شعار الموقع (Our Logo)

 

 

في نهاية “أحلام هند وكاميليا”، أحد أفضل أفلام محمد خان الى اليوم جنباً الى جنب مع “زوجة رجل مهم” و”عودة مواطن”، تكاد تفتقد كل من هند وكاميليا الفتاة الصغيرة أحلام. كلا الامرأتين تهرعان على طول الشاطئ الهادر بحثاً. ثم يجدانها. وترتاح هند وترتاح كاميليا وتلعب أحلام بينهما. هند وكاميليا هما بمثابة والدتين للفتاة. ولاحظ اللعب على عنوان الفيلم “أحلام هند وكاميليا”. الفتاة اسمها أحلام وهي تنتمي الى هند وكاميليا، والفيلم عن أحلام “بمعنى تمنيات” هند وكاميليا.

“كلفتي” لا يذكر كثيرا ب “أحلام هند وكاميليا” الا من حيث إمعان المخرج في أسلوبه الواقعي الشفّاف مع نهاية مفتوحة كتلك التي في الفيلم السابق. لكن “كلفتي” هو أكثر قرباً من “فارس المدينة”، وهو فيلم رائع آخر أخرجه خان. رغم ذلك هناك فارق كبير بالطبع: “فارس المدينة” عن رجل ذي ظلالات “لعبه بأداء لا يُجاري محمود حميدة” يتصدى لما يراه خطأ منطلقاً من ذات أخلاقية شهمة تميّزه عن الشخصيات المحيطة به. بطل “كلفتي” آت من حضيض المدينة ولا يمتلك، على عكس شخصيات أخرى جاءت من القاع في أفلام خان أو في أفلام آخرين سواه، نزعات الشهامة والذات الأخلاقية. لديه السائد والمتفق عليه من الطبيعة العامة لأمثاله: “فهلوي”، “محنك”، “خفيف”، “لعبي” و”كلفتي”. خلال مرتين شاهدت الفيلم فيهما حاولت أن أقع في حب هذه الشخصية على عيوبها مسترجعاً أن أحمد زكي ومحمود حميدة ويحيى الفخراني وسواهم من رجال أفلام خان أوقعوني في حب شخصياتهم على الرغم من البقع الرمادية الكثيرة في تلك الشخصيات. بطل “كلفتي” يعجز عن جذبي، وربما يعجز عن جذب كثيرين غيري.

أحد الأسباب أن الممثل باسم السمرا يبدو مجسداً طبيعياً للدور، الا إنه يخلو مما يسمّونه في الغرب “كاريزما” كتلك التي احتواها قبله محمود حميدة في “فارس المدينة”. على الشاشة باسم السمرا أشبه بمن تسلق سلّما طويلاً ووقف في منتصفه. هذا ما يستطيع بلوغه. ابتسامته العريضة لا تخفي ثقل ظل ترجمته للشخصية. لا أقول ثقل ظل الممثل لأني لا أعرفه سابقاً الا من خلال عملين مع مكتشفه يسري نصر الله، لكن بالتأكيد ثقل ظل إدائه.

يتعامل المخرج مع ممثليه بتلك الحرفية التي سادت تعامله مع كبارهم. الممثل يصبح طيّعاً بين يدي محمد خان وشفافاً الى حد بعيد. كل ظلمات أحمد زكي في “زوجة رجل مهم” تتبدى شفّافة من دون أن يؤثر ذلك فيها او يزيل عنها وحشتها. الحال هنا هو ذاته، إنما مع عدم وجود تركيبة صعبة او معقدة. ما لا يستطيع الممثل باسم سمرة ان يصبح عليه هو أن يتجاوز التنفيذ الطيّع الى التجسيد المعمّق. يبقى على السطح. مظهراً مناسباً وجهداً مبذولاً إنما من دون أن يلبّي حاجة المشاهد الى التواصل مع بطله او تبنيه.

يبقى أن الفيلم ليست فيه معضلة اجتماعية مهمة كما الحال في سيناريوهات “زوجة رجل مهم” أو “الحرّيف” “حيث حال ذلك الهامشي أكثر عمقاً من حاله هنا” أو “عودة مواطن”، وهذا يبقى المأزق الذي يجد المخرج نفسه فيه. إنه يملك كل المقوّمات الضرورية لفيلم آخر من نوعيته المميّزة باستثناء سيناريو أصعب منالا، أكثر تحدياً وأهم طرحاً. لكنه من الخطأ أيضا الخلط بين هذا الوضع وبين مكانة المخرج نفسه. بعض النقاد قد يغلون الفيلم بأسره على أساس انه “فيلم آخر من أفلام محمد خان يحمل ذات مواصفاته”. الخطأ هو أن هذه المواصفات هي أفضل بكثير من مواصفات معظم من في الساحة العربية اليوم. المفردات التي تشكلها، تقنيا ولغوياً وقواعدياً ومن ثم أسلوبياً، لا مثيل لها في السينما العربية بصرف النظر عن إخفاق المخرج في إيجاد سيناريو أقوى يتحدث به.

الخليج الإماراتية في 29 أغسطس 2004

كتبوا في السينما

 

مقالات مختارة

حوار صريح مع المخرج السينمائي المصري محمد خان

عمر الشريف يفوز بـ"سيزار" أفضل ممثل

جوسلين صعب:السينما التسجيلية تمنح رؤية نافذة للاحداث

ناصر خمير: أفلامي حلم... وعندما تحلم تكون وحدك

      برتولوتشي: لقاء

رندة الشهال: أهل البندقية يحبونني

تاركو فسكي: بريق خافت في قاع البئر

 

 

فيلم

“كلفتي ومحمد خان

محمد رضا