يعرض بصالات المنطقة الكردية في العراق حاليا فيلمان أخرجهما فنانان كرديان مهاجران يتناولان موضوعا واحدا هو قضية حلبجة التي ضربت بالسلاح الكيماوي أواسط ثمانينيات القرن الماضي. الفيلم الذي أخرجه الكردي العراقي المهاجر لأميركا جانو زوبياني يحمل اسم "زيان" أي "الحياة" فيما يحمل فيلم أنور السندي الكردي المهاجر إلى أوروبا اسم "به ره وبه يانى ييكى زوو" أي "مطالع الفجر". ويعد زيان ومطالع الفجر من الأفلام الأولى التي صورت في كردستان العراق وأنجز مونتاجها في الدول الغربية والتي يقول القائمون عليها إنها حصلت على جوائز في بعض المهرجانات السينمائية. ويتناول فيلم زوبياني طفلة كردية اسمها (زيان) تعاني صدمة بعد قصف حلبجة وتتعرف على أحد المثقفين الأكراد القادمين من الغرب لتقديم المساعدات لإعادة إعمار المدينة الصغيرة. أما الفيلم الآخر والذي يقوم ببطولته المخرج نفسه -السندي- فيعالج قصة شاب من حلبجة تصيبه قنبلة كيمياوية قبل أن يهرب إلى الخارج للعلاج ويستقر به المطاف في أوروبا. يقول أنور السندي خلال لقاء مع الجزيرة نت "أردت من خلال الفيلم وهو أول أفلامي التعويض عن التقصير الإعلامي الذي رافق كارثة حلبجة.. أردت أن أقدم هدية لأرواح الضحايا الذين لم نتمكن من تقديم شيء لهم حتى الآن". بيد أن موضوع حلبجة الذي يستحوذ على اهتمام المخرجين زوبياني والسندي لا يؤرخ وحده لمساعي تأسيس صناعة سينما في كردستان العراق. فثمة أفلام صنعت قبل هذين الفيلمين أبرزها "تونيل" الذي أخرجه د. مهدي أوميد والذي صور بالكامل في جورجيا وفيلم "المسيرة الصامتة" للكردي د. إبراهيم سلمان والذي صور في اليونان عام 1992. وحول ظروف تصوير "المسيرة الصامتة" يقول سليمان الهولندي الجنسية الذي يزور كردستان حاليا إنه حاول أن يصور في كردستان العراق لكنه فشل بسبب الظروف القائمة في المنطقة حينئذ، الأمر الذي دفعه لاختيار اليونان مكانا للتصوير والاستعانة باللاجئين الأكراد هناك كممثلين. وأوضح أن الفيلم لاقى نجاحا كبيرا وعرض ضمن مهرجانات في عدة دول أوروبية، كما عرضه التلفزيون الهولندي والأسترالي ومحطة "مد" الفضائية. ويحمل سليمان بجعبته أيضا مشروع فيلم سينمائي جديد يتخذ من عمليات الأنفال منطلقا له، وهو يسعى حاليا لتصويره في كردستان العراق. وحول هذا الفيلم يقول سليمان "عملت على سيناريو الفيلم عشرين عاما كنت خلالها أضيف وأحذف قبل أن أقدمه إلى شركات إنتاج عالمية". ويضيف أنه ونظرا لكون الفيلم يتضمن لقطات حربية فيها دبابات وطائرات وجيش كامل، ولكونه ناطقا بالكردية لم يجد تجاوبا من هذه الشركات المهتمة باستعادة الأموال التي تنفقها. لذا -يضيف سليمان- "توجهت إلى كردستان لعرض المشروع على الجهات الكردية إلا أنني لم أتلق حتى الآن أي تشجيع أو دعم. المخرج السينمائي ومدير دائرة السينما في كردستان د. مهدي أوميد يقول من جهته إن الدائرة ومقرها أربيل قدمت مشروعا يحمل اسم "مدينة السينما" على أن يقام على أرض مساحتها 70 ألف متر مربع. ويضم المشروع حسب أوميد إستوديوهات للتصوير الداخلي ومناظر للتصوير الخارجي ومختبرات للتحميض والطباعة والمعالجات والمؤثرات السينمائية وصالات للعرض السينمائي، بما يكفي لجعله مركزا لجذب السينمائيين الأكراد من جميع أنحاء العالم وخدمة السينما العراقية. محاولات طموحة من السينمائيين والإداريين الأكراد لتأسيس قاعدة لصناعة سينمائية محلية قد تكون يوما ما منطلقا لتأسيس هوية سينمائية كردية. الجزيرة نت في 29 أغسطس 2004 |
برتولوتشي: لقاء |
أربيل/ أحمد الزوايتي |
يعطي الفيلم الوثائقي "حول بغداد" الذي يعرض في مهرجان مونتريال للافلام العالمية الكلام هذه المرة الى اهالي العاصمة العراقية الذين نلمحهم بالكاد في خلفية صور الاحداث التلفزيونية. وتضم شركة "انكاوتنر برودكشنز" الاميركية التي انتجت الفيلم الوثائقي عددا من الناشطين المتحدرين من الشرق الاوسط الذين يناضلون من اجل مصير اللاجئين. وقد صور في تموز/يوليو 2003 اي بعد بضعة اشهر على سقوط العاصمة العراقية بيد قوات الاحتلال الاميركية والبريطانية. ويروي الوثائقي الذي يعرض للمرة الاولى خارج العراق بحسب المنظمين قصة شاعر عراقي يدعى سنان انطون يعود الى بغداد بعد 12 عاما من المنفى في الولايات المتحدة. ويلاحظ الشاعر خلال جولته في مدينته الام كم تغيرت الامور بعد ثلاثة حروب وعقوبات دولية صارمة. ويعبر المواطنون امام عدسة المصورين عن ارائهم بحرية بينهم مجموعات من العاطلين عن العمل وتلميذات وناشطة في مجال حقوق الانسان ومحامية سجنت وعذبت خلال حكم صدام حسين وشاعر اوقف وعذب بدوره في سجن ابو غريب تحت الاحتلال الاميركي ومقاتل سابق خلال الحرب مع ايران (1980-1988). ومن خلال شهاداتهم يعبر المواطنون امام الكاميرا عن ارتياحهم لتحريرهم من صدام حسين متحدثين عن عمليات التعذيب وعمليات الاختفاء والقمع الذي عاشوه في ظل النظام السابق. كما تعبر الغالبية من بينهم عن استيائها من الاحتلال الاميركي والفوضى التي تسود بغداد في وقت "وعد فيه الاميركيون بتحريرنا". ويقول جندي عراقي سابق "صدام حسين مسؤول عن كل مآسينا وعن الحرب ضد ايران كما الاحتلال الاميركي". ويرى سائق سيارة اجرة ان "الاحتلال سيتنهي في يوم واخر" مشيرا الى ارتياحه وامتنانه لان الاميركيين خلصوا الشعب العراقي من الدكتاتور السابق. ويردد الشاعر كصدى لمطالب المتحدثين "يعود الى العراقيين بناء ديمقراطيتهم. فالمستقبل ملك لهم وهم يطالبون بسيادتهم التي فقدت منذ سنوات عديدة مع وصول صدام حسين الى الحكم". وعلى الرغم من عذابات الماضي تستمر الحياة في بغداد وهو ما تظهره بعض المشاهد من شوارع العاصمة مثل الصور الجوية لنهر الدجلة او حتى الاسواق الصغيرة في الحي. ويتوقف سنان انطون عند المباني التي دمرتها الحرب وامام انقاض المكتبة الوطنية ومستشفى الصدر "الذي تنقصه الوسائل منذ التسعينات" كما يشرح مديره. وتقول امرأة ان "الحرب الاخيرة كانت الاصعب لان القذيفة قد تسقط على رؤوسنا في اي وقت". ويعرض الوثائقي مشهدا غريبا عندما يحاور فريق التصوير مدير غرفة التجارة الذي يسعى جليا الى تجميل الوضع. فيؤكد ان الاقتصاد ينطلق من جديد وان العراق يستطيع تصدير منتوجاته الى الولايات المتحدة من دون مشاكل وبسعر جيد وان البطالة اختفت تقريبا. فيقاطعه احد الموظفين مناقضا تماما ما يقوله ليشير الى ان 70% من السكان عاطلون عن العمل. واخيرا يعرض الفيلم صور جنود اميركيين يؤكدون احقية قضيتهم علما ان اعمارهم لا تتجاوز 23 الى 25 عاما. وتعرض خلال المهرجان في مونتريال 415 فيلما بين طويل وقصير الى جانب افلام وثائقية اخرى تمثل 72 بلدا حتى السادس من ايلول/سبتمبر. موقع الـ MSN 28 أغسطس 2004 |