شعار الموقع (Our Logo)

 

 

كيف أثرت الجوانب المحلية والعالمية على أعمال يوسف شاهين من حيث الشكل «أو المضمون ما هي التيمات والموضوعات التي طرحها في أعماله، وكيف تطورت؟ ومن جهة أخرى كيف جاء هذا التأثير على مستوى الشكل أو الادوات التقنية؟

أسئلة تطرحها الباحثة الشابة سعاد شوقي في مقدمة دراستها عن «سينما يوسف شاهين..

تطور الرؤية والاسلوب التي صدرت عن سلسلة «آفاق السينما» وتنشرها الهيئة العامة لقصور الثقافة (أبريل 2004).عبر رحلة أمتدت لأكثر من خمسين عاما ترى الباحثة أن شاهين أصبح من أهم علامات السينما المصرية : حتى لتدخل أكثر من نصف أفلامه ضمن أهم أفلام السينما المصرية عامة في ترتيب يختلف من فيلم لآخر..

وقد تنوعت موضوعاته وإهتماماته بدءا من الموضوعات الإنسانية العامة، حتى طرحه لذاته لأول مرة يقوم بها مخرج على الشاشة بجرأة غير مسبوقة كان سببا في الصدام مع النقاد والجمهور، فقد تمرد على التابوهات التقليدية في السينما المصرية وفي رحلته يعيش شاهين في حالة جدل مع أفكاره، مما أمده برؤية متمردة قلقة وباحثة، وجرأة على التجريب وتقديم الجديد على مستوى التكنيك أو الموضوع.

في البداية ـ وكما تقول الباحثة ـ لم يكن شاهين على وعي بالظروف السياسية والاجتماعية التي كان المجتمع المصري يعيشها أوائل الخمسينيات من القرن الماضي حينما أخرج أول أفلامه «بابا أمين» 1950 فإن هذه الباحثة تحمل فيلمه الأول هذا أبعادا أكثر من طاقته في مرحلة النشأة الأولى .

وهو القادم لتوه من أميركا حيث ترى أن الفيلم ربما يكون رصدا لظروف سياسية واقتصادية وإجتماعية، فالأب في الفيلم أو رب الاسرة الذي من المفترض أن يكون أمينا على أسرته الذي هو نموذج مصغر للمجتمع، تربط بينه ـ قسراً ـ وبين الملك الذي يحب أن يكون أمينا على بلاده، وتحكم بأن فيلم «بابا أمين» كان إرهاصة سياسية لما كانت تمر به البلاد في ذلك الوقت.

            يؤكد شاهين نفسه في إجابته لسؤال الباحثة له حول ربط أفلامه بالوضع السياسي «لم أكن في ذلك الوقت أدرك السياسة، ولم يكن عندي وعي سياسي ولم أكن أفهم شيئا في لعبة السياسة. وقبل فيلم «الارض» بدأت أفهم وأدرك وأعي وأحمل أفلامي أبعادا سياسية.

ومن هنا يمكن المرور على أفلامه الأولى «المهرج الكبير» 1952 «سيدة القطار» 1952 «نساء بلا رجال» 1953، «شيطان الصحراء» 1954، «ودعت حبك» 1956، «وأنت حبيبي» 1957، بدون اقحام الوعي السياسي أو الثوري، يمكن الحديث عن توظيف شاهين للأغاني، فقد كانت «الأغنية عند شاهين منطقة قوة تزيد من قيمة الفيلم، فهو يوظفها ضمن النسيج الدرامي للفيلم، ويمكن الحديث عن أهمية المكان، وحسن اختياره في «صراع في الوادي» أو «صراع في الميناء».

ويمكن الحديث عن قدرته في توجيه الممثلين بطريقة متميزة عن الكثير من المخرجين فهو يستطيع أن يفجر طاقاتهم الكامنة فيأخذ أحسن ما عندهم.. ورغم أن فيلم «جميلة الجزائرية» تعتبر فيلما سياسيا.. لا يراه أحد إلا ويتعاطف معه ويشعر بمدى كفاح الشعب الجزائري إلا أن شاهين نفسه يعترف بأنه في فيلم جميلة لم يكن يعرف «رأسه من رجليه» وأنه لم ير ولم يزر الجزائر، ولو أنه رأها في الافلام الأميركية.. كان يقرأ ويحاول أن يعرف خلفية الشخصيات.

ومن هنا كان تحفظ الجزائريين أنفسهم، فهم لم يروا فيه واقعهم الحقيقي، ولا تطور النشاط الفدائي ولا الجزائر كما تنقل عن الناقد علي أبو شادي والارض أنه استخدم اللهجة المصرية ولم يحاول أدنى محاولة استعمال اللهجة الجزائرية فابتعد عن الواقع المحلي الجزائري وابتعد عن القدرة على الاقناع وتمضي الباحثة في حديث الثناء على الفيلم.

وبراعة كتاب السيناريو ومقدرة شاهين من خلال تمكنه من أدواته الفنية وقطعاته المونتاجية وحركة الكاميرا أن يجعلنا نرى مشاهد العمليات الفدائية بشكل متقن جدا وفي إيقاع مشدود، وفي تنفيذ مشاهد الحرب والعمليات الفدائية واهتمام بالمكان حتى لنكاد نشعر بأننا متواجدون في هذه الاحداث.

شاهين نفسه يعترف للباحثة في لقائها معه بأنه غير راض عن بعض أفلامه الأولى، فيلم «شيطان الصحراء» مثلا 1954 صرح بأنه لا يحب أن يضمه إلى قائمة أعماله.. فهو لم يستكمله وكان المنتج مستعجلا في المونتاج، وأحضر نيازي مصطفى ليكمله «ومع هذا فإن الباحثة تدرجه في فيلموجرافيا شاهين في نهاية الكتاب».

ترى الباحثة أن هناك إسقاطا مباشرا أو علاقة بين فيلم «الأرض» وبين هزيمة 67 رغم أن أحداث رواية عبد الرحمن الشرقاوي تدور في الثلاثينيات، فالفيلم يتناول قيمة ومعني تعلق الفلاح المصري بأرضه وتمسكه بها وإستعداده للمقاومة والتضحية في سبيلها فلم يكن أفضل بعد هزيمة 67 من أن يقدم شاهين «الارض» عن الثورة التي يفرضها تحدي اغتصاب الارض .

وتنقل لنا حديثا أجراه الناقد سامي السلاموني مع كاتب السيناريو حسن فؤاد حول ظروف كتابته عام 1969 لأحداث قصة وقعت عام 1933، أجاب فؤاد أنه كان حتما عليه أن يعطي الاحداث مدلولا يتناسب مع أحاسيس الناس العامة في ظروفنا الراهنة ويشبع ظمأهم للقيم المبدئية التي تؤكد معاني الشجاعة والبطولة.. وأن على الإنسان أن يدافع عن أرضه حتى الموت..

وعن الناقد الفرنسي جان لوي بوري أن الارض ليس حدثا للسينما العربية وحدها بل للسينما العالمية أيضا.. ويشير إلى اللقطة الأخيرة الدامية لليد التي تنشب أظافرها في الارض «من الممكن أن تكون هذه اليد لأي فلاح في العالم لأن الارض هي الحياة والحب بالنسبة له في فيلم «العصفور» 1973 يواصل شاهين بحثه عن أسباب هزيمة 67 أراد شاهين أن يقول أن الإنسان قد يهزم .

ولكنه لا يموت خاصة إذا كان لديه الإصرار على الكفاح والنضال وصولا للنصر بسيناريو كتبه لطفي الخولي استطاع شاهين أن يكشف عن ثغرات وسلبيات المجتمع المصري.. تقول الباحثة الشابة سعاد شوقي التي لا يزيد عمرها عن 30 عاما حاليا أو 27 عاما وقت كتابة هذه الدراسة أطروحتها للماجستير 2001 «أعتقد بشكل خاص عند مشاهدتي هذا الفيلم وأنا بالطبع لم أعاصر تلك الفترة ـ أحسست وكأني أعيش هذه الحقبة في زمانها وتوترت .

وأندهشت وربما بكيت، فالفيلم خاطب داخلي الشخصية المصرية لقد استطاع شاهين أن يعطي للموضوع بعدا أكبر من مجرد الهزيمة أو النكسة التي هي من صنعنا، ولكن يجب أن لا نستسلم وإنما يجب أن تكون هذه الهزيمة دافعا لنا للحرب والإنتصار حتى نحافظ على كرامتنا وبلادنا وأن نسعى دائما وراء الحقيقة بلا شعارات أو تزييف محاولين التخلص من لصوص السلطة.

بعد أن تستعرض الباحثة أفلام الثلاثية السيرة الذاتية «اسكندرية ليه» 1979 «حدوته مصرية» 1982، «اسكندرية كمان وكمان» 1995 ترى أنه قد تأثر بكل من فيلليني، وتريفو «الليل الأميركي وبوب فوس كل هذا الجاز» ففيلم «حدوته مصرية» يعتبر نموذجا لأفلام السيرة الذاتية على الرغم من تعدد الشخصيات فهي تؤكد على شخصية واحدة.

ترمز للقمع والقهر الاجتماعي تزمت كاثوليكي في المدرسة ـ مدرس نازي شبه هتلر، مجتمع تنقصه عناصر المرح اغتراب يهيمن على كل شيء، من «المصير» والسخرية من أعداء العلم.. إلى «الآخر» 1999 والأسطورة والحلم الأميركي.. ورؤية مستقبلية من لقطات تلفزيونية للدمار وأن هذه الاسطورة الأميركية سوف تتحطم وأعتقد أن ما حدث في هذا المشهد يعد بمثابة استشراف أو رؤية مستقبلية لما حدث في 11 سبتمبر 2001 لأميركا وهذه هي وظيفة الفنان والذي من خلال هذا الاستشراف يقود خطانا إلى عدو واضح المعالم.

البيان الإماراتية في 27 يوليو 2004

كتبوا في السينما

 

مقالات مختارة

حوار صريح مع المخرج السينمائي المصري محمد خان

عمر الشريف يفوز بـ"سيزار" أفضل ممثل

جوسلين صعب:السينما التسجيلية تمنح رؤية نافذة للاحداث

ناصر خمير: أفلامي حلم... وعندما تحلم تكون وحدك

      برتولوتشي: لقاء

رندة الشهال: أهل البندقية يحبونني

تاركو فسكي: بريق خافت في قاع البئر

 

 

عبر رحلة إخراجية طويلة

سعاد شوقي تقدم كتاباً جديداً عن سينما يوسف شاهين

فوزي سليمان