شعار الموقع (Our Logo)

 

 

عرض في مسرح وسينماتك القصبة، برام الله، قبل أيام، وبتنظيم من مؤسسة عبدالمحسن القطان، و«القصبة» نفسه، فيلم «طريق 181» للفلسطيني ميشيل خليفي، الذي يعتبره النقاد مؤسساً للسينما الفلسطينية المستقلة، بمشاركة المخرج الاسرائيلي ايال سيفان، المعروف بوقوفه الى جانب الحقوق الفلسطينية المشروعة في الارض المحتلة، ومناهضته للصهيونية، وسياسات حكومة شارون الجزار العنصرية في التوسع والاحتلال، وبناء المستوطنات والجدارالعازل.

وكانت قناة «ارتيه» الفرنسية الالمانية الثقافية، حققت سبقا بعرض فيلمهما في العام الماضي، وقبل خروجه للعرض في فرنسا، وسفره في مهرجانات العالم السينمائية، فاذا بانصار اسرائيل وسياسات شارون في الدوائر اليهودية الفرنسية، يتهمون القناة بمعاداة السامية، وبالسعي الى نشر الكراهية والعداء تجاه اليهود ودولة اسرائيل في فرنسا، كما هددت بعض المنظمات الصهيونية اليمينية المتطرفة المخرج الاسرائيلي ايال سيفان بالقتل، وارسلت اليه مظروفا دمويا يحتوي على رصاصة حية، مع رسالة تفيد بأن الرصاصة القادمة سوف تخترق جسده.

وكان الفيلم الذي يستغرق عرضه اكثر من 4 ساعات، تحدث عن «صهينة فلسطين» التي جرت، بخروج الحكومات التي تعاقبت على اسرائيل، عن خطوط التقسيم في قرار «تقسيم فلسطين» رقم 181 الصادر عن هيئة الامم المتحدة في العام 1947، ويقضي بتقسيم فلسطين الى دولتين ويرسم حدودهما، اذ يحكي الفيلم من خلال تجوال الكاميرا على طول خط التقسيم الافتراضي، شمالا وجنوبا، شرقا وغربا، عن نهب الارض الفلسطينية، والانتهاكات والمذابح التي وقعت من اجل السيطرة والاستيلاء عليها، وظروف وأوضاع النكبة التي حلت على الشعب الفلسطيني، في الماضي.

حين فقد الارض، وفي الحاضر، بعد ان صار لاجئا مشردا، او مواطنا اسرائيليا من الدرجة الثانية، بسبب ممارسات وسياسات التمييز العنصري التي تنتهجها اسرائيل، كما ينوه الفيلم بأهمية اعتراف إسرائيل، وقبل أي سلام، بالاعتداءات التي وقعت على حقوق الآخرين اصحاب الارض، ومخالفاتها لكل الشرائع والقوانين الدولية، وكل الجرائم والمذابح التي ارتكبتها، وهو يعرض في نفس الوقت لكل تلك القرى الفلسطينية (اكثر من 140 قرية)، التي اختفت من على خريطة اسرائيل في الوقت الحاضر، على الرغم من تواجدها على خط التقسيم للعام 1947، ويسترجع الفيلم ذاكرتها، ويذكر الغافلين في اسرائيل بحضورها.

ويسجل كل من خليفي وسيفان بالكاميرا احاديث الناس، ويطلق الفيلم شهادات بالغة القسوة والرعب، بخصوص تلك الكراهية المتأصلة في نفوس بعض اليهود تجاه الفلسطينيين والعرب المسلمين، ومن ضمنها شهادة لصاحبة مطعم وبار يهودية يمينية متطرفة، تطلب جهارا في الفيلم ان تحصد اسرائيل ارواحهم، وتقول في الفيلم انها تخشى على نفسها من صاحب المطعم الفلسطيني العربي العجوز الذي يحضر أحيانا ويحوم حول المكان، ويحن الى ذكريات الماضي.

وكانت حكومة اسرائيل انتزعت منه ملكية المطعم، وطردته هو وعياله واسرته، وغيرت اسم القرية التي كانوا يقطنون، وسكنتها للمهاجرين اليهود الجدد، ثم منحت المطعم لتلك السيدة اليهودية التي علقت في انحائه صورا لانتصارات اسرائيل العسكرية في حروبها مع العرب، لتذكر دوما بأن «الحرب هي الوسيلة الوحيدة لتأديبهم، وتخليص العالم من شرورهم».

وكان الفيلم صدمة للكثيرين، خاصة بعد أن بدأ يتحدث عن حكايات المذابح التي وقعت، وينبش في تفاصيلها وعن جثثها، وعن تلك القرى التي كانت موجودة في «خط التقسيم» ثم اختفت، وبعد زيارة متاحف الانتصارات الاسرائيلية في حرب العام 1948، والاطلاع على خرائط فلسطين القديمة المنهوبة.

الفيلم بمثابة تحقيق ميداني عن «الهمجية الصهيونية»، التي قامت وتقوم على عمليات الغزو، والنهب، والاحتيال، والنصب، من أجل الاستيلاء على الارض الفلسطينية وتشريد شعبها، فمسلسل اغتصاب الارض لا يزال قائما، وهو بمثابة العمود الفقري لسياسات التوسع الاحتلالية.

ويكشف هذا الفيلم عن ثمرة تعاون سينمائي فلسطيني اسرائيلي مشترك، لفضح سياسات دولة الاحتلال، منذ صدور قرار التقسيم ولحد الآن، أي مع الشروع في تشييد جدار الفصل العنصري.

ولذلك يعتبر الكثير من النقاد والمهتمين هذا الفيلم، وثيقة سياسية للتاريخ، وخطوة على طريق صنع سينما فلسطينية اسرائيلية مشتركة، بهدف تعبئة كل القوى المناهضة للصهيونية داخل اسرائيل، وخارجها، ومن اجل المطالبة بسلام حقيقي يحافظ على حقوق الفلسطينيين المشروعة، مع اعتراف اسرائيل بكل الجرائم التي ارتكبتها بحقهم.

ويقول المخرج ميشيل خليفي: أردنا التعمق في التاريخ الحديث، من خلال تصوير محطات على خط قرار التقسيم. والذي أعطى اسرائيل الحق القانوني في تأسيسها، مشيراً إلى أن الصراع انتقل الآن من صراع سياسي حضاري وتاريخي مع الحركة الصهيونية، الى صراع ديني أثني. حاولنا من خلال هذا الفيلم الدخول الى الذاكرة، والى الواقع، وتبيان ان فلسطين موجودة في ذهن المهاجر الاسرائيلي أيضاً.. نحن نريد أن يتكلم الأشخاص عن آلامهم وعن الأحداث. عن تصورهم للواقع وللمستقبل. باختصار نريد أن نسمع.

وأضاف خليفي: كان كل هدفنا الانصات الى الضحية، وإلى الجلاد، دون تنسيق مسبق أو مواعيد. استمعنا اليهم، ونقلنا هذه التجربة، وهذا الكلام الى العالم.

البيان الإماراتية في 1 سبتمبر 2004

كتبوا في السينما

 

مقالات مختارة

حوار صريح مع المخرج السينمائي المصري محمد خان

عمر الشريف يفوز بـ"سيزار" أفضل ممثل

جوسلين صعب:السينما التسجيلية تمنح رؤية نافذة للاحداث

ناصر خمير: أفلامي حلم... وعندما تحلم تكون وحدك

      برتولوتشي: لقاء

رندة الشهال: أهل البندقية يحبونني

تاركو فسكي: بريق خافت في قاع البئر

 

 

تهديد بقتل مخرجه

فيلم «طريق 181» لخليفي وسيفان يثير المشاكل

رام الله/ يوسف الشايب