شعار الموقع (Our Logo)

 

 

الملل الزوجي والشعور بالوحدة وعلاقة الصداقة بين امرأة متزوجة ورجل متزوج وعلاقة الحب التي تولد فجأة بين رجل كبير السن وفتاة في عمر ابنتة هذا هو موضوع فيلم «فقد في الترجمة» من بطولة سكارليت جونسون وببل موراي ومن اخراج سوفيا كوبولا.

خلال فترة قصيرة لا تتجاوز العام حصد الفيلم دزينة من الجوائز منها اوسكار افضل سيناريو كتب مباشرة للسينما عام 2004 وجائزة «البافتا» كأفضل فيلم وافضل ممثل وافضل ممثلة وجائزة الكناريا الذهبية لأفضل فيلم في مهرجان بانكوك السينمائي وجوائز افضل فيلم وممثل وممثلة من جمعية بوسطن للنقاد السينمائيين وجوائز افضل ممثل وتصوير وسيناريو من جمعية نقاد شيكاغو وجوائز الغولدن غلوب لأفضل فيلم وافضل ممثل وافضل سيناريو. هذا اضافة إلى العديد من الجوائز والترشيحات من العديد من المهرجانات الاوروبية والجمعيات السينمائية داخل الولايات المتحدة وخارجها.

ازمة حقيقية

في العاصمة اليايانية طوكيو وفي احد فنادقها الكبيرة نتعرف على بوب هاريس (بيل موراي) الذى يبدو على هيأته انه تجاوز العقد الخامس وتدل ملامحه على انه ليس صديقا حميما للحياة على رغم انه لا يبدي اعتراضه على شيء حتى أنه لا يبدي تذمره من تعليمات المخرج اليابانى «وهو الممثل الاميركي المعروف» الذي يضايقه بالكثير من التعليمات اثناء اخراجه للفيلم الاعلاني الذي جاء من اجل تصويره. بوب كما يبدو من محادثاته على الهاتف مع زوجته انه سينهي مهمته على وجه السرعة في اليابان ليعود يمارس حياته، فقد بدأ يشعر بالضجر من كونه وحيدا في بلد يجد صعوبة كبيرة في التواصل مع اهله على رغم الترحاب الظاهر حوله. وحتى يقتل ساعات الملل يقضي بوب ساعات امام التلفاز وساعات اخرى في بار الفندق لعل الايام تنقضي بسرعة ليعود الى زوجته واولاده.

وفي الفندق ايضا نتعرف على شارلوت (سكارليت جونسون) وهي امرأة جميلة وصغيرة ومتزوجة حديثا وتصاحب زوجها الذي أتى الى اليابان لارتباطه بالعمل كمصور. شارلوت دائما في حالة انتظار لزوجها المشغول دائما عنها ونشعر انها في ازمة حقيقية، وكما يبدو فان زوجها ليس له علم بطبيعة هذه الأزمة، ومع تتابع مشاهد الفيلم نكتشف ان شارلوت تعاني الوحدة وعلى رغم انها تزوجت عن حب فلم يعد ذلك كافيا لينشلها من حالة الشعور بافتقاد الانسان الذي يعيد اليها امان الروح، وكما يبدو فانها تفتقد من يرويها نفسيا وجسديا كزهرة يانعة في مقتبل العمر وفي عنفوان الزوجية. واذا كان بوب يقضي وقته في غرفته امام شاشة التلفزيون فان شارلوت تقضي اغلب وقتها ايضا في غرفتها امام النافذة تمد بصرها الى الافق وتمسح بعينيها قمم مباني المدينة اليابانية الشاهقة.

بطريق الصدفة يتقابل بوب وشارلوت ويتقابل ايضا روحان معذبان يفتقدان إلى الدفء والمؤانسة ولأن خيوط التواصل كانت جاهزة ولأن كل مبررات اللقاء كانت معدة لاستقبال شرارة النظرة الاولى وحرارة الحديث الاول لا يبذل الاثنان جهدا لكي يتعارفا ولكى يتواصلا ولكي يتشاركا في لحظات السعادة المسروقة من الزمن ومن الآخرين.

صداقة ووداع

اماكن اللقاء ستكون متعددة في داخل الفندق وخارجه وعلى رغم ان احدى هذة اللقاءات تجري في غرفة بوب لكن لا احد من الاثنين يرغب ان تتجاوز العلاقة الخط الاحمر فشارلوت لا تهدف ابدا إلى خيانة زوجها وبوب لا يرى في شارلوت الا صديقة عزيزة وامرأة في ازمة تريد المساعدة تماما كما يريد هو منها. بعد ايام من اللقاء كان على بوب مغادرة اليابان والعودة الى زوجتة وكان على اللحظات الجميلة ان تتوقف لتعود الحياة الى احزانها. وفي الطريق الى المطار يلمح بوب شارلوت فيطلب من سائق السيارة ان يتوقف ويذهب ليلحق بشارلوت ليودعها وداعا حميميا ولسان حاله يقول كم كنت اتمنى ان ابقى معك الى الأبد.

مهارة ولقطات دافئة

الفيلم «الفن» ربما اهمل قليلا تقديم بطاقة شخصية نفسية واجتماعية لكل من بوب وشارلوت لكن استطاعت صوفيا كوبولا ان تقترب كثيرا من شارلوت وجعلت الصورة تفضح مكنونات الشخصية من خلال حركتها في النصف الاول من الفيلم وكذلك فعلت مع بوب ولم تستسهل ابنة كوبولا تقديم توليفة تقليدية تنتهي بأن يبقى بوب مع شارلوت في اليابان باعتبار انه اكتشف حبه الحقيقي بعد كل تلك السنوات. لقد ارادت صوفيا تقديم قصة بسيطة تتحدث عن الصداقة الانسانية بين البشر بعيدا عن صراخ الجسد وهي قد نجحت في ذلك ككاتبة سيناريو اولا وكمخرجة لما كتبت ثانيا. وفي الحالتين ظهرت صوفيا متمكنة من مفردات لغتها على مستوى الكتابة والاخراج. وفي الفيلم يمكن التوقف عند الكثير من نقاط التميز فهناك اشارة الى مهارة المصور في اصطياد لقطات باردة وقلقة في النصف الاول للفيلم قبل لقاء بوب وشارلوت ولقطات ناعمة ودافئة في النصف الثاني من الفيلم وهناك اشارة الى ملائمة حجم اللقطات المتوسطة والقريبة لاظهار مشاعر الشخصيات وهناك ايضا اشارة الى الأداء الراقي لبيل موراي وسكارليت جوانسن.

صوفيا كوبولا هى ابنة المخرج العبقري فرانسيس فورد كوبولا وهي ثالث امراة في التاريخ يجري ترشيحها للحصول على جائزة الاوسكار كأفضل مخرج، ويذكر انها عملت مع والدها اثناء اخراجه «الاب الروحي» بأجزائه الثلاثة. وغير اهتمامها بالكتابة والاخراج فقد عملت ايضا في مجال الانتاج وتصميم الملابس.

فيلم «فقد في الترجمة» هو احد الاعمال المهمة التى تضاف الى تاريخ صوفيا كوبولا ويستحق المشاهدة لأنه من نوعية الافلام التي تخاطب قلبك ومشاعرك وتستطيع بسهولة ان تستحوذ على انتباهك وتفكيرك.

القبس الكويتية في  25 أبريل 2004

كتبوا في السينما

 

مقالات مختارة

حوار صريح مع المخرج السينمائي المصري محمد خان

عمر الشريف يفوز بـ"سيزار" أفضل ممثل

جوسلين صعب:السينما التسجيلية تمنح رؤية نافذة للاحداث

ناصر خمير: أفلامي حلم... وعندما تحلم تكون وحدك

      برتولوتشي: لقاء

رندة الشهال: أهل البندقية يحبونني

تاركو فسكي: بريق خافت في قاع البئر

 

 

"فقد في الترجمة"

ووجد طريقه إلى قلب المشاهد

عماد النويري