شعار الموقع (Our Logo)

 

 

الشيء الواضح والأكيد والذي يلفت الأنظار في الأفلام السينمائية لهذا الموسم بدءا من شكل الأفيشات هو دور النجم السينمائي كصانع للأفلام ومحرك لكل تفاصيل العمل‏,‏ وإذا كان الموسم الصيفي لهذا العام لم يشهد تغييرات جادة كما توقع بعض القائمين علي صناعة السينما قبل بدايته‏,‏ إلا أن الشيء الواضح هو التأكيد علي ديكتاتورية النجوم‏,‏ وتحديدا نجوم الكوميديا‏.‏

عادة ما ترتبط النجومية بالديكتاتورية وهناك الكثير من الوقائع المتعلقة بتدخل النجوم لم ينسها صناع السينما خاصة بنجمة أو نجم بعينه‏,‏ ولكن كانت هناك دوما حدود لشكل هذا التدخل‏,‏ فهو قد يكون علي الورق‏,‏ وفي أحيان كان يتجاوز إلي اختيار مدير تصوير بعينه أو ترشيح مخرج محدد‏,‏ إلا أن بعض نجوم الكوميديا الحاليين كرسوا لديكتاتورية واضحة الملامح والمعالم‏,‏ فالتدخل يبدأ من الفكرة وشكل السيناريو وطبيعة الحوار وصولا إلي عمل المخرج والذهاب إلي حجرة المونتاج والتدرج الطبيعي هو اختيار شكل الأفيش‏,‏ وهذا يبدو واضحا في أفيشات الأفلام الكوميدية التي تملأ الشوارع‏,‏ فها هو عوكل‏,‏ أقصد ـ محمد سعد ـ تتصدر صورة طويلة له أفيش الفيلم‏,‏ وعادل إمام‏,‏ تاريخه يسمح له بالطبع‏,‏ لذلك علينا أن نطرح تساؤلا حول تأثير هذا التدخل علي الشكل النهائي للفيلم وبالتحديد المستوي الفني‏,‏ خاصة أننا أصبحنا في عصر سينما اللا سينما‏.‏

لذلك سنجد أن الفيلم أصبح مشروعا مرهونا بالممثل‏,‏ حتي لو لم يكن هو المنتج‏,‏ فهو أكثر من يستفيد من النجاح ويتأثر بالفشل‏,‏ وبالتالي أصبح هو الوحيد المتحكم في أغلب الخيوط‏,‏ وبالتأكيد ما يحدث يؤكد لنا أن هناك ضعفا في شركات الإنتاج وضعفا في إرادة نوعية محددة من المخرجين‏,‏ أطلق عليها الناقد طارق الشناوي‏,‏ مسمي محدودي الموهبة‏,‏ لذلك ظهر الممثل المسئول عن كل شيء‏,‏ يري الشناوي أن هنيدي تنازل قليلا عن ديكتاتوريته باللجوء إلي مخرج مثل شريف عرفة لإنقاذه‏.‏

الزعيم

عادل إمام نجم له تاريخ طويل مع النجاح ولا أحد يستطيع أن ينكر عليه أنه واحد من أهم نجوم الوطن العربي علي الإطلاق ليس ذلك فقط بل هو الأعلي سعرا في البيع الخارجي حيث تصل أسعار أفلامه في الخليج‏500‏ ألف دولار‏,200‏ ألف دولار في لبنان حسب تأكيد الناقد السينمائي ومسئول التوزيع بمجمعات كوزموس وجيه خيري ليس ذلك فقط بل إن محمد سعد الذي يحقق أعلي الإيرادات حتي الآن في مصر يحتل المرتبة الثانية بعد الزعيم في التوزيع الخارجي بفارق مليون دولار علي الأقل‏,‏ وهذه الأرقام لا تؤكد سوي علي شيء واحد أن عادل إمام لا يزال هو نجم النجوم‏,‏ ولكن التساؤل الملح والذي سيفرض نفسه علي رأسك طوال فترة مشاهدة فيلمه الجديد عريس من جهة أمنية للمخرج علي إدريس‏,‏ مادام هناك نجم بهذا الحجم ويملك كل الصلاحيات لاختيار السيناريو والتعديل فيه واختيار الفنيين وترشيح الفنانين المشاركين معه‏,‏ شريف منير‏,‏ صاحب الأداء الخاص‏,‏ لبلبة التي تؤكد أن بداخلها طاقات فنية كثيرة‏,‏ والمجتهدة حلا شيحا‏,‏ فلماذا الاستسهال؟ وتحديدا في سيناريو الفيلم فهو أضعف ما في الفيلم وبالتالي انعكس علي كثير من تفاصيل العمل‏,‏ وبدا في بعض مشاهده يشكل عبئا علي الممثلين الذين لم يجدوا شيئا سوي تكرار أنفسهم في مشاهد بعينها‏,‏ فالفكرة شديدة الإنسانية‏,‏ وسبق أن قدمتها السينما العالمية بخفة دم شديدة‏,‏ أب تربطه علاقة وطيدة بابنته تصل إلي درجة المرض لذلك يرفض تزويجها باستمرار‏,‏ فالمساحات الإنسانية وتفاصيل هذه العلاقة لم تغر المؤلف يوسف معاطي بالتوقف عندها‏,‏ وهو ما كان سيعطي الفيلم بعدا إنسانيا‏,‏ واكتفي المؤلف بالمشاهد الدائرية التي لا تخدم الدراما في شيء والمبالغات التي تضحك أحيانا وتصيبك بالضجر أحيانا أخري‏,‏ قدم بشكل لاهث وسريع استعراضا لطابور العرسان‏,‏ الذي يأتي إلي الأب طالبا يد ابنته واستسهل أكثر عندما قدم نماذج نمطية‏,‏ الشاب المدعي والكاذب‏,‏ جسده أشرف عبدالباقي‏,‏ الشاب ابن أمه‏,‏ أحمد زاهر‏,‏ والذي لا نفهم مبررا سوي الضحك لجعله يخلع ملابسه كاملة‏,‏ وهو المشهد الذي أضر بزاهر‏,‏ وريكو الذي لم نفهم منه جملة واحدة في الحوار أقصد أن أغلبها شخصيات تحمل عيوبا قاتلة‏!!‏ حتي المشهد الافتتاحي والذي قدم لنا شخصية الأب‏,‏ عادل إمام‏,‏ صاحب البازار‏,‏ وأحد أهم العاملين في السياحة لم يكن موفقا وقدمه علي استعجال شديد‏,‏ ليس ذلك فقط بل من الواضح أن المؤلف خضع لرغبة الزعيم في رسم ملامح هذه الشخصية فهو محب للنساء وكثير النزوات ويحرص علي اختيار واحدة من زبائن البازار ويخرج بها للصحراء‏,‏ وكثيرا ما يقوم بصفع من حوله‏,‏ وأيضا ضربهم علي ـ المؤخرات ـ كعادة أفلام عادل إمام‏,‏ وهي تفاصيل لم تقدم أو تؤخر في دراما الفيلم‏,‏ لذلك ستجد أن الثلث ساعة الأول من الفيلم من أضعف أجزائه وسيبدأ إيقاع الفيلم في الانضباط مع ظهور شخصية طارق‏,‏ شريف منير‏,‏ العريس الخالي من أي عيب‏,‏ والتي اجتهد شريف في ملامحها‏,‏ محاولا تخطي مشاكل الورق‏,‏ وبعيدا عن المشاهد التي لا تهدف سوي الإضحاك‏,‏ لذلك علينا أن نتساءل هل الزعيم بكل خبرته لم يشعر بنواقص هذا العمل‏,‏ أم أن تدخله هو الذي انعكس سلبا علي مستوي الفيلم؟ علي الرغم من أن بعض النقاد السينمائيين يرون أن عريس من جهة أمنية من أفضل أفلام عادل إمام في العشر سنوات الأخيرة وبالتحديد منذ فيلمه الواد محروس خاصة أن عادل ارتضي أن يجسد دور أب لفتاة تتزوج ليس ذلك فقط بل تظهر له حفيدة في نهاية الفيلم‏,‏ إلا أن طغيان الزعيم واضح جدا‏.‏

عوكل3

المفارقة أنني عندما سألت المخرج محمد النجار‏,‏ صاحب عوكل‏,‏ عن ديكتاتورية النجوم وتدخلهم في صنع الأفلام علق بأن هذا النمط من سلوك النجوم يفسد العمل علي المستوي الفني‏,‏ كما أن أنانية النجوم تحول دون أن يخرج الفيلم بشكل أجمل ليس ذلك فقط بل تؤدي هذه التدخلات إلي تحول الأفلام إلي اسكتشات‏!‏ لا ترضي سوي غرور الفنان‏.‏

طبعا يحمل كلام النجار‏,‏ مفارقة كبري خاصة أن عوكل هو النموذج العملي لفكرة النجم الديكتاتور‏,‏ الذي يتدخل في كل تفاصيل العمل‏,‏ بدءا من الفكرة وحتي السيناريو و المونتاج و الموسيقي التصويرية تخبلوا حتي لو تغاضينا عن ترشيح المخرجين واستبعاد بعضهم‏,‏ والخناقات مع محمد النجار‏,‏ في موقع التصوير‏,‏ ومحمد سعد طوال الفيلم وفي كل مشهد ولقطة يقول أنا النجم ولا أحدي غيري‏,‏ وسعد يملك موهبة خاصة وهو ممثل حقيقي يملك حب الجمهور‏,‏ ولكن للأسف أصبح يخشي الخروج من عباءة اللمبي بدليل انه وضع رقم‏3‏ في الأفيش علي إعتبار أن عوكل هو الإمتداد الطبيعي للمبي‏,‏ لأنه يخاف الفشل علي الرغم من أنه في المشاهد القليلة التي تحدث فيها بصوته العادي جدا ـ دون أن يفتعل الخنفان ـ كان معبرا جدا‏,‏ ويكفي أننا استمعنا لصوته الحقيقي لأول مرة منذ أن أطل علينا في اللمبي‏,‏ وعلي الرغم من الملايين التي يحققها سعد‏,‏ في فيلمه الجديد إلا أن هذه الملايين ليست لها علاقة بالمستوي الفني للفيلم‏,‏ فلا يوجد بناء درامي سليم ولا صورة سينمائية ثرية مليئة بالتفاصيل ويصبح التساؤل هل تدخل الفنان في العمل يحوله إلي مجموعة من النكات التي تحصد هذه الملايين؟

الناقد وجيه خيري‏,‏ يتفق معنا في تعبير عصر سينما اللا سينما حيث يؤكد أن معظم الأفلام التي تعرض حاليا بعيدة كل البعد عن فن صناعة السينما الذي درسناه وتربينا عليه لأن أبسط قواعد هذا العمل هو احترام كل فرد لتخصصه‏,‏ وأن يكون هناك سيناريو محبوك دراميا ولا يخضع للمصادفات والمفارقات غير المبررة دراميا‏.

إذا كان فيلم سعد يكشف عن تدخل واضح للنجم فإن فيلم روبي‏7‏ ورقات كوتشينة والذي راهن بعض القائمين علي صناعة السينما بأنه قد يحدث انقلابا في السوق‏,‏ وهو ما لم يحدث‏,‏ فإيراداته لم تتجاوز الـ‏2‏ مليون جنيه إلا أنه شهد ديكتاتورية من نوع آخر وهو المخرج شريف صبري‏,‏ والذي أخضع كل شيء في الفيلم لنزواته وليس رؤيته الإخراجية كما يبدو أنه لم يصدق أنه أخيرا يقدم فيلمه الأول‏,‏ فخرجت علينا الأفيشات والإعلانات معنونة بالفيلم الأول للمخرج شريف صبري‏.‏

تيتو‏..‏ نغمة مميزة

في ظل فوضي السوق وغياب التنوع الحقيقي‏,‏ وتداخل الأوراق عاد النجم أحمد السقا‏,‏ ومعه النجمة حنان ترك‏,‏ والمخرج طارق عريان‏,‏ بعد غياب عامين بفيلمه تيتو وجاء الفيلم معاكسا لكل فوضي السوق لذلك فهو يعزف نغمته الخاصة‏,‏ فـ تيتو هو الفيلم الوحيد الذي ينتصر لصناعة السينما بكل تقاليدها‏,‏ بمعني أن الممثل يعرف أن دوره هو تجسيد الشخصية وأن هناك من هو أعلي منه أقصد المخرج الذي يديره ويوجهه‏,‏ ويخضع الفنان لتوجيهاته‏,‏ لذلك جاء تيتو مميزا علي مستوي الصورة السينمائية الشديدة الغني‏,‏ فهناك أيضا إنتاج يفهم معني صناعة السينما‏,‏ وعلي الرغم من أن هناك تحفظات علي بعض المناطق في السيناريو ورسم بعض الشخصيات مثل شخصية حنان ترك والتي اجتهدت في صنع ملامح محددة لهذه الشخصية‏.‏

وانعكست آلية العمل تلك علي أداء الممثلين فقد تكون هذه المرة من أفضل المرات التي نشاهد فيها السقا يصل إلي هذه الدرجة من الأداء المميز للشخصية‏,‏ فهو تمكن من السيطرة علي أدواته‏,‏ بدءا من تعبيرات الوجه وصولا إلي التحكم في نبرة الصوت وحتي مشاهد الأكشن التي أداها برعونة‏,‏ كانت مقصودة‏,‏ فهو شخص حبيس أغلب سنوات عمره‏,‏ لذلك كانت حركته تتسم بالعشوائية‏.‏

وتيتو يؤكد لنا علي نظرية مهمة جدا في التمثيل وهي أن الممثل يأخذ من زميله الذي يقف أمامه‏,‏ ووضح هذا في المشاهد التي جمعت السقا بخالد صالح‏,‏ الممثل الغول‏,‏ الذي جسد دور الضابط الفاسد رفعت السكري لذلك يستحق تيتو حفاوة الجمهور‏,‏ ويتوقع له أن تستمر إيراداته في تصاعد علي الرغم من تقلص دور العرض‏.

مع الفارق‏,‏ يأتي فيلم خالتي فرنسا في إطار الأفلام التي تعرض في إطار الكوميديا‏,‏ والأفلام الشعبية‏,‏ وعلي الرغم من الهجوم الحاد الذي كان من نصيب الفيلم لزيادة مساحات الردح والشتيمة في الفيلم‏,‏ الذي تناول حياة الشراشيح ـ يقصد من يقومون بإفساد الأفراح أو المآتم أو الانتخابات ـ إلا أنه كان مغامرة غنية لبطلته مني زكي والتي قد يكون أغراها تنوع الشخصيات التي أدتها في الفيلم‏,‏ ووقوفها مع نجمة بحجم عبلة كامل التي كررت نفسها في فيلم خالتي فرنسا حيث جاء أداؤها مشابها لفيلم اللمبي وكلم ماما‏,‏ وهذا يؤكد سطوة نجوميتها‏,‏ فهي لم تخضع للمخرج علي رجب‏*

من أفلام الموسم الصيفي التي ستعرض تباعا فيلم هاني رمزي غبي منه فيه للمخرج رامي إمام الذي يري من شاهده من موزعين أنه من أكثر أفلام الصيف التي تحمل مشاهد ضحك لدرجة أن إحدي الرقيبات قامت بتقبيل هاني بعد أن شاهدت الفيلم‏.‏

فيلم فول الصين العظيم للنجم محمد هنيدي‏,‏ وفيلم حالة حب لسعد هنداوي‏,‏ ويشهد سبتمبر عرض فيلم يوسف شاهين إسكندرية نيويورك‏.‏

·         يبلغ إجمالي إيرادات السينما المصرية في موسم الصيف من‏60-50‏ مليونا‏.‏

·         حققت السينما المصرية في العام الماضي أفلام الصيف‏800,61‏ مليون جنيه‏.‏

·         الصيف هذا العام يحمل نفس المؤشرات ليس ذلك فقط‏,‏ فالبدايات هذا العام أقوي من الموسم الماضي‏.‏

·         عوكل‏:‏ عشرة ملايين ونصف المليون ومتوقع في الأسبوع الرابع أن يصل إلي‏20‏ مليونا‏.‏

·         تيتو‏:800,8‏ مليون وسيرتفع علي الرغم من قلة دور العرض‏.‏

·         عريس من جهة أمنية‏:‏ حقق في أول يوم عرض الافتتاح‏300‏ ألف‏,‏ أقل من معدلات عادل إمام‏.‏

·         خالتي فرنسا‏:4‏ ملايين جنيه‏.‏

·         تحلل الأرقام في إطار أن عوكل اضيفت إليه حفلات صباحية وسبر ميدنايت‏.‏

 

الأهرام العربي في 31 يوليو 2004

كتبوا في السينما

 

مقالات مختارة

حوار صريح مع المخرج السينمائي المصري محمد خان

عمر الشريف يفوز بـ"سيزار" أفضل ممثل

جوسلين صعب:السينما التسجيلية تمنح رؤية نافذة للاحداث

ناصر خمير: أفلامي حلم... وعندما تحلم تكون وحدك

      برتولوتشي: لقاء

رندة الشهال: أهل البندقية يحبونني

تاركو فسكي: بريق خافت في قاع البئر

 

 

من عبلة كامل و محمد سعد إلي عادل إمام

ديكتاتورية النجوم تفسد الأفلام‏!‏

علا الشافعي