يجسد الفنان خليفة شاهين تاريخا لبداية الخطوات السينمائية الأولى في الخليج العربي، فهو أول من وضع اللبنة الأساس لدخول السينما إلى البحرين عبر تجربته التسجيلية والوثائقية الرائدة منذ أواخر الخمسينات· وهو الأمر الذي لا يزال خافيا على الكثيرين الذين لا يدركون أن قصب السبق قد كتب لهذا الرجل عبر فيلميه التسجيليين الأولين وهما: '' في ربوع لبنان '' عام ،1971 و '' صور جزيرة '' عام ·1980 أما العمل الأول '' في ربوع لبنان '' فصوره وأخرجه برعاية شركة '' بابكو '' أولى شركات النفط في البحرين و '' طيران الشرق الأوسط '' التي تحول اسمها فيما بعد إلى طيران الخليج، وقد أشادت الصحف حينها بالفيلم كعمل هام يبرز المعالم السياحية في لبنان وقد حاز الجهد الذي بذله شاهين لنجاح الفيلم على لقب (رجل الشهر) في مجلة (صوت البحرين) حيث كان الفيلم بداية الانطلاقة الحقيقية له في عالم السينما، إذ قام بالعمل على كل صغيرة وكبيرة فيه دون إرشاد أو توجيه أو مساعدة من أحد، إعدادا وتصويرا وإخراجا رغم صعوبة الأمر في ذلك الوقت حيث كان يقوم بتحميض الأفلام وتظهيرها في بريطانيا· لكن ذلك لم يقلل من عزيمته وولعه بالسينما التي سحرته فواصل العمل حتى قدم فيلمه التسجيلي الثاني ''صور جزيرة'' عام 1980 م· بدأ خليفة شاهين مشواره السينمائي بعد أن تخرج من مدرسة ''الهداية'' بمدينة المحرق فالتحق للعمل بشركة بابكو لتتاح له فرصة الدراسة بمدرسة الشركة التي أمضى فيها سنتين بدأ بعدها العمل بقسم العلاقات العامة والتصوير الفوتوغرافي والسينمائي وهي المهنة التي كان يحبها منذ نعومة أظفاره· فشرع في أواخر الخمسينات في تصوير فيلم ''رحلة بحرية'' بكاميرا (8 ملم) وهو من أوائل الأفلام التي كان ولا يزال يعتز بها بعد أن أدخلته لهذا العالم الواسع· الطريق إلى الاحتراف في البداية تحقق جزء من حلم شاهين الذي انتظره طويلا، ففي الفترة الممتدة من عام 1961 حتى العام 1964م، تم ابتعاثه للمملكة المتحدة لدراسة التصوير الفوتوغرافي والسينمائي بشقيه العملي والنظري في كلية ''ايلج'' على نفقة ''شركة نفط البحرين''· وبعد انتهائه من الدراسة عاد لمواصلة عمله بالشركة حيث تم تعيينه مساعدا للمخرج السينمائي الإنجليزي ''جون بيكر''، وبعد سنتين من ذلك التاريخ أصبح مسؤولا عن وحدة الأفلام ثم مصورا ومخرجا بالشركة بعد أن تركها ''جون بيكر'' عائدا إلى بلاده· في فترة دراسته كان شاهين يسير في شوارع بريطانيا مندهشا من زحمة السير، من ارتفاع المباني، كثرة السيارات، القطارات، البشر القادمين من كل ناحية، الخضرة والضباب والأمطار التي لا تكف عن الانهمار، يسير ويرى ويسأل ويشاهد ويتعلم وتجول في دواخله أحلام قد تتحقق أو لا تتحقق· الكاميرا معه، يود لو يلتقط كل العالم! ولكن هل يمكن ذلك؟ سؤال ظل معلقا في ذاكرته· ''حمد والقراصنة'' و والت ديزني وأخيرا تأتيه فرصة العمر، في فيلم ''حمد والقراصنة'' العمل الذي ارتبط بتجربة خليفة شاهين ارتباطا وثيقا وكبيرا لظهوره فيه كممثل إضافة إلى عمله كمساعد مخرج، حيث تمت تزكيته من قبل وحدة الأفلام في شركة (بابكو) للعمل في فريق (والت ديزني) للمساعدة في إخراج وتنفيذ فيلم ''حمد والقراصنة'' وقد رأى حينها المخرج ''ريتشارد لايفورد'' أن شاهين يتمتع بملامح تؤهله للقيام بالدور الرئيسي في الفيلم فأسند له دور ربان سفينة القراصنة، وهكذا بدأ بالعمل تارة أمام الكاميرا وتارة خلفها لتصوير المشاهد التي لا تقتضي ظهوره، وقد لاقى الفيلم نجاحا عالميا باهرا، إذ شاهده ما يزيد على 40 مليون أمريكي، وتم عرضه في جميع دول أوروبا، وكان يعد أول فيلم خليجي شبه روائي بممثلين خليجيين في ذلك الوقت· وحتى الآن لا يعرف الكثيرون أن الفضل في جلب ''والت ديزني'' لعمل فيلم ''حمد والقراصنة'' في البحرين يرجع لخليفة شاهين الذي سبق له التعاون مع المخرج ''لايفورد'' في أعمال أخرى، حيث جاءت فكرة الفيلم من خلال الصداقة التي جمعتهما لطرحها على ''والت ديزني'' قبل ستة أشهر من وفاته· والغريب أن خليفة شاهين الذي يقدره ويجله كل السينمائيين الخليجيين والعرب، لم يتعب من الانتظار بعد، ومازال يعلق في صدره سؤالا واحدا كحلم لا يطيق مفارقته: متى ستظهر إلى الوجود، صناعة سينما خليجية. الإتحاد الإماراتية في 25 يوليو 2004 |
برتولوتشي: لقاء |
خليفة شاهين
محمد الحلواجي |
|