاسي والهموم، ويعيش مثل كلب ضال، بعد أن هرب من بيته الي الشارع، وكان الاب قبلها تحت ضغوطات الحياة قد سبقه الي الهرب، وترك سقف البيت يسقط علي رؤؤس اصحابه، ثم تزوجت الام، وصار لديها اطفال، وهاهو" كليفتي" الصايع الضايع، يتحايل علي العيش بأية وسيلة، ولايعرف أين ينام، في مدينة مادية متوحشة عملاقة مثل كائن خرافي مشوه اسمها القاهرة، ولا كنج كونج او جودزيلا في قسوتها وتوحشها، وهي تدوس علي البشر،وتطحنهم طحنا، والكل يتحايل لكي يهرب بجلده، غير ان " كليفتي" الشاب العاطل، لابد ان يعيش، ولكي يعيش، فانه يدوس علي ضميره واخلاقه او لا اخلاقه، ويحتال علي كل الناس، يذهب مثلا الي محل لبيع الادوات الغسالات والثلاجات، ويفرض نفسه علي صاحبه، ويتجه لتحصيل الكبيالات المتأخرة له من" فتوات" أشداء، فرضوا حضورهم علي الشوارع في المدينة، وصاروا يقسمونها بينهم كاقطاعيات مثل عصابات المافيا، ويدخل كليفتي في سلسلة من عمليات النصب والاحتيال، ويعيش حياة تعتمد علي الكذب والخداع والاحتيال والغش في كل شييء، فهو يغش في الشارع العام حيث يخطف جاكيتة ويهرب بها، ويوظف التليفون المحمول داخلها لتأجير المكالمات في عرض الطريق، ويغش في الحب ايضا حين يوهم صديقته بأنه سيذهب لطلب يدها من أبيها ويضحك عليها، ولايطالب الاب الا بدفع الكمبيالات المتأخرة عليه لدي صاحب محل الغسالات، ويغش في لعب الطاولة، ويعيش صعلوكا يحتال علي السائحات، ويصطحبهن الي حفلات الحشيش والمخدرات والضياع في بر مصر،وهذا هو قدره، فقد تربي" كليفتي" علي رصيف الشارع، وصار كلبا من كلابه الضالة، وكبر في احضان عصابة تلتقط هؤلاء الكلاب الصغيرة، اولاد الشوارع وتربيهم، لكي يصبحوا مجرمين في مابعد، وتتكسب من ورائهم، وتتعاقب مشاهد الفيلم لتصور بدقة هذه الحياة العبثية المدمرة التي يعيشها كليفتي في " غابة" القاهرة، التي صارت مثل حديقة حيوان بشرية، والكل يردد أنا ومن بعدي الطوفان، ويشتبك كليفتي في تلك المسيرة العبثية- مجبورا هو لاشك- حتي ينتهي به الامر في النهاية الي ان تهجره حبيبته، ويتورط هو مع مجرم من اصحابه في جريمة سطو علي شقة أحد الاثرياء، فيحاول المجرم قتل الطفل الذي تركه أهله في الشقة، وعندئذ فقط يستيقظ ضمير " كليفتي" فينقذ الطفل من موت محقق، ويضرب صديقه المجرم ضربا مبرحا، ثم يسارع الي الهرب، لكن يقبض عليه وعندما يخرج من السجن يكتشف ان حبيبته التي كان يحلم معها بالاستقرار خانته، وخطبت لاحدهم، وينتهي به الامر الي العمل كعامل علي شاطيء احدي المنتجعات السياحية الفاخرة المطلة علي البحر، ويسير علي الماء في نهاية الفيلم، كما سيدنا عيسي المسيح بن مريم، في مقابل مائة دولار، تمنحها له سائحة، تعجب بقدرته علي الاحتيال، وتروح تضحك في نهاية الفيلم علي سذاجتها، اذ حين تنحسر مياه الشاطيء في فترة الجذر، تكتشف انه صعد علي طابور من الطاولات الخشبية التي وضعها داخل البحر قبل ان تغطيها المياه في فترة المد، وذلك في مشهد، يقينا من اجمل المشاهد التي ختم بها محمد خان افلامه. ومن خلال "كليفتي" الذي اعجنا كثيرا وتحمسنا له في المهرجان، يحكي محمد خان في فيلمه عن وعي او من دون وعي، يحكي عن اشياء عاشها ومواقف خبرها، ومدينة أحبها، فهو من خلال ذلك النموذج الذي يقدمه في فيلمه، يضع تلك المدينة العملاقة أمنا القاهرة تحت المنظار الدقيق، ويروح يشرحها كما الجراح بمبضعه، او بالاحري بكاميرته، ويكشف عن تشوهات وانهيارات ومآسي الواقع اليومي المعاش ومعاناته، والتحولات التي تطرأ كل يوم عليه، وتجعله يقف علي حافة الكارثة.. و يكشف محمد خان من خلال هذا النموذج عن موقف و"رؤية"، ويبلور"نظرة" سينمائية ثاقبة، نظرة غير فوقية، وغير متعالية، تعبر عن حبه وتعاطفه مع هؤلاء الناس، الذين يشكلون الغالبية العظمي من أهل مصر في القاهرة، بل انه يكاد بفيلمه " كليفتي" الآسر الجميل، الذي لايخلو من مواقف كوميدية مضحكة، كما في مشهد دفن الميت الذي صحا وانتفض فجأة ومزق الكفن، وتكشف عن حس سخرية عال ومتميز ( انظر مثلا كيف يبدأ الفيلم برجل مجنون هائم علي وجهه بين زحام السيارات المرعب، وهو يشير بأصبعه هكذا ان لا لا كعلامة علي رفضه لهذا الجنون الذي صارت اليه حياة المدينة واهلها، ويكاد يكون العاقل الوحيد وسطهم.أليس هذا الرجل هو " المعادل الموضوعي " لمحمد خان، ونكاد نراه ونتعرف عليه في العديد من مشاهد مجموعة كبيرة من الافلام العشرين التي حققها؟ ) يكاد يجعلنا نحبهم، ونريد ان نطبطبط او نربت علي ظهورهم ونمسح دموعهم، حتي لو انقلبوا علينا، و "شلحونا" ونشلوا مافي جيوبنا.. فيلم محمد خان عن " اولاد الشوارع " والعاطلين عن العمل من شباب مصر علي الرصيف، وحياة الفقراء الهامشيين المنسيين الكادحين من أجل لقمة العيش، هو فيلم عاطفي رقيق ايضا، لانه يحكي عن فشل "علاقة حب" في غابة من البشر باحلامهم المجهضة( ومن اجمل مشاهد الفيلم الرومانسية الرقيقة مشهد " حنان" بطلة الفيلم، التي تتألق في دورها الممثلة رولا محمود، حين تسقط عليها فجأة مياه الحمام المقطوعة، فتروح لفرحها بمجيئ حبيبها، وظنها بأنه قد حضر كي يخطبها، تروح تستحم وتشدو تحت المياه الساقطة ان الدنيا حلوة يابنات، وكذلك مشاهد اللقاء والتجوال داخل سيارة مسروقة، والذهاب لزيارة الام( وتتألق هنا الفنانة الكبيرة سناء يونس في تمثيل دورها ) ومن اجمل مشاهد الفيلم التفاف كليفتي وحنان حبيبته والام وزوج الام واطفالهما حول طبلية داخل حجرة متواضعة في حي شعبي، ويبرز هنا بلاجدال براعة محمد خان في كتابة الحوار في الفيلم وحميميته المطلقة، التي تجعلك تجزم بانه لابد وان يكون قد خالط هؤلاء البشر، وسجل لهم حواراتهم ثم كتبها في مابعد، والاهم من ذلك انه يكشف عن حبه العميق لهم، والتصاق محمد خان الكامل بهمومهم وضحكاتهم واحلامهم المجهضة، وانغماسهم هؤلاء الكادحين، وعلي الرغم من كل شييء في النهاية، انغماسهم في الاستمتاع بالحياة ذاتها،وعن قناعة مصرية متأصلة في كيان مصر العظيم، بأن البقاء لله، وكل من عليها فان، ويبقي وجه ربك ذو الجلال والاكرام، كما تبرز في " كليفتي" مشاهد الحب فوق السطوح في عش الفراخ، وكل هذه المشاهد وغيرها، هي التي تمنح هذا الفيلم ملمحمه الانساني الرقيق، الذي يخفف يقينا من حدة المأساة التي يعيشها " كليفتي" في الفيلم، وتجعله كما في مشهد النهاية ينتصر اساسا للحياة، ضد الظلم وظروف القهر التي تعيشها القاهرة الآن، وهو يعيد إلينا محمد خان الذي نحبه ونحب أفلامه، وقد استعاد عافيته بعد ان احتجب طويلا، كما يكشف الفيلم الذي تحضر فيه المدينة ككيان وسرطان معماري ساحق، وتنضم إلي " صورة القاهرة كمدينة" في أفلام محمد خان، مثل " الحريف" و" ضربة شمس" و" زوجة رجل مهم"، يكشف عن عدم رضوخه لضغوطات وشروط المافيا التي تتحكم في إنتاج وتوزيع الأفلام في مصر، ومسارعته الي انجاز"فتح" جديد بإنتاج هذا الفيلم الروائي الطويل الأول، وتصويره بطريقة الديجيتال، وفتح سكته لأجيال السينما الجديدة التي توظف السينما، كما محمد خان، توظفها كأداة تفكير في مشاكل عصرنا ومتناقضات مجتمعاتنا العربية تحت الشمس.تحية لمحمد خان علي فيلمه الجميل " كليفتي" الذي يتألق بتمثيل باسم سمرا، الذي يتجاوز به كل أدواره في " المدينة" و" باب الشمس" وغيرها ويتفوق علي نفسه، ويستحق المشاهدة عن جدارة..
في اطار البينالي السابع، التقت "إيلاف" المخرج المصري الكبير محمد خان(20فيلما)، فحكي لنا عن تجربته الجديدة في التصوير بالكاميرا الرقمية "الديجيتال"، في محل الكاميرا السينمائية، والاسباب التي دفعته الي انتهاج هذا الاسلوب الجديد في صنع الافلام، كماتحدث عن ذلك "التيار" السينمائي الواقعي الذي ينتمي اليه وانجازات جيله. وكان صاحب "عودة مواطن" و"سوبرماركت" فضل كما هو معروف ان يحتجب لفترة، واعتبر نفسه من المخرجين " المبعدين" الذين يرفضون تقديم اية تنازلات تلبية لرغبات المنتجين، علي حساب فنهم، وتشمل قائمة " المبعدين" كما يعرف الجميع بعض كبار المخرجين في مصر مثل توفيق صالح وعلي بدرخان وسعيد مرزوق، ومن قبلهم المخرج الكبير الراحل كمال الشيخ، الذي ظل لفترة17عاما معتكفا في بيته، ولم يقدم فيها أي فيلم سينمائي، الا ان محمد خان قرر بعد تفكير لفترة، قرر صنع فيلمه " كليفتي"، الذي رفضت انتاجه اكثر من شركة سينمائية، بطريقة الديجيتال، كما فعل مخرجو حركة " الدوغما" في الدانمرك، وحققوا بافلامهم، كما في بعض اعمال رائدها ومؤسسها لارس فون تراير، فتحا جديدا في السينما العالمية.. يقول محمد خان: " ..كاميرا الديجيتال باختصار، ستجعل بامكان أي شخص ان يعمل سينما، لانها منخفضة التكاليف، وتختصر كثيرا من أدوات السينما المطلوبة لعمل الفيلم مثل الاضاءة والعمال والمادة الخام، وردا علي مايقال عن عدم وجود " عمق " للصورة الناتجة عن كاميرا الديجيتال، أتصور أنه " عيب " لن يطول كثيرا، وسيكون له حل في المستقبل القريب العاجل، لأن التكنولوجيا في تطور مستمر.. " · حسنا، لكن ماهي الاسباب التي دفعتك الي انتهاج هذا الاسلوب الديجيتال في صنع فيلمك " كليفتي" ؟ - ظروف السينما المصرية الحالية، والهيمنة علي التوزيع والانتاج، وحيث لامجال لأي موضوع طموح ان يجد له مكانا علي الساحة، ولاسبيل للخلاص الا عن طريق الديجيتال، الذي يمنح الحرية المطلقة للمبدع في تقديم مايريد، ومن دون الوقوع تحت رحمة المنتج وضغوطاته، حيث يحلو للبعض منهم احيانا ان يطلبوا اضافة رقصة او اغنية للفيلم، بعد ان يكون العمل انتهي فيه وصار جاهزا للعرض، واذا قبلت ان تتنازل فقل علي" فيلم لمحمد خان" عندئذ السلام، واغلب المنتجين في مصر لاتعجبهم موضوعات افلامنا التي تقترب من حياة الناس وهمومهم، ولايوجد في مصر منتج واحد لايتدخل في عملك ويرغب في وضع اسمه علي فيلمك، ومناخ الستينيات الذي عملنا به في الثمانينيات وصنعنا افلامنا، لنخاطب عقولا، بدلا من اللعب بالغرائز، هو المناخ المفقود اليوم، مناخ يفرق المواهب، وصار فيه التنافس، من سيعمل ويدخل للتصوير قبل الآخر أو في محل الآخر، واذا كان البعض قد اعتقد ان افلامي وافلام المرحوم عاطف الطيب وخيري بشارة وداود عبد السيد هي مثل الموجة التي تعلو وتكاد تلمس السماء قبل ان تتبعثر وتتلاشي فهم يقينا مخطئون، لأن افلام الواقعية المصرية الجديدة التي ذكرتها وصنعناها لم تكن موجة بقدر ماكانت "تيارا" مستمرا، واذا كان غياب بعضنا بدا متعمدا في فترة تأمل ومحاسبة، في ظروف انتاجية غير مقبولة وتهدف الي هدم أي قيمة فنية والاكتفاء بسينما تجارية بحتة ومسطحة شكلا ومضمونا، فمن بقي منا حيا لم يستسلم ابدا.. · وينهي محمد خان حديثه الي "ايلاف" بقوله: "كم أتمني أن يعتنق السينمائيون الجدد مبدأ أن كلا منهم يكمل الآخر، من أجل فن راق سيدوم.." .. فيلم " كليفتي" : انتاج مصر2004.ملون.بيتا SP . 105 دقيقة.إخراج: محمد خان. سيناريو: محمد خان ومحمد ناصر علي.تصوير: طارق التلمساني.صوت: رفعت سمير. مونتاج : ناديا شكري.موسيقي: فرقة الخانكة. تمثيل باسم سمرا، رولا محمود، سناء يونس، أحمد كمال، محمد عبد العظيم، احمد رشوان. انتاج: افلام خان ( مصر). موقع "إيلاف" في 3 سبتمبر 2004 |
برتولوتشي: لقاء |
السينما العربية في عصر الديجيتال
صلاح هاشم |
|