شعار الموقع (Our Logo)

 

 

"أحلى الأوقات" هو الفيلم الطويل الأول لمخرجته هالة خليل، وكذلك الأول لوسام سليمان كاتبة السيناريو والحوار عن قصة للمخرجة، تقاسمت بطولته النجمات الشابات حنان ترك وهند صبرى ومنة شلبى، واضطلعت بالمونتاج منار حسنى وصوره أحمد المرسى. هذا الفيلم: ليس مهمًا أنه تجربة نسائية، الأهم أنه تجربة فنية. فهو أنضج التجارب الفنية فى السينما المصرية للأجيال الحديثة (منذ "الأبواب المغلقة" لعاطف حتاتة)، بقدر ما جاء واحدًا من أجمل الأفلام المصرية عن الصداقة بين النساء (أوفقها منذ "يا دنيا يا غرامى" لمجدى أحمد علي).

وفيلم "أحلى الأوقات" يربط هذه الصداقات بواقع ومجتمع فى ظرف محدد، هو الحياة المصرية الحاضرة، بأحوالها وظلالها، وفيه لا تدور العلاقات والشخصيات فى فراغ. كما لا تدور أية (رومانسية) تبزغ فى علاقاته وشخصياته بمعزل عن (الواقع) إنما هى جزء لا يتجزأ منه. فيلمنا عن رحلة أو مشاوير ثلاث فتيات تصادقن منذ أيام الدراسة المبكرة، تفرقت بهن السبل، ثم فى ظل ملابسات وظرف تتعرض له إحداهن حنان ترك (جوابات وصور قديمة تصل إليها باستمرار عقب وفاة أمها المفاجئة) فى ظل ذلك يعدن إلى الصداقة القديمة بجمالها، بل على نحو أنضج وأعمق، رغم ما يشوب الحياة وأحيانًا الصداقات ذاتها من توتر. الثلاث "سلمى" (حنان ترك)، "يسرية" (هند صبري)، "ضحى" (منة شلبي) تعترضهن العوائق التى تحول دون استمتاعهن بأشياء العالم الجميلة وب (أحلى الأوقات). لكنهن قادرات رغم كل شيء على مواجهة هذه الحياة وتلك المعوقات، وينتزعن الحق فى الوقت الجميل، والأمل فى التحقق. وكم كانت رقيقة وموثرة المشاهد التى صورت مرحهن، وقوة الصداقة بين الثلاث، خاصة اللقطات العذبة الآسرة التى شاركن فيها الأطفال أثناء عبور الطريق لعب الكرة. كذلك وامتدادًا أتقنه الإخراج والمونتاج المشهد التالى مباشرة: والصديقات فى بيت إحداهن يعبرن عن البهجة بالحياة، رغم ثقل الأحزان وعمق الأشجان، من خلال الغناء والرقص الرقيق على أنغام أغنية للمطرب القدير محمد منير والذى تجد "سلمى" فى أغانيه سلوى وتعبيرًا عن أحاسيسها على امتداد الفيلم. والفيلم بهذا يقدم تحية إلى ذلك النوع من الغناء الفنى الحقيقى المرموق.

ويستحق التحية جهد وسام سليمان، هذه الموهوبة الجديدة طاقة كبيرة، وقد صنعت وأبدعت سيناريو متقنًا وحوارًا لماحًا لكل الشخصيات مع التفاوت الطبيعى بين كل منها. إنه السيناريو الأول لها وهو يحمل بعض ما يعترى التجارب الأولى عادة مهما حسنت الموهبة، وقد تناغمت رؤيتها تمامًا مع رؤية المخرجة. وفقت هالة خليل فى اختيار ممثلى فيلمها وإدارتهم، وكانت بحق كل واحدة من بطلات الفيلم: حنان ترك هند صبرى منة شلبى: "غول تمثيل" إذا استخدمنا ذلك التعبير!. وكانت تلقائية وحيوية الممثلة التونسية الشابة هند صبرى أمرًا ملفتًا، وكذلك "مصريتها" كلهجة والأهم كروح، فى أدائها لشخصية مصرية "قح" من حى شبرا إنها من هذه الناحية (أى مصريتها) حققت درجة نادرة وبسرعة أندر فى السينما المصرية على كثرة ما "امتزج" واندمج باستمرار فى الأفلام المصرية وباقتدار من مواهب عربية! وسواء فى أدوار كبيرة أو قصيرة برع عدد من الممثلين، وكان على سبيل المثال أحمد كمال وعمرو واكد فى أحسن الأحوال بل أحسن الأدوار. ولفت الأنظار الجديدان الموهوبان خالد صالح وأمير كرارة.

وربما فحسب سامى العدل وحسن حسنى وفقا وكانا عاديين بمعنى أنهما مثلا فى حدود المطلوب، وأديا ما يلبى احتياج الدورين دون زيادة ولا نقصان ملحوظ! فيلم "أحلى الأوقات" هو تعبير عن نظرات وتأملات فى الحياة والواقع كما تراه هالة خليل، هذا هو فيلم أحدث "فنان سينما" يظهر لدينا ولا نقول أبدًا مخرجة "نسائية" أو أنثوية! و"هالة" فنانة نسعد بإضافتها وانضمامها إلى فن السينما الحق. وهو فن ينتظر منها الأنضج والأعمق، ونحن واثقون من مقدرتها التى بدت بشائرها وملامحها واضحة من الفيلم الطويل الأول (والأفلام القصيرة من قبل)، كما واثقون من قدرتها على التطور المضطرد، وعلى تلافى ما اعترى عملها الطويل الأول، مثل حاجته التى بدت فى بعض الأحيان إلى إيقاع أكثر إحكامًا أو ضبطًا، فإن "الحبكة" احتاجت فى الأصل فى بعض المناطق إلى مزيد من الإحكام. وبعد، إن "أحلى الأوقات" فيما نلحظ فيلم يتواصل بشكل ما مع سينما وموجة جيل "الثمانينيات" الجميلة، الواقعية الشعرية (بشارة خان الطيب.. إلخ)، مع روح خاصة وحساسية متمايزة بالطبع للمخرجة الشابة ولجيلها، مع أن خيط التواصل مع سينما تلك الموجة، كاد ينقطع، خلال العقد الأخير، إلا من الأفلام القليلة لداود عبدالسيد، وأفلام أخرى تعد على أصابع اليد!

كما أن "أحلى الأوقات" فيلم يأتى فى زمن تسود فيه أكثر من أى وقت سينما الاستخفاف و"الاستظراف" والتسطيح. هالة خليل.. شكرًا على أحلى الأوقات مع فيلمك الجميل.

العربي المصرية في  2 مايو 2004

كتبوا في السينما

 

مقالات مختارة

حوار صريح مع المخرج السينمائي المصري محمد خان

عمر الشريف يفوز بـ"سيزار" أفضل ممثل

جوسلين صعب:السينما التسجيلية تمنح رؤية نافذة للاحداث

ناصر خمير: أفلامي حلم... وعندما تحلم تكون وحدك

      برتولوتشي: لقاء

رندة الشهال: أهل البندقية يحبونني

تاركو فسكي: بريق خافت في قاع البئر

 

 

هالة خليل.. شكرًا على "أحلى الأوقات" مع فيلمك الجميل

ليس مهمًا أنه تجربة نسائية.. الأهم أنه تجربة فنية

محمد بدرالدين